أصول أهل بني وارسوس

اجمع المؤرخون على أن الشمال الإفريقي المطل على البحر الأبيض المتوسط، سكنته أجناس و شعوب عديدة و مختلفة، ساهموا في إثراء ثقافة هده المنطقة و عراقتها، كما عرف هدا الإقليم الاستراتيجي أحداثا كبرى خلفتها الحروب والمعارك، واكبر شاهد على دلك تلك الآثار التي تعود بنا إلى ذكريات لا يزال حوض البحر الأبيض المتوسط يحتفظ بها .
لقد أجمع المؤرخون على أن السكان الأولين لشمال افريقيا هم البربر. كانوا يعيشون في الكهوف من نمط "مشتا" والدين رغم فقرهم عاشوا في عصور الحجر المصقول، وكانوا يظهرون حتى في المرحلة التاريخية. هؤلاء المغاربة رغم أنهم كانت لهم عضلات قوية كانوا يموتون شبابا، وهم صيادون في البر و البحر. كانوا يملكون عتادا و أسلحة مكونة من صفيحات السيلكس. عاشت" المشاتي" في حالة وحشية حتى الى وقت رجال آخرين "الكابسيان" الدين كانوا يقدمون بالنسبة الى المشاتي انسانية أكثر تطورا و أكثر لباقة . "protobèrbère فجلبوا لهم التقدم.
يعطي التداخل بين هتين الحضارتين ما يسمى ب أكثر تطورا و أكثرلباقة
بعد غزو هده السلالة، كان اتصال آخر وهو الاتصال مع رجال المغرب، مع إنسانية "العبيد" وهكذا صار التعمير الجهوي معقدا قبل نهاية العصور ما قبل التاريخ. فكان أقدم السكان يصنعون أسلحتهم و عتادهم بالحجر المنجور. فتم العثور على "لكمة" بمحطة أوزيدان ، على الضفة اليمنى لوادي سكاك و ضفة بركة قرار المتواجدة على بعد كيلومتر واحد جنوب شرق مدينة الرمشي و 15 كيلومتر عن منطقة بني وارسوس.1
ان هده المنطقة، كونها جزءا لا يتجزأ من شمال إفريقيا، فهي تعد منطقة عريقة حيث اكتشف بها بقايا أدوات و عظام حيوانية يعود عهدها إلى ما قبل التاريخ و منها عظام البقر الوحشي و أواني فخارية و فؤوس و هي دلالات على أن بني وارسوس كانت موطنا لبعض القبائل البدائية تنسب إلى عصر نيوليتيك. (2 )
منذ فترة ما قبل التاريخ، يشهد المحيط المتوسط حركة مستمرة للأشخاص و الأفكار الصانعة للشعوب و الثقافات. فجميع شعوب البحر المتوسط (بما فيها الفينيقيون، الرومان، الونداليون، البيزنطيون، العرب، الأتراك و الأوروبيون) قد عبروا إفريقيا الشمالية و ساهموا في الإثراء الثقافي لهذه المنطقة الشاسعة .
لقد وصل الفنيقيون إلى منطقتنا سنة 200 قبل الميلاد و عاشوا بمحطة وادي تافنة و تركوا آثارا هامة بهده المنطقة و المناطق المجاورة لها. ولكن الرومان، غزاة آخرون أجبروهم على مغادرة البلاد. إن البربر وبعض العائلات الفنيقية انتظروا خائفين. لقد كانت توجد بعض الآثار الرومانية المتمثلة في "سيقا"، "مرسى هنين" و "رشقون". ان الاتصالات بين هده المناطق كانت تتم بمنطقة بني وارسوس.3 فإن هده المنطقة كانت محط أنظار الرومان القدامى إذ كوّنوا بها منطقة للحراسة و التصدي للأعداء، كما اتخذت هذه المنطقة قاعدة لمراقبة السفن التي كانت تتجه نحو هنين و الغزوات خاصة سفن القراصنة و الوندال الذين استولوا على شمال إفريقيا خلال القرن الخامس الميلادي و هذا انطلاقا من القواعد التي أقيمت على قمم الجبال .
أصبحت بني وارسوس إلى جانب قبائل ترارة الأخرى تحت الحكم التركي في نهاية القرن السادس عشر، و ظلت تابعة سياسيا لندرومة بحيث تعرضت للغزو التركي الذي أدى إلى القضاء على عدد كبير من سكان قبيلة أولاد ددّوش .4 إن الاحتلال الفرنسي الذي بدأ في 1830 كان مقتصرا على احتلال التل (الجزائر العاصمة، وهران) ومنح الثلثان من الإقليم الجزائري إلى الأمير عبد القادر المعترف به كسلطان العرب بمعاهدة تافنة في 30 ماي 1837. حينها و في سنة 1839م أسس "الأمير عبد القادر" اتحادا يضم كلا من قبيلة "بن مسهل" و"بني وارسوس"، "بن خلاد " و" بن منير" تحت قيادة خليفة الأمير عبد القادر بتلمسان "البوحميدي الولهاصي " و ذلك لمحاربة الاستعمار الفرنسي 1 .
وفي الأخير اندلعت حرب التحرير الوطنية التي شارك فيها الورسوسيون مثل سائر الوطنين بكل قوة وشجاعة. و يقال أن حصيلة ما قدمته هذه البلدية خلال حرب التحرير من أبنائها بلغ 1200رجل و من أبرز أبطالها الشهيد عبد الرحمان المعروف ب "سبي طارق"،الشهيد سي الغريب، المصدق و الجبلي .
تأسست بلدية بني وارسوس سنة 1956 إبان الفترة الإستعمارية و تقسمت أنداك الى قبيلتين
قبيلة "برقيوة" وهي حاليا برج عريمة مقر البلدية و قبيلة "اولاد ددوش" وهي سيدي بن ضياف. 2
في سنة 1875 قامت فرنسا بربط بني وارسوس إداريا بالغزوات ثم بالرمشي إبتداء من 1880، و غداة الإستقلال أصبحت تابعة لدائرة بني صاف و هذا إلى غاية 1974 أين تم ربطها من جديد بدائرة الرمشي إلى غاية يومنا هذا (3 ).
أصل سكان بني وارسوس
لقد أجمع المؤرخون أن السكان الأوليون لشمال افريقيا هم البربر، فيعود وجودهم في هده الناحية الى ألفيلت عديدة. كان المؤرخون اليونان و اللاتينيون يسمونهم بأسماء مختلفة: (القرمونتيون، المورنديون، النوميديون، الجيتوليون، الناساميون، البسيليون)، و قد تم إدماج السكان الجدد، الأقلية دائما في هذا الوسط البربري الراسخ.1

ولكن هده الناحية التي تعطي ربع شمال غرب القارّة، ليست كلها ناطقة باللّغة البربرية بحيث أن اللّغة العربية تمثل لغة الاتصال، لغة التجارة و الدّين و الدّولة ما عدا في الهامش الجنوبي من السينغال الى التشاد بحيث تمثل اللّغة الفرنسية هي اللّغة الرسمية. وهكذا، أصبحت التجمعات الناطقة بالبربرية منعزلة.5
كان O Mac Carthy يعتقد أنّ سكّان بني سناسن، مسيردة، جبالة و ترارة كانوا يمثلون شعب "الأربيديتان لبتوليمي"، بينما العرب تعرفوا حين وصولهم على سكّان أصليين لا روابط تجمعهم، يتمثلون في شعب دو عرق واحد يشمل كل شمال افريقيا، فأطلقوا عليهم اسم البربر .( Lethilleux, 1945 (
أما ابن خلدون فيقول في شأن البربر أنهم من ولد كنعان ابن حام ابن نوح عليه السّلام و كان جدهم يسمى مازيغ وإخوانهم "أقريقش" وهم أقارب للفلسطينيين وقد انتقلوا إلى إفريقيا إبان الحرب الإسرائيلية الفلسطينية التي قامت بسوريا .) Camps, 1981 وبمرور الزمن تعرّبت هده المجموعات البربرية و دخلت في الاسلام اثر الاحتلالات و الغزوات المختلفة التي خضعت لها .
ان منطقة بني وارسوس هي جزء لا يتجزّء من شمال افريقيا وهي تعتبر من بين المناطق الأمازيغية داخل ولاية تلمسان. كما أن محيط هذه البلدية و ما يجاورها يعتبر من المناطق التي سكنتها القبائل البربرية خاصة على ضفاف وادي تافنة، و هي تنتمي إلى قبيلة كبيرة تدعى "الكومية" و هي قبيلة بربرية تكوّنت من المزارعين و مربيي المواشي و يتكلمون اللهجة الزناتية .
امتدت من ندرومة إلى رشقون و كما يقول العلامة ابن خلدون "كومية و هم المعروفون بصطفورة أحد مطاية و مضغرة و هم من ولد فاتن ".
إن الجغرافيين أعطوا لهذه السلسلة اسم "سلسلة جبال ترارة" كما سماها بعض المؤرّخين "تراري". و هي عائلة بربرية تقسمت حاليا و أعطت ما يسمى "بالقبائل" و هي تضم كل من بني وارسوس، بني خلاد، بني منير، بني مسهل و ولهاصة .