الجلفة

إشكالية المصطلح والحضور في القصيدة البدوية الملحونة ... قراءة تعريفية مقارنة بمنطقة الجلفة وما يقاربها!!



الشعر واحد سواء نُظم بلغة رسمية أو غير رسمية، بأيّ شكل تقولب فإن لا شيء يحملنا على الاعتراف بكنهه سوى الشعر. الشعر وحده لا غير، فهو غير معرّف، عصيّ على التمثيل، وهو وليد الحاجة، متى ما تكوّن كان، تجلّى وانجلى: في مثل أو لغز، في قولة من أقاويلنا اليومية بين فرد وفرد، أو في جماعة. فأوّل الشعر، كما هو معلوم، وصلنا متقطّعا ومتفرقا، لم يخضع لقاعدة أو شرط أو قانون. ثم سُنّت له السنن، ووُضعت له القواعد والقوالب والضوابط. ثم تطوّر بعدها، تطوّرت اللغة وتحوّلت، على مرّ التاريخ، زيد فيها ونقص، وطرأ عليها اللحن ورافقها، فالملحون من طوارئ الصحيح، واللغة هي مفتاح الشعر، وقد وفد عليها اللحن بسبب مخالطة العرب للعجم، يقول ابن خلدون في هذا السياق: " فلما جاء الإسلام وفارقوا الحجاز لطلب الملك، الذي كان في أيدي الأمم والدول، وخالطوا العجم، تغيّرت تلك الملكة بما ألقى إليها السمع من المخالفات التي للمستعربين، والسمع أبو الملكات اللسانية، ففسدت بما ألقي إليها مما يغايرها، لجنوحها إليه باعتياد السمع ..."(1) ومازال يعاشرها حتى صار هنالك ما يسمّى بالأدب الملحون، ولاسيما الشعر الملحون.تعدّدت اللهجات وأصبح، تقريبا، لكلّ قطر لهجته التي قد تتشابه مع لهجات الأقطار والأقاليم الأخرى، أو تختلف، تقترب أو تبتعد، لكنها لهجة تخصّ قومها ويختصّون بها. واللغة مفتاح الشعر، بها وحدها نفهم الشعر ونستوعب ونستأنس. اللغة، إذن، قد تكون حائلا، بل لا شكّ، دون الفهم والاستيعاب، مفتاح لا يعمل في يد أحدهم، لا يعرف كيف يديره، أو يستعمله، لذلك يستعصي عليه فكّ قفل الشعر وتركيبته.
تكوّن الشعر الملحون، جاء وليدا للشعر العربي الرسميّ، والذي هو تسمية شاملة للأشعار غير الرسميّة، في منطقتنا، فثمة الشعبيّ والبدويّ والزجليّ والعاميّ ومسمّيات أخرى تتوقّف عند الأمصار والأقطار التي اتخذتها لأشعارها. تعدّدت مسمّياته من إقليم إلى آخر، على أن الأكثر شيوعا وذيوعا هي تسمية الشعر الشعبي. رغم أن صفة الشعبية لا تتوافق، بالضرورة، مع أشعار أخرى غير رسميّة. لذلك، ورفعا للّبس، فالأجدى أن نقول: "شعر ملحون" بدلا عن قولنا: "شعر شعبي". إننا إذ نقول عن الشعر غير الرسميّ إنه شعر شعبيّ فهذا من قبيل التمييز فقط، ولا يعني، كما جرى في الأفهام، أنه موجّه لفئة دون أخرى، فهنالك أشعار بلغة غير رسمية موجّهة للنخبة، مثلما هي موجّهة للعامة، مثل بعض أشعار المصريّ الأبنودي، أو اللبناني طلال حيدر، أو الجزائري محفوظ بلخيري. وبالمقابل هنالك أشعار بلغة رسمية في متناول عامة العامة، كأكثر أشعار العذريين.
هناك شعر مستوحاة لغته وصوره وأدواته من بيئة بدوية لا يغادر حدودها، تنطوي بالكامل على ملامح البداوة، وهي شديدة الصلة بها، إذ إنه يتعذّر هذا الشعر على المتلقّي المدنيّ، الحضري، بقطع النظر عن خلفيته الثقافيه والمعرفية إن لم تكن متشرّبة من الثقافة البدوية، المتلقّي الذي لا يملك مفتاحا ملائما لفتح باب هذا الشعر الغامض في نظره، المركّب في صوره، المعقّد في أسلوبه.
