معسكر

غلاء الأسعار لم يمنع من تحضيرها بمعسكر




لا تكتمل فرحة عيد الفطر إلا بحضور ما لذّ وطاب من الحلويات العصرية والتقليدية التي تجتهد ربات البيوت في تحضيرها في العشر الأواخر من الشهر الكريم، حيث تنزل أطباق الافطار ومأكولاتها الشهية الى المرتبة الثالثة من اهتمامات العائلة الجزائرية بعد الحلويات وملابس العيد.عبر شوارع معسكر وكبرى مدنها، تنتشر محلات بيع الحلويات التي تُقبل شريحة واسعة من ربات البيوت والنساء العاملات على اقتنائها من المحلات بدل تحضيرها في البيت، لأسباب منها ضيق الوقت ورغبة الكثير من النسوة تخصيص كامل وقتهن للعناية بأنفسهن، إضافة إلى فشل بعضهن في الحصول على نتائج مبهرة لحلويات عصرية تعرض وصفاتها على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تقول إحدى السيدات التي صادفناها في محل لبيع الحلويات، أنها تفشل دائما في الحصول على النتيجة ذاتها من انواع الحلويات العصرية التي تحتاج إلى الدقة في التزيين.
في حين تقول سيدة أخرى إن الحصول على نتيجة جيدة لبعض الأنواع يحتاج الى خبرة الحرفيين، وأنها تضطر في كل عيد الى شراء ثلاث أنواع من الحلويات العصرية من المحلات بغض النظر عن أسعارها وتكتفي بنوع او نوعين من الحلويات التقليدية التي تعد في البيت للمحافظة على التقاليد، فيما ترصد «مليكة» مبلغا يقل عن 8 آلاف دج من أجل اقتناء كمية كافية من أصناف الحلويات العصرية من المحلات لتربح راحتها، في وقت كانت تهدر ما يقارب عتبة 15 ألف دج من أجل إعداد وتحضير وصفات حلويات غير ناجحة.
ورغم الاهتمام المتزايد بين النساء لاقتناء الحلويات من المحلات، أكّدت «دنيا» حرفية في صناعة الحلويات التقليدية والعصرية، تراجع في مبيعات الحلويات هذا الموسم مقارنة بعيد الفطر الماضي، حيث كان يستقبل محلها العشرات من الطلبات يوميا، مرجعة السبب الى اضطلاعهن في كيفيات التحضير الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعي، وباعتبار أن إعداد حلويات العيد في البيت صار شغف الكثير من الحرفيات المبتدئات، مشيرة إلى أنّها هي الأخرى صارت تستغل مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لمنتوجها من الحلويات بأسعار مناسبة سعيا لكسب زبائن جدد، يسهل كسبهم على هذه المنصات الافتراضية.
ويبدي أصحاب محلات الحلويات حرصهم على تنويع منتجاتهم بما يراعي القدرة الشرائية لزبائنهم، في ظل تراجع معاملاتهم التجارية في هذا المجال، مقابل محدودية القدرة الشرائية للمواطنين، وكذلك في ظل منافسة حادة بين محلات الحلويات ومحترفي صناعة الحلويات في البيوت، حيث تظهر هذه المنافسة جلية بين الطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت الى مواقع تجارية وفضاءات للعرض والطلب والتباهي بمختلف انواع الحلويات.
ورغم الظروف المادية الصعبة التي مرت بها اغلب العائلات الجزائرية خلال هذا الشهر العظيم، إلا أنه الازدحام على محلات بيع مستلزمات صناعة الحلويات يوضح جليا، أنه لا قدرة للجزائريين على الاستغناء عن عاداتهم وتقاليدهم المرتبطة بالتحضير لاستقبال المواسم الدينية والاعياد بحفاوة مهما كان الثمن.
هذه التحضيرات التي اندثرت بعض صورها الاجتماعية والأسرية الجميلة، بداية من مشاركة الأقارب والجيران في إعداد اصناف الحلويات في سهرة رمضانية، إلى اختفاء أصناف عديدة من الحلويات التقليدية من برنامج التحضير لعيد الفطر، فالكعك، الطورنو، القريوش والمسمن عوضته حلويات عصرية وأخرى عاصمية وشرقية، على غرار العرايش، المشكل، الدزيريات وأصناف أخرى تختلف تسمياتها، ليبقى «المقروط» سلطان الحلويات التقليدية، يواجه كل هذه المتغيرات الناتج عن تمازج ثقافي واجتماعي ثري.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)