الجزائر - Publications Scientifiques


الافلاس والتسوية القضائية
الإفلاس والتسوية القضائية
إعداد الأستاذ خـدير أحمد.
محاضرات ألقيت على طلبة السنة الثالثة بنوك وتأمينات للموسم الجامعي: 2013- 2014 .

تقوم المعاملات التجارية على الثقة والائتمان اللذان يميزانها عن المعاملات المدنية ،لذلك عمد القانون التجاري إلى دعم الائتمان عن طريق الزيادة في ضمانات الدائن التجاري ، و توقيع جزاءات صارمة على من يخل به وذلك بإقرار الإفلاس كنظام يقوم على تصفية أموال التاجر المتوقف عن الدفع تصفية جماعية و توزيع ناتج هذه التصفية على الدائنين كل بنسبة ماله من حق قبل المدين.
و الإفلاس هو الحالة القانونية التي ينتهي إليها التاجر المتوقف عن الدفع ديونه.
أو هو طريق للتنفيذ الجماعي على أموال المدين التاجر الذي يتوقف عن دفع ديونه.
ويشكل الإفلاس والتسوية القضائية نظامان متكاملا، الأول فيهما علة لوجود الثاني يقوم كل منهما مقام الآخر بشروط، على أنهما لا يجتمعان، فالتسوية القضائية هي نتاج التطورات التي مر بها الإفلاس فتقضي إفادة المدين التاجر بالتسوية القضائية و ذلك بوجوب رعاية المدين و الأخذ بيده و محاولة إنقاذه من الحكم بشهر إفلاسه، بمساعدته من أجل استعادة نشاطه عندما يكون الإفلاس غير قائم على تدليس صادر عنه.
ويصدر الإفلاس بمقتضى حكم من المحكمة ومتى صدر فإنه تترتب عليه آثار قانونية أهمها:
1- غل يد المفلس عن إدارة أمواله.
2- بطلان أو قابلية إبطال كافة التصرفات التي قام بها المفلس خلال فترة الريبة.
3- خضوع الذمة المالية للمفلس لإدارة خاصة يتولاها وكيل التفليسة تحت رقابة المحكمة.
4- تكون جمعية الدائنون يمثلها وكيل التفليسة.
5- إمكانية تعرض المفلس لعقوبة الجنحة إذا كان الإفلاس بالتدليس أو التقصير.
الهدف من إقرار نظام الإفلاس:
يهدف إلى تنشيط الائتمان و دعم الثقة في المعاملات بسلسلة من الإجراءات و القواعد الرامية إلى حماية مصالح الدائنين وصون حقوقهم ، بتمكينهم من الحجز على ما تبقى من أموال المدين ووضعها تحت يد القضاء لكي لا تترك له فرصة تهريب أمواله إضرارا بهم.
كما يهدف قواعده إلى تحقيق المساواة بين الدائنين دون محاباة بعضهم على حساب البعض الآخر و تنظيم توزيع أموال المدين على الدائنين توزيعا عادلا لا أفضلية فيه لدائن على آخر ما دام دينه غير مقترن بسبب قانوني يوجب هذا التفضيل.
الإفــــــــــلاس: نبذة تاريخية عن تطوره.
تعود أصول نظام الإفلاس إلى القانون الروماني،حيث لم يفرق بين إعسار المدين المدني والمدين التاجر.
و كان الإكراه البدني وسيلة للتنفيذ على المدين متى عجز عن أداء ديونه فيجوز للدائن امتلاك شخص مدينه العاجز عن الدفع، وكذا بيعه وقتله واسترقاقه وحبسه لحين استفاء الدين و كذا تأجيره للحصول على أجرته. و في حالة تعدد الدائنين يقتسمون الثمن عند بيعه. أو يقتسمون أشلاءه عند قتله، و ذلك لإكراهه على إظهار ماله.
ثم تطور الحال بعد ذلك فأصبحت أموال المدين ضمان الدائنين دون شخصه، حيث تصفى وتوزع على الدائنين. فالمفلس يعتبر عندهم مجرما يجب أن تصفى أمواله وتباع عقابا له على عدم وفائه بديونه.
وفي عهد الجمهوريات الايطالية تطور نظام الإفلاس وعرف أثناءها الصلح وفترة الريبة. كما عرف في عهدها التفرقة بين الإفلاس الذي يشهر نتيجة سوء الحظ أو الظروف غير المتوقعة و الإفلاس الناجم عن الإهمال أو التدليس.
وقد عرف الإفلاس في فرنسا لأول مرة من خلال الأمرين الملكيين الذين صدرا في 1556 و1560، اتسما بالصرامة و قسوة أحكامه إذ يتعرض المفلس بالتدليس لمحاكمة غير عادلة لا يمكنه تجنب قسوتها إلا بتنازله عن كل أمواله لتباع ويوزع ثمنها على الدائنين.
بعدها صدر قانون 1807الذي اتسم بالصرامة و قسوة أحكامه إذ نصت على حبس المفلس أيا كانت أسباب إفلاسه، ثم تدخل المشرع و بسط في إجراءاته وخفف من تدابيره في قانون 1838 و دعم ذلك بالتعديلات التي أوردها في قانون 1899 المنشئ لنظام التصفية القضائية رعاية للمدين الحسن النية، فلا ترفع يد المدين عن إدارة أمواله و لا يستتبع بسقوط الحقوق المدنية والسياسية فهو إفلاس مخفف fallite Anttenue ، ليصدر بعد ذلك قانون 1955 بشأن التسوية القضائية liquidation judicaire و إعادة الاعتبار و قام مقام التصفية القضائية لتطبق على التجار الذين تكون مشروعاتهم قابلة للاستمرار عن طريق الصلح مع الدائنين، وتم فيه الاحتفاظ بالإفلاس كجزاء للتجار الذين الآخرين واستمرار الصيغة الجنائية للإفلاس(الإفلاس الواقعي ).
أما في إصلاحات 1967 فقد تكرست فكرة التمييز بين المؤسسات التجارية و بين من يديرها، و تشجيع الصلح لتمكين المؤسسات من الاستمرار بنشاطها التجاري و الاهتمام بتوقيع العقوبات على المسؤولين عن إدارتها.
وقد طبق في الجزائر ما كان يطبق في فرنسا من قوانين بما فيها القانون التجاري بنظامي الإفلاس و التسوية و ذلك حتى بعد استقلالها و لغاية صدور الأمر 75/59 بتاريخ 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون التجاري و التعديلات اللاحقة له حيث نظم في الكتاب الثالث منه أحكام الإفلاس و التسوية القضائية ورد الاعتبار و الجرائم المتعلقة به.
أولا/ شروط إفلاس التاجر:
شهر إفلاس تاجر مدين يتوقف على نوعان من الشروط:
01- الشروط الموضوعية. وتتمثل في صفة التاجر والتوقف عن الدفع.
أ- صفة التاجر: تنص المادة الأولى من ق التجاري على أنه:'' يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له ما لم يقضي القانون بخلاف ذلك''.
ويشترط في التاجر المراد شهر إفلاسه أن تكون له الأهلية التجارية وعليه فالقاصر غير المأذون له لا يشهر إفلاسه.
أما المحظورون من ممارسة الأعمال التجارية فيشهر إفلاسهم، فتوقع عليهم عقوبات الإفلاس جزاء لهم على مخالفتهم الحظر وممارسة التجار على وجه الامتهان بالإضافة إلى الجزاءات الإدارية.
أما التاجر المعتزل فيجوز شهر إفلاسه، بعد غلق أو بيع محله التجاري، شرط أن يكون قد تعرض للإفلاس في وقت كانت له فيه صفة التاجر والمحكمة عليها أن تتحقق من أنه كان في حالة توقف عن الدفع. هذا وقد قرر المشرع الجزائري في المادة 220 تجاري، إمكانية طلب شهر الإفلاس خلال مدة عام تبتدئ من شطب اسم المدين من السجل التجاري، عندما تكون حالة التوقف عن الدفع سابقة على هذا الشطب.
والتاجر المتوفى يجوز شهر إفلاسه(م 219 تجاري)واشترط القانون لذلك شرطان هما:
1- أن يكون توقفه عن دفع ديونه سابقا لوفاته؛ والعلة في هذا الشرط ظاهر لأن التوقف عن الدفع هو لب الإفلاس، ووفاة التاجر لا يجوز أن يتخذ منها وسيلة لحرمان الدائنين من الإجراءات التي وضعها القانون لتحقيق ما لهم من الضمان على أموالهم.
2- أن يطلب إشهار إفلاسه في ظرف سنة من تاريخ وفاته؛ والعلة هنا ترجع إلى حماية سمعة المتوفى وورثته.
والتاجر الممارس للنشاط التجاري باسم مستعار يجوز إشهار إفلاسه أيضا، فلقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية في 17 مارس 1969 إلى أنه هو الآخر يطبق عليه الإفلاس.
وإذا كان التاجر الممارس للتجارة شخصا معنويا فإنه يجوز أيضا شهر إفلاسه، فشركات الأشخاص يترتب عليها بقوة القانون إفلاس الشركاء المتضامنون والعكس غير صحيح فلا يترتب على إفلاس شركة الأموال إفلاس الشركاء.
ب - التوقف عن الدفع: هناك فرق بين التوقف عن الدفع والإعسار المدني ، فالمدين المعسر هو من تستغرق ديونه كل أمواله فلا تكفي أمواله لسداد ديونه.
أما توقف التاجر عن الدفع فليس ضروري أن يكون نتيجة إعساره، فقد تكون لديه أموال كثيرة متجمدة تتجاوز قيمتها ديونه ولكنها ليست سائلة، فيتوقف عن الدفع ويشهر إفلاسه.
فيقصد بالتوقف عن الدفع العجز الحقيقي عن الدفع لدين أو عدة ديون مستحقة، والناشئ عن مركز مالي ميئوس منه يستحيل معه متابعة التجارة بصورة طبيعية.
ويشهر إفلاس التاجر متى توقف عن دفع ديونه التجارية وليس الديون المدنية، غير أن هذا لا يمنع أن يطلب أحد الدائنين المدنيين أن يطلب شهر إفلاسه إذا توقف عن دفع ديونه التجارية.
ويخضع تقدير حالة التوقف عن دفع الديون التجارية، للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع ، وله أن يستدل على ذلك بالقرائن، كتوجيه الاحتجاج للتاجر، أو سحب سفتجات مجاملة وهي لا تستند إلى مقابل وفاء.
ويشترط في الدين المتوقف عن دفعه أن يكون حالا وغير متنازع فيه بغض النظر عن كونه دينا عاديا أو ممتازا أو مضمونا برهن.
ولم يشترط المشرع الجزائري حتى تفتتح التسوية القضائية أو الإفلاس أن يكون الدين المتوقف عن دفعه ذا طبيعة تجارية، بل يستوي في ذلك الدين التجاري والدين المدني لفتح التسوية القضائية أو الإفلاس. (م. 216 ق.تجاري)
ونعتقد أن هذا لا يتماشى مع نظامي الإفلاس و التسوية القضائية باعتبارهما نظامين تجاريين وجدا للحفاظ على الحياة التجارية.
تاريخ التوقف عن الدفع:
أن عملية تحديد تاريخ التوقف عن الدفع يرجع بالأساس إلى المحكمة المختصة، حيث أنه على هذه الأخيرة وفي أول جلسة يثبت لها فيها قيام حالة التوقف عن الدفع، فإنها تحدد تاريخه كما تقضي بالتسوية القضائية أم بالإفلاس.
غير أنه إذا لم تتمكن من تحديد تاريخ للتوقف عن الدفع فإن تاريخ صدور الحكم هو تاريخ التوقف عن الدفع اعتبارا، على ألا يكون هذا التاريخ سابقا لصدور الحكم بأكثر من ثمانية عشر شهرا.(م. 247 ق.تجاري/ الفقرة الأخيرة منها)
وقد أجازت المادة 248 تجاري تعديل تاريخ التوقف عن الدفع بقرار تال للحكم الذي قضى بالتسوية أو الإفلاس بشرط أن يكون هذا التعديل سابق للقفل النهائي قائمة الديون.
02- الشروط الشكلية:
المحكمة المختصة بشهر الإفلاس: نتناوله بعرض الاختصاص النوعي فالاختصاص المحلي:
* الاختصاص النوعي:
إن الاختصاص النوعي بإصدار حكم شهر الإفلاس أو التسوية القضائية يتعلق بالنظام العام، وبالرجوع للمادة 32 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية فإن المحاكم لها الولاية العامة للفصل في القضايا المدنية بما فيها التجارية، إلا أن القضايا المتعلقة بالإفلاس يؤول الاختصاص بنظرها إلى الأقطاب المتخصصة المنعقدة في بعض المحاكم.
* الاختصاص المحلي:
تختص محليا محكمة المكان الذي يقع فيه إعلان الإفلاس أو التسوية القضائية، أي المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدين، ولا يجوز الاتفاق على خلاف ذلك .
ويقصد بالموطن التجاري، المكان الذي توجد فيه الإدارة الرئيسية للأعمال التجارية بالنسبة للتاجر ، والمركز الرئيسي للنشاط إذا كان المدين غير تاجر.
- آثار تغيير الموطن التجاري على اختصاص المحكمة:
لا يؤثر تغيير التاجر المدين لموطنه أثناء نظر دعوى الإفلاس على اختصاص المحكمة.
تكون المحكمة المختصة بنظر دعوى الإفلاس إذا غير التاجر المتوقف عن الدفع موطنه خلال الفترة مابين فترة التوقف و رفع الدعوى، محكمة الموطن الجديد.
تختص بشهر الإفلاس، المحكمة التي يقع بدائرتها آخر موطن تجاري مارس فيه التاجر لتجارته إذا توفي أو اعتزل التجارة.
إذا كان للتاجر محل رئيسي وفروع عديدة، فان المحكمة المختصة بشهر الإفلاس هي المحكمة التي يقع ي دائرتها المحل الرئيسي.
أما إذا كان للتاجر عدة محلات رئيسية يتعلق كل منها بتجارة قائمة بذاتها من نوع مختلف، في هذه الحالة جاز شهر الإقلاس في كل محكمة يقع في دائرتها المركز الرئيسي لكل تجارة منها. ومتى أشهرت إحدى المحاكم الإفلاس امتنعت كل المحاكم الأخرى شهر إفلاس جديد طالما أن التفليسة الأولى لم تنته إذ القاعدة تقضي بأنه لا يرد الإفلاس على إفلاس .
- مجال اختصاص محكمة الإفلاس:
تنظر المحكمة المختصة بشهر الإفلاس، أيضا في المنازعات الناشئة عنه أو المتعلقة به ولو كانت طبقا للقواعد العامة من اختصاص محكمة أخرى، ويعود ذلك لأنها هي المحكمة التي فحصت حالة المفلس المالية عند النظر في أمر إفلاسه فتكون قد تكونت لديها فكرة عن ظروف التفليسة وملابستها، إضافة إلى أن محكمة الإفلاس هي محكمة موطن المدين.
أ‌- الأطراف التي يحق لها تقديم طلب الإفلاس أو التسوية القضائية:
يمكن شهر الإفلاس أو التسوية القضائية بطلب من المدين أو بمبادرة من أحد دائنيه كما يمكن للمحكمة المختصة أن تحكم به من تلقاء نفسها.
1- شهر الإفلاس بناءا على طلب المدين:
قضت المادة 215 ق.ت بأنه يتعين على المدين المبادرة خلال 15 يوما إلى إعلان توقفه عن الدفع من أجل افتتاح إجراءات الإفلاس أو التسوية القضائية، فالدعوى تقام من قبل المدين كمدع ضد دائنيه كمدعى عليهم و هي حالة استثنائية من القواعد العامة في رفع الدعاوى التي تقتضي أن تقام من الدائن ضد المدين، و تقرير المشرع لمبادرة المدين على هذا النحو دليل على حسن نيته فهو بذلك يبعد نفسه من خطر اعتباره مرتكبا لجريمة الإفلاس بالتقصير أو بالتدليس، و يأمل به إعطاءه فرصة إجراء اتفاق أو تسوية قضائية مع دائنيه تحت إشراف القضاء.
كما يجوز للمدين طلب التسوية القضائية حتى ولو طلب دائنوه الإفلاس، وطلب الإفلاس من التاجر المدين هو خاص به شخصيا وليس لدائنيه أن يستعملوا حقه هذا باسمه بطريق الدعوى المباشرة.
وفي حالة التاجر شخصا معنويا، فان طلب الإفلاس يقدم من الممثلين القانونيين للشركة(224 تجاري)، ويجب أن يرفق الطلب بميزانية مدعمة بالبيانات التالية: (218 تجاري)
- بيان حساب الخسائر و الأرباح عن آخر سنة مالية.
- بيان عن كل الدائنين وعن مقدار دينهم يذكر فيه اسم كل دائن وموطنه.
- بيان بأسماء الشركاء المسؤولين مسؤولية تضامنية وموطن كل منهم(218/05 تجاري).
ويتعين أن تؤرخ هذه الوثائق وان توقع من مقدمها مع الإقرار بصحتها ومطابقتها للواقع.
2- افتتاح التسوية القضائية أو الإفلاس بناء على طلب الدائن:
نصت المادة 218 ق.التجاري على أنه يجوز افتتاح التسوية القضائية أو الإفلاس بناءا على تكليف بالحضور صادر من دائن مهما كانت طبيعة الدين، فيحق لكل دائن متى كان دينه حقيقيا و صحيحا، و مهما كانت قيمته و طبيعته مدنيا أو تجاريا، و كذا صفته عاديا أو ممتازا أو مضمونا برهن أو اختصاص تقديم طلب بذلك.
و يحق لكل دائن أن يتدخل بصفة شخصية في دعوى شهر الإفلاس المرفوعة من أحد الدائنين و لا يؤثر رجوع المدعي عن دعواه على هذا التدخل باعتبار أن الإفلاس لا ينحصر أثره على المدعي و المدعى عليه بل يتعداهما إلى جميع الدائنين .
إن حق الدائنون في طلب الإفلاس أو التسوية القضائية لا يمكن الطعن فيه بالتعسف، غير أنه في الحالات التي لا يتمكن الدائن من إثبات توقف التاجر عن الدفع فانه قد يتحمل التعويض الذي يمكن أن يحكم به القاضي لصالح التاجر المدين.
3- افتتاح التسوية القضائية أو الإفلاس من المحكمة نفسها:
نصت المادة 216 ق.التجاري على حق المحكمة في إشهار إفلاس المدين أو افتتاح التسوية القضائية من تلقاء نفسها وذلك بعد سماعه أو استدعائه قانونا، و في ذلك خروج عن القواعد العامة التي تقضي بأن المحكمة لا تحكم بما لم يطلب منها، و مع ذلك فإن في إعطاء هذا الحق للمحكمة حماية لمصالح الدائنين الغائبين أو الذين منعتهم الضرورة من تقديم طلب للمحكمة، وهو مبرر بأن الإفلاس و التسوية القضائية من النظام العام، ويبقى من الصعب على المحكمة معرفة أن المدين في حالة توقف عن الدفع.
يمكن للمحكمة أن تستعمل حقها بناء على تبليغ غير رسمي من قبل النيابة العامة التي تلقت شكوى متعلقة بإحدى جرائم الإفلاس كما لها أن تقضي به من تلقاء نفسها إذا ما عرضت عليها قضية تبين من خلالها حالة التوقف عن الدفع، كأن يطلب أحد الدائنين شهر إفلاس مدينه ثم يتنازل عنه فتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها متى تثبتت من شروطه. أو أن يكون طلب شهر الإفلاس أو التسوية القضائية مرفوع من غير ذي صفة.
يتعين على المحكمة قبل افتتاح التسوية القضائية أو الإفلاس أن تستمع للمدين أو تستدعيه قانونا، وكذلك الأمر بالنسبة للشريك المتضامن في حالة إعلان إفلاس الشركة والورثة في حالة وفاة المدين وهو في حالة توقف عن الدفع .
ج- الحكم بشهر الإفلاس:
* مضمون حكم شهر الإفلاس: تتحقق المحكمة في حكم الإفلاس من نقطتين أساسيتين هما:
1)- التحقق من صفة التاجر في المفلس وتتثبت من ذلك
2)- وان تتحقق من أنه توقف عن دفع ديونه.


