
تقع قبة سيدي الوهاب (أو ضريح سيدي الوهاب) في مدينة تلمسان بالجزائر، وهي أحد المعالم الإسلامية التاريخية التي تعكس التراث الروحي للمغرب العربي. يُصنف هذا الموقع ضمن قائمة المواقع والمعالم المصنفة في ولاية تلمسان، برقم 13-028، وفقاً للقوانين الاستعمارية الفرنسية في بداية القرن العشرين، ويُعتبر جزءاً من التراث الوطني الجزائري. يُعد الموقع مثالاً على الكبب البسيطة الشائعة في المنطقة، وهو مرتبط تاريخياً بالتدين الشعبي في عصر الزيانيين (1236-1554 م).
تتكون قبة سيدي الوهاب من بناء مكعبي بسيط مبني من الحجر المطلي بالجير الأبيض، مغطى بقبة مدورة مزخرفة بشريط زخرفي هندسي بسيط. تتميز بفتحة نافذة منحنية على الجانب، ومدخل جانبي متواضع، وهي نموذج للكبب المغاربية المبكرة المخصصة لأضرحة الأولياء. يقع الموقع في منطقة "بويس دو بولون" (البويس المقدس)، وهي حي غابي تاريخي خارج المدينة قرب عين أغادير، وهو متاخم لضريح سيدي يعقوب (الهاوضة)، مكوناً مجمعاً مقدساً يشمل مقبرة ومسارات ريفية. المنطقة محاطة بأشجار، وتوثق الصور الاستعمارية من الثمانينيات من القرن التاسع عشر هذا الإطار الريفي المعزول.
يُعرف سيدي الوهاب (أو سيدي عبد الوهاب) كولي صالح وشريف محلي، حيث انتقل إلى تلمسان حيث رحب به السكان وأكرموه، ثم توفي هناك. بنى له أهل تلمسان قبة تحمل اسمه، والتي لا تزال قائمة إلى اليوم. يُذكر في الروايات المحلية كشخصية دينية بارزة ساهمت في التراث الروحي للمدينة، مع ذكر باب في المدينة العتيقة يحمل اسمه (باب سيدي الوهاب)، مما يشير إلى تأثيره على المجتمع المالكي في العصور الوسطى. لا توجد تفاصيل تاريخية دقيقة عن تاريخ بنائه، لكنه يعود إلى العصور الإسلامية المبكرة في المنطقة، قبل تفوق تأثير أولياء آخرين مثل سيدي أبي مدين.
نشأ الالتباس بين قبة سيدي الوهاب وضريح سيدي يعقوب (الهاوضة) من الوثائق الاستعمارية الفرنسية، حيث وصف المصورون مثل بيير إميل جوف بيكارير (الثمانينيات من القرن التاسع عشر) والناشرون مثل نوردين الكبة البسيطة لسيدي الوهاب باسم "مرابط سيدي يعقوب"، بسبب القرب الجغرافي والتشابه السطحي في التصميم. الهاوضة لسيدي يعقوب أكثر تعقيداً، مع أوراتوريوم وتصميم أندلسي-مغاربي، بينما تبقى قبة سيدي الوهاب بنية بسيطة. تصحح الوثائق الحديثة، مثل قوائم التراث الجزائرية، هذا الخلط، مؤكدة التمييز بين الموقعين.
رغم تصنيفها في عام 1900، تواجه قبة سيدي الوهاب تحديات الإهمال بسبب موقعها الريفي النائي. تشير الشهادات المحلية إلى احتلال مستمر من قبل المتطفلين، مرتبط بالتوسع العمراني غير المنظم وعدم الرقابة، مما يهدد سلامتها الهيكلية دون أعمال ترميم موثقة في القرن الحادي والعشرين. يتناقض هذا مع الجهود لمعالم حضرية أخرى في تلمسان، مثل مسجد سيدي أبي مدين، ويبرز مشكلات حفظ المواقع الريفية الصغيرة في الجزائر.
.jpg)
تمثل قبة سيدي الوهاب، المتاخمة لهاوضة سيدي يعقوب في بويس دو بولون بتلمسان، رمزاً للثراء الروحي الزياني. توثق الصور التاريخية والسجلات دوره في التدين الشعبي، رغم الالتباسات الاستعمارية والإهمال المعاصر. يدعو هذا الموقع إلى حماية أفضل لضمان استمرارية التراث الإسلامي في تلمسان للأجيال المقبلة.
مضاف من طرف : soufisafi