أنشدني الشاعر محفوظ بلخيري (مواليد 1965، دلول، مسعد) عن الشاعر أحمد لعكف رحمه الله (ق19/ ق20م) يقول:
يركبو في الخيل لدهم كي يشوف الخيل ينهم
قا وصيف يجي يتمتم باطّو قضبان سيدو
*
يركبو في الخيل صاري كي يشوف القوم طاري
بيه تتحاجى الذراري كل ما سمعوه رقدو
*
ذا الهند اللي مذكّر ذا الرهج اللي مقطّر
ذا الثعبان المكمكر ما يمسّو حد بيدو
أو كقول الشيخ جرو سعيد الكلباوي (ق19/ق20م) من منطقة حاسي بحبح برواية الشيخ نعاس جرو(مواليد 1959 حاسي بحبح):
احماري قمّاز من دم اقياز والقارب فاز ذهبي جلدو
أبيض رهدان ثلج الكيفان قوّى العريان طاح بصردو
هذا شعر بدويّ يطرب له المتلقّي المدنيّ، لا شكّ، دون أن يفهم ما الذي أطربه بالتحديد، سيدغدغ وجدانه دون أن يستوعب ما الأمر! سيقول لك: لقد هزّني هذا الشعر، دون أن يشرح لك صورة واحدة من صوره، على النحو الدقيق.
الشعر البدويّ الجلفيّ، وما هو على شاكلته من أشعار المنطقة السهبية، هو توأم الشعر الرسميّ القديم، في بلاغته وتركيبته وموسيقاه، وحتى في بيئته الصحراوية، فضلا عن أن الكثير من الأشعار تتقاطع فيما بينها مشكّلة معان مشتركة، حتى لكأن بعضا من الشعر القديم صيغ، عمدا، إلى اللهجة البدوية في الجلفة مثلا.
يقول العبّاس بن الأحنف:
إلى القلب من أجل الحبيب حبيب (2) *** فيا ساكني شرقي دجلة كلّكم
يقول أحد شعراء المنطقة قديما نقلا عن الشاعر محفوظ بلخيري:
اللّي جا من برها جملة نبغيه *** نحسب سكّانو اكّل قاع حبابي
يقول الشاعر نصيب بن رباح:
أهاج هواك المنزل المتقادم؟ *** نعم، وبه ممن شجاك معالم(3)
وفيما يشبهه من معنى يقول الطاهر بلخيري:
مرسم ولفي طالت الدنيا وقدم *** كان مونّس خاطري ساعة ونجيه
يقول قيس بن الملوّح:
أحبّ من الأسماء ما وافق اسمها *** أو اشبهه أو كان منه مدانيا (4)
يقول أحد شعراء المنطقة نقلا عن الشاعر محفوظ بلخيري:
اسمك نشتي نسمع اللي يهدر بيه *** بعدمّا ننساك لفظو تنباها
وأيضا يقول قيس بن الملوّح:
وإني لأستغشي وما بي نعسة *** لعلّ خيالا منك يلقى خياليا! (5)
يقول الطاهر بلخيري بن سعد:
نشتي نرقد قا باه نهترف بيك *** ضيّع قاع اوقاتنا حب منامك
وفي تعليق على البيت الأخير، فإنه وإن كان لقيس بن الملوّح فضل السبق، فإن للشاعر بلخيري الطاهر فضل الزيادة، فقد سلخ المعنى وزاد فيه صورة أخرى في عجز البيت، في قوله: ضيّع قاع اوقاتنا حبّ امنامك.
حين قرأت على الشاعر البدوي الطاهر بن سعد بلخيري قول المجنون استغرب التشابه الشديد بينهما، ونفى أن يكون قد سمعه من قبل، ويدخل هذا في باب ما يتّفق فيه الشاعران، "وقد سئل الأصمعي عن الشاعرين يتّفقان في المعنى الواحد، ولم يسمع أحدهما قول صاحبه. فقال: عقول الرجال توافقت على ألسنتها"(6).
