الجزائر - Divers Métiers d'Artisanat


وكان سهل وادي الوريط بضواحي تلمسان يحتوي على مجموعة من الورشات الصناعية، التي أسسها المهاجرون الأندلسيون، ونقلوا إليها صناعة الاطرزة والمنسوجات الحريرية والقطنية، والكتان والصوف وسائر الأواني المنزلية، ومعامل الفخار والخزف والأسلحة المختلفة(108).
وكما اختص اليهود بصناعة المعادن الثمينة، كالمجوهرات والذهب والمرجان وغيرها، وقد دعم المهاجرون سواء من الأندلسيين اليهود أو المسلمين تنمية الصناعة بمدينة تلمسان وتطويرها بمهارتهم وخبرتهم في هذا المجال وبرؤوس أموالهم(109).
وكان أصحاب الحرف، وأصحاب المهن، والصناعات، في مدينة تلمسان، يكسبون أموالا كثيرة، ويعيشون حياة راقية وقد وصفهم الوزان في قوله: "والصناع أناس أقوياء يعيشون في هناء ومتعة، ويحبون التمتع بالحياة(110) ويلبسون "لباسا جميلا كالتجار، إلا أنهم يرتدون لباس قصيرا والقليل منهم يتعمم، ويكتفون بوضع قلنسوة بدون ثنايا على رأسهم، وينتعلون نعالا تعلو حتى نصف الساق"(111). وهذا دليل على أنهم كانوا يعيشون حياة تتسم بالسعة واليسر، والرفاهية.
وإذا كان أرباب الحرف والصناعة، والقائمون على الورشات والأشغال العمومية، وعرفاء الصنائع، وأمناء الحرف، يعيشون وضعية ميسورة وحياة راقية، بسبب الرواتب المرتفعة، والأرباح العالية، التي كانوا يتلقونها من أعمالهم، فإن وضعية الحرفيين والمستخدمين بالأجر اليومي، تتسم بالدخل الضعيف، يجعلهم يحيون حياة الكفاف، إن لم نقل حياة الفقر والبؤس (112).
وقد كانت المرأة التلمسانية الحضرية، التي تنتمي لعائلة فقيرة تصنع في بيتها النسيج، من القطن والحرير والصوف (113). إذ كانت تشتري الصوف وتتصرف بالغسل، والمشط، والغزل، والنسج، ثم يسوق بعد ذلك (114).
وكان نسيج البرانس للرجال والبرينسات للأطفال، وكذلك الزرابي والحنابل في الغالب من غزل النساء ونسجهن، في منازلهن أو في بعض الورشات الخاصة(115).
أما الطرز بالخيط المذهب والمفضض، فكانت تحتكره المرأة الغنية الميسورة الحال(116). وكانت بعض النساء في مدينة تلمسان يحترفن التجارة، فيأخذن البضائع والسلع إلى المنازل والدور، عبر أحياء المدينة ويعرضنها على ربات البيوت، تعرف الواحدة منهن بالسواقة(117) أي البائعة المتجولة.
وكان العمال والحرفيون يقومون بالأشغال الشاقة المضنية، في المعامل والورشات مقابل أجور زهيدة، وكان بعض المؤرخين يقللون من شأنهم ويحتقرونهم فينعتونهم ب ''السوقة'' و ''الدهماء'' و ''العامة الرثة''(119)، وإذا كان ابن غالب أشاد بصناع الأندلس وحرفييها(120)، وكذلك خصهم إخوان الصفا(121) بالتعظيم والتبجيل، فإن السقطي كال لهم الشتائم بدون حساب، فقد مانت إذن نظرة المؤرخين المسلمين في العصر الوسيط الإسلامي، إلى الحرفيين والمهنيين تختلف بين التقدير والتبجيل والتنويه بالدور الاقتصادي الهام، الذي يلعبه هؤلاء الحرفيون، وبين الاحتقار والتصغير لمهنهم وصناعاتهم، والتقليل من شأنها وشأن محترفيها ولم يتورع الغساني، في اعتبار الصناعات مهنا يتداولها السقطة والرعاع وأرذال القوم(122)، ويفصح الحريري عن ذلك بقوله: ''وأما حرف أولى الصناعات، فغير فاضل عن الأقوات ولا نافقة في كل الأوقات'' (123).
وبالرغم من قلة الوثائق وندرتها في مجال تنظيم التجار والحرفيين في المدن المغربية، إلا أنه يمكن القول، بأن أغلب الصناعات والحرف في مدينة تلمسان، كانت تتم في إطار الروابط الحرفية والمهنية وتنظيماتها، وهو التنظيم الشعبي الذي لم يخضع للدولة(124).
أما تلمسان فقد شادت بعض نصوص القرن العاشر هجري أي السادس عشر ميلادي، بالصناع والحرفيين والتجار التلمسانيين ونوهت بهم، ووصفت حالتهم بالسعة واليسر والرفاهية، ونعتت أخلاقهم بالصفاء والوفاء والصدق والنزاهة(125).
ويضاف إلى هذا الصنف، الذين يعملون في الأشغال العامة، وصيانة قنوات المياه وتصليحها، الذين يعملون في مصلحة تصريف مجاري المياه، وعمال النظافة، وتطهير الشوارع والدروب(126)، والنقل والبناء والسقاية، وأهل الحراسة وحمال الزيوت وقد انتقل العديد من سكان الأرياف، إلى مدينة تلمسان، يبحثون عن العمل في القطاعات المكملة ذات الطابع الاجتماعي، مثل العمل في الأسواق والمصانع والفنادق وفي البيوتات الميسورة والقصور(127).


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مقالة رائعة ومعلومات قيمة ولكن تفتقر الي التوثيق ونرجوا منكم المزيدمن المعلومات المتعلقة بالصناعة في عصر الدولة الزيانية وجزاكم الله خيرا
عمرو عثمان احمد - معيد بجامعة الازهر الشريف - سوهاج - مصر

23/03/2013 - 84141

Commentaires

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)