كان هناك زمن يدوّي فيه زئير أسد الأطلس في جبال المغرب الشاهقة، يفرض هيبته على السهول والغابات الكثيفة. كانت لبدته الكثيفة والداكنة، التي تميّزه عن أبناء عمومته في إفريقيا جنوب الصحراء، تمنحه مظهر ملك لا يُنازع. كان صيادًا بارعًا، يترصد فريسته عند الغروب، حاكمًا بلا منازع لأراضيه، تهابه القبائل وتحكي عنه الأساطير.
لكن قصة الملوك لا تُكتب دائمًا بأيدي معجبيهم. فمنذ العصور القديمة، كان الرومان يصطادون هذه الأسود لعرضها في حلبات المصارعة، حيث تواجه المصارعين أو الوحوش الغريبة في معارك دامية. لاحقًا، أصبح الأسد هدفًا لصيادي الجوائز، سواء من السلاطين أو المستعمرين الأوروبيين، الذين طاردوه حتى آخر ملاذاته في جبال الأطلس.
بحلول أوائل القرن العشرين، كانت أعداد أسد الأطلس قد تضاءلت بشكل خطير، حتى سُجلت آخر مشاهدة له في البرية عام 1942 في جبال المغرب، حيث قُتل آخر أسد معروف من هذا النوع. وبذلك، اختفى ملك الغابة من موطنه الأصلي.
ومن المفارقات أن هذا الملك، الذي زُيّنت به الأعلام وحُكيت عنه الأساطير، لم يبقَ منه سوى بعض الجثث المحنطة المعروضة في المتاحف. بات أسد الأطلس مجرد ذكرى، مجمدًا في الزمن خلف زجاج العروض، بلا زئير ولا عرش.
لكن الأمل لم ينطفئ تمامًا. فلا يزال بعض أحفاد هذه الأسود يعيشون في حدائق الحيوانات، بعد أن نُقل أسلافهم إلى بلاطات السلاطين قديمًا. واليوم، تسعى برامج الحفظ إلى حماية هذه السلالة، على أمل أن تعود يومًا ما لتجوب أراضيها الأصلية في جبال الأطلس.
قد يكون الزئير قد خفت في الوديان، لكن أسد الأطلس لا يزال خالدًا في الذاكرة، يذكّر الإنسان بعظمته السابقة وثقل غيابه.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
مضاف من طرف : patrimoinealgerie
صاحب المقال : Photo : Hichem BEKHTI