يقول أحدهم (البيت منسوب للقاضي الفاضل):
وتطلبهم عيني وهم في سوادها *** ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي(7)
ويقول أحد الشعراء القدامى نقلا عن الأستاذ علي عرعور رحمه الله (مواليد 1965 حاسي بحبح):
متوحّشكم خاطري وانتم في اللّب *** وانتم في عيني ويستمّى غياب
كما أن كلا الشعرين: الملحون والرسميّ. يعتمد رأسا على الإيقاع. والأذن العربية تعوّدت على مثل هذا الإيقاع الفنّي، تعوّدت طويلا. لكن هذا يمنع أن يفهم غير البدويّ أو من ليس له صلة بالبداوة هذا الشعر البدويّ ويستوعبه. لا يمكن للشعبيّ المدنيّ والحضريّ أن يميز جيّد الشعر البدويّ من رديئه، سواء كان من النخبة أو من العامة، وستصير ملاحظاته عما تلقّى خبط عشواء، فأسلوب الشعر وبلاغته تختلف من إقليم إلى إقليم، ومن قطر إلى قطر، فالشعر البدويّ بالتحديد لا يستوعبه سوى البدويّ أو العارف لشؤون البادية وما يتصّل بها بدءا من اللغة. لذلك يتعذّر على قارئ الشعر في قطر ما فهم واستيعاب ما ينظم من أشعار في قطر آخر. يقول ابن خلدون: "واعلم أن الأذواق كلّها في معرفة البلاغة إنما تحصل لمن خالط تلك اللغة وكثر استعماله لها ومخاطبته بين أجيالها، حتى يحصّل ملكتها كما قلناه في اللغة العربية. فلا يشعر الأندلسيّ بالبلاغة التي في شعر أهل المغرب، ولا المغربيّ بالبلاغة التي في شعر أهل الأندلس والمشرق، ولا المشرقيّ بالبلاغة التي في شعر أهل الأندلس والمغرب. لأن اللسان الحضريّ وتراكيبه مختلفة فيهم، وكلّ واحد منهم مدرك لبلاغة لغته وذائق محاسن الشعر من أهل جلدته"(8).
يقول الشاعر عمر حمر العين المقنّي:
قعد الطّيب كي الثّلْب دْواه المُوس *** متْغَيثر والذّود ساقوه قبالو
هذا البيت من ضمن قصيدة بروايتين. الأولى عن الصديق بولرباح بن سعدة (مواليد 1976). الثانية عن الشيخ يحيى خلوفي (مواليد 1925) والقصيدة قيلت عن أعمامه، ومطلعها:
ضاري كي نجبى على القاشي مردوس *** ورجال ينحّو على القلب هبالو
!كان معمّر رابط قبالي مقروس *** ومحمّد لوكان راهم مازالو
إضاءة على بعض المفردات:
الطيّب: هو اسم أحد أخوال الشاعر الذين قيلت فيهم القصيدة
الثلب: الجمل المسنّ، وجاء في كتاب الإبل للأصمعي (ص 62): فإذا جاوز القحر، فشمط وجهه وذنبه، وتناثر هلب ذنبه، فهو ثلب.
الموس: الموسى
متغيثر: كلمة منحوتة من غثر، وجاء في معجم الوسيط: غثر الشيء : كان لونه كلون الغبار، وكذلك نعني في سياقها الدارج: شحب وجهه وغثر حاله.
الذّود: قطيع الإبل، في الغالب من 3 إلى 10
ساقوه: سيق
قبالو: قبالته
ماذا يفهم من البيت أعلاه؟ الشعر مفتوح على القراءة والتأويل، وقد يحمل القول العاديّ أكثر من دلالة! ما يتبادر إلى الأذهان، أول الفهم، هو أن الجمل المسّن حين يذوي عوده ويعجز عن الحركة، أو يكون قليلها، يبرك، في الغالب، في ساحة البيت، وتساق على مرأى منه قطيع الإبل إلى مراعيها، فيما يبقي هو عاجزا عن اللحاق بها لغرض الرعي. فلا حيلة لصاحبه سوى أن ينحره. لكن ألا يكون هذا الإسقاط فاسدا؟ إذ إن الشاعر قد شبّه الشيخ المسنّ الذى فقد صحبه وخلّانه بالجمل المريض والمسنّ الذي حيد عن بقية القطيع، فهل يجوز أن يذبح الشيخ الهرم، أيضا، لأنه لم ينقض وعجز عن الحركة وتبقّى وحيدا؟ قد يكون للبدويّ أو راعي الإبل، أو العارف بأحوالها رأي آخر، فلا يمكن، بأيّ حال، أن ننحر الجمل لمجرّد أنه هرم واقتعد عن الحركة. يقول الشيخ محفوظ بلخيري عن معنى البيت أعلاه، أن (الثلب) حين تعجزه الحركة في صورته تلك وهو مبترك، يجيء راعيه خلفه حاملا السكّين أو الموسى، ويجرحه في الأسفل من كلتا جانبيه، فينتفض الجمل من توّه ويهب للّحاق بالإبل. كذلك هو الشيخ الطيّب الذي تبقّى وحيدا ولا علاج له سوى الجماعة، فإن كان هو عاجزا عن اللحاق بهم فلا تعجزهم هم الحركة عن التنقّل إليه. هذا وقد تكون للبيت قراءات أخرى تماما.
نماذج من الشعر البدويّ الملحون:
يقول الشاعر محاد بن لطرش المسعديّ (رحمه الله) نقلا عن الشاعر محفوظ بلخيري:
يا ربي يا خالقي واش المفعول *** قدّرت عليا بمسعد وقعادو
توحّشت كحيلة وتحنان المخلول *** في ساحة مخطاف تخضار ارفادو
نا والخاوة نقنصو جلبات غزول *** شوّه ذرعة خيلنا دم فوادو
يقول الشاعر أحمد لعكف (رحمه الله) في مطلع قصيدته نقلا عن الشاعر محفوظ بلخيري:
يا اهل اللزمية
نوريكم ما راه صاير بيّا
من حب ذ المدعية
زايد ليا كي النار بصهدو
وفيها يقول:
أعضاد خضرة القانس
برڨ ان ريّش في ليالي دحمس
بالاك تقدى تحوّس
عن عش العلجة تكلّم رعدو
يقول الشاعر محمد بن سعد اليحياوي (رحمه الله) نقلا عن الشيخ الراوية طويل بلقاسم بن الذايدي (مواليد 1925 حاسي بحبح):
عودي كان جمام بيا يطّهلل *** ومرفّع لحم الكفل ساڨو يطوال
آوخذي لحقو المشحاط اسّهزل *** شعرانو سكنو المقاتر في لظلال
يقول الشاعر محفوظ بلخيري من قصيدته فط القلب:
يا شيبي وليت مهزول مكمّد *** ريت الموت تريّح العبد تهنّيه
يقول الشاعر بلقاسم طيبي (بلعود) نقلا عن الشاعر طاهر بن سعد بلخيري (مواليد 1988 مسعد):
رديف على ڨسوم يسكفى مولاه *** لخلى طبة قابضة روس اكتافو
ذ الهرس العلال بالذمة خلاه *** ورضى عنو ما لقاش من اخلافو
لاكن دبرلو الخيراني وكساه *** من بكري معلوم يكرم سخافو
ويردف:
وينا عزري ينطح القارح مهماه *** فحل المجرودة يحيدد برصافو
يتقطع زبدو مع الجرّه خلاه *** ساعة ويلوحو على وبر اكتافو
يقول الشاعر محاد بن القعمز (رحمه الله) نقلا عن الشيخ أحمد خوني (مواليد 1941 أم العظام):
يا خوتي ذ العرش عني قالوا صد *** ما ندري بالفيض سكّانو يجناو
كانت بيتة كي البطّام مشيّد *** هذا المركز يحرثو فيه ويفلاو
ويردف:
علفة صدت ليك واخرى تتوجّد *** تدّيهم لنهار عيطة يتلاقاو
تخزر في حوماتهم حمر تميّد *** زقددح في جرة سحايب يصحاو
يقول الشاعر مدني بن سالم (رحمه الله) نقلا عن الشاعر محفوظ بلخيري:
يا ترّاس نجيت من قبلة تخصل *** لرّبي شفتش علام القوزايا؟
ذكرو هلها في السّلوقي للفيجل *** ويحطّو ذيك الدّحي بيت بضايا
يقول الشاعر سي بن مشيه بن مشيه، من شعراء حاسي بحبح القدامى، نقلا عن الشيخ نعاس جرو:
عودي كان جمام ع العقبة جلّاب *** كان يموج على مواسح كيفاني
ولّى بيا هو التالي في لعقاب *** حال ولوّل ما رجع ما ناباني
والعين اللي ضاوية لخلى مشهاب *** عدت الشوفة ناقصة نشبح داني
والركبة عدزