تلمسان - Fêtes Religieuses


مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في العهد الزياني


أما الدولة الزيانية، بالمغرب الأوسط، فقد عرفت الاحتفال بهذه المناسبة، في وقت متأخر عن جيرانها، وذلك وفق ما تشير إليه معظم المصادر، التي تجمع على أن تاريخ شيوع الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في تلمسان، بدأ مع تولي أبي حمو موسى الثاني، مقاليد الحكم سنة (760هـ/1359م)(149).
إلا أن السؤال المحير هو لماذا تخلف المجتمع التلمساني عن غيره، من مجتمعات عواصم الأقطار المغربية وحواضرها، عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أكثر من قرن من الزمن؟ بالرغم من قرب عاصمة بني زيان من مدينة فاس، ومحاداة المغرب الأوسط للمغرب الأقصى، بحيث انتشرت هذه الظاهرة في بلاد الأندلس، والديار التونسية، قبل انتشارها في المغرب الأوسط الذي لا توجد بينه وبين المغرب الأقصى، عوائق طبيعية تحول دون الانتقال البشري والحضاري، والانتشار الثقافي، بين البلدين.
والجواب عن هذا السؤال، ليس سهلا، لانعدام الوثائق والمصادر في هذا الشأن، وإنما يمكن استنباط ذلك، من خلال طبيعة الأحداث، في المنطقة، بحيث تشير بطريق غير مباشر، إلى أن أهل تلمسان يكونون قد عرفوا هذه العادة المستحبة، بعد الغزوات التي تعرضت لها مدينة تلمسان، والمغرب الأوسط، من قبل بني حفص وبني مرين، ولاسيما في عهد السلطان المريني يوسف بن يعقوب، الذي أصدر مرسوما حكوميا سنة (691هـ/1292م). يتضمن تعميم هذه الظاهرة، في المناطق التي تخضع إلى نفوذه(150).
وقد استطاع هذا السلطان أن يستولي، على معظم أقاليم المغرب الأوسط، ويحاصر مدينة تلمسان نحو تسع سنوات، في نهاية القرن السابع هجري، وأن يشيد مدينة المنصورة بالقرب من مدينة تلمسان، التي لا تبعد عنها إلا بأربع كيلومترات فقط(151). واستقر بها طوال مدة الحصار.
ولا شك أن سكان هذه المدينة، أصبحوا يحيون ذكرى المولد النبوي الشريف، وكان الفقيه الإمام أبو الحسن التنسي، رسولا لبني زيان، وأهل تلمسان ومبعوثا لهم في هذه الفترة، للتفاوض مع العاهل المريني يوسف بن يعقوب، بشأن الحصار الذي تعرضت له مدينة تلمسان وأهلها(152)، وقد حضر الاحتفال بهذه الذكرى بمدينة المنصورة إلى جانب العاهل المريني، وفي هذا الصدد يقول ابن مرزوق: ''فلما استقر أبو الحسن التنسي، عند السلطان أبي يعقوب بنا على المقام، بما ظهر له من حال القوم، وكان ذلك في شهر صفر (698هـ/1298م) فبحث أهلت تلمسان عنه، فأجابهم السلطان بأنه حتى يحضر المولد عنده، وهو أول ملك قام بالمغرب، بإقامة المولد الشريف، فلما انقضى سابع المولد، بعث الفقيه كتابا لتلمسان يعرفهم بأنه على المقام''(153).
وكان الفقيه أبو الحسن التنسي، قد ترك عائلته وجميع كتبه وأسبابه بمدينة تلمسان عند خروجه للقاء يوسف بن يعقوب فتمسك أهل المدينة، بجميع ذلك، ولم يسمحوا لعائلته، بالخروج إليه، إلى أن ظفر العاهل المريني، بالعباس بن يغمراسن الزياني، وبنيه وهو أخو السلطان أبي سعيد، ففادى به عائلته التنسي وجميع متاعه(154).
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)