البويرة - Revue de Presse

''الخبر'' تزور سكان أكواخ وكهوف البويرة مسن لم يتذوق القهوة منذ 20 سنة وعائلات لا تملك إلا الصبر



الثلوج كشفت ما كان مستورا طيلة عقود من الزمن في البداية كانت الفكرة هي الخروج مساء مع دورية للشرطة، قصد توزيع وجبات غذائية على المتشردين وعابري السبيل، وبعد جولة في مختلف شوارع البويرة تبين أن كل المشردين  نقلوا إلى دار العجزة لحمايتهم من لسعات البرد، فقرر مسؤول الدورية تحويل تلك الوجبات إلى عائلات معوزة.. هناك حيث تكاد تنعدم الحياة.
 كانت الوجهة إلى منزل لالة يامنة ، 75 سنة، بحي رأس البويرة، عند اقترابنا من بيتها بدا لنا المنزل وكأنه بناء مقبول نسبيا، رغم أن سقفه من الترنيت ، لكن ما أن دخلناه حتى فاجأنا منظر زوجها، 86 سنة، المعاق وهو طريح، على ما يمكن تشبيهه بسرير مغطى ببطانية رثة، والمياه تتسرب حوله من كل جانب، حيث كانت تجلس إلى جانبه شقيقته، 70 سنة، وهي تعيش في نفس البيت.
وعلمت الخبر من الجيران أن العائلة تعيش على مساعدات تقدم لهم، وإلا لقضى الثلاثة بسبب البرد والجوع. ولعل أندر ما سمعناه منهم هو عندما قدم أحد الجيران فنجان قهوة للشيخ المريض، حيث قال له تصور لم أتذوق طعم القهوة منذ 20 سنة! .  وليس بعيدا عن منزل هذه العائلة يوجد كوخ من الطوب، لا نبالغ إن قلنا إنه يشبه كهفا غير محصن من تسرب الهواء البارد ومياه الأمطار، حيث تعيش فيه امرأة مسنة مع زوجها، 99 سنة، العاجز عن الحركة، والذي يقضي كل أوقاته طريح الفراش.
ولما سألنا تلك العجوز عن أحوالها هزت رأسها يمينا وشمالا، وابتسمت قائلة الحمد لله لا نملك إلا الصبر . أما عن أحوال زوجها فردت قائلة ماذا أفعل لقد كبر، لكن لن أتخل عنه، مهما كلفني الأمر، مشيرة بأنه ولا مسؤول أو جهة زارتهما لتفقد أحوالهما . لكن ما صدمنا له فعلا هو عندما علمنا بأن لهما ستة أبناء، لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء السؤال عن والديهما المريضين ومقطوعي الرزق.
والغريب هو حتى واجهات المحلات التي تنمق مركز المدينة، والتي تخفي وراء ها أكواخ كهوف تعيش فيها عشرات العائلات، محرومة من وسائل التدفئة، وحتى لقمة العيش، مثلما هو الشأن بالنسبة لحوش حدّة الذي تعيش فيه أكثر من عشرة عائلات داخل أكواخ مبنية بالصفيح والألواح الخشبية، وبعض غرفها تجمع بين المطبخ وغرفة النوم والمرحاض.
وأكد بعضهم بأنهم أمضوا رفقة أطفالهم ليالي بيضاء بسبب لسعات البرد، وتسرب المياه، إلى درجة جعلتهم يفقدون الأمل في الحياة، بعدما باتوا يشعرون بأنهم لا ينتمون لهذا البلد الذي همشهم وأقصاهم من كل المشاريع التنموية ومختلف برامج السكن. تلك هي عينات لمواطنين لا يزالون يقاومون البرد والجوع، وليست لهم الوسائل ليتصلوا بخلية الأزمة التي شكلتها الولاية ليطالبوا بالغاز أو فك العزلة أو توفير الحليب، ولم يتصلوا بوسائل الإعلام ليرفعوا انشغالاتهم أو استغاثاتهم، لأنهم ببساطة يعانون بصمت، بعدما شعروا بأنهم ليسوا مواطنين في بلدهم. 
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)