تلمسان - Abids


وكان العبيد والخدم يعملون في البيوت، والحقول والمتاجر ولاسيما عند الفئات الميسورة، فقد كان تقريبا في كل بيت تلمساني عريق خادم ووصيفة خماسية(129) وأكثر من خادم عند الطبقة ذات الأموال والجاه(130)، وكان الخدم والجواري يرافقون أسيادهم في سفرهم وفي ترحالهم، لخدمتهم ومساعدتهم(131)، والجواري تورث وتباع مع التركات والممتلكاتـ وتهدى مثل الحبشية التي أهداها السلطان أبو الحسن، لأبي عبد الله محمد الخطيب ابن مرزوق، وكانت هذه الجارية قد نشأت وترعرعت في بيت عبد الرحمن بن خلدون(132)، والخادم ترافق زوجة سيدها إلى السوق، تحمل الأولاد على كاهلها(133) والظاهر أن مالكي الخدم كانوا يؤنبونهم ويضربونهم أحيانا ومنهم من كان لا يسمح لهم بتناول الطعام معهم على مائدة واحدة، فالخطيب أبو عبد الله بن مرزوق، يشير إلى أن والده كان يدعو خادمه ليأكل معه، بينما كان أفراد الأسرة ينكرون عليه ذلك(134) ويضيف بأنه لم ير قط أدب أو ضرب وصيفه أو خادمه(135)، مما يدل ‘لى أن ظاهرة ضرب الخدم كانت شائعة عند بعض الأسر التلمسانية(136)، وكانت بعض العائلات تشترط على العريس قبل البناء بالعروس، توفير وصيفة أو جارية لها(137)، وكذلك كان الأب الميسور الحال يهب لابنته العروس إحدى جواربه وخدامه(138)، وكان لنظام الرقيق أكبر الأثر في تطور المرأة التلمسانية لأن البيوت تحتوي على أنواع عديدة من الرقيق روميات واسبانيات وسودانيات، ولكل نوع منهن ميزة خاصة تختلف في الطبائع والعادات واللغات والديانة، تلبس الصليب والزنار وتتكلم لغتها وتلبس لباسها القومي داخل بيت سيدها وفي البلاط السلطاني، وبالرغم من أن بعض المصادر وضعت المجتمع التلمساني، بأنه كان ينعم بالحياة الاقتصادية الميسورة وبالأخلاق الحميدة وبالكرم والمعاملة الحسنة، إلا أننا لا نستبعد أن تكون هناك بعض الآفات الاجتماعية قد تسللت، إلى بعض الفئات الاجتماعية خاصة، منها الأكثر حرمانا والعاطلة عن العمل، والتي كانت تزعج السكان بتصرفاتها وسلوكاتها، وقد حددهم إخوان الصفا ب'الزمني والعطل وأهل البطالة والفراغ'(139)، ووصفهم أحد الباحثين المحدثين ''باللصوص والشحاذين والمتسكعين في أروقة المدن وساحاتها والغرباء والعاطلين''(141).

لم يخل المجتمع التلمساني في العهد الزياني، بسبب النزوح المستمر تحو العاصمة، مما تسبب في بعض الظواهر الاجتماعية السلبية، ومن حسن الحظ فإن هذه الشريحة- فيما يبدو- كانت قليلة في مدينة تلمسان، وقد أزعجت محمد بن مرزوق الخطيب، هذه الظاهرة فعبر عنها قائلا: ''تلمسان كثر فيها المنكر وقل فيها الحلال، الذي كان غالب قوت خيار أهلها، وكان قد اشتهرت بذلك بين البلاد'' (142). ويضيف بأن قاضي وإمام مسجد درب مرسى الطلبة، بمدينة تلسمان كان يتصدى لأصحاب هذه السلوكات ويؤدبهم، وكان قد أمر بأن لا يخرج الصبي من دربه، إلا برفقة والده أو أحد أقاربه(143)، خوفا عليه من المنحرفين والسراق.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)