* شهر وتنفيذ الحكم بشهر الإفلاس أو بالتسوية القضائية :(228 تجاري)
لما كان حكم الإفلاس من الأحكام التي تحدث آثارها في مواجهة كافة الناس فمن اللازم أن يحاط الحكم بوسائل للشهر والعلانية حتى يعلمه كل من يهمه الأمر لاسيما الدائنون الذين يوجب عليهم القانون التقدم بديونهم والاشتراك في إجراءات التفليسة,لذلك قضت المادة 228 ق.ت بمجموعة من الإجراءات التي من شأنها إعلام الغير وتتمثل فيما يلي:
- تسجيل الأحكام في السجل التجاري .
- إعلانه لمدة 3 أشهر بقاعة جلسات المحكمة .
- نشر ملخص للحكم في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية للمكان الذي يقع فيه مقر المحكمة، وكذلك الأماكن التي يكون فيها للمدين مؤسسات تجارية كما يجرى نشر البيانات التي تدرج بالسجل في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية خلال 15 يوما من النطق بالحكم، ويتضمن هذا النشر بيان اسم المدين وموطنه أو مركزه الرئيسي ورقم قيده بالسجل التجاري وتاريخ الحكم القاضي بالإفلاس أو التسوية القضائية و رقم عدد صحيفة الإعلانات القانونية التي نشر فيها ملخص الحكم، ويقوم كاتب الضبط تلقائيا بإجراءات النشر.

ثانيا / التنظيم القانوني للإفلاس والتسوية القضائية
1- مركز المدين:
يختلف مركز المدين المحكوم عليه بالإفلاس عن مركز المدين المقبول في التسوية القضائية:
- المدين المحكوم عليه بالإفلاس:
ويترتب على شهر إفلاس المدين آثار تتعلق بذمة المدين فيجوز غل يد المدين عن إدارة أمواله كما أن التصرفات التي أبرمها في فترة الريبة تكون باطلة وجوبا أو جوازا بحسب الأحوال ، ويترتب من جهة أخرى آثار تتعلق بشخص المدين فيجوز تبعا لذلك تقرير معونة للمدين وعائلته، كما قد تقوم المسؤولية الجنائية للمفلس وتسقط عنه الحقوق السياسية و المدنية.
وتقضي الفقرة من المادة 242 تجاري بإمكانية استخدام المدين من اجل تسهيل عملية الإفلاس ، وفي الواقع يتجلى ذلك يكون بترك المدين في محله يمارس نشاطه التجاري.
- المدين المستفيد من التسوية القضائية:
من الناحية القانونية المدين المستفيد من التسوية القضائية كالمفلس، غير أن غل اليد لا يقصد به هنا استبدال المدين بالوكيل المتصرف القضائي، وإنما مساعدته من طرف هذا الأخير وهي إجبارية بنص المادة (244/03 تجاري.

02- الوكيل المتصرف القضائي
الوكيل المتصرف القضائي (وكيل التفليسة سابقا):
و هو الشخص الذي يعهد له بإدارة التفليسة و التصرف في أموال المدين و ذلك بعد غل يده، بصفته وكيلا عن جماعة الدائنين من جهة، و عن المدين من جهة أخرى، وفقا للمصلحة المشتركة.
تعينـــــــــه:
استبدل المشرع تسمية وكيل التفليسة بالوكيل المتصرف القضائي وذلك بموجب الأمر 96/23 ألغى المادة 238 تجاري و التي كانت توكل هذه المهمة لأحد كتاب ضبط المحكمة .
و يكون الوكيل المتصرف القضائي أحد الثلاث:
- محافظ الحسابات.
- خبير محاسب.
- خبير مختص في الميادين العقارية أو الفلاحية أو التجارية أو البحرية.
و يجب أن يكون لهؤلاء تجربة خمس (05) سنوات على الأقل طبقا للمادة 06 من الأمر السابق.
و بالرجوع للمادة 08 من نفس الأمر فإنه للمحاكم و بصفة استثنائية و بأمر مسبب تعيين الوكلاء المتصرفين من بين الأشخاص الطبيعيين المتمتعين بتأهيل خاص شريطة ألا يكونوا قد منعوا من ممارسة إحدى المهن المنصوص عليها لتعيين الوكيل المتصرف القضائي أصليا.
وبما أن الوكيل المتصرف القضائي لا يمثل المدين في التسوية القضائية وإنما يساعده ومن ثم فلا يمكنه أن يتصرف باسمه باعتباره ممثلا له كما أن المدين لا يمكنه التصرف دون مساعدة الوكيل المتصرف القضائي .
مهام وكيل المتصرف القضائي:
ويقوم الوكيل المتصرف القضائي بمهام تتوزع عبر كامل المراحل، كقيامه بتحصيل الديون، بيع العقارات و المنقولات، رفع الدعاوى و القيام بالتصالح و التحكيم، و المساعدة على استمرار المحل التجاري.
وتتمثل التصرفات الأولية لبداية مهام المتصرف القضائي في:
- القيام بعملية جرد لكل أموال المدين وبحضوره أو بعد استدعائه قانونا بموجب رسالة موصى عليها.
وتحرر عملية الجرد في أصلين يودع أحدهما فورا لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة، في حين يحتفظ بالأصل المتبقي. م. 264 تجاري.
- القيام بعملية قفل الدفاتر التجارية وحصرها في حضور المدين. م.253 تجاري.
- يضع الميزانية ويودعها لدى كتابة الضبط في حالة ما إذا كان المدين لم يودعها، ويستعين على ذلك بدفاتر المدين ومستنداته الحسابية والأوراق والمعلومات التي يحصل عليها.
- يقوم الوكيل المتصرف القضائي بالإجراءات اللازمة والتي من شأنها أن تحفظ حقوق المدين ضد مدينيه. كما يلتزم بنوع خاص بطلب القيود على الرهون العقارية التي لم يطلبها المدين ولو تم قيدها باسم جمعية الدائنين.
أما إذا كان الحكم متعلقا بالتسوية القضائية فيجوز للمدين بمعونة الوكيل المتصرف القضائي أن يقوم بكافة الإجراءات التحفظية(م . 273/1 تجاري)، وإذا رفض المدين القيام بهذه التدابير فللمتصرف القضائي مباشرتها لوحده بعد إذن من القاضي المنتدب.
- يقدم الوكيل المتصرف القضائي بيانا (تقرير) للقاضي المنتدب خلال شهر من استلام مهامه حول الوضعية الظاهرة للمدين وأسباب وخصائص هذه الوضعية.م.257 تجاري.
- اقتراح معونة للمفلس ولأسرته. م.242 تجاري.
- يقوم الوكيل المتصرف القضائي بتحصيل ديون المفلس التي حل أجلها(268تجاري). أما في التسوية القضائية فيباشر المدين تحصيل السندات والديون بمجرد حلول أجلها وذلك بمعونة الوكيل المتصرف القضائي، فإن لم يقم بذلك جاز للوكيل المتصرف القضائي تحصيلها بمفرده بعد إذن من القاضي المنتدب.
- يقوم الوكيل المتصرف القضائي ببيع منقولات المدين وذلك بعد الحصول على إذن من القاضي المنتدب وإلا كان البيع باطلا، كما يباشر بيع الأشياء المعرضة للتلف أو لانخفاض قيمتها أو التي يكلف حفظها ثمنا باهظا(م.268 تجاري). كما يباشر الوكيل المتصرف القضائي بيع باقي الأموال المنقولة أو البضائع، إذا أذن القاضي المنتدب بذلك وبعد سماع المدين أو استدعائه برسالة موصى عليها(م. 269 تجاري). على أن تودع الأموال الناجمة عن البيوع و التحصيلات في الخزينة العامة فورا ويقدم إثبات الإيداع إلى القاضي المنتدب في مدة 15 يوما من التحصيل.
- ويمارس الوكيل المتصرف القضائي جميع حقوق ودعاوي المفلس المتعلقة بذمته طيلة مدة التفليسة، إلا أنه يجوز للمفلس التدخل في الدعاوى التي يخاصم فيها الوكيل المتصرف القضائي.
أما في حالة التسوية القضائية فان المدين يمكنه بمعونة الوكيل المتصرف القضائي أن يرفع أو يتابع أية دعوى منقولة أو عقارية إلا انه إذا رفض رفع الدعوى فان الوكيل المتصرف القضائي يمكنه رفعها بشرط أن يدخل المدين فيها272 و274 تجاري.
- ويجوز لوكيل التفليسة بإذن القاضي المنتدب وبعد سماع المدين أو استدعائه برسالة موصى عليها أن يقوم بالتصالح والتحكيم وذلك في كافة المنازعات التي تعني جماعة الدائنين بما فيها المنازعات المتعلقة بحقوق أو دعاوي عقارية.لكنه إذا كان موضوع التحكيم أو الصلح غير محدد القيمة أو تجاوزت قيمته اختصاص المحكمة في الدرجة الأخيرة وجب عرضه على المحكمة للتصديق، ويستدعى المفلس عند التصديق ويكون له دائما حق المعارضة عليه ( م. 270 تجاري).
وفي حالة التسوية القضائية فإن المدين وبمساعدة وكيل المتصرف القضائي وبعد حصوله على إذن من القاضي المنتدب، أن يقوم بالتصالح والتحكيم بشرط أن لا تتجاوز قيمة الحق اختصاص المحكمة التي تنظر في الدعوى في الدرجة الأخيرة(م.275 تجاري). لكنه إذا كان موضوع التحكيم أو الصلح غير محدد القيمة أو تجاوزت قيمته اختصاص المحكمة في الدرجة الأخيرة فلا يكون التحكيم والمصالحة إلزاميا إلا بعد التصديق عليهما من المحكمة، ويكون لكل دائن حق التدخل عند طلب التصديق (م. 276 تجاري).
- يجوز لوكيل التفليسة استغلال المحل التجاري ولا يكون له هذا إلا بعد إذن المحكمة بناء على تقرير القاضي المنتدب بإثبات أن المصلحة العامة أو مصلحة الدائنين تقضي ضرورة ذلك ( م.277/02 تجاري).

ما يحظر على الوكيل المتصرف القضائي القيام به:
نصت المادة 30 الأمر رقم 96/23 على انه يحظر الوكيل المتصرف القضائي:
1- استعمال المبالغ أو السندات أو الأوراق المودعة إليه بأية صفة كانت في غير الاستعمال المخصص لها ولو بصورة مؤقتة.
2- الاحتفاظ ولو في حالة المعارضة بالمبالغ أو السندات أو الأوراق التي يجب دفعها إلى قباضات الضرائب والخزينة.
3- العمل على توقيع سندات أو اعترافات بدين دون إن يذكر فيها اسم الدائن.
4- يخضع الوكيل المتصرف القضائي عند ممارسة مهامه بصفة رئيسية أو إضافية إلى التفتيش من طرف النيابة العامة ويلتزم بتقديم كل المعلومات لها والوثائق مون التمسك بالسر المهني(م. 17/02 من الأمر رقم 96/23)
مسؤولية الوكيل المتصرف القضائي:
إذا اخل وكيل التفليسة بالأحكام القانونية أو التنظيمية المنظمة لمهامه يتعرض لجزاءات تأديبية هي:
- الإنذار.
- التوبيخ.
- المنع المؤقت لمدة لا تتجاوز سنة (1) واحدة.
- الشطب من قائمة الوكلاء المتصرفين القضائيين.
ويمكن للجنة الوطنية علاوة على ذلك أن تحول الملف إلى وكيل الجمهورية المختص.
ويمكن لها إيقاف أي وكيل متصرف قضائي عن ممارسة مهامه إذا كان محل متابعة جزائية أو تأديبية.
ويمكنها إصدار التوقيف المؤقت حتى قبل المتابعات الجزائية أو التأديبية في حالة الاستعجال إذا تبين من خلال التفتيش أو التحقيق أن هناك إخلالا من شأنه إلحاق ضرر جسيم بأموال المكلف بتسييرها.
غير أن هذا التوقيف المؤقت يمكن إنهاؤه إذا طلب ذلك ممثل وزير العدل أو الوكيل المتصرف القضائي نفسه، وينتهي التوقيف بقوة القانون إذا انقضى أجل شهرين دون مباشرة الدعوى الجزائية.
وتتقادم الدعوى التأديبية بمرور 05 سنوات.
ويحظر على وكيل التفليسة الذي كان محل منع أو توقيف أو شطب القيام بأي إجراء يتعلق بممارسة مهامه كما يمكن للمحكمة الفاصلة في المواد الاستعجالية أن تبطل كل العقود رغم حالات الحظر المذكورة أعلاه وهذا بناء على طلب كل ذي مصلحة أو بطلب من النيابة العامة (م. 25 من الأمر رقم 96/23).
03- القاضي المنتدب (قاضي التفليسة)

