مستغانم - Tariqa Senoussiya


نظام الزاوية السنوسية
نظام الزاوية السنوسية
لا بد من الإشارة أولاً إلى أن فكرة الزوايا كانت موجودة في العالم الإسلامي قبل ظهور الحركة السنوسية ، حيث كانت الزاوية هي المكان الذي يتجمع فيها الصوفية ، ويجلسون فيها يتلون أورادهم وصلواتهم الخاصة بهم ، ولم تكن وظيفة الزاوية إلا كمركز للذكر فقط ، ولم تتطور لتؤدي دوراً آخر إلا في عهد الإمام السنوسي .
فأخذ الإمام السنوسي هذا النظام وجعله منطلقاً للحركة ، فأضفى عليها الصبغة العلمية .
يقول الإمام السنوسي في إحدى رسائله:
" والزاوية في الحقيقة إنما هي بيت من بيوت الله ومسجد من مساجده ، والزاوية إذا حلت بمحل نزلت فيه الرحمة وتعمر بها البلاد ويحصل بها النفع لأهل الحاضرة والباد ، ولأنها ما أسست إلا لقراءة القرآن ولنشر شريعة أفضل ولد عدنان " .
فمن خلال هذا النص ندرك أن الزاوية تجمع إلى الذكر والترقي بالنفس وتطهيرها دراسة علوم الشريعة ونشرها .
وأيضاً هي محل عمران ينتفع به الناس ، فتحل مشاكل الناس والنزاعات التي كانت تقوم بين مختلف القبائل والعشائر .
وأنقل هنا صورة مصغرة عن اللوائح التي تنظم الزاوية السنوسية كما ذكرها صاحب كتاب السنوسي الكبير:
[ (1) وتبنى الزاوية على قطعة مختارة من الأرض بالاتفاق مع القبيلة أو القبائل صاحبة الشأن، وعادة تكون على ربوة عالية تشرف على ما حولها ويتوخى فيها المناخ الصحي .
ويمثل السلطة الروحية العليا في هذا الاتفاق شيخ الزاوية المقرر إنشاؤها أو وكيلاً عن السلطة الروحية ريثما يتم تعيين الشيخ ، وتعتبر قطعة الأرض التي بنيت فوقهما الزاوية والمساحة المتفق عليها من جهاتها الأربعة وقفاً ] .
وفي هذا ضمان اقتصادي للزاوية ، فلا يستطيع أحد أخذها ، ويسري عليها حكم الأبدية بإذن الله سبحانه .
[ (2) تقوم القبيلة أو القبائل صاحبة الشأن بتكاليف بناء المسجد والمدرسة وبيت الشيخ .
(3) الحرم المتفق على تخطيطه حول الزاوية يكون حرماً آمناً لمن دخله واستجار به ، ولا يجوز أن يطلق داخله الرصاص أو يشهر السلاح ، وكذلك المشاجرة وإعلاء الصوت بالغناء مثلاً أو الخصام ، كما يمنع فيه رعاية الحيوانات .
(4) يقوم أفراد القبيلة بتقديم عمل يوم واحد خدمة للزاوية أثناء بناءها وفي موسم الحرث والحصاد .
(5) يتألف كساء شيخ الزاوية سنوياً من عشر بدل ، وتتكون البدلة من قميص وسروال وغطاء رأس وحذاء ، شريطة أن لا يكون منها حرير أو جوخ ، وكذلك حرامين صيفي ومثلهما شتوي وبرنس .
(6) لشيخ الزاوية الحق في تعيين معلم الصبيان والمنادي للصلاة ( المؤذن ) وعدد من الخدم والعمال حسب مقتضيات الضرورة ، وتكون نفقاتهم وأجورهم من موارد الزاوية .
(7) من واجبات شيخ الزاوية إحضار الطعام الكافئ لعشرة أشخاص يومياً في موعدي الغذاء والعشاء ، وذلك باسم الضيوف المتمل مجيؤهم للزاوية ، فإن نقص هذا العدد فعلى شيخ الزاوية أن يكمل العدد من الفقراء ومجاوري الزاوية ، وإذا تجاوز الضيوف هذا العدد فعليه إحضار ما يكفي في وقته ، ولا يتجاوز الطعام نوعاً واحداً إلا في الحالات الخاصة .
(Cool إذا تجاوز عدد الضيوف خمسة أشخاص ورأى الشيخ أن ينحر لهم فله ذلك .
(9) لشيخ الزاوية الحق في أن يختص بالعشر من محصولات الزاوية وذلك للإنفاق منها في حالاته الخاصة وفيما يترتب عليه لأقاربه الذين لا حق لهم من موارد الزاوية .
(10) على الشيخ أن يحتفظ بما يكفي لنفقاتها سنوياً من مجموع الواردات وإرسال الباقي منها إلى المركز الرئيسي .
