الجزائر - A la une

الجزائر - فرنسا.. 50 سنة من الاستقلال السياسي والاستعمار الاقتصادي! الشركات الفرنسية استحوذت على 70 بالمائة من الصفقات منذ 1962


الجزائر - فرنسا.. 50 سنة من الاستقلال السياسي والاستعمار الاقتصادي!                                    الشركات الفرنسية استحوذت على 70 بالمائة من الصفقات منذ 1962
الإليزيه يستثمر في العلاقات التاريخية للمحافظة على مكاسبه الاقتصادية
لهذه الأسباب لا زالت مشاريع رونو، لافارج وتوتال عالقة بين الجزائر وفرنسا
الترامواي، الميترو، السكك الحديدية، المطارات، الموانئ، المليون سكن وإنجازات جزائرية بالجملة وقّعتها شركات فرنسية طيلة الخمسين سنة الماضية، جعلت الخبراء الاقتصاديين يجمعون على أن فرنسا وبعد مرور خمسينية على الاستقلال لا تزال الشريك التقليدي الأوّل ودون منافس للجزائر، ودفعت بالبعض إلى القول بأن الجزائر وإن استقلت سياسيا لا تزال تعاني من التبعية الاقتصادية لفرنسا.
شملت قطاعات النقل، الري، الطرقات، الفلاحة، المحروقات والبناء
فرنسا استحوذت على 70 بالمائة
من مشاريع الجزائر طيلة ال50 السنة الماضية
قال الخبير الاقتصادي والنفطي، مراد برور، أن الجزائر مرشّحة لأن تكون البوابة الأولى أمام فرنسا لمواجهة أزمة الأورو، مشيرا إلى أنه اليوم وبعد انقضاء 50 سنة بعد الاستقلال لا تزال الجزائر تعتمد بنسبة كبيرة على فرنسا في تشييد مشاريعها الاقتصادية والاستثمارية.
أكّد المتحدّث في اتصال ب”الفجر” أن فرنسا تمكنت طيلة الخمسين سنة الماضية من الاستحواذ على 70 بالمائة من المشاريع المنجزة في الجزائر، سواء تعلق الأمر بالشركات النفطية أو إنجاز الطرقات وحتى المطارات والموانئ، فيما ستكون هي وراء تصنيع أول سيارة جزائرية من خلال مشروع رونو الذي لا يزال في الأفق. وأوضح الخبير الاقتصادي برور أنه حتى المشاريع الإستراتيجية الكبرى التي طرحتها الجزائر خلال العشرية الأخيرة، على غرار الطريق السيار شرق غرب ومشاريع تحويل المياه والتزويد بالماء الشروب وتهيئة المطارات، كلها حصلت عليها فرنسا التي تعتبر الشريك التقليدي للجزائر دون منافس، مشيرا إلى أن هذه العلاقة راجعة بالدرجة الأولى إلى القرب الجغرافي بين البلدين وتعود الجزائر على الاعتماد على فرنسا في كافة المجالات والميادين دون التعامل مع جهات أخرى، وحتى عند تفتحها على الأسواق الآسيوية لم تتمكن هذه الأخيرة من منافسة حجم المبادلات الذي تعرفه العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا.
وأوضح المتحدّث أن الشركات الفرنسية هي التي تقف وراء معظم الإنجازات الاقتصادية المتواجدة حاليا بالجزائر، لاسيما في مجال العمران والبناء. كما كان لهذه الأخيرة حضور قوي في مشروع المليون سكن الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وهو ما قال أنه يجب أن يتم تجاوزه من خلال الانفتاح على شراكات جديدة على غرار الألمان والآسيويين في مقدمتهم الصين واليابان. وكانت فرنسا قد حظيت بمعظم مشاريع الحكومة خلال الخماسي الجاري في مقدمتها مشاريع المياه على غرار شركة سيال التي استفادت من تجديد عقد الشراكة لمدة 5 سنوات إضافية، مع العلم أن هذه الأخيرة كانت قد واجهت العديد من المشاكل بدول إفريقية وأوروبية قبل أن تدخل السوق الجزائرية، كما استعانت الحكومة بالفرنسيين في مشاريع النقل وتمديد السكك الحديدية والأشغال العمومية والتعليم العالي، في حين لا تزال سلسلة من المفاوضات مستمرة مع فرنسا لإنجاز شراكات جديدة في مجال السيارات ومصنع الإسمنت وقطاع المحروقات.