- تعين القاضي المنتدب:
يعين القاضي المنتدب في بداية كل سنة قضائية بأمر من رئيس المجلس القضائي بناءا على اقتراح من رئيس المحكمة(235/01 تجاري)، ويختلف التشريع الفرنسي عن نظيره الجزائري حيث أن حكم الإفلاس هو الذي يعين قاضي التفليسة، وللمحكمة استبداله في أي وقت وقراراتها في هذا الشأن لا تقبل أي طريق من طرق الطعن .
- مهام القاضي المنتدب:
يقوم القاضي المنتدب بملاحظة و مراقبة أعمال وإدارة التفليسة ويظهر ذلك من خلال:
- إعطاء القاضي المنتدب للوكيل المتصرف القضائي الإذن الذي يطلبه في المواضع التي يتطلبها القانون، مثل الإذن بإجراء التحكيم أو الصلح في كافة نزاعات جماعة الدائنين(م.270 تجاري) و الإذن بالقيام ببيع بعض الأموال(م. 268 تجاري)، الإذن بالاستمرار في استغلال المؤسسة التجارية أو الصناعية في حالة التسوية القضائية
(المادة 277 تجاري).
- تقرير إعانة للمدين و أسرته المادة 242 تجاري.
- الفصل في كل مطالبة تقدم ضد أي عمل قام به الوكيل المتصرف القضائي،(المادة 239 تجاري).
-تعيين مراقب أو اثنين من بين الدائنين و عزلهما بناءا على رأي أغلبية الدائنين (المادتين 240 و 241 تجاري) لمساعدته في مراقبة الوكيل المتصرف القضائي.
-إحالته للتقرير المقدم له من الوكيل المتصرف القضائي إلى وكيل الجمهورية مرفوقا بملاحظاته (المادة 257 تجاري).
-تقديم تقرير شامل للمحكمة بخصوص النزاعات الناجمة عن الإفلاس أو التسوية القضائية المادة 235/04 تجاري.
-ترأس جمعية الدائنين (م. 315 تجاري) .
-كما له سلطة البحث، حيث يقوم بجمع كافة عناصر المعلومات التي يراها مجدية وله سماع المدين المفلس أو المقبول في التسوية القضائية أو مندوبيه و دائنيه أو أرملة المدين وورثته في حالة وفاة المدين (المادتين 235،236 تجاري).
وللقاضي المنتدب صلاحية إصدار قرارات وأوامر في الحالات التي حددها القانون، كما في حالة تقريره لإعانة للمدين و أسرته، و بيع البضائع و عند إعطاء الإذن للاستمرار في استغلال المحل التجاري في التسوية القضائية و عند الإعفاء من وضع الأختام و كذا للفصل في المطالبات ضد أعمال الوكيل المتصرف القضائي .
و يودع القاضي المنتدب أوامره حالا بكتابة ضبط المحكمة ليعارض فيها خلال 10 أيام من الإيداع أو من التبليغ بالنسبة للأشخاص الذين يعينهم القاضي المنتدب من أجل التبليغ.
ويعين القاضي المنتدب في الأمر الذي يصدره الأشخاص الذين يجب إخبارهم بالإيداع بمعرفة كاتب ضبط المحكمة، حيث يمكنهم رفع معارصة في مهلة 10 أيام من تاريخ ذلك الإخبار.
و ترفع المعارضة بمجرد تصريح لدى كتابة ضبط المحكمة ( 237 ق.ت
و تفصل المحكمة فيها في أول جلسة لها. كما تنظر تلقائيا في أوامر القاضي المنتدب فتعدلها أو تبطلها خلا ل عشرة أيام اعتبارا من يوم إيداعها بكتابة ضبط المحكمة(م. 237 تجاري).
4- جمعية الدائنين:
يرتبط دائنوا المدين قانونا ضمن تجمع يدعى بالجماعة و يمثلها الوكيل المتصرف القضائي في دعاويها ، سواء مدعية أو مدعى عليها و تضم جماعة الدائنين الدائنون الذين نشأت ديونهم قبل صدور الحكم بالإفلاس أو التسوية القضائية وحدهم، إلا أنه يتحتم إجراء تمييز بين الدائنين حسب وضعيتهم التي تتحدد بمراعاة تاريخ الدين و صفة الدائنين.
وقد قرر المشرع اتحاد الدائنين منعا للإخلال بمبدأ المساواة بين الدائنين من جهة، ومنعا للدائنين من التزاحم عند التنفيذ من جهة أخرى، و تكريسا لذلك قرر المشرع مجموعة من الآثار بصدور الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية.
الطبيعة القانونية لجماعة الدائنين:
أثار تحديد الطبيعة القانونية لجماعة الدائنين جدلا فقهيا، حيث ذهب جانب من الفقه إلى أن هذه الجمعية عبارة شركة وان إجراءات شهر إفلاسها هي نفسها إجراءات شهر الحكم نفسه.
انتقد هذا الرأي، كون الشركة لا يمكن أن تتأسس إلا بتقديم الحصص من قبل الشركاء قصد تكوين رأسمالها في حين لا يقدم الدائنون في التفليسة أي شيء لجمعية الدائنين، لأنهم يبقون مالكون لديونهم كما أنه لا يمكن القول بوجود شركة يجبر الشركاء على تأسيسها.
وعليه، ذهب جانب آخر من الفقه إلى القول بأنها جمعية، تنشأ بقوة القانون، انتقد هذا الرأي أيضا بسب اختفاء إرادة مؤسسيها وعدم تمام إجراءات الإدارية التي قررتها السلطة العامة، حيث يتطلب إنشاء أي جمعية ذلك.
مما سبق، يمكن القول إن جماعة الدائنين هي تجمع قانوني حددت شروطه من قبل القانون.فهي بمثابة مؤسسة خاصة بالقانون التجاري ،
فمن جهة تكون جماعة الدائنين إجباريا ومن جهة يحكمها تنظيم قانوني فلا يسيرها الدائنون وإنما يسيرها الوكيل المتصرف القضائي أما عن جمعيتها العامة وحساب الأغلبية والتصديق على القرارات يخضع لأحكام القانون.
تكوين جمعية الدائنين:
تضم جماعة الدائنين بمعناها الواسع جميع دائني المفلس، غير أنه هناك من الدائنين من لا ينضم أو لا تقبل عضويته في جماعة الدائنين.
فهي لا تضم إلا الدائنون الذين نشأت ديونهم قبل صدور حكم الإفلاس أو التسوية القضائية.
كما أنها لا تضم إلا الدائنين العاديين دون الدائنون أصحاب التأمينات العينية، فهؤلاء لا يخضعون لنفس القواعد التي يخضع لها الدائنون العاديون فيما يتعلق بتوزيع الأموال، إلا أن الدائنين المرتهنين أو أصحاب الامتياز يمكن قبولهم في التوزيع بصفتهم دائنين عاديين في حالة ما إذا كانت ضماناتهم لا تسمح لهم باستيفاء كامل ديونهم.
كما تضم جماعة الدائنين، الدائنون أصحاب الامتياز العام.
وقد منعت المادة 245 تجاري على الدائنين العاديين والدائنين أصحاب حقوق الامتياز العام اتخاذ إجراءات فردية تتعلق بالتنفيذ على المنقولات أو العقارات، ما لم تكون صادرة من دائنين أصحاب امتياز خاص أو دائنين مرتهنين رهنا حيازيا أو رهنا رسميا. ويرجع تشبيه المشرع الجزائري الدائنون أصحاب الامتياز العام بالدائنين العاديين إلى وحدة مصالحهم بشكل يسمح لهم بانضمامهم إلى جماعة واحدة، لأن امتياز أصحاب حقوق الامتياز العام يرد على جميع أموال المدين وهم بذلك يتمتعون بحق الأولوية والأفضلية.
أما الدائنون ذوو الرهون الصحيحة، فلا يقيدون ضمن جماعة الدائنين إلا على سبيل المراجعة والتذكير، والسبب في ذلك أن الدائن المرتهن يشبه صاحب الامتياز الخاص من حيث اختصاص كل منهما بمال معين من أموال المدين.
ويجوز لهم رفع الدعاوي على التفليسة واتخاذ إجراءات التنفيذ على الأعيان التي تضمن حقوقهم، كما يجوز لهم الاشتراك في التفليسة للاحتفاظ بحقوقهم في حالة عدم كفاية الأعيان المحملة بالرهن أو الامتياز للوفاء، وذلك بصفتهم دائنين عاديين في الباقي من حقوقهم، ويخضعون للأحكام التي يخضع لها الدائنون في الجماعة.
05- المراقب
تعين المراقب وعزله:
نص المشرع التجاري الجزائري في المادة 240 /01 من القــــانون التجـاري على أنه : " للقاضي المنتدب أن يعين في أي وقت بأمر يصدره، مراقبا أو اثنين من بين الدائنين."
ولايجوز عزل المراقب الا بأمرمن القاضي المنتدب يصدره بناء على رأي اغلبية الدائنين (م.241 /02 ).
ما يشترط فيه:
جاء في الفقرة الثانية من 240 من القانون التجاري أنه: " لا يجوز أن يعين مراقبا أو ممثلا لشخص معنوي معين كمراقب أو نسيب للمدين لغاية الدرجة الرابعة."
من خلال هذا النص تتمثل الشروط الواجب توافرها في المراقب، أن لا تكون له صلة قرابة بالمفلس حتى الدرجة الرابعة.
كما أن المراقب يقوم بوظيفته هذه دون أجر طبقا لنص المادة 249/3 تجاري.
مهام المراقب:
وتتلخص مهامه في:
- التحقق من الحالة المالية التي قدمها المفلس عن نفسه.
- مراقبة أعمال وكيل المتصرف القضائي
- التحقق من سير إجراءات التفليسة ومن صحة ما تحصل لحساب المفلس أو صرف من حسابه.
- إبداء الرأي والمشورة للوكيل المتصرف القضائي في كل الدعاوي.
06- المحكمة
تصدر المحكمة حكم الافلاس وبهذا الحكم تفتتح التفليسة، فرئيس محكمة الإفلاس، ويقترح القاضي المنتدب والوكيل المتصرف القضائي، و ينوب القاضي المنتدب عن المحكمة قس الإشراف على أعمال التفليسة وتسيير شؤونها.
لها أن تعدل في ما يسمح به القانون في تاريخ التوقف عن الدفع بقرار تال لحكم الإفلاس ما لم تقفل قائمة الديون.
أن تنظر تلقائيا في أوامر القاضي المنتدب فتعتد بها أو تبطلها خلال 10 أيام اعتبارا من إيداعها بكتابة ضبط المحكمة.
الأمر بوضع الأختام على الخزائن والحافظات والأوراق التجارية والمراكز التجارية التابعة للمدين المفلس.
ويمتد الأمر للشركاء المتضامنون على أموالهم إذا تعلق الأمر بشركات التضامن.
ولهذه المحكمة إذا كانت تشرف على التسوية القضائية فهي التي تقضي بتحويلها إلى تفليسة إذا اقتضى الحال بحكم وفي جلسة علنية تلقائيا أو بناء على طلب الوكيل المتصرف القضائي أو الدائنين أو استنادا إلى تقرير القاضي المنتدب بعد سماع المدين أو دعوته للحضور قانونا بموجب رسالة موصى عليها.
07- النيابة العامة
عمل النيابة العامة في التفليسة كمن يستعمل منظارا للمراقبة، حيث تراقب النيابة العامة التفليسة من بعيد ،ومتى تبين لها أن هناك جريمة، تقوم بتحريك الدعوى العمومية، من أجل ذلك أوجب القانون على كاتب ضبط المحكمة اتي اصدرت حكم الافلاس او التسوية القضائية ان يوجه فورا للنيابة العامة ملخصا عن ذلك الحكم ويجب ان يتضمن هذا الملخص البيانات الرئيسية لتلك الاحكام ونصوصها.
للنيابة العامة جوازا التوجه الى محل المفلس وحضور عملية الجرد.
لها ان تطلب ايضاحات حول حالة الافلاس وكيفية ادارة الوكيل المتصرف القضائي، وأكثر من ذلك فانه يخضع لاشراف وتفتيش النيابة العامة اثناء ممارسة مهامه، ويتوجب عليه ان يقدم كل المعلومات والوثائق الضرورية دون التمسك باسر مهني تجاهها.



آثار الإفلاس و مآل التفليسة
الآثار المترتبة عن حكم الإفلاس:
يرتب حكم الإفلاس آثارا قانونية مختلفة في جانب المدين الدائنين العاديين، وأيضا بالنسبة للدائنين الممتازين أو أصحاب الحقوق الآخرين.
أولا/آثار الإفلاس بالنسبة للمدين:
يترتب عن حكم الإفلاس بالنسبة للذمة المالية للمدين غل يده عن إدارة أمواله، أما بالنسبة لشخص المدين، فإنه يؤدي إلى سقوط بعض الحقوق السياسية والمدنية.
01- غل يد المدين عن إدارة أمواله:
نصت عليه م 244 تجاري، فبناء على نص المادة فانه تغل يد المدين المفلس عن إدارة أمواله والتصرف فيها من يوم صدور الحكم، وغل اليد هذا يكون بقوة القانون.
فيترتب على شهر إفلاس التاجر المدين ، الحجز على أمواله الحاضرة والمستقبلية لصالح دائنيه (جمعية الدائنين).
وقد استقر القضاء الفرنسي على اعتبار إن الحجز على أموال المدين الحاضرة والمستقبلية لصالح دائنيه، من النظام العام. ويكون هذا الأثر ناجزا (منتج لأثره) في اليوم الذي يصدر فيه الحكم، بل الساعة التي تلي صدور الحكم .
- الطبيعة القانونية لغل يد المدين:
* الرأي الأول: ــــ غـل اليد نوع من نقص الأهلية يلحق المدين المفلس.
ــــ* انتقد هذا الرأي، كون نقص الأهلية مقرر لحماية القاصر وليس ضده، فإذا قام بتصرف ما يكون قابلا للإبطال لمصلحته.
أما المفلس فغل يده مقرر لمصلحة جمعية الدائنين وليس لمصلحته.
أيضا، فان المفلس إذا قام بتصرفات قانونية فإنها تعتبر تصرفات صحيحة فيما بينه وبين من تعامل معه وتنتج كل آثارها القانونية إذا انقضت حالة الإفلاس وعاد المفلس إلى استئناف نشاطه، غير أنه لا يمكن الاحتجاج بها على جماعة الدائنين.

*الرأي الثاني: ـــ غـل يد ما هو إلا تطبيق للدعوى البوليصية بقوة القانون.
حيث إن تصرف المدين يعتبر غشا نحو دائنيه، يعطيهم الحق في الطعن فيها بطريق الدعوى البوليصية. فلقد قرر القانون أن كل تصرفات المفلس بعد صدور حكم شهر الإفلاس تقوم قرينة على أنها تمت غشا نحو دائنيه وعلى اثر ذلك قرر غل يده عن هذه التصرفات.
ـــ * انتقد هذا الرأي أيضا، لأنه في الدعوى البوليصية إذا كان تصرف المدين بعوض فيجب أن يثبت أن من تعامل معه كان سيء النية أي كان على علم بان التصرف يترتب عليه إعسار المدين أو زيادة في إعساره.
بينما التصرفات التي يقوم بها المفلس بعد غل يده لا يحتج بها على جماعة الدائنين حتى ولو كان من تعامل مع المفلس حسن النية.
ـــ لذلك انتهى رأي الفقه إلى اعتبار - غل يد المدين المفلس- نوع من تجميد تصرفاته أساسه افتراض أن هذه التصرفات تنطوي على غش نحو دائنيه، وبناء على هذا التفسير فإنه يترتب حجز جماعي على أموال المدين لصالح دائنيه.
حدود غل اليد:
بشهر إفلاس المدين تغل يده، وتصبح كل أمواله ضمانا لجماعة الدائنين الذين ترتب لهم حجزا عاما على جميع أمواله.لذلك يمتنع عليه المساس بهذا الضمان، هذا كأصل لكن هناك استثناءات ترد عليه، وفيما يلي نتعرض للأصل ثم الاستثناءات:
1- العقود: فمن يتعاقد مع المدين المفلس لا يعتبر دائنا داخلا في التفليسة وبالتالي لا يحتج بأي عقد على جمعية الدائنين من شأنه المساس بالضمان العام.
2- الوفاء: ليس للمفلس أن يقوم بالوفاء بدين دائن من دائنيه وإلا اعتبر مرتكبا لجريمة الإفلاس بالتقصير وعلى الدائن الذي استوفى دينه أن يرد إلى التفليسة.
3- البيوع: فبيع المنقول يكون غير نافذا في حق جماعة الدائنين ويكون المفلس مرتكبا لجريمة الإفلاس بالتدليس إذا قام بذلك.
لكن من حاز المنقول من المفلس وهو غير عالم بحالته، فانه يكون حائز بحسن النية، ويحق له أن يتمسك بقاعدة "الحيازة في المنقول سند الملكية". غير أن هذا الحكم لا ينطبق على العقار.
أما إذا حدث وأن باع المفلس عقارا قبل إفلاسه ولم يقم بتسجيله، فلا يحتج بتسجيله على جمعية الدائنين إذا وقع بعد شهر الإفلاس.

4- الالتزامات الناشئة عن الفعل غير المشروع:
يترتب عادة عن الفعل غير المشروع المرتكب من طرف المدين تعويض، فلو وقع الفعل غير المشروع بعد شهر إفلاس المدين فانه لا يحتج بالتعويض المترتب عليه على جمعية الدائنين.

5- غل يد المدين عن رفع الدعاوي القضائية:
يمتنع على المفلس رفع الدعاوي أو الطعن في حكم صدر ضده لأنه ممثل قانونا من طرف الوكيل التصرف القضائي فهو من يقوم برفعها كما أنها ترفع عليه.
يستثنى من ذلك الدعاوي الشخصية ، بشرط ألا يترتب عليها التزامات – أو مصالح مالية- فإذا ترتب عليها ذلك وجب أن يكون الوكيل المتصرف القضائي إلى جانبه.
استثناءات غل يد المدين:
- للمفلس أن يقوم بالإجراءات التحفظية من اجل المحافظة على أمواله إذا لم يحافظ عليها الوكيل المتصرف القضائي.ــ وقد توسع القضاء الفرنسي في معنى الإجراءات التحفظية فأجاز له إجراء حجز ما للمدين لدى الغير وأجاز له استئناف الأحكام الصادرة ضده ورفع الدعوى للمطالبة بتخفيض الإيجار، غير أن الوكيل المتصرف القضائي يتابع الجلسات بحضوره وإلا تأمر المحكمة بعدم قبول الدعوى.
- للمفلس القيام بالتصرفات اللازمة للحياة العادية.
- للمفلس حق التدخل في الدعاوى التي يتابعها الوكيل المتصرف القضائي وللمحكمة حق قبوله أو رفضه.
الأموال التي تغل يد المدين عن إدارتها:
الأصل أن ترفع يد المدين عن كل أمواله الحاضرة والمستقبلة تؤول إليه خلال استمرار حالة الإفلاس، كما ترفع يده عن الانتفاع الذي يكون له على مال الغير مثل أموال أبنائه القصر أو زوجته.
كما ترفع يد المدين عما يؤول إليه من أموال خلال الإفلاس و لو بطريق التبرع كالهبة والوصية والميراث.
أما الأموال المستقبلة التي تؤول إليه بعوض فتثير مسألة استئناف المفلس لتجارته من جديد.
فالقضاء الفرنسي يقضي بأحقية المفلس في استئناف نشاطه التجاري رغم غل يده كي يحصل على موارد بشرط أن يكون مازال أهلا للنشاط التجاري والالتزام بما يترتب عليه من التزامات.
غير أن قانونا صدر في فرنسا بتاريخ 20/08/1974 قرر في مادته الأولى بان يمنع كل مفلس لم يرد اعتباره من ممارسة أي نشاط تجاري خلال 05 سنوات من تاريخ شهر إفلاسه وللمحكمة أن تُقصر هذه المدة. وتكون ممارسة المدين المفلس لتجارته بترخيص من محكمة الإفلاس وبناء على تقرير مقدم من قاضي التفليسة.
***لـكنه، قد يحدث وأن يكون هذا التاجر سيء الحظ في نشاطه التجاري الجديد فيتوقف عن الدفع مرة أخرى، فهل يجوز شهر إفلاسه مرة ثانية؟ وماذا عن مركز الدائنين في التفليسة؟
- فمحكمة النقض الفرنسية (أي القضاء) ترى بجواز شهر إفلاسه.
- انتقد قضاء محكمة النقض من طرف الفقه، لمخالفته مبدأ:" لا يــرد الإفـــــلاس علــــــى الإفـــــلاس …
faillite sur faillite ne vaut ".
- أما عن التساؤل الثاني الخاص بمركز الدائنين في التفليسة، فرأت محكمة النقض أن دائني التفليسة الأولى يشتركون مع دائني التفليسة الثانية، دون أن يشترك دائنوا التفليسة الثانية في موجودات التفليسة الأولى.
وحجتها في ذلك، أن جميع أموال المفلس تعتبر ضمانا عاما لدائني التفليسة الأولى ولهم عليها رهن قانوني.
- انتقد الفقه قضاء المحكمة، وقال أن دائني التفليسة الجديدة لم يتعاقدوا مع المفلس إلا اعتمادا على ما لديه من مال في تجارته الجديدة فكيف يزاحمهم دائنوا التفليسة الأولى في اقتسام هذا المال؟
- ويرى غالبية الفقه أن لدائني التفليسة الجديدة الأفضلية في استيفاء حقوقهم من موجودات التفليسة الجديدة، وما تبقى بعد ذلك يؤول إلى الدائنين في التفليسة الأولى.
7 - المقـــــــاصة: تكون المقاصة بين دين على المفلس (المدين) وحق له على الدائن.
ولأن الأصل أن شهر الإفلاس يترتب عنه منع المقاصة بكل أشكالها سواء كانت قضائية أو قانونية أو اتفاقية، باعتبارها طريق من طرق الوفاء بالدين.
خرجت محكمة النقض الفرنسية عن هذا الأصل، فأجازت المقاصة القانونية بين دين على المفلس وحق له، إذا كان بين الاثنين رابطة من شأنها أن تحمل كلا من المدينين على أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم الآخر بتنفيذ التزامه.
مثال: المقاصة بين مبلغ التأمين على المؤمن والأقساط التي يجب على المفلس دفعها.
02- آثار حكم الإفلاس بالنسبة لشخص المدين:
تتمثل هذه الآثار سقوط بعض الحقوق السياسية والمدنية عنه ولو كان المفلس حسن النية ولكن سيئ الحظ. حيث نصت المادة 243 ق.ت على أن المفلس يخضع للمحظورات وسقوط الحقوق المنصوص عليها في القانون دون أن تحددها بدقة.
وتتمثل هذه الحقوق في حق الانتخاب، و الترشح في المجالس الشعبي الوطني و المجالس البلدية و الولائية و الغرف التجارية و النقابات المهنية و مزاولة مهنة الخبرة أمام المحاكم، والتسجيل في قائمة العمال المساعدين لقاضي محكمة المسائل الاجتماعية، و قد قصد المشرع من وراء إسقاط الحقوق المذكورة ،تهديده وحثه على بذل الجهد لرد اعتباره ذلك أن أثر العقوبة بإسقاط الحقوق السابقة يستمر لغاية رد المدين لاعتباره، على أنه يجب القول بأن أثر سقوط الحقوق يمس المدين الذي أشهر إفلاسه دون المدين الذي استفاد من التسوية القضائية ذلك أن نص المادة 243 ق.ت خص بالذكر المدين الذي أشهر إفلاسه.



ثانيا/ آثار الإفلاس بالنسبة للدائنين:
يقف في مواجهة جمعية الدائنون، دائنون أصحاب حقوق امتياز وأصحاب حقوق خاصة تؤدي لا محالة إلى الانتقاص من الضمان العام الذي تتمتع به جمعية الدائنين ويتمثل أصحاب حقوق الامتياز في الآتي:
1- أصحاب حقوق الامتياز العام:
و حقوق هؤلاء ترد على جميع أموال المدين من منقول وعقار وتشمل المصروفات القضائية التي اتفقت على جميع الدائنين في حفظ أموال المدين وبيعها.
فهذه الامتيازات لا تتعلق بمال معين للمدين ولا تباشر إلا على الثمن العائد من أموال المدين بعد بيعها.ــ لذا فأصحاب هذه الحقوق يندرجون في عداد جماعة الدائنين شأنهم في ذلك شأن الدائنون العاديون، ويلتزمون بالتقدم في التفليسة بحقوقهم مع التمسك بامتيازهم.
2- أصحاب حقوق الامتياز الخاص:
ويقع حق الامتياز الخاص على العقار أو منقول.
أ‌- الامتياز الخاص الواقع على العقار:
إذا كان من بين دائني التفليسة صاحب امتياز خاص على عقار من عقارات المفلس كبائع العقار الذي يطالب بثمنه وملحقاته فإن حقوقه في التفليسة هي نفس حقوق المرتهن.
فأصحاب حقوق الامتياز الخاص أو الرهون، لا يخضعون لـقسمة الغرماء ، ولا يندرجون في جماعة الدائنين، ولا يفقدون حقهم في اتخاذ الإجراءات الفردية إلى أن تحل آجال ديونهم بشهر الإفلاس.
كما يجوز لهم الدخول في جماعة الدائنين بوصفهم دائنين عاديين بالنسبة للنصيب غير المدفوع من ديونهم (المتبقي)إذا لم يكفي المال المحمل بالضمان(التأمين) للوفاء بها.
ب‌- الامتياز الخاص الواقع على منقول:
لبائع المنقول حق امتياز على الشيء الذي باعه، وله عليه حق الحبس وله عليه حق استرداده وله حق فسخ العقد.
غير أنه فيما يتعلق بالبضائع ففرق القانون التجاري بين البضائع التي سلمت إلى المفلس وتلك التي لم تسلم إليه،وفيما يلي تفصيل ذلك:
1) – حالة البضائع في حيازة البائع:
في هذه الحالة للبائع حق الحبس وحق الفسخ مادام الشيء لم يدفع سواء كان الثمن حالا أو مؤجلا لان الإفلاس يسقط الآجال.

2) - حالة البضاعة في الطريق:
أي أنها خرجت من حوزة البائع ولم تسلم للتاجر المفلس بعد، في هذه الحالة للبائع حق استردادها le stoppage transitaire (م. 309/01 تجاري).
وتمنع الفقرة الثانية من نفس المادة أعلاه هذا الإجراء إذا انطوى البيع على غش.
3) - حالة تسليم البضاعة ودخولها لمحل المفلس قبل الإفلاس:
وهنا تعتبر البضاعة من الضمان العام لدائني المفلس قانونا، ويعتمد الدائنون على وجودها في حوزته. وهنا ليس للدائن البائع عليها أي حق ويعتبر دائنا عاديا. وتقدير دخول البضاعة في حوزة المفلس أم لا مسألة تترك لتقدير القاضي.
امتياز مؤجر العقار:
يقوم امتياز مؤجر العقار على أساس أن له رهنا حيازيا ضمنيا، على ما يؤثث به العقار المؤجر من أثاث ومنقولات، غير أنه يختلف عن امتياز المرتهن حيازيا لمنقول من ناحية أن حيازة المنقول في الرهن الحيازي تنتقل للدائن، فيعرف دائنو المدين أن الدين الذي يثقل هذا المنقول لم يسدد بعد ما دام هذا المنقول لم يعد لحيازة المدين.
بينما حيازة المنقولات في امتياز مؤجر العقار تظل بين يدي المستأجر فَيُعذر دائنو المستأجر إذا لم يعرفوا هل سدد ما عليه من إيجار أم لم يسدده.
لذلك ميز المشرع عند استعمال هذا الحق بين حالتين:
- الحالة الأولى:إذا أنهي عقد الإيجار لسبب سابق أو لاحق لشهر الإفلاس، فهنا يقتصر امتياز المؤجر على ما يستحق من إيجار لم يدفع عن السنتين السابقتين، ومن إيجار يستحق له عن السنة الجارية التي صدر فيها الحكم بالإفلاس. أما ما عدا ذلك من إيجار لم يدفع فيتقدم به المؤجر كدائن عادي في التفليسة.
- الحالة الثانية: إذا بقي العقد مستمرا ولم يفسخ، فليس للمؤجر بعد استيفاء كل الإيجارات المستحقة أن يطالب بسداد الإيجارات الجارية أو المستقبلة مادامت التأمينات التي كانت معطاة له لا تزال قائمة أو تلك التي أعطيت له منذ التوقف عن الدفع قد اعتبرت كافية.
لكنه إذا بيعت المنقولات المؤثثة بها الأماكن المؤجرة، ونقلت منها، جاز للمؤجر أن يستعمل حقه في الامتياز كما لو أن عقد الإيجار فسخ، فتكون أجرة السنة التي تستحق اعتبارا من العام الصادر فيه حكم إشهار الإفلاس أو التسوية القضائية وسواء كان للإيجار تاريخ ثابت أم لا. وله أن ينضم إلى التفليسة كدائن عادي في باقي الأجور غير المسددة.
ومن حقوق المؤجر الممتازة أيضا كافة الديون المترتبة عن تنفيذ عقد الإيجار وكذلك ما حكم به من تعويضات مترتبة على هذا العقد قبل شهر حكم الإفلاس.



المسـؤولية الجـزائية للمـدين المفلـس
الإفلاس بالتدليس والإفلاس بالتقصير

إذا كان شهر الإفلاس في حد ذاته لا يعتبر جريمة معاقبا عليها فإنه متى اقترن بأفعال تنطوي على الاحتيال أو التقصير الجسيم عد جرما معاقبا عليه، يرتب قيام المسؤولية الجزائية للمدين المفلس طبقا للمواد من (370إلى 373 تجاري (جريمة الإفلاس بالتقصير) و المادة 374 تجاري ( جريمة الإفلاس بالتدليس.
و قد أوجب القانون على كاتب ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم بشهر الإفلاس أن يوجه فورا للنيابة العامة ملخصا للحكم الصادر بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية، و يجب أن يتضمن هذا الملخص البيانات الرئيسية لتلك الأحكام طبقا للمادة 230 تجاري، حتى تتمكن النيابة العامة باعتبارها ممثلة الحق العام من تحريك الدعوى العمومية إذا توافرت عناصر جريمة الإفلاس بالتقصير أو الإفلاس بالتدليس، لذلك فإن الحكم بشهر الإفلاس قد يترتب عليه أثر قيام المسؤولية الجزائية للمدين المفلس.
أولا / جريمة الإفلاس بالتقصير: و قد ميز المشرع بين حالات الإفلاس بالتقصير الإجباري وحالات الإفلاس بالتقصير الجوازي.
-1 حالات الإفلاس بالتقصير الوجوبي:
ويكفي لقيام جريمة التفليس بالتقصير توفر الخطأ بالصور المنصوص عليها بالمادة 370 تجاري، وتنحصر سلطة القاضي الجزائي هنا في التأكد من تحقق هذه الصور المتمثلة في:
- إفراط المدين في المصاريف الشخصية أو التجارية.
- استهلاكه لمبالغ جسيمة في عمليات نصبية أو عمليات وهمية.
- قيامه بمشتريات لإعادة بيعها بسعر أقل من سعر السوق قصد تأخير التوقف عن الدفع أو استعماله وسائل أخرى لتأخير شهر إفلاسه.
- قيامه بالوفاء لأحد الدائنين بعد التوقف عن الدفع إضرارا بجماعة الدائنين.
-إشهار إفلاسه مرتين و إقفال التفليسة بسبب عدم كفاية الأصول.
- عدم إمساكه لأية حسابات مطابقة لعرف المهنة وفقا لأهمية تجارته.
- ممارسة المحظور من التجارة لها بالرغم من الحظر القانوني.
-2 حالات الإفلاس بالتقصير الجوازي (م.371 تجاري):
- إبرام المدين لحساب الغير تعهدات بالغة الضخامة بالنسبة لوضعه عند التعاقد دون مقابل.
- الحكم بإفلاسه دون وفائه بالتزاماته عن صلح سابق.
- عدم تصريحه بالتوقف عن الدفع في مهلة 15 يوما دون مانع شرعي.
- عدم حضوره بنفسه لدى الوكيل المتصرف القضائي في المواعيد دون مانع شرعي.
- إذا كانت الحسابات ناقصة أو غير ممسوكة بانتظام.
و بالنسبة لشركة التضامن و التوصية فإن الشركاء يعتبرون مرتكبين لجريمة التفليس بالتقصير إذا لم يصرحوا خلال 15 يوما بالتوقف عن الدفع دون عذر أولم يتضمن التصريح قائمة بأسماء الشركاء مع بيان أسمائهم و موطنهم.
ثانيا - حالات الإفلاس بالتدليس:لقيام الإفلاس بالتدليس لابد من توافر عنصرين الأول مادي والثاني
معنوي. ــ فأما عن العنصر المادي للجريمة و المنصوص عليه بالمادة 374 ق.ت فإنه يظهر في الحالات التالية:
- إخفاء الحسابات.
- إنشاء ديون وهمية، أي الإقرار بديون ليست في ذمته إما في المحررات أو في الميزانية أو بمقتضى تعهدات عرفية مقدمة بتواطوء مع الدائن.
- إخفاؤه أو تبديده أو اختلاسه لبعض أصوله.
و بالنسبة للعنصر المعنوي فهو اتجاه نية التاجر الذي يعلم أنه في حالة توقف عن الدفع، و يتعمد الإضرار بدائنيه عن طريق إخفاء أصوله أو تبديد جزء من ذمته المالية.
و تعتبر المادة 383/03 ق.ع الإفلاس بالتدليس جنحة يعاقب عليها بالحبس من سنة إلى خمس سنوات. وسواء حكم بالإفلاس بالتدليس أو بالتقصير، فإنه يجوز حرمان المفلس من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 14 ق.ع و التي تحيل للمادة 8 ق.ع وتتضمن:
- عزل المحكوم عليه و طرده من جميع الوظائف و المناصب السامية في الدولة و جميع الخدمات التي لها علاقة بالجريمة.
- الحرمان من حق الانتخاب و الترشيح و على العموم كل الحقوق الوطنية و السياسية ومن حمل أي وسام.
- عدم الأهلية لأن يكون مساعدا محلفا أو خبيرا أو شاهدا على أي عقد أو أمام القضاء.
- الحرمان من حق حمل الأسلحة و التدريس و في إدارة مدرسة أو الاستخدام في مؤسسة للتعليم بصفته أستاذا أو مدرسا أو مراقبا.
ومن آثار القانونية لارتكاب جريمة الإفلاس بالتدليس:
1- حرمان المفلس من الصلح،
2- حرمانه من رد اعتباره طوال منعه من استئناف نشاطه كأثر للحكم الجنائي،
3- حرمانه من التسوية القضائية وإذا كان قد منح هذه التسوية فإنها تنقلب بعد صدور الحكم الجنائي إلى إفلاس.




مـــــــــــــآل التفليسة:
مصــــــــــــير التفليسة
في كل الأحوال، مصير التفليسة هو قفلها وبالتالي وضع حد لإجراءات السير فيها إما بصفة نهائية بسداد الديون أو بصورة مؤقتة لعدم كفاية الموجودات لسداد الديون.
أولا/ قفل التفليسة لسداد الديون:
نصت المادة 357/01 ق.ت على أنه في حالة عدم و جود ديون مستحقة أو وجد لدى الوكيل المتصرف القضائي ما يكفي من المال لسداد الديون فيتعين قفل التفليسة و تقضي به المحكمة تلقائيا بناء على تقرير من القاضي المنتدب يثبت فيه عدم وجود ديون مستحقة أو وجود أموال كافية لسداد الديون لدى الوكيل المتصرف القضائي.
ويترتب على الحكم بقفل التفليسة لسداد الديون، و ضع حد نهائي لإجراءات التفليسة فلا يمكن إعادة فتحها من جديد،كما يسترجع المدين كافة حقوقه فيعود على رأس تجارته أو نشاطه ليتصرف بكل حرية وتنتهي تبعا لذلك مهام الوكيل المتصرف القضائي و تزول جميع آثار الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية، ويسترد المدين في هذه الحالة اعتباره بقوة القانون 357 و 358 ق.ت، إضافة لذلك ينقضي رهن جماعة الدائنين بزوال الغرض من قيده بسداد الديون.
ثانيا/ قفل التفليسة لعدم كفاية الموجودات:
و يظهر القفل بهذه الصورة عندما تكون أموال أو موجودات التفليسة غير كافية لمواجهة نفقات سير عمليات التفليسة بغض النظر عن كفاية أو عدم كفاية أموال التفليسة للوفاء بحقوق جماعة الدائنين. على أن هذا القفل لا يعد حلا نهائيا للتفليسة بل هو مجرد وقف لإجراءاتها لغاية ظهور أموال للمدين تساعده على متابعة أعمالها – أي التفليسة- و يكون قفل التفليسة بحكم قضائي صادر عن المحكمة المختصة بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية بناء على تقرير من القاضي المنتدب ويجوز طلب قفل التفليسة لكل ذي مصلحة كما يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها 355 ق.ت.
أثار الحكم بقفل التفليسة لعدم كفاية الموجودات:
لما كان الحكم بقفل التفليسة لعدم كفاية الموجودات لا يؤدي لقفل التفليسة نهائيا، فإنه متى وجدت أموال للمدين لمواصلة السير في الإجراءات، جاز لكل ذي مصلحة وللمدين طلب إلغاء الحكم بقفل التفليسة لذلك فإن آثار الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية لا تزو ل نهائيا، فيستمر غل يد المدين عن إدارة أمواله ولا يحتج على جماعة الدائنين بالديون الجديدة التي تحملها المدين بعد إقفال التفليسة، فإذا ما أعيد افتتاح التفليسة استوفى الدائنون القدامى حقوقهم قبل الدائنين الجدد.
إلا أنه وطبقا للمادة 355ق.ت فإن للدائنين إقامة الدعاوى واتخاذ الإجراءات بصورة انفرادية، ومع ذلك فإن الدائن يلزم بأداء ما تحصل عليه إلى الوكيل المتصرف القضائي ليستفيد منه جماعة الدائنين فلا يكون بذلك الدائن إلا نائبا عن جمعية الدائنين.

التسوية القضائية والصلح.
أولا/ التسوية القضائية:
تعريف التسوية القضائية:
- التسوية لغة: هي من الفعل سوى بمعنى عدل ووسط فيما بين لأمور، لذلك يقال سويت الشيء، ويقال أيضا رجل سوي الخلق أي مستو ومستقيم.
- والتسوية في القانون: هي إجراء يطبق على المدين في حالة التوقف عن الدفع سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا خاضعا للقانون الخاص ولو لم يكن تاجرا وذلك قصد تسديد ديونه.
الطبيعة القانونية للتسوية القضائية:
اختلف الفقه حول الطبيعة القانونية للتسوية القضائية.
منهم من رأى التسوية القضائية التزام قانوني يجمع بين إرادة أغلبية الدائنين وإرادة المدين يخضع لتصديق المحكمة عليه، فهو يستمد قوته الإلزامية من هذه العناصر الثلاثة المتمثلة في الإرادتين وتصديق المحكمة.
انتقد هذا الرأي، كون المحكمة قد ترفض التصديق على الصلح الناجم عن التسوية القضائية رغم موافقة أغلبية الدائنين، كما أن هذا الرأي لم يحدد الجهة المختصة بتطبيق هذا الالتزام القانوني هل هم أغلبية الدائنين على الأقلية وعلى أنفسهم في الوقت ذاته؟ فلا يمكن أن يتصور طبقا للقواعد العامة أن تترك جماعة من الأفراد- أغلبية الدائنين- أن تتحكم وتفرض ما تريده من شروط على أقلية الدائنين، ما قد يخل بمبدأ المساواة المفترض بين جميع الدائنين أقلية و أغلبية.
ويذهب آخرون إلى أن التسوية القضائية عبارة عن حكم قضائي بالاستناد إلى السلطة الواسعة الممنوحة للمحكمة في رفض الصلح أو قبوله حسبهم أن حكم المحكمة هو الذي ينشىء الصلح ويلزم جماعة الدائنين.
انتقد هذا الرأي أيضا،كون المحكمة إذا كانت لها سلطة واسعة في رفض التصديق على الصلح أو قبوله وهذا لا خلاف عليه فإن المحكمة لا يمكن أن تصدق على صلح يرفضه جماعة الدائنين كما لا يمكنها أن تعدل شروطه سواء بالزيادة أو النقصان أو تغيير هذه الشروط.
ويرى فريق ثالث أن التسوية القضائية (الصلح) عقـد بين المدين وجمعية الدائنين و أن تصديق القضاء ما هو إلا عنصرا قانونيا لا يشوه طبيعته العقدية، فيبقى تدخل القضاء مجرد حماية لمصالح الأقلية من الدائنين الذين لم يحضروه ولم يوافقوا على الصلح.
ولعل المتصفح للنصوص القانونية المتعلقة بالتسوية يظهر له أنها تتطلب إرادتين، إرادة المدين المتمثلة في طلب الصلح، وهي شرط حتمي لابتداء الإجراءات كما يتطلب موافقة أغلبية الدائنين، فإذا تخلفت إحدى هاتين الإرادتين لم يكن هناك سبيل لإنجاح هذا الصلح أو التسوية.
ومما يؤكد الصفة العقدية للتسوية القضائية أيضا، هي قابلية إبطال الصلح الناجم عنها حتى بعد التصديق من طرف القضاء، وهو موقف المشرعان الجزائري والمصري.
 ومن جهتنا نؤيد هذا الرأي باعتباره التفسير المنطقي لطبيعة التسوية القضائية، فهي عبارة عن عقد بين المدين و الدائنين الذين وافقوا عليه، يتطلب لانعقاده التصديق عليه من القضاء كنوع من الشكلية والرسمية اقتضتها أغراض خاصة، مع أنه يسري في حق الأقلية استثناء من مبدأ نسبية العقود.
أحكام التسوية القضائية:
تطبق على التسوية القضائية كل الأحكام التي سبق وأن تم تناولها بصدد الحديث عن الإفلاس في المحاضرات السابقة، إلا ما يلي من أحكام:
1- استمرار المدين المقبول في التسوية القضائية في إدارة أمواله: فالمدين في المقبول في التسوية القضائية يعتبر كالمفلس من الناحية القانونية ولكن لا تغل يده عن التصرف في أمواله، ولكن يجب أن يكون ذلك تحت إشراف وبمساعدة الوكيل المتصرف القضائي (المادة 277/01 تجاري)، وتكتسي هذه المساعدة الطابع الجبري. ولعل الحكمة المتوخاة من ذلك هي جعل المدين المقبول في التسوية القضائية تحت رقابة محكمة التفليسة.
كما أن بعض تصرفات المدين الخاضع للتسوية القضائية لا تحتاج فقط لمساعدة الوكيل بل تتطلب إضافة إلى ذلك حصول ترخيص من القاضي المنتدب.
02-ع عدم إمكانية الاحتجاج بتصرفات المدين في التسوية على الدائنين إذا قام بها دون مساعدة الوكيل المتصرف القضائي، أما تلك التي يقوم بها بمساعدة الوكيل فيحتج بها على الدائنين، كما يحتج بتصرفات الوكيل المتصرف القضائي. ومن بين التصرفات التي يجوز للمدين القيام بها:
- قبض ما يستحق من ديون قبل مدينيه.
- بيع الأشياء القابلة للتلف.
- رفع الدعاوي الشخصية المتعلقة بالمنقول والدعاوى العقارية.
- القيام بالأعمال الضرورية لسير تجارته إذا صرح له باستئنافها.
- ويجوز له القيام بالإجراءات التحفظية.
أما إذا رفض المدين الخاضع للتسوية القضائية القيام بأي عمل منوط به، فان وكيل المتصرف القضائي يقوم وحده بهذا العمل بعد حصوله إذن من قاضي التفليسة.
طلب التسوية القضائية:
لا تختلف أحكام الإفلاس في رفع دعوى التسوية القضائية، ويعود الحق في ذلك للمدين نفسه أو الدائنون أو من المحكمة من تلقاء نفسها.
ويجب وفقا للقانون التجاري الجزائري أن يقدم المدين طلب التسوية خلال 15 يوما من تاريخ توقفه عن الدفع بقصد فتح التسوية، ويرفق بطلبه هذا الميزانية والمستندات التي نصت عليها (م. 218 تجاري).
تصدر المحكمة حكمها في التسوية القضائية، ويخضع هذا الحكم للطعن في بطرق الطعن العادية.(المعارضة والاستئناف)
هل يستفيد كل التجار من التسوية القضائية؟
حالات عدم الاستفادة من السوية القضائية:
1. المدين الذي لم يقم بالالتزامات الواردة في المواد: 215و216و217و218من التقنين التجاري.
2. الأشخاص المحظورون من ممارسة التجارة كالموظفون والمحامون.
3. التاجر الذي يبدد أو يخفي دفاتر حساباته أو يخفي جزء من أصول ماله، أو يزعم بسوء نية أنه مدين بديون.
4. التاجر الذي لا يمسك حسابات مطابقة لعرف المهنة.
 - هذا وتنقسم التسوية القضائية إلى: تسوية إلزامية وتسوية اختيارية.
1- التسوية الإلزامية:
نصت عليها المادة 226/01 تجاري، فيجب على القاضي أن يحكم بالتسوية القضائية إذا:
- أعلن المدين عن توقفه عن الدفع خلال 15يوما من يوم توقفه عن الدفع. على أن يرفق بإعلانه هذا كافة المستندات التالية:( ميزانيته- حسابات أرباحه وخسائره عن آخر سنة مالية-قائمة لمقدار ديونه – أسماء دائنيه وموطنهم- إضافة أن تكون هذه المستندات مؤرخة وان يوقع عليها التاجر وان يقر بأنها صحيحة وفي حالة تخلف أحد المستندات وجب ذكر أسباب تخلفه).
2- التسوية الاختيارية:
نكون أمام تسوية قضائية اختيارية إذا تقدم المدين بإعلانه بعد مرور 15 يوما من توقفه عن الدفع، ففي هذه الحالة يجوز للمحكمة أن تعلن التسوية القضائية أو الإفلاس.
03- تحول التسوية القضائية إلى إفلاس:
للمحكمة الحق في أن تحول التسوية القضائية إلى إفلاس في الأحوال الآتية:
1. إذا لم يحصل المدين على صلح من دائنيه.
2. عدم سير إجراءات التسوية سيرا عاديا حتى ينتهي إلى الصلح أو حصول المدين على صلح لكنه يفسخ.
3. إذا تم الحكم على المدين بجريمة الإفلاس بالتقصير وأحيانا حتى ولو لم يصدر حكما بذلك.
4. إذا ثبت ارتكاب المدين أعمالا تتسم بسوء النية أو الإهمال الجسيم أو مخالفة خطيرة لقواعد والعرف التجاري.
غير أن القانون أجاز للمحكمة رفض طلب تحويل التسوية القضائية إلى إفلاس متى رأى أن الأفضل أن ينتهي الأمر إلى صلح مع الدائنين.
متى يطلب تحويل التسوية القضائية إلى إفلاس ؟
فيما عدا الحالات أدناه يجوز الحكم بتحويل التسوية القضائية إلى إفلاس في أي وقت خلال سير إجراءات التسوية ويجب أن تسمع أقوال المدين للحكم بالتحويل وإلا كان الحكم باطلا، ومن تم لا يجوز طلب تحويل التسوية القضائية إلى إفلاس إذا كان تم قفلها وعلى ذلك لا يجوز التحويل أن وافقت المحكمة على الصلح بحكم نهائي، كما لا يجوز التحويل بعد اجتماع آخر جمعية لاتحاد الدائنين.
أثار تحويل التسوية القضائية إلى إفلاس:
جرت العادة في فرنسا على الإبقاء على وكيل التفليسة في التسوية القضائية وكيلا في التفليسة أذا حولت إلى إفلاس مع تغير مهامه، وذلك راجع إلى أن التاجر المفلس تغل يده، فيحل محله الوكيل المتصرف القضائي بدلا من مساعدته كما عليه الحال في التسوية. كما يجوز للمحكمة أن تغير تاريخ التوقف عن الدفع طالما لم توضع قائمة للديون.
غير أن السؤال الذي يطرح هنا هو إذا كانت التسوية تتحول إلى إفلاس فهل يمكن أن يحدث العكس؟
لقد كان هذا مقترحا عند وضع تشريع التسوية القضائية 1955، أن يتاح للمحكمة حين يظهر لها أن حكم الإفلاس بني على على أساس معلومات خاطئة، لكن مشروع 1955 لم يتعرض لهذا الحكم ولم يؤخذ بهذا الاقتراح. غير أن القضاء يسمح لنفسه بتحويل الإفلاس إلى تسوية قضائية عند نظر طعن في حكم الإفلاس.
مصير التسوية القضائية:
تنتهي التسوية القضائية إلى الصلح، فإذا لم يتم أو إذا عقد الصلح ولكن لم تقره المحكمة انتهت التسوية كما في الإفلاس باتحاد الدائنين بقوة القانون، كما يجوز أن تتحول التسوية القضائية إلى إفلاس قبل الصلح، وقد تنتهي قبل الصلح كذلك لعدم وجود مصلحة الدائنين كما في الإفلاس، كما قد تقفل لعدم كفاية أصولها.



ثانيا/ الصـــــــــــــــــلح.
ينقسم الصلح إلى ثلاثة أنواعا وهي:
1- الصلح الإتفاقي: يتم بمقتضى اتفاق بين المدين والدائنين وذلك بالموافقة عليه من جميع الدائنين بالإجماع. فهو عقد يخضع لأحكام العقود القانون المدني حيث يقبل الفسخ إذا لم يوف أحد الطرفين بتنفيذ التزاماته، كما يترتب عليه أن يكون لكل دائن إذا لم يقم المدين بدفع دينه له أن يرفع عليه الدعاوى الفردية تطبيقا لأحكام القانون المدني.
2- الصلح الواقي: فهو يقي المدين من الإفلاس فيتم بين المدين ودانيه بالأغلبية المطلقة وفقا للشروط معينة ولم يأخذ به التشريع الفرنسي الحالي وقد كان هنا كاقتراح بإدخاله في مرسوم 1955 ولكن الحكومة لم توافق على هذا المقترح وهو موجود في بعض التشريعات الأجنبية مثل التشريع الألماني و السويدي والايطالي والمصري.
3- الصلح القضائي: هو اتفاق يبرم بين المدين و دائنيه مع التصديق عليه من قبل القضاء بمقتضاه يتعهد المدين بتسديد ديونه كليا أو جزئيا فورا أو بآجال على أن يصبح حرا اتجاههم و أن تغلق الإجراءات،و ينعقد الصلح برضى أغلبية الدائنين ليفرض عليهم جميعا بما فيهم الغائبين و المعترضين.
و بالنسبة للحالات التي يمكن أن يبرم فيها الصلح فإنه يتبين من المادة 317 ق.ت، أن الصلح القضائي يبرم في حالة التسوية القضائية و لا يمكن أن يتحقق في الإفلاس ذلك أن المشرع رتب اقتراح الصلح على قبول المدين في التسوية القضائية، ووفقا للمادة 322 ق.ت توقف إجراءات الصلح في حالة قيام ملاحقات الإفلاس التدليسي ويحرم من هذا الصلح إذا أدين التاجر بهذه الجريمة.
إبـرام الصـــلح:
طبقا للمادة 314 ق.ت فإنه في حالة قبول المدين في التسوية القضائية يستدعي القاضي المنتدب الدائنين المقبولة ديونهم في مدى 03 أيام التالية لقفل كشف الديون أو من تاريخ القرار الذي تتخذه المحكمة إن كان ثمة نزاع.
و يكون استدعاؤهم بإخطارات تنشر في الصحف المختصة بالإعلانات القانونية أو برسائل موجهة إليهم فرديا من طرف الوكيل المتصرف القضائي، لتنعقد الجمعية بحضور الدائنين المقبولة ديونهم شخصيا أو بمندوبين عنه، مع الإشارة لهدف الجمعية وهو إبرام الصلح مع المدين.
ولا يستدعى إلى هذا الاجتماع إلا الدائنون الذين قبلت ديونهم ولو مؤقتا، ولكل دائن أن ينوب عنه وكيلا لحضور الاجتماع شريطة أن يقدم الوكيل مستندات وكالته ( م.315 تجاري)، كما يستدعى المدين بموجب رسالة موصى عليها و يكون حضوره شخصيا ولا يجوز أن ينوبه أحد إلا لأسباب قاهرة يقبلها القاضي المنتدب.
و تنعقد الجمعية برئاسة القاضي المنتدب و حضور الوكيل المتصرف القضائي الذي يعرض في البداية تقرير عن حالة التفليسة و الإجراءات التي نفذت و الأعمال التي تمت 316 ق.ت، كما يقدم المدين اقتراحات، و يحرر القاضي المنتدب محضرا يثبت فيه ما يحصل في الجمعية وما تقرره، كما يمكنه أن يؤجل اجتماع الجمعية إلى تاريخ لاحق إذا ما اقتضت ذلك مصلحة جمعية الدائنين.
الاقتراع على الصلح:
يقوم قرار الجمعية- المذكور آنفا- على نتيجة التصويت، حيث أن الصلح يتقرر بالتصويت عليه بأغلبية مزدوجة، أغلبية الأصوات و تتحدد بأكثر من أو ما يساوي 50+01، وأغلبية ثلثي (1/2) الديون المقبولة نهائيا أو وقتيا أكبر من أو تساوي ثلثي الديون.
وهذا دون احتساب الدائنين الغائبين ولا الدائنين المتمتعين بتأمينات عينية إلا إذا تنازلوا على تأميناتهم ( 319ق.تجاري) و يسقط التأمين بقوة القانون إذا أدلى الدائن المرتهن أو صاحب حق الامتياز بصوته في الاقتراع على الصلح.
و بتوافر الأغلبية المزدوجة يتم التوقيع على الصلح في الجلسة أما إذا لم يتم الحصول على الأغلبية فيرفض الصلح نهائيا و يصبح الدائنون في حالة إتحاد.
وإذا حصلت أغلبية في جانب واحد فالجمعية تؤجل لمدة 8 أيام و لا يلزم هنا حضور الجمعية الثانية من الدائنين الحاضرين للجمعية الأولى و الموقعين على محضرها فقرارات الدائنين بالموافقة نهائية ما لم يعدلها الدائن في الاجتماع الأخير أو أن المدين قد عدل اقتراحاته خلال المهلة.
المعارضة في الصلح :
لما كان قرار الأغلبية السابقة يلزم الأقلية، فقد قرر المشرع حق المعارضة لجميع الدائنين الذين كان لهم حق المشاركة في الصلح أو الذين حصل إقرار بحقوقهم عند إبرامه، على أن تكون المعارضة مسببة و تبلغ للمدين و الوكيل المتصرف القضائي في 8 أيام التالية للصلح، و إلا كانت باطلة، وتتضمن المعارضة إعلانات بالحضور أمام المحكمة في أول جلسة على أنه إذا ثبت للمحكمة أن المعارضة كانت تعسفية جاز لها الحكم بغرامة مدنية لا تتجاوز 5.000 دج وفقا للمادة 323 تجاري.
و توقف المحكمة الفصل في المعارضة إذا اعترضتها مسألة تخرج عن اختصاصها لتحدد ميعادا قصيرا يرفع فيه المعترض المسألة الأولية أمام القضاء المختص 324.تجاري.
التصديق على الصلح:
يخضع الصلح لتصديق المحكمة بناءا على طلب الطرف الذي يهمه التعجيل و لا تفصل فيه إلا بمرور 08 أيام المحددة في المادة 323 تجاري، فإذا ما حصلت معارضة خلال هذه المدة فتفصل المحكمة في المعارضة و التصديق بحكم واحد. م. 325تجاري.
وتراقب المحكمة انتظام الشكليات المفروضة قانونا على انعقاد الجمعية و التصويت وكذا مدى تحقق المصلحة العامة أو مصلحة الدائنين في الصلح. م.327تجاري.
و قد أخضع المشرع الحكم المتعلق بالمصادقة على الصلح لإجراءات الشهر التي تخضع لها أحكام الإفلاس أو التسوية القضائية، م. 329 تجاري.
مضمون الصلح:
الصلح ينهي التسوية القضائية و يبدل العلاقات القانونية القائمة بين الدائنين و مدنيهم طبقا لما أتفق عليه. ــ إن الحكم بالصلح يحوز قوة الأمر المقضي به فلا يجوز تعديله وحماية للدائنين الذين لم ينضموا للتفليسة أو لم يقبلوا فيها أو لم يحضروا جمعية المتصالحين أو المصوتين ضد إبرام الصلح كونهم خاضعين لأثر الصلح فإن هذا الأخير لا يمكن أن يكون فيه إسقاط للدين كله و يجب أن يقوم على مصلحة الدائنين و احترام المساواة بينهم و يتحدد مضمون الصلح بما صوت عليه و يظهر في إحدى الصور التالية:
1- الصلح مع تخفيض الديون: حيث يستلم الدائنون نسبة معينة من ديونهم، يتم الاتفاق عليها بين المدين و دائنيه على أن تبقى النسبة المتبقية من الديون كالتزام طبيعي على عاتق المدين م.334 تجاري، و في هذا يكون للدائنين اشتراط وفاء المدين عند اليسر لما تبقى من دينهم عند عقد الصلح.
2- الصلح مع تأجيل الوفاء بالديون : و يكون عند اقتراح المدين لدفع جميع ديونه شريطة منحه مهلا للوفاء مع إمكانية الاشتراط في عقد الصلح بتقسيط الوفاء بالديون (م. 333 تجاري).
3- الصلح مع تنازل المدين عن بعض أو كل أصوله: و ذلك مقابل تنازلهم له عن ديونهم و تنازل
المدين عن هذه الأموال لا يزيل غل يده و تباع وفق نفس الطريقة التي كانت ستباع بها دون تنازل، لتنتقل إلى المشتري من المدين لا من الدائنين، و إذا ما كان ثمن البيع يفوق مبلغ الديون فإن الفرق يعود للمدين (م.348 تجاري) على أن الصلح وفق هذه الصورة لا يقبل بطلب المدين، وقد خصت المادة (347تجاري)، المدين التاجر بالذكر الأمر الذي يفهم منه أن صورة الصلح القضائي على ترك الأموال لا تتحقق في الحالة التي يكون فيها المدين شخصا معنويا غير تاجرا.
آثار الصـلح:
يترتب على الصلح الآثار التالية:
1- انهاء التسوية القضائية واستقرار العلاقات نهائيا بين المدين والدائنين وفقا لشروط الصلح التي لا يجوز تعديلها.
2- يترتب على الصلح انحلال جمعية الدائنين.
2- يلتزم بتحمل نتيجة الصلح كل هؤلاء الدائنين الذين لم يتقدموا بديونهم، والذين تقدموا بديونهم ولم تقبل، والدائنين الذين تخلوا عن اجتماع جمعية الدائنين للصلح والذين حضروا واقترعوا ضد الصلح.

وفي الأخير تجدر الإشارة إلى أن المشرع ورغم قدم تنظيمه للإفلاس إلا أنه تأخر تطبيق هذا النظام إلا مؤخرا، ونعتقد أن سبب ذلك قد يعود ذلك إلى اعتماد الجزائر للنظام الاشتراكي في تلك الحقبة، لأن الاشتراكية والإفلاس على طرفي نقيض فبينما تهتم الدول الاشتراكية بالخطة الاقتصادية التي يأخذ فيها كل مشروع دوره في تنفيذ هذه الخطة بحيث تضمن الدولة بقاءه و استمراره مادام يحقق مصلحة عامة حتى و لو تعرض المشروع للخسارة و تعثر إتمامه. في حين أن نظام الإفلاس لا يهمه دور المشروع في تنفيذ الخطة الاقتصادية ولا يحمي إلا المشروع القادر على البقاء دون غيره.
فالنشاط التجاري في مجموعه مرتبط في الدول الاشتراكية بتحقيق المصلحة العامة، ونعتقد أن التغييرات الجذرية التي مست السياسة الاقتصادية و إقرار الخوصصة و اقتصاد السوق والدخول في الشراكة الأجنبية فرضت تطبيق نظام الإفلاس لما فيه من دعم الائتمان و دفع لوتيرة النشاط التجاري.







سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)