(11) لا حق لشيخ الزاوية أن يضيف أقاربه على حساب الزاوية ، وتفادياً لضيق ذات يده فقد منح عشر الوارادت كما ذكرنا ، ويسمح له بامتلاك المواشي وتعاطي الزراعة لحسابه الخاص ، كي يواجه بذلك نفقاته الخاصة التي لا حق له في أخذها من أموال الزاوية ، وله الحق في أن ينحر لنفسه وزوجته الأولى وأولاده منها شاتين أسبوعياً .
(12) للعمال وخدم الزاوية الحق في أكل اللحم كل يوم جمعة من الأسبوع .
(13) لكل زاوية حدود تفصل بينها وبين الزاوية المتاخمة لها ، ولا يجوز لشيخ الزاوية أن يتعدى هذه الحدود .
(14) على شيوخ الزوايا أن يجتمعوا سنوياً ، كلهم أو بعضهم ، إذا ما رأوا وجوب ذلك .
وعليهم أن يتشاوروا في تحديد موعد الاجتماع ومكانه إن لم يكن أحد شيوخ الزوايا هو الداعي لعقد الاجتماع .
(15) إذا التجأ شخص أو أشخاص إلى إحدى الزوايا لسبب ما فعلى الزاوية والحالة هذه حمايته والسعي لإزالة السبب الذي دفعه للالتجاء بموجب نصوص الشريعة أو ما يتفق عليه من العرف والتقاليد المتبعة .
(16)تتكون موارد الزاوية من الزراعة وتنمية المواشي والهبات الخيرية والزكاة الشرعية ]
هذا ويقدم شيخ الزاوية في نهاية كل سنة تقريراً مفصلاً إلى السلطات العليا عن جميع أعماله ومقترحاته وما قام أو ينوي القيام به .
كما يقوم شيخ الزاوية من فترة لأخرى بزيارة المركز الرئيسي .
فتلاحظ في هذا النظام المحكم أن الحركة من خلاله وعن طريقه كانت منظمة ، ولم تكن عشوائية غوغائية ‍‍!!
وقد كان الإمام السنوسي حريصاً على فتح المراكز ( الزوايا السنوسية ) في كل مكان تحل فيه ، لما فيها من تحقيق للهدف الإسلامي .
ومن خلال النص السابق نستطيع أن نتفهم حقيقة الزاوية وأنها مركز دعوي قائم بذاته ، له موارده المالية المتمثلة في الحصاد الزراعي والتجارة وغير ذلك ، وله قيادة علمية هي شيخ الزاوية المعين من قبل الإمام ، وله ترتيب معين وطريقة في الاتصال بالمسؤول الأعلى ، وهكذا ..
وقد أفادت الحركة السنوسية من الزوايا التي أنشأتها ، حيث جعلت منها بعد ذلك مركزاً للجهاد ضد الاحتلال الذي قام به العدو الكافر ، سواء الإيطالي أو الفرنسي أو غيره ، فكانت مواجهة العدو الإيطالي مثلاً تبدأ من الزاوية .
وهناك ملاحظة هامة وهي التميز في الموقع الذي تختار فيه الزاوية للبناء عليه ، يقول الدكتور الدجاني في ذلك:
"ويتميز موقع الزاوية بدقة الاختيار ، فهي تبنى في غالب الأحيان على ربوة عالية مشرفة على ما حولها ، ويتوخى في اختيار الموقع المناخ الصحي والفوائد الاقتصادية والمركز الاستراتيجي "
وإذا استعرضنا وصف زاوية الجغبوب لوجدناها تحمل المواصفات المذكورة وزيادة
قائمة المصادر المشار إليها في البحث
إيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن ، تأليف: الإمام محمد بن علي السنوسي ، ط دار القلم 1986م .
الحركة السنوسية ، تأليف: د. أحمد صدقي الدجاني ( رسالة ماجستير ) ، الطبعة الثانية 1988م بدون دار نشر .
السلسبيل المعين في الطرائق الأربعين ، تأليف: الإمام محمد بن علي السنوسي ، ط المملكة الليبية .
السنوسي الكبير ، تأليف: محمد الطيب بن إدريس الأشهب ، الطبعة الأولى بدون تاريخ ، القاهرة .
مجموعة أحزاب وأوراد طريقة السادة السنوسية ، طبع على نفقة السيد عبد الله عابد السنوسي ، 1969م
مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا ، ط دار الطباعة والنشر والتوزيع الإسلامي ، القاهرة 1992م .
مقدمة موطأ الإمام مالك ، تأليف: الإمام محمد بن علي السنوسي ، الطبعة الأولى 1968م المملكة الليبية .
المسار ، لمحمد أحمد الراشد ، دار المنطلق ، الإمارات ، 1989 م ، الطبعة الثانية .
المنطلق ، لمحمد أحمد الراشد ، ط دار الرسالة ، 1991م الخامسة عشرة
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)