إيمان كيموش
الإليزيه يستثمر في العلاقات التاريخية للمحافظة على مكاسبه الاقتصادية
مبتول: “الجزائر أول ممول لفرنسا ب6 مليار دولار”
قال خبير الشؤون الاقتصادية، عبد الرحمان مبتول، ان الأرقام الرسمية تؤكد بأن فرنسا تبقى الأول ممون للجزائر ب6 مليار دولار، وزبونها الرابع على مستوى العالم ب 4,5 مليار دولار، وتبرر هذه المعطيات اعتبار الجزائر الشريك الأول لفرنسا من الناحية الاقتصادية على مستوى القارة الإفريقية، ما يكشف نية فرنسا في عدم التخلي عن مكاسبها الاقتصادية في الجزائر من خلال الاستثمار وتكثيف علاقات الشراكة. وأشار المتحدث في تصريح ل”الفجر” إلى أن مصادر فرنسية تؤكد بأن عدد المؤسسات الفرنسية المستثمرة في الجزائر يبلغ 430 شركة، فتحت المجال لخلق 35 ألف منصب شغل، من دون الأخذ يعين الاعتبار فرص العمل غير المباشرة، مضيفا بأن نفس المصادر كشفت عن رغبة 180 مؤسسة صغيرة ومتوسطة فرنسية للاستثمار في الجزائر في مختلف المجالات الاقتصادية. وأوضح مبتول بأن الجزائر هو الشريك الاستراتيجي لأوروبا وفرنسا بالدرجة الأولى في مجال الطاقة، واعتبره منافسا قويا لكل من النرويج وروسيا في تزويد القارة دول الاتحاد الأوروبي عموما بالمحروقات، وهو ما يفسر، كما أضاف، علاقات العمل الجيدة بين “غاز فرانس”، “توتال” والمؤسسة الوطنية للمحروقات سوناطراك، لتحقيق الأهداف المتعلقة لتحسين والنتاج وعماليات التنقيب والاستخراج، وتجسيد هدف تصدير 85 مليار متر مكعب من الغاز في أفاق 2015 باتجاه دول الضفة الشمالية للمتوسط.
سعيد بشار
توقعات بتوقيع اتفاقيات رسمية خلال زيارة هولاند القادمة
لهذه الأسباب لا زالت مشاريع رونو، لافارج وتوتال عالقة بين الجزائر وفرنسا
أكّد الخبير الاقتصادي مسعود مجيطنة أن سبب تأخر توقيع اتفاقيات شراكة بين الجزائر وفرنسا مرجعه إلى المشاكل السياسية العالقة بين البلدين، مشيرا إلى أنه في كل مرة تشهد فيه العلاقات السياسية توترا بين الحكومتين إلا وينعكس ذلك على واقع العلاقات الاقتصادية على غرار تجميد ملفات الشراكة العالقة.
وقال المتحدّث في اتصال ب”الفجر” أن كل المؤشّرات تشير إلى أن اعتلاء فرانسوا هولاند كرسي الرئاسة في فرنسا من شأنه أن يبشر بانفراج هام في واقع العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وفرنسا، وأن التوترات التي عاشها الطرفان طيلة الخمسين السنة لاسيما خلال فترة حكم الرئيس السابق نيكولاي ساركوزي من شأنها أن تعرف تراجعا حادا خلال المرحلة القادمة، لاسيما وأن المصلحة الاقتصادية التي ستغلب على الطرفين، حسبما أكّده من قبل فرانسوا هولاند. واعتبر نفس الخبير الاقتصادي أن الجزائر في موقف قوة وأنّها ملزمة بالتفاوض مع الطرف الفرنسي على هذا الأساس، لاسيما وأنها تمتلك ثروات طبيعية وبشرية كبيرة وإمكانيات مالية هامة وسوقا استثمارية مربحة، وهو ما يجعلها مطمحا لأي دولة مهما كان موقعها وقوتها، وأن الجزائر ينبغي عليها ألا تنغلق في معاملاتها على طرف واحد أي الطرف الفرنسي فقط وإنما يجب عليها أن تتعامل مع دول أخرى أيضا.
وأضاف مجيطنة أن الجزائر وفرنسا ملزمتان اليوم، بعد مغادرة ساركوزي قصر الإليزيه، بطي صفحة الماضي وبداية مفاوضات جديدة أساسها المصلحة المتبادلة بين الطرفين، لاسيما وأن الجزائر تعتبر السوق الأولى لفرنسا منذ عشرات السنين. كما طالب ذات الخبير الحكومة الجزائرية بأن تحسن الدفاع عن مصلحة الجزائريين، خاصة وأنه في قانون التعاملات بين الدول لا توجد صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، وإنما مصلحة متبادلة.. ما يدعو إلى ضرورة التحكم في الوضع منذ البداية وعدم إغفال مصلحة الشعب الجزائري، سواء كان الرئيس الفرنسي ساركوزي أو هولاند الذي يعتبر يساريا ويعوّل عليه لإذابة الجليد المتنامي بين الطرفين من خلال طي ملفات رونو، لافارج، توتال وغيرها عبر التعامل معها على أنها صفقات تجارية لا اكثر ولا أقل.
إيمان كيموش
الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى في حوار ل”الفجر”
“فرنسا أرادت استعباد الجزائريين اقتصاديا.. وبومدين وجّه صفعة قويّة للإليزيه”
أسعار النفط تحكمت في الاقتصاد الجزائري طيلة ال50 سنة الماضية
يؤكد خبير الشؤون الاقتصادية بشير مصيطفى، في هذا الحوار مع “الفجر”، أن أبرز القرارات التي اتخذتها الجزائر من الناحية الاقتصادية منذ استقلالها، كان تأميم المحروقات سنة 1971 حيث استعادت سيادتها على ثرواتها النفطية استكمالا لتحقيق الحرية، في حين ينتقد بالمقابل التوجه الذي غلب على السياسة الاقتصادية منذ ذلك الوقت واعتمادها الأساسي على مداخيل الريع.
يعتقد بعض المؤرخين والمختصين أن الجزائر لم تحقق استقلالها التام عن فرنسا إلاّ بعد استعادتها سيادتها على النفط، ما رأيكم؟
بالفعل، فقد شرعت الجزائر في مفاوضات جديدة مع باريس بعد انضمامها إلى منظمة “أوبك” بدءا من العام 1969، الهدف منها استكمال تحرير قطاع المحروقات ومن ثمة استكمال الاستقلال الوطني على سلم الاقتصاد، ولكن المفاوض الفرنسي لم يلمس فائدة ترجى من استمرار التفاوض فأوقفها ليفسح المجال للدولة الجزائرية حينها كي تتخذ قرارها التاريخي في نفس الشهر.
وكان القرار بمثابة صفعة قوية للإليزيه الذي اعتقد بعدم قدرة الجزائر على إدارة ثرواتها النفطية بالشكل اللازم أو على توطين تكنولوجيا الاستكشاف بصورة تجعل الشركات الفرنسية الملاذ الدائم للقرار الجزائري، ليتحقق العكس بافتكاك الشركة العمومية الجزائرية “سوناطراك” التقنيات اللازمة لإدارة السوق في أقل من 10 سنوات من تاريخ تأسيسها.
هذا القرار كانت له تبعات اقتصادية غيرت مصير الجزائر وعلاقتها بالدول والمنظمات الدولية من الناحية التجارية، كيف تم ذلك؟
عزز تأميم قطاع المحروقات في الجزائر العام 1971 توجهات الدولة وسمح لها بالمناورة بين 3 محاور دولية في مرحلة من تاريخ الدولة الفتية التي كان عليها أن تعزز استقلالها السياسي، محور كل من موسكو وواشنطن ساعد إلى حد كبير في الاستقلال عن محور باريس بعد التأميم، ما يبرر لنا بروز الشركات الأمريكية في التكوين الرأسمالي النفطي للبلاد، وبروز المعاهد السوفيتية في تكوين الموارد البشرية الجزائرية.
يعتقد البعض أن قرار استرجاع السيادة على النفط لم تتبعها خطوات أخرى في نفس أهميتها، ما ربط مصير الجزائر بمداخيل الريع، ما رأيكم؟
هذا صحيح، إذ يعاب على السياسة الاقتصادية الجزائرية ضيق أفقها واعتمادها الأساسي على مدخول غير دائم هو البترول، كان لابد أن تتوسع المناورة الجزائرية إلى الصناعة النفطية ومقايضة النفط بتوطين التكنولوجيا في القطاعات الأخرى ذات العلاقة بالأمن الاقتصادي بعيد المدى، حيث تمكنت القيادة السياسية للجزائر بداية السبعينات من القرن الماضي من كسب ورقة الاستقلال النفطي لصالحها، في حين أنها فشلت بداية الثمانينات في حماية ورقة التوازن هذه من هيمنة العامل الخارجي بجناحيه الفرنسي أولا ثم الأمريكي مؤخرا، وفشلت أكثر في تحويل الريع النفطي إلى ثروة دائمة للبلاد.
في وقت اقتصر الجهد الوطني على ضمان ضخ النفط الخام إلى الاقتصاديات الصناعية الكبرى وعلى رأسها فرنسا وأمريكا بأسعار لا تساوي شيئا أمام الأسعار الصناعية للمشتقات الهيدروكربونية، ومن ثمة أصبح قطاع النفط بشكل خاص الورقة الأكثر تأثيرا في قيادة السياسة الخارجية للجزائر عندما تزامن التأميم مع حرب أكتوبر 1973 بين العرب وإسرائيل وهي الحرب التي حولت النفط إلى سلاح توازن استراتيجي بين يدي من يملكه.
على من تقع مسؤولية عدم إيجاد البدائل عن النفط؟
الجواب عن هذا السؤال ربما نجده لدى من تولى رسم السياسة الجزائرية في إدارة ثروة البلاد من المحروقات منذ مرحلة التأميم، ومن تولى تطبيق تلك السياسة خلال المراحل التالية، باعتبارهم القادرين على تفسير حالة الاتكال المفرط على ريع المحروقات في تمويل استثمارات الدولة وتكوين ميزانها التجاري، اتكاء رفع نصيب صادرات النفط في تكوين إجمالي الصادرات من 70 بالمائة عند التأميم إلى 97 بالمائة بعد أربعين سنة، وأزهد واضعي السياسات الاقتصادية في البلاد في الصناعة المتماسكة، فسقط نصيب المنتج الصناعي في تكوين الناتج الداخلي الخام من 20 بالمائة العام 1981 إلى 5 بالمائة اليوم.
وهذه السياسة كانت وراء سقوط نصيب الإنتاج الفلاحي من الناتج الوطني الخام من 30 بالمائة إلى 8 بالمائة كي تتحول الجزائر عندها إلى أول دولة عربية في استيراد نفس المادة التي ظلت تشكل محور صادرات الجزائر قبل اكتشاف حقل حاسي مسعود، أي القمح الصلب، بل إلى أول دولة في استيراد الغذاء بحزمة تشمل 43 مادة.
وعلى الرغم من الإيرادات الجبائية المحققة في مستويات أسعار النفط، ولكن أسئلة كثيرة لا تزال دون إجابة حول الجدوى الاقتصادية لتلك الإيرادات مقارنة بالتدفقات التي غطت لحد الساعة مساحة من الزمن تشرف على نصف القرن.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)