الجزائر

لحوم وعجول!



لحوم وعجول!
دعت جمعية حماية المستهلك إلى مقاطعة اللحوم الحمراء، بغرض جعل أسعارها تنخفض في شهر رمضان! تطبيعا للحديث ''ارخسوه بالترك''! أو بخّسوه بالترك، كما قيل.
هذه الحكاية ذكرتنا بخطاب الرئيس الشاذلي بن جديد أمام الأمانة الدائمة لحزب جبهة التحرير سنة 1988، حيث حرض بصفته رئيسا للجمهورية الشعب الجزائري على الاقتداء بالشعب المصري آنذاك، والقيام ''بالإضراب العام'' ضد تناول اللحوم من أجل خفض أسعارها! تماما مثلما دعت إليه اليوم جمعيات حماية المستهلك! ولكن الشعب الجزائري انتفض في 5 أكتوبر 1988 استجابة لتحريض الرئيس الشاذلي، ولم تكن انتفاضته ضد لحم العجول، كما كان يريد رئيس الجمهورية، بل كانت الانتفاضة ضد العجول السياسية التي تحكم البلاد! وجعلت عيشة المواطنين لا تطاق!
فهل يعيد التاريخ نفسه ويستجيب الجزائريون لنداء جمعية حماية المستهلك، وينظموا إضرابا وطنيا للجوع يشعر عجول السياسة، الذين يحكموننا الآن، بأن العزوف عن الانتخابات ما هو إلا مقدمة للعزوف عن الطعام!
وما أسعد العجول السياسية التي تحكمنا حين تجد شعبها قد أصبح شعبا لا يأكل، ويترك العجول السياسية تأكل وحدها ما هو موجود!
إنها خطوة جديدة في النضال الاجتماعي الاقتصادي للشعب الجزائري، تقوم به جمعيات المجتمع المدني، فهي تساعد الحكومة على تحويل الشعب الجزائري إلى شعب من آكلات العشب، مثل الأرانب والأبقار، وليس شعب الجوارح والكواسر، كما كان قبل أن تسود سياسة ممارسة السياسة بجمعيات المجتمع المفيد!
وماذا لو أن أسعار الألبسة التهبت أيضا، فهل تقوم جمعيات حماية المستهلك بالدعوة إلى ترك الألبسة والخروج إلى الشارع بحالة ''ربنا كما خلقتنا''؟! وماذا لو أن أسعار الأدوية والمستشفيات التهبت، هل ندعو المرضى إلى الموت بعيدا عن تناول الدواء واللجوء إلى العيادات والمستشفيات؟! وقس على ذلك في المجالات الاستهلاكية الأخرى؟!
إن أزمة البلاد ليست فقط في أزمة ضحالة مستوى وزراء الحكومة، وضحالة مستوى الأحزاب السياسية، وضحالة النواب.. بل المشكلة، أيضا، في ضحالة ما يسمى بجمعيات المجتمع المدني! وتلك هي المصيبة الأكبر.
[email protected]
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)