تندوف - A la une

تندوف.. حركية غير مسبوقة للفعل الثقافي



عاشت الساحة الثقافية بولاية تندوف على وقع عامٍ حافلٍ من النشاطات والمناسبات والاصدارات الأدبية، التي أوجدت لنفسها طريقاً مفروشاً بالورود بين مواطني المدينة.. غيثٌ أدبي - والغيث على سُلَّم المألوف يكون أكثر من المتوقّع- عاشت على إثره الولاية زخمٍا إبداعيا وثقافيا خرج من عباءة الصبغة المحلية ليعانق الوطني، بل ويرسم أبهى صور التضامن مع فلسطين وسكانها المكلومين.شهدت ولاية تندوف تنظيم العديد من الأنشطة الثقافية التي رسمت الفرجة وأعادت البسمة، بعد تبعات جائحة كورونا التي تسبّبت في شلل شبه تام بالساحة الثقافية، فقد مكّن الانتعاش الثقافي الذي شهدته بلادنا من نزول مسرح بلعباس ضيفاً على ولاية تندوف، تنفّست من خلاله مسرحاً من تاريخ 06 إلى غاية 13 جانفي الماضي، حيث تم عرض مجموعة من الأعمال المسرحية خاصّة بالكبار وأخرى بالصغار، إضافة إلى عدّة ورشات تكوينية في فنون المسرح من تنظيم مسرح سيدي بلعباس بالتنسيق مع مديرية الثقافة لولاية تندوف.
أطفال المناطق النائية والمترامية الأطراف كان لهم نصيب من الأنشطة الثقافية خلال العام الماضي، حيث نظّمت جمعية "فرح" لترقية الطفولة، بالتنسيق مع مديرية الثقافة قافلة ثقافية وترفيهية لفائدتهم، وهو نشاط مدعّم من طرف وزارة الثقافة والفنون، يدخل في إطار تمويل المشاريع الثقافية.
الموقع الجغرافي لولاية تندوف وما تشهده من فسيفساء ثقافية تشكّل مزيجاً متناسقاً بين البُعد العربي، الافريقي والصنهاجي، كان دافعاً للقائمين على قطاع الثقافة لتنظيم ملتقيين وطنيين حول التراث الثقافي المحلي ومكانته في افريقيا، إلى جانب معارض وورشات تكوينية لفائدة المصالح الأمنية في إطار إحياء شهر التراث الذي اختير له شعار "التراث الثقافي الجزائري وامتداداته الإفريقية".
إلى جانب ذلك، تم تنظيم تظاهرة بانوراما سينما الساحل والصحراء، من تنظيم المركز الجزائري للسينما، بالتنسيق مع مديرية الثقافة، تم خلاله عرف عرض 18 فيلماً من روائع السينما الجزائرية، إضافة الى ورشات تكوينية في مختلف ميادين السينما.

عامٌ للكتابة
برزت كثير من الأسماء المحلية التي داعبت الحرف وخطّت بالكلمة أروع الاصدارات الأدبية، لتناهز خلال عامٍ واحد عشرون مؤَلفاَ مسّ أغلب ألوان الكتابة، من رواية، نصوص مسرحية، دواوين شعرية، قصص شعبية وكتب تعرّف بالموروث الثقافي المحلي.
هذا الأمر دفع بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية أبو القاسم سعد الله وبإشراف من مديرية الثقافة إلى تنظيم تظاهرة منتدى الكتاب، حيث تمّت برمجة قراءة في كتاب أحد المؤلفين كلّ 15 يوماً، يتم بالتزامن مع ذلك استقبال قامات أدبية وشخصيات أكاديمية من داخل الولاية وخارجها من أجل إثراء النقاش وتشجيع المتمدرسين على المقروئية والكتابة.
تشجيع المقروئية كانت هدفاً لاحتضان ولاية تندوف لمهرجانين متتاليين للقراءة في احتفال، شهد تنظيم مسابقات فكرية، المكتبة المتنقلة، عروض بهلوانية وترفيهية لفائدة أطفال تندوف، بلدية أم العسل وقرية حاسي خبي.
الفسيفساء الثقافية التي تتميّز بها ولاية تندوف، اكتملت بميلاد موسم "سلاّم للثقافة والتراث" كتجربة أولى، يُضاف إلى ثلاثة مواسم أخرى تشكّل خليطاً من التنوّع والانسجام في آن واحد، تتعايش فيما بينها دون غلبة أحدها على الآخر، كما دخل المتحف العمومي الوطني بتندوف حيّز الخدمة بعد استكمال عملية التوظيف، إلى جانب افتتاح مكتبة المطالعة العمومية لبلدية أم العسل ووضعها تحت تسيير البلدية، وصدور قرار إنشاء مكتبة المطالعة العمومية لقرية حاسي خبي، يُضاف إلى ذلك رفع التجميد عن عمليتين لاستكمال المركز الثقافي لبلدية أم العسل.
وانعكست أحداث غزّة والعدوان الهمجي الذي يشهده القطاع على المشهد الثقافي المحلّي بولاية تندوف، فقد تحّول المهرجان الوطني للمونولوغ والفنون المسرحية إلى مهرجان خطابي لنصرة فلسطين، فكان بحقّ، جزائري المبنى فلسطيني الروح، حيث كانت فلسطين حاضرةً بقوّة في الافتتاح الرسمي للمهرجان، ورافقت الجمهور طيلة أيامه التي بدأت بتأبينيه للمرحوم "عبد الحليم زريبيع".
وتحت شعار "غزّة في قلوبنا"، نظّمت أكاديمية الأقصى التعليمية بتندوف برنامجاً حافلاً بدار الثقافة عبد الحميد مهري نصرةً لغزّة، شهد حضور أعداد غفيرة من تلامذة المدارس الابتدائية وأوليائهم، إلى جانب تنظيم احتفالية تحت شعار "وأعدّوا ما استطعتم من أبطال الغد"، وهي احتفالية موجّهة لاحتواء الأطفال المتمدرسين خال العطلة الشتوية، وتضمّ أنشطة ثقافية وعلمية هادفة.
المشهد الثقافي بالولاية لم يكن وردياً خلال العام الماضي، حيث انطفأ إشعاع ثلاثة من ألمع الأسماء الثقافية كلٌ في مجالها، حيث فقدت تندوف الممثل والمسرحي عبد الحليم زريبيع صاحب الحضور القويّ في الشاشة الجزائرية والعربية، مترجّلاً عن الخشبة تاركاً وراءه إرثاً ثقافياً كبيراً، ليرافقه بعد فترة وجيزة إلى دار البقاء كلٌ من الفنّانين هديو وبحباح يعيش اللذان كانت لهما بصمة متميّزة في الإبداع الثقافي على الصعيدين المحلّي والوطني.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)