بسكرة - A la une

بسكرة تتحول صيفا إلى مدينة أشباح والعائلات تنزح نحو الساحل


بسكرة تتحول صيفا إلى مدينة أشباح والعائلات تنزح نحو الساحل
يحل فصل الصيف على مدينة بسكرة كغيرها من المناطق التي تعرف ارتفاعا قياسيا في درجات حرارة تتجاوز حدود الخمسين درجة أحيانا، وتترك الانطباع أن قضاء أشهر الفصل بالمدينة أشبه بالمغامرة بالأرواح في ظل تواجد رضّع وشيوخ وعجائز أنهكتهم مراحل العمر المتقدمة وتضاعفت معاناتهم مع اشتداد الحر الذي يميز منطقة تتحول إلى مدينة أشباح طيلة فترات اليوم، تنعدم خلالها الحركة مع بداية الشمس أخذ مكانها في السماء حتى بداية مغيبها في الساعة الأخيرة من المساء، على أن تعود الحركة تدريجيا لطبيعتها لتنعدم في فترة الليل.
وتزامنا مع ذلك تلجأ أغلب الإدارات العمومية إلى إحالة أغلب موظفيها على العطلة السنوية التي تنحصر بين أشهر الصيف الثلاثة، ليقصد بعدها العديد منهم شواطئ المدن الساحلية، ومنهم من يشد الرحال صوب أرياف وقرى المناطق الجبلية خاصة مرتفعات الأوراس الحدودية بين ولايات بسكرة، باتنة وخنشلة، هروبا من حرارة الطقس من جهة وقضاء أيام العطلة السنوية تحت رحمة الهواء المنعش لمناطق أريس وضواحيها من جهة أخرى.
لكن دوافع النزوح من مدينة بسكرة حسبما أصر على التأكيد عليه بعض «الهاربين» من جحيم حرارة المنطقة التي أكدوا أنهم اعتادوا العمل والعيش فيها قبل عقود، معتبرين أن مشكلتهم الأساسية تكمن في سخطهم الشديد من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي وفي أوقات أشاروا إلى استحالة انقطاع الكهرباء على منازلهم، في ظل تأكيدات مصالح المؤسسة العمومية للكهرباء والغاز أيام قبل حلول فصل الصيف أن المدينة ستنعم بصيف دون انقطاع للكهرباء.
وما زاد من قلق وسخط سكان المدينة استغرابهم لتأكيدات مسؤولي «سونلغاز» بقضاء صيف هادئ والتمتع باشتغال المكيفات الهوائية طيلة ساعات اليوم، هو انطلاق مصالح المؤسسة خلال الأسابيع الأخيرة في عمليات إعادة تهيئة وتركيب مولدات كهربائية جديدة بالمناطق التي تشهد استهلاكا كبيرا للطاقة الكهربائية، فضلا على عمليات مضاعفة طاقة مولدات أخرى وتوصيل مولدات إضافية بأحياء تشهد كثافة سكنية كبيرة وما يترتب عليه من قطع للكهرباء لإنجاز العمليات المذكورة سيما في أوقات الظهيرة.
في سياق ذلك، أكد أحد سكان حي جواد بوسط المدينة أن التيار الكهربائي انقطع قرابة العشرين مرة خلال ساعتين فقط من يوم الجمعة الفارط، مبديا تساؤله عن كيفية تعامل مصالح مؤسسة «سونلغاز» مع ضحايا الانقطاعات المتتالية للكهرباء، خاصة أصحاب المحلات الذين يملكون تجهيزات تبريد وتخزين المواد الاستهلاكية بمختلف أنواعها دون الحديث عن إتلاف الأجهزة الكهرومنزلية جراء الانقطاعات المفاجئة للتيار الكهربائي، الأمر الذي تسبب في موجة من الغضب على الوضعية المتجددة عند حلول فصل الصيف واضطر العديد من المواطنين إلى تقديم شكاوي عديدة لدى الجهات المختصة.
لكن ذلك لم يثن من تذمر بعض سكان المناطق المتضررة الذين عبروا عن امتعاضهم المتصاعد إزاء ما يحدث محملين مصالح المؤسسة العمومية للكهرباء والغاز المسؤولية في حالة تكرار أحداث الصائفة الفارطة، التي انتفض خلالها أهالي منطقة أولاد جلال ضد ما أسموه «انقطاع التيار الكهربائي أكثر من حضوره» واستهدف غضبهم ممتلكات عمومية، وخاصة الأمر الذي شكل صداع رأس للسلطات المحلية التي استنفرت مصالحها ودعت الجهات المختصة إلى الحرص على راحة المواطنين في سبيل القضاء على كافة أشكال الاحتجاجات التي ميزت الساحة المحلية منذ أشهر خاصة ما تعلق بإعلان قوائم المستفيدين من السكن الذين صنعوا معظم أشكال الاحتجاجات بجميع أنواعها من الاعتصام أمام مقار الدوائر والبلديات وغلق للطرق والتهديد بالإضراب عن الطعام وطلبوا تدخل والي الولاية في الكثير من الأوقات، إضافة إلى أشكال أخرى في سبيل الحصول أو الإعلان عن قوائم المستفيدين من السكن الاجتماعي على وجه الخصوص كان آخره تجمع العشرات من المحتجين أمام مقر الولاية الأسبوع الماضي وغلقهم للطريق مما أوقعهم في ملاسنات مع العناصر التي تدخلت بالقوة لتفريقهم وفتح الطريق أمام حركة المرور، وقبله احتجاج عدد من سكان مدينة أولاد جلال أمام مقر الدائرة طلبا للإسراع في إعلان قائمة السكنات التي تشهد تأخرا كبيرا امتد لأزيد من عقد من الزمن حسب تصريحات عدد من المحتجين.
لكن النقطة التي أفاضت قطرة كأس الاحتجاجات هي استفادة من أطلق عليهم تسمية «البرانية» من السكنات كلما طالبوا بذلك، مقابل تجاهل وإقصاء أبناء المدينة مما أسموه حقهم الذي منح لغرباء عن المدينة، وأمام هذا الواقع الذي بات يشكل حجر عثر بين السكان والسلطات المحلية التي حرصت طيلة الأشهر الماضية للقضاء على مشاكل تنموية أخرى أفلحت في إخماد فتيل الجزء الأكبر منها لتجد نفسها أمام حتمية إيجاد الحلول لمشكلتي انقطاع الكهرباء والسكن على وجه التحديد.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)