هاجعة أيامه عندما يدمن عليها بل ميتة هي حتى مع توفر الجرعات! فكيف الحال إذا أصابته خصاصة؟
الخصاصة هنا تحوله إلى مجرم.. عقله مخدر بفعل الإدمان لا يشعـر بمن حوله، فهو لا يستجيب سوى لمن ملكه وأرداه عبدا وكبله.. يدفع له الكثير ويستمر في الدفع ولا يهم من أين وكيف، ولكنه يشتري رضاه دون أن ينال الرضا..
إن النوم على وقع «الزطلة» أو الحشيش وصل في الجزائر إلى ما يفوق 300 ألف مدمن، وتتحدث الإحصائيات عن نسبة مرهبة في السعودية، إذ إن المتعاطين من إجمالي عدد السعوديين يوازي 54 بالمئة... يا الله.. هل يعني ذلك أن نصف المجتمع مخدرٌ مُغيب؟!
هي أرقامٌ على سبيل المثال لا الحصر، أرقام تداولتها المراكز الخاصة بمكافحة الإدمان، فطورت عندي «فوبيا» قراءة الجرائد، وبالأخص الصفحات التي أشهرت أن نسبة المدمنين على المخدرات تزداد وبخاصة في شهر رمضان المعظم!! فلا حديث هنا سوى عن ارتفاع نسبة الجريمة بسبب الارتفاع المطرد لعدد المتعاطين.. وذاك المكتب الولائي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بولاية الشلف غربي العاصمة الجزائر، يدق ناقوس خطر، ويبرز الارتفاع اللافت في نسبة الشباب المدمنين بنسبة فاقت في رمضان الـ 35 بالمئة مقارنة
بباقي الأيام..
ولا تحسبوا أن السموم المروج لها في الشهر الفضيل أسعارها تبقى ثابتة، فهي الأخرى تعرف ارتفاعا، نعم، ليست المواد الغذائية وحدها من تلتهب أسعارها، إذ بلغ سعر 4 غرامات من الكيف المعالج 500 دينار جزائري.. ماذا تتوقعون أن يكون غير قانون العرض والطلب، أكيييد.. فالطلب على المخدرات زاد في رمضان، ما أدى أوتوماتيكيا إلى ارتفاع الأسعار، معادلة معروفة وبسيطة، لكن غير البسيط البتة أن «يتأفين» الناس في شهر التوبة والغفران!! رمز لضعف الوازع الديني، ودليل على فتور العلاقة مع الغفار الرحيم.. الأمر بديهي ولكن، هل باستطاعتنا أن نلوم شخصا عقله مخدر؟
إنّ الإمساك عن تعاطي المخدرات طوال يوم الصيام يدفع بالمستهلكين إلى تجرع كميات مضاعفة خلال ساعات الإفطار الليلية، بالإضافة إلى لجوئهم لنوعيات ذات تركيبة قوية من العقاقير والمهلوسات يستمر مفعولها إلى غاية اليوم الموالي، في نوم مُـجـرِم يدفع إلى السرقة واستخدام العنف بكل أشكاله خاصة بعد الإفطار.. فلولا البذيئة التي أوهمته بجواز الفعل ما تجرأ على ذلك، وما صنع ما يعجب له بمجرد انتهاء مفعول ما يطلق عليها عندنا الشباب اسم Madame courage أو «السيدة شجاعة».. وأية شجاعة؟ أفي فراق الواقع أم ماذا؟..
الواقع يقول، إن غياب العقل يرفع التكليف ليقع على من صحصحت عقولهم وكبلت أفكارهم، عن إيجاد ملاذ آخر يعوضهم شجاعة حقيقية، شجاعة آمنة تخرجه من نفق البطالة ومن ظلمات الفقر ومن غياهب الفشل الاجتماعي والعاطفي، وغيرها من المشاكل التي ترميه في أحضان مخدرات
تأبى أن تهجره..
ومن نافل الكلام، القول إنه على مؤسسات المجتمع بدءًا بالأسرة والمدرسة والمسجد مسؤولية تربية الشباب، وتوعية قادة المستقبل، والوقاية خير من العلاج الذي استعصى اليوم أمام احترافية المنتجين ومهنية المروجين.. فقد كررنا العبارة إلى درجة الإطناب.. أما الآن، فأخشى من ارتفاع إضافي لنسبة المدمنين هروبا من واقع زيادة المدمنين في شهر رمضان..
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
مضاف من طرف : chelifien
صاحب المقال : سمية علوي
المصدر : http://www.alkuwaityah.com/ArticleDetail.aspx?id=2479