الجزائر - Revue de Presse

تسابيح فجر البرامج الحزْبيّة


تفْتقد جلّ، إنْ لم تكن كلّ الأحزاب العاملة في الحقل السياسي، لبرامج واضحةً تنْبني على استراتيجيات تغْيِّير، أو خُطط مُمنْهجة، وتعْتمد هذه الأحزاب على دغْدغة العواطف الشعبيّة الطبقيّة حينا، والدينيّة حينا آخر، والوعْد بأهداف غالبا ما تتفادى تبيان أساليب ووسائل الوصول إليها، مكتفيّة في كل الحالات بنقد الواقع المعيشي والوعد بتحسينه لا غير. وليست الأحزاب وحدها من يتخذ مثل هذه الطريقة، بل إنّ قصًب السّبْق في هذا المجال تحوزه السلط الحاكمة بإمْتياز بيِّن، ومن إدّعى منافستها فيه، فلا يعْدو أن ْيكون مُتجنِّيا لا غير.  فعلى مستوى الميزانيات مثلا، نجد تراكم أرقام مالية موزَّعة على بُنود تدْخل ضمْن فصول وأبْواب ميزانيتيْ التسْيِّير والتّجْهيز، دون أنْ يصْحب ذلك توْضيح للأهداف المتوخَّاة من وراء اسْتهلاك تلك الأموْال في البنود المعنية، ولا الآثار الإجْتماعيّة والإقتصاديّة المُنْتظرة. وحتى عندما تقوم السلط الإدارية  بتوْضيح الأهْداف المرْجوَّة والاثار المنتظرة، فانّ ذلك لا يتمّ إلاّ على مستوى  طلبات تسْجيل رُخَص البرامجً، رُخصة رُخصةً، كل رُخصة على حدة. أمّا أنْ يتمّ توْضيح الأثر الإجْتماعي والإقْتصادي للقطاعات وخُطط وبرامج التنمية كَكُلّ،  فإنّ ذلك ما لم تقْدم عليه الإدارة بعْد. ولقد حاولت الادارة ذات مرّة، عصْرنة طريقة تسْيير ميزانياتها، بما يكْفُل بلوغ هذه الإهٍتمامات، وعَمدت الدولة إلى رصْد أموال لا بأس بها، صُرِفت على مكتب دراسات كندي تولَّى المسألة، غير أنّ تطبيق ذلك واجهَتْه عقَبات، ليس هذا مجال الخوْض فيها. وبالعودة إلى موضوعنا، فإنه يُعْتقد أنّه  طالما يتم الاعلان عن برامج الحكومة أو برامج السلطة بالطريقة الساري بها العمل، فانّ المواطن وحتى الخبير،  سيبْقيّان كما يُقال “كالأصمّ في الضجَّة”، فضلا عن أنّ ذلك من شأنه أنْ يمْنع أو يٌصعبّ كل عمليّة تقْيِّيم للجدوى والمرْدوديّة، إنْ قبْليّا من قِبَل المجالس المنْتخبة، أو بعْديًّا من قِبَل مخْتلف هيْئات الرقابة.  ولا شكّ أنّ للإعْلام دور كبير في إخراج كل من الادارة والأحزاب من قوقعتهما، واكْتِفائهما بالأساليب السهلة لدى تحضيرهما لهذم الميزانيات والخطط والبرامج.  إنّ إقْدام الصحافة على إثارة المواضيع الهامٌة والغوْص في تفاصيل  البرامج الحزبية، من شأْنه أنْ يدْفع الأحزاب وكذا بالحكومة الى الإبْتعاد عن السطحيّةً وتوَخِّي الحيطة في  تضْخيم وعودها. أمّا إذا توَقفت مسؤولية هؤلاء عند حدّ تلْطيخ بَياض الصحائف بِسَواد الحبْر، دون أنْ  يجدا من يتأكدّ على الأقل من صحة إلإدعاءات والوعود، فإن ذلك سيبْقى من أعتى أسباب تخلُّف هذه الأمّة. غير أنّ ذلك لن يتأتّى في ظلّ غياب وسائل إعلام متخصِّصة أوفي ظلّ التقشُّف الذي تُمارسه الصُحف بعدم لجوئها إلى ذوي الإخْتصاص لدى تحليلها لمواضيع تقْتضي ذلك، مُكْتفيّة بالخوْض في مواضيع من هذا الشكل بسطْحيّة حٍينا، وبتحليلات خاطئة وغير مفهومة أحيانا. تبْقى الإشارة إلى أنّ عمل الأحزاب والإعلام مرهون بِمدى نيّة السُلُطات في وضع بين يديْهما للاحصائيات الصحيحة، بدون تحْريف ولا تزْيًيف، إذْ عندما تصْفو النيات فإنّه يُعْتقد في آخر المطاف أنّه سواء تعلّق الأمر بمن هم في الحكم أو من هم في المعارضة أو من تكفّلوا بالإعلام، فانّما جميعهم يهْدفون إلى تنميّة البلد وشدّ إزْره، ولا يتمّ إخْفاء معلومة إلاّ إذا كان للأكَمَة ما خلْفها، كما يقول المَثلَ. بقلم: خرشي النوي   Kharchinoe@gmail.com  


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)