سيدي بلعباس

سيدي بلعباس تنصت لانشغالات الجمعيات والتعاونيات المسرحية



أثار اللقاء الموسوم بتقييم الدورات 12 السابقة للمهرجان المحلي للمسرح المحترف لسيدي بلعباس، أول أمس الجمعة، بمسرح سيدي بلعباس الجهوي، عددا من المسائل التي تصبّ ضمن انشغالات جمعيات وتعاونيات مسرحية، حضرت لتفسر سبب عزوفها عن المشهد المسرحي في الآونة الأخيرة.واستهل رشيد جرورو محافظ المهرجان المحلي للمسرح المحترف بسيدي بلعباس، اللقاء بتأكيده أن الجلسة المنظمة بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة عشر للتظاهرة، جاءت لتفتح حوارا صادقا وصريحا، يحمل سؤالا وجوديا: ما الذي تحتاجه التعاونيات المسرحية؟ ماذا يمكنه كمسؤول أو غيره من المسؤولين في القطاع، أن يفعل حتى يساعد هذه التعاونيات لتعود إلى الواجهة، وتعود الحركة المسرحية نشطة؟ وتساءل أيضا: أين هذه الجمعيات؟ ولماذا توقفت؟.
وعبّر جرورو عن أسفه من ردود فعل وصفها بالباردة من عدد من الفنانين فور صدور قانون الفنان، قائلا إنه لم يفهمه، خاصة أنه كان مطلبا ملحّا منهم. وتابع: " من غير المعقول أن يبقى الفنان مستفيدا من الدعم بدون أن يقدم مقابله إبداعا فنيا! ".
بعدها فُتح النقاش على الحاضرين، وأدلوا بآرائهم بخصوص إشكالية تراجع التعاونيات والجمعيات المسرحية في حضورها في الحركة المسرحية. وأبانت التصريحات المستقاة من اللقاء، عن وجود أسباب لوجيستيكية، وقانونية، ومالية.
وتناول المخرج المسرحي حليم زدام أزمة كورونا التي تكبّدها الفنانون لحوالي ثلاثة سنوات، والتي كانت سببا في تراجع نشاط الجمعيات والتعاونيات المسرحية، داعيا إلى إيجاد حل أمام مشكل مماثل في المستقبل.
وبالنسبة للمسرحي قادة بن شميسة، فإن الفنان في حد ذاته تغيّر؛ " فنان السبعينيات الذي كان، ليس كفنان اليوم "، وأشار إلى أنّه في زمنه لم يكن يعرف معنى المستحقات المالية بقدر ما كان يهمّه المنتوج المسرحي الجيد، الذي يقدّمه. وأضاف أن الدولة بصدد فعل شيء للفنانين، ويقصد قانون الفنان، " لذلك لا بدّ من المساهمة فيه ". وعاتب نفسه وكل الفنانين بأنهم سبب ظهور أشخاص ليس لهم علاقة بالفن تماما.
أما الممثلة والمخرجة المسرحية تونس آيت علي، فقد اقترحت على الحاضرين التفكير في تطوير هذا المهرجان، والبحث في صيغة جديدة؛ كتوفير أظرف مالية من أجل التأطير والتكوين، وتحسين مستوى أعمالهم. وأكثر من ذلك، فتح مسرح الهواة على العالم، ولا يكون محصورا في الجزائر.
ومن جهته، أكد المخرج المسرحي ميسوم لعروسي الذي توقفت جمعيته "أصدقاء الفن" بعد نيله الجائزة الكبرى في مهرجان المسرح المحترف في 2015، أن سبب التوقف راجع لعدة أسباب؛ أهمها تراجع قيمة المساعدات المالية الموجّهة للجمعيات منذ 2016، مشيرا إلى أن الأمور، اليوم، في تحسّن، ثم عاد ليطرح سؤاله: "ما هي العوائق الأخرى التي تواجه التعاونيات من غير المشكل القانوني؟".
وفيما دعت الممثلة والمخرجة المسرحية سعاد سبكي إلى تنويع أشكال الدعم ليكون أوسع وأكبر، وعدم الاتكال، فقط، على مساهمة وزارة الثقافة والفنون، أثار الفاعل المسرحي غوثي عزري مشكل غياب الفضاءات الخاصة بالتعاونيات، مؤكدا أن الأمر يشكل عنصرا حساسا وهاما لاستمرارية عملها، وأنه لا بد من سد هذا الفراغ الذي يعانيه المسرحيون المنتسبون لجمعياتهم. وقد اقترح في السياق، خلق مهرجان للمسرح المستقل أو الحرّ؛ لدعم هذه الجمعيات والتعاونيات.
وشاطر علي عبدون رأي عزري، وقال إن استقرار الجمعيات المسرحية مرهون بفضاء خاص بها، أو تسهيل العمل في فضاءات الدولة، وعدم إغلاقها في وجوههم بعد الساعة الرابعة مساء؛ بمعنى بعد نهاية الدوام، مشيرا إلى أن الاشتغال المسرحي للهواة غالبا ما يكون بعد نهاية يومهم في العمل.
ويتفق سيد أحمد قارة كذلك معهما. والأكثر من ذلك، دعا إلى فتح أبواب الدعم الموصدة على مستوى المؤسسات الحكومية، وفتح القاعات المغلقة، والاهتمام بتوزيع أعمال الجمعيات المسرحية.
ونبّه الدكتور لخضر منصوري إلى أهمية التركيز على التوزيع، كما أشار إلى غياب المتابعة والتفكير في مستقبل هذه الجمعيات أو التعاونيات؛ " كيف ستواصل عملها لاحقا؟ ".
وختم الممثل والمخرج الدكتور جهيد دين الهناني اللقاء بحديثه عن غياب الشغف، أو اللارغبة، الذي يراه أهم سبب لتراجع التعاونيات في الوسط المسرحي، مؤكدا أن المهرجان بالنسبة لهذه الجمعيات، لا يجب أن يكون هدفا في حد ذاته، بل محطة في طريق طويلة للوصول إلى كسب الجمهور بأعمال ناجحة. واقترح فتح سوق في المهرجان؛ حتى يسعى مديرو المسارح الجهوية إلى اقتناء أعمال لتُعرض على خشباتهم، فضلا عن استعمال التكنولوجيا للترويج والتسويق، خاصة أن شبكات التواصل الاجتماعي تشن حربا على المسرحيين.
وقدّم الأستاذ إدريس قرقوة قراءة في المنجز الفني والإبداعي للمهرجان منذ تأسيسه في 2007، إلى غاية دورة 2022، شملت إحصاء عدد المسرحيات المشاركة في المنافسة وخارج المنافسة، والنصوص التي اعتمدت عليها الوطنية والأجنبية، ضمّنها تحليلا لمسار المهرجان. هذه القراءة ستُرفع إلى وزارة الثقافة والفنون لدراستها، والاستعانة بها في سياستها الثقافية.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)