Algérie - Questions et Pratiques Quotidiennes

الصراع اللغوي في الجزائر من منظور علم النفس الجمعي


الصراع اللغوي في الجزائر من منظور علم النفس الجمعي
ما حدث للأمازيغية و هي بالمناسبة (أقدم لغة مكتوبة في العالم) ، بعد قدوم الإسلام و القرآن و لغة القرآن تقريبا هو نفس ما حدث للغة العربية بعد قرون ..... أي بعد قدوم إستعمار آخر! فقد إستعمل النوميديون مثلا، اللغة اللاتينية في تنظيم إدارتهم قبل ذلك بقرون وتبقى قضية تصنيف كل إستعمار و هل كان جميلا و مفيدا أم كان مدمرا و مقيتا، هل كان عن رضى أم هو إحتلال ظالم ، هذا الحكم نتركه لأفكار الناس تفكر ما تشاء فلا لأحد الحجر على آراء الآخرين، كما أن الموضوع لا يتعلق بالإستعمار بل المهم في الأمر هو



كيف تسيطر لغة قادم أصبح الحاكم، على لسان المغلوب على أمرهم من الأمم و الأعاجم ؟



الصراع اللغوي في الجزائر و على عكس ما يتصوره البعض، لا يرجع إلى الفترة التي أعقبت خروج الفرنسيين من البلاد فحسب، بل هو صراع قديم جدا يمتد إلى عصر الإمبراطوريات الأولى في التاريخ و التي قامت على أساس التوسع في المناطق المجاورة ثم أصبح التنافس بينها على من يحكم العالم و يفرض حضارته و ثقافته.



يجب حتما أن نفرق بين الحضارة التي هي تراكم للمعرفة لدى شعب من الشعوب حتى يصبح لديه من الوسائل و الطرق و التقاليد المتطورة ما يميزه عن شعوب أخرى و بين الإمبراطوريات و نزعة التوسع و فرض حضارة واحدة وحيدة على الناس ، الحضارة في علم الإجتماع حديثا هي كالنفس البشرية في حياتها و تطورها ثم مماتها و عند إبن خلدون و في القرآن الكريم أقدم.



أما الإمبراطورية فهي تقوم أيضا على حضارة ما لكنها بلغت حدا من التطور و القوة ما جعلها تحاول تغيير العالم و إخضاعه و هو ما يسمى بالإستعمار فالإستعمار ظاهرة قديمة و ما من شعب فوق الأرض إلا و تعرض لإستعمار ما .



تطورت الحضارة الغربية الحديثة في أوروبا بعد عصر النهظة و الأنوار و جاء عصر آخر هو عصر الصناعة و التكنولوجيا و أحست أوروبا بالقوة فأحتلت العالم و نشأت ثلاث إمبراطوريات على الأقل، الإنجليزية و الفرنسية و الإسبانية و حتى البرتقال أصبحت في وقت نحس ما، إمبراطورية من الإمبراطوريات و كنا من نصيب فرنسا إجبارا بعد أن كان لنا في المرة السابقة حق الإختيار فأصبحنا تحت سلطة دولة غريبة اللسان و الدين عنٌا بل كنا نعتبرها من الأعداء على مدى قرون طويلة و بالمناسبة فالشعب الجزائري إحتفظ بالتسمية القديمة جدا لكل ما هو قادم من وراء البحر و هي تسمية (الرومي) و لا زال من الشيوخ عندنا من يستعمل هاته الكلمة إلى اليوم.



أقامت فرنسا في الجزائر نظاما مدنيا على الطرق الحديثة و جلبت معها كل ما توصل إليه العلم آنذاك من وسائل و آلات ، جلبت الإدارة الحديثة والتخطيط جلبت الكهرباء و الهاتف و السيارة ، جلبت الطب و الأدوية التي استعملت للقضاء على الأوبئة في أوروبا لكنها كانت لا تزال تفتك ببقية العالم ، جلبت معها كل تلك النعم و التي كان الجزائريون بعد أن يتعبوا من الحرب يجلسون ليتساءلو في قرارة أنفسهم عن سرها و كيف تصنع و بماذا، يتساءلون أيضا عن قوة هذا القادم و مدى تطوره و رغد عيشه و كيف استطاع تحقيق كل هذا .



يقول إبن خلدون و هو أول من كتب ممن نعرف في هذه الظاهرة الكونية المتكررة و التي هي نشوء الدول و أفولها ، يقول بأن المغلوب دائما مولوع بتقليد الغالب، و هذا صحيح ففي علم الإجتماع و النفس ما يبرهن على هاته الأمور، فكما للفرد ذاته اللاواعية (الأنا الأسفل) فلمجموع الناس (المجتمع) أيضا نفس الشيء و ما يحدث هو أن هاذا (الأنا الأسفل) و هو الذي يتحكم في توجيه كثير من تصرفاتك اللاواعية، مقتنع تمام الإقتناع بأن هذا الذي تغلب عليك بقوته هو أفضل منك أنت (الذات الواعية) و أنك ضعيف جدا و لا تستحق الوجود و هو إحساس مؤلم و عنيف فيقع ما يسمى بـ (الصراع النفسي) لكن على المستوى الجمعي .



و تجدر الإشارة إلى أن هاته الظاهرة التي ترافق الإستعمار تحدث دائما على مستوى الطبقة المتوسطة من المجتمع لأنها تمثل الذات الواعية فيه و الحاملة لقيمه و عاداته و تقاليده أي بعبارة أخرى، إنها المعنية الأولى بمعركة و جودها و بقائها أمام هذا القادم القوي، أما الطبقات العميقة من المجتمع و التي تعرف بـ (الشعب) فسيظهر لنا في الأخير بأنها ستكون أكثر تعنتا في إتخاد القرار و أكثر تحملا و صبرا و ذلك لحكمة أبدية سنٌها الخالق، فالشعوب بالنسبة للدول كالأرض بالنسبة للفرد فلا وجود للفلاح بدون أرض و لذلك تصارعت الإمبراطوريات و الدول على شعوب الأرض منذ قديم الزمان و إلى يومنا، كل دولة جديدة تقوم إلا و كان أول ما تقوم به تقتيل و تشريد و نفي العلماء و الوجهاء و ذوي الرأي و الذين يمثلون حسب النظرية السابقة (الأنا الأعلى) لأي مجتمع و هم دائما قلائل كرأس الهرم بالنسبة للهرم فيخلو لها الجو و تنفرد بالبقية تغرس فيهم ثقافتها و نظامها و حتى لغتها و دينها إن إستطاعت



فينقسم ما تبقى من المجتمع المغلوب على أمره بين مستسلم لهول ما حل به و لفرط ما فقد، فيضطر ذكيا إلى التخلي تدريجيا عن بعض ثقافته أو عن جزء مهم منها (كاللغة) ليعوضها بثقافة المنتصر و ذلك ليتخلص من صراعه النفسي المؤلم أولا ثم كي يتعلم من هذا الذي استطاع أن ينتصر عليه بالذات، لأنه يريد في قرارة نفسه أن يهزم هذا القادم يوما ما و حدث هذا في التاريخ مع الدولة النوميدية و الملوك الأمازيغ المعروفين فقد تعلموا من العدو كيف يهزمونه بعد أن تمكنوا من بعض ما لديه فطردوه و أقامو دولة بما تعلموه لكنها لم تكن لترضي الجميع خاصة و أنها أصبحت فيما بعد تتودد لعدو الأمس بل تحتاجه لبقائها لأنها الدولة الأم و تمتلك بذور تلك الحضارة و طرق زرعها و الحفاظ عليها و حدث نفس الشيئ مع فرنسا بعد الإستقلال فنحن إلى الآن في أزمة لأننا فشلنا في التخلص من آلامنا الوجودية و غرقنا في صراع آخر وهو صراع القيم التي لازالنا نحملها تلومنا على التفريط في تقاليدنا و لغتنا أيضا !



و بين من يفضل العيش في صراعه النفسي الطويل و الذي تعود عليه منذ آلاف السنين بآلامه وعقده على أن يكون عبدا لأي كان مهما كان فالشعوب، لا ترضى إلا بالعدل حاكما مهما كانت لغة هذا القادم أو ثقافته فهذا ليس حديثها لذلك أحببنا الإسلام و لازلنا ... هكذا تقرر الشعوب !!


Votre commentaire s'affichera sur cette page après validation par l'administrateur.
Ceci n'est en aucun cas un formulaire à l'adresse du sujet évoqué,
mais juste un espace d'opinion et d'échange d'idées dans le respect.
Nom & prénom
email : *
Ville *
Pays : *
Profession :
Message : *
(Les champs * sont obligatores)