الجزائر - 02- La présidence de Ben Bella

يسجن الابراهيمي، ويستقبل عبد الحليم، أما دبابات الانقلاب فهي لفيلم "معركة الجزائر"




يسجن الابراهيمي، ويستقبل عبد الحليم، أما دبابات الانقلاب فهي لفيلم
كيف كان مع الثقافة؟؟ كيف هو مشروعه الثقافي غداة الاستقلال؟ ما الذي وضعه في البداية مباشرة بعد انقضاء مدة استعمارية كبيرة تجاوزت الـ132 سنة، فعلت ما فعلت خلالها في وجه الهوية الوطنية والثقافة المطموسة من طرف استعمار غاشم طالما أكد أن الجزائر فرنسية.. ما هي أهم مواقفه الثقافية في تلك الفترة؟؟ أحمد بن بلة والثقافة في هذا المسح الكرونولوجي الثقافي السريع.

في التشكيلة الحكومية الأولى للجزائر المستقلة عيّن أحمد بن بلة، محمد حاج حمو وزيراً للأخبار، ووزارة الأخبار آنذاك تعني الإعلام والثقافة وحتى الإرشاد الوطني.. حاول من خلالها الوقوف على عدد من الأمور رغم أن القضية الثقافية الكبرى هي الانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، ولكنه عندما سأل عن وزارة الثقافة.. قال لهم كل الوزارات تحمل هما ثقافيا عليها أن تحققه.

ولأن بن بلة كان من أشد المعجبين بالنموذج الناصري، نسبة إلى جمال عبد الناصر، فقد قام بالتنسيق مع مصر عبد الناصر في كل المستويات خاصة فيما يتعلق بعروبة الجزائر، ولذلك قام باستدعاء آلاف الأساتذة العرب من مصر والعراق وسوريا للمساهمة في قطاع التعليم وفي مشروع التعريب، وعليه كان المساهم الأول في تعريب جزائر الاستقلال رغم كل العراقيل التي واجهت المشروع آنذاك.

وعليه بن بلة الرئيس كان متشبعا بالفكر الاشتراكي اليساري، ويريد تطبيق هذا النموذج في الجزائر، الأمر الذي أدى إلى تصادم كبير بينه وبين رئيس جمعية العلماء المسلمين، البشير الإبراهيمي، الذي اتهم بن بلة صراحة أنه يريد تغييب الإسلام عن قرارات الدولة الجزائرية، مذكرا إياه أن الإسلام وأفكار الإسلام التي جاءت في بيان أول نوفمبر هي التي ساعدت في تحرير الجزائر ولولا مفهوم الجهاد لما كان قد تحقق الاستقلال.. فبدأت الحكاية تتصاعد إلى حين وضع بن بلة الشيخ البشير الإبراهيمي تحت الإقامة الجبرية، كما قطع عنه راتبه الشهري إلى حين وفاته وهو تحت الإقامة الجبرية في ماي 1965، أي بحوالي شهر قبل الانقلاب على بن بلة.

يقول البشير الإبراهيمي، في البيان الذي أشعل الفتيل بينه وبين بن بلة ما يلي:". كتب الله لي أن أعيش حتى استقلال الجزائر ويومئذ كنت أستطيع أن أواجه المنيّة مرتاح الضمير، إذ تراءى لي أني سلمت مشعل الجهاد في سبيل الدفاع عن الإسلام الحق والنهوض باللغة - ذلك الجهاد الذي كنت أعيش من أجله - إلى الذين أخذوا زمام الحكم في الوطن ولذلك قررت أن ألتزم الصمت.

غير أني أشعر أمام خطورة الساعة، وفي هذا اليوم الذي يصادف الذكرى الرابعة والعشرين لوفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس - رحمه الله - أنّه يجب عليّ أن أقطع الصمت، إن وطننا يتدحرج نحو حرب أهلية طاحنة ويتخبط في أزمة روحية لا نظير لها ويواجه مشاكل اقتصادية عسيرة الحل، ولكنّ المسؤولين فيما يبدو لا يدركون أن شعبنا يطمح قبل كل شيء إلى الوحدة والسلام والرفاهية، وأن الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن تبعث من صميم جذورنا العربية والإسلامية لا من مذاهب أجنبيّة.

من جانب أخر عيّن بن بلة المفكر الجزائري مالك بن نبي سنة 1963 على رأس جامعة الجزائر، كما كان مستشارا للتعليم العالي، ومديرا عام للتعليم العالي.. وكان بن بلة يكّن له التقدير البالغ لما يحمله من علم وخلق.. أما حكاية عبد الحليم حافظ مع بن بلة فكانت سنة 1963 عندما زار العندليب الأسمر الجزائر وقدم أغنية "أرض الجزائر" من كلمات كمال منصور وألحان بليغ حمدي، حيث استقبل استقبالا حارا من طرف بن بلة الذي نزل إلى المسرح حتى يحضر حفلته رفقة تشي غيفارا.. وعند الحفلة نزل عبد الحليم وصافح الرجلين ثم قال للجمهور رددوا معي:" قضبان حديد اتكسرت.. والشمس طلعت نورت.. أرض العروبة، أرض البطولة.. أرض الجزائر".

وبعد الانقلاب والسجن ثم الإقامة الجبرية، تزوج بن بلة من صحفية، وهو في حد ذاته رؤية ثقافية جعلته يقرأ كثيرا كما أقر هو بنفسه في برنامج "شاهد على العصر" للجزيرة.. وبعد ذلك تمنت أحلام مستغانمي أن تكتب سيرته ولازمته طويلاً، كما طلبت منه ذلك، غير أنه رفض مؤكداً أنها ستجلب المشاكل ولعله يفكر في نشرها بعد وفاته، غير أته خصها بمقولة بعد نزول كتابها ذاكرة الجسد حيث قال فيها: "إنّ أحلام مستغانمي شمس جزائرية أضاءت الأدب العربيّ. لقد رفعت بإنتاجها الأدب الجزائري إلى قامة تليق بتاريخ نضالنا. نفاخر بقلمها العربيّ افتخارنا كجزائريّين بعروبتنا".

ولكن في الختام هل يحق لنا أن نعرج على الرياضة، وبالضبط على كرة القدم وهوس بن بلة بها، لاسيما أنه كان محترفا في أندية فرنسية كبيرة، وبل كاد يشارك في كأس العالم لعام 1938 بفرنسا، بن بلة لعب لألوان نادي مارسيليا، ولكنه بعد اندلاع الثورة التحريرية اعتزل كل هذا.. وبعد الاستقلال كان أول رئيس يسلم كأس الجزائر لوفاق سطيف ولمولودية سعيدة، ولعله من سخرية الأقدار أن تتسبب هذه الكرة في تضييعه الحكم عندما كان في سهرة التاسع عشر من جوان من عام 1965 بملعب وهران، المسمى حاليا ملعب زبانة، يتمتع بمباراة ودية بين المنتخب الجزائري ونادي سانتوس البرازيلي، الذي ضم في صفوفه أسطورة الكرة بيلي، بينما كان الراحل هواري بومدين يقود انقلابا عسكريا انتهى بوضع أول رئيس جزائري رهن الحبس ثم الإقامة الجبرية.. كما أنه يقال أنه في ذلك اليوم لاحظ وجود دبابات أمام القصر الرئاسي، فلما سأل عن ذلك قالوا له إنها خاصة بالسينما وهي تصور آخر اللقطات من فيلم "معركة الجزائر".





سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)