الجزائر - Patrimoine Historique

قصة النقود الجزائرية… من الديناروس والسلطاني إلى الدورو والدينار




قصة النقود الجزائرية… من الديناروس والسلطاني إلى الدورو والدينار
تداول الجزائريون العملة، منذ عهد بعيد. فقد تعاقبت على أرضنا الطاهرة العديد من الحضارات، منها التي أثرت، ومنها التي عثت فسادا.. ولكن، بم كان أجداد أجدادنا يشترون سلعهم؟ وما هي العملات التي مرت بين أيديهم؟ من الدينار الروماني إلى الدينار الجزائري.. الشروق العربي، تجري كشفا بنكيا على نقودنا عبر التاريخ.

أولى العملات النقدية، التي وقع تداولها في الجزائر، ليست الدينار العربي، إنما الدينار الروماني، الذي تم صكه 260 سنة قبل الميلاد، قبل الحرب البونيقية. وكان يطلق عليه اسم الديناروس. ويعني الدزينة. فديناروس واحد يساوي عشرة آسات. وهو الدورو في العهد الروماني…

وارتبط الدينار بتسميته الحالية بأبي مهاجر دينار، بعد الفتوحات الإسلامية عام677 ميلادي. وقد تم تبني الدينار العربي في القرن العاشر، في فترة حكم عبد الرحمن الثالث، من بلاد الأندلس إلى بلاد ما بين النهرين. وقد تم صك أول دينار في سوريا في عهد عبد الملك.

ليلة سقوط الديناروس
لقد تعاقبت على الجزائر قطع نقدية عدة، من القواقع والأحجار الكريمة، إلى العملات الفنيقية والبيزنطية والنوميدية، إلى غاية القرش العثماني والفرنك الفرنسي… وكانت الحقبة البونيقية من أكثر الحقب رخاء، بفضل المبادلات التجارية مع قرطاجة الغنية. وطبعا، ظهرت النقود البونيقية الأولى في القرن الرابع قبل الميلاد، بوجوه ملوك وأباطرة أمازيغ، مثل يوبا وماسينيسا. وبعد سقوط قرطاجة، عام 146 قبل الميلاد، ،صارت الجزائر رومانية ،كانت الجزائر هي آخر دولة تعاملت بالدينار الروماني ،سب المؤرخينبحصبح العملة المتداولة. وأوالديناروس العملة إلىبعد أن تحول الدونييه ،في الوجه الآخر ،رة ذبح نعجةوصو ،في وجه أبولو،له الإالذي يحمل صورة الرسمية في أوروبا.

في القرن الثالث الميلادي، أعاد النوميديون صك العملة المحلية بوجوه الأباطرة المحليين، ووجوه آلهة بونيقية فنيقية، مثل آمون بعل… الوندال أبقوا على نفس النظام النقدي، لكن البيزنطيين أضافوا بعض الرموز المسيحية. عند مقدم المسلمين إلى بلاد المغرب العربي، صكوا نقودا مزدوجة، نصفها عربي ونصفها الثاني لاتيني، كي يتسنى للناس التأقلم مع التغير الاقتصادي.

العهد الإسلامي
في العهد العباسي، حفر الخلفاء أسماءهم، بينما دوّن الأغالبة على نقودهم “محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله”. وفي الوجه الثاني، “بسم الله ضرب هذا الدينار سنة ست وثمانين ومائتين”.

في فترة الموحدين، انتشر الدينار الذهبي، ذي وزن 4 غرامات، والدرهم الذهبي. وقد عَهِد الزيانيون سك الدينار الزياني إلى عائلة بني الملاح الأندلسية، وحرصوا على أن تكون مختلفة عن العملة الموحدية. وأثناء الحصار الذي فرضه المرينيون على تلمسان، مدة عشر سنين، سكّت نقود دوّن عليها “ما أقرب فرج الله”. وحملت عبارات أخرى، مثل البسملة وشهادة التوحيد والرسالة المحمدية. كما حملت النقود آيات قرآنية في عهد السلطان أبي زيان محمد الثاني، وأبي تاشفين عبد الرحمن الثاني، وأبي العباس أحمد الأول. وأنشأ الزيانيون مؤسسات سك العملة، التي كانت تسمى “دار الضرب خانة”، في كل من تلمسان والجزائر.

في تلك الحقبة، تم تداول بعض العملات الأجنبية في الجزائر، مثل الفلورين والقيراط البندقي والدوبلة، التي تعني الدينار المزدوج، والبوزون والليرة الجنوية والفلس المرسيلي والميلاريس.

احك يا زماني على السلطاني
بعد سقوط الدولة الزيانية، جاءت الحقبة العثمانية، بنقودها المعروفة، وهي السلطاني.. وهي أول عملة ذهبية تتداول في الجزائر، وكان يطلق عليه أيضا اسم السكوين. ومن العملات الفضية، “الريال بوجو”، وكان يعرف بالقرش الجزائري، والصايمة والمصون و”الريال درهم”، و”الدورو الجزائري”، لتمييزه عن الدورو الإسباني. أما العملات النحاسية، فكان أهمها “الخروبة” و”غرامس” و”دراهم صغار”. وقد بدأ سك النقود العثمانية على يد خير الدين بربروس عام 1519.

غير أنه في أيام الباب العالي الأخيرة في الجزائر، حصل ركود اقتصادي، مهّد لاحتلال الجزائر. فقد تقهقر السلطاني في الأسواق، وأصبح يساوي نصف سلطاني 14 فرنك فرنسي قديم… وعرفت هذه الفترة تداول عدد كبير من النقود، منها نقود من كل الأقطار العثمانية المشرقية، وعملات إيطاليا والنمسا والبرتغال وفرنسا، منها “الدبلون” و”الدوكة” و”الكورونة” والدورو” و”الريال” الإسبانيين، وعملات تونسية، منها “الدرهم الناصري” و”الريال الفضي”. أما محور فاس تلمسان، فقد عج بنقود مغربية، منها “البندقي العشراوي” و”المثقال” و”الموزونة” و”الدرهم”.

“محمدية” الأمير عبد القادر
أسس الأمير عبد القادر دارا لسك النقود في تقدامت بتيارت، إيمانا منه بأن الدولة القوية لا تقوم إلا على الاقتصاد القوي، فضرب عملة سماها “محمدية”، وأخرى أطلق عليها اسم “نصفية”، كتب على وجهها “لا إله إلا الله” و”حسبي الله ونعم الوكيل”، وفي الوجه الثاني، “ضرب من طرف السلطان الحاج عبد القادر”.

من الديناروس إلى السلطاني وإلى الخروبة والريال بوجو، عرفت الجزائر زخما اقتصاديا لم يشهده بلد من قبل. هذا الماضي الاقتصادي الزاخر، الذي يجهله الكثير منا، قد يكون له الأثر العظيم على ما سيؤول إليه مستقبلنا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)