الجزائر - Législation

المادة 102 بين الحلم والتطبيق



عاد الحديث بقوة في الأوساط السياسية والقانونية الجزائرية إلى نص المادة 102 من الدستور الجزائري التي تنظم حالة إثبات شغور منصب رئيس الجمهورية بالمرض أو العجز.. ويتطرق النقاش إلى هل يحق للمجلس الدستوري أن يخطر نفسه أو ينتظر إخطارا من هيئة أخرى للقيام بإعلان حالة شغور منصب رئيس الجمهورية، والنص الكامل للمادة كما جاء:

(إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع.
يُعلِن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا، ثبوت المانع لرئيس الجمهوريّة بأغلبيّة ثلثي (2/3) أعضائه، ويكلّف بتولّي رئاسة الدّولة بالنّيابة مدّة أقصاها خمسة وأربعون (45) يوما رئيس مجلس الأمّة الّذي يمارس صلاحيّاته مع مراعاة أحكام المادّة 104 من الدّستور.
وفي حالة استمرار المانع بعد انقضاء خمسة وأربعين (45) يوما، يُعلَن الشّغور بالاستقالة وجوبا حسب الإجراء المنصوص عليه في الفقرتين السّابقتين وطبقا لأحكام الفقرات الآتية من هذه المادّة.
في حالة استقالة رئيس الجمهوريّة أو وفاته، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا ويُثبِت الشّغور النّهائيّ لرئاسة الجمهوريّة.
وتُبلّغ فورا شهادة التّصريح بالشّغور النّهائيّ إلى البرلمان الّذي يجتمع وجوبا.
يتولّى رئيس مجلس الأمّة مهام رئيس الدّولة لمدّة أقصاها تسعون (90) يوما، تنظّم خلالها انتخابات رئاسيّة.
ولا يَحِقّ لرئيس الدّولة المعيّن بهذه الطّريقة أن يترشّح لرئاسة الجمهوريّة.
وإذا اقترنت استقالة رئيس الجمهوريّة أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمّة لأيّ سبب كان، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، ويثبت بالإجماع الشّغور النّهائيّ لرئاسة الجمهوريّة وحصول المانع لرئيس مجلس الأمّة. وفي هذه الحالة، يتولّى رئيس المجلس الدّستوريّ مهام رئيس الدّولة. يضطلع رئيس الدولة المعين حسب الشروط المبينة أعلاه بمهمة رئيس الدولة طبقا للشّروط المحدّدة في الفقرات السّابقة وفي المادّة 104من الدّستور. ولا يمكنه أن يترشّح لرئاسة الجمهوريّة). انتهى نص المادة كما ورد في الدستور.

عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفـاة أو لاستقالة أو لعجز تام، يجتمع المجلس الدستوري فورا، ويقرّ الشغور النهائي بالأغلبية المطلقة لأعضائــه، ويبلغ تصريحا في ذلك إلى رئيس مجلس المستشارين

رويترز
الرأي الذي يرى أن المجلس لا يمكنه إخطار نفسه بنفسه يعتمد على أساس واحد وهو أن المجلس الدستوري هو بمثابة هيئة قضائية دستورية لا تملك آلية الإخطار الذاتي، فالمبدأ أن القاضي لا يستند في قضائه بما يعلم بل بما يعرض عليه، وقصة درع الفاروق الخليفة عمر بن الخطاب مع اليهودي عنداحتكامهما للقاضي الذي كان يعرف بأن الدرع لعمر ولم يقض له بذلك، هكذا حال المجلس الدستوري ليس في المادة 102 فحسب بل في كل بنود الدستور تحركه مرهون بالإخطار.

يصبح المجلس الدستوري هيئة قضائية عندما يتعلق الأمر بتطبيق نص المادة 102 من الدستور لكون المجلس هو الهيئة الوحيدة التي يمكنها أن تصدر بقرار إعلان عجز رئيس الجمهورية
في هذا الشأن رأيي أن مهمة ملاحظة حالة الشغور في منصب رئيس الجمهورية يقوم بها المجلس الدستوري من تلقاء نفسه بدون انتظار إخطار من أحد على أساس: الدساتير التي قررت أن المجلس الدستوري لا يتحرك في هذه الحالة إلا بإخطار نص دستورها على ذلك صراحة بالنص، فنأخذ الدستور الفرنسي في المادة 7 ينص صراحة على: (في حالة شغور منصب رئيس الجمهورية لأي سبب كان أو حصول مانع يثبته المجلس الدستوري بناء على إشعار من الحكومة وُيفصل فيه بالأغلبية المطلقة لأعضائه) هنا النص صريح بوجوب وجود إخطار من الحكومة، بينما الدستور الجزائري والتونسي أيضا على سبيل المثال لم يشترطا وجود إخطار من الحكومة أو أي هيئة أخرى.

فنص الدستور التونسي الفصل 57 يقول: (عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفـاة أو لاستقالة أو لعجز تام، يجتمع المجلس الدستوري فورا، ويقرّ الشغور النهائي بالأغلبية المطلقة لأعضائــه، ويبلغ تصريحا في ذلك إلى رئيس مجلس المستشارين ورئيس مجلس النواب الذي يتولى فورا مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه ستون يوما. وإذا تزامن الشغور النهائي مع حل مجلس النواب، يتولى رئيس مجلس المستشارين مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لنفس الأجل).

وجاء في الدستور الجزائري المادة 102: (إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع). هنا النص صريح باجتماع المجلس الدستوري إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه.

وعليه، من له حق استدعاء المجلس الدستوري للاجتماع؟! وطبقا للدستور فإن للمجلس الدستوري دور قضائي في حالات ودور ملاحظ في حالات أخرى، فماهي الحالات التي يكون دور المجلس الدستوري فيها ملاحظا؟ يضطلع المجلس الدستوري بدور “الملاحظ” في حالات ثلاث هي:

1- في حالة حدوث مانع لرئيس الجمهورية بسبب مرض خطير ومزمن، إذ يجتمع المجلــس فـي هـذه الحالـة، وجــوبا، ويتثـــبت مــن حقـيقة هذا المانع، ويقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع.
2- ويجتمع المجلس الدستوري كذلك، وجوبا، في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاتــه، ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية.
3- كما يجتمع المجلس، وجوبا، إذ اقترنت استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، بشعور رئاسة مجلس الأمة لأي سبب كان، ويثبت بالإجماع، الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية وحصول المانع لرئيس مجلس الأمة. هنا ينتهي الدور الملاحظ للمجلس الدستوري

بينما يصبح المجلس الدستوري هيئة قضائية عندما يتعلق الأمر بتطبيق نص المادة 102 من الدستور لكون المجلس هو الهيئة الوحيدة التي يمكنها أن تصدر بقرار إعلان عجز رئيس الجمهورية وتخطر البرلمان الذي يجتمع بغرفتيه لإقرار حالة الشغور، غير أنه فرضا واجتمع المجلس الدستوري بإخطار من غيره أو باخطار ذاتي، فهل يملك آليات تطبيق المادة 102؟ وهل المادة ممكنة التطبيق مع ذلك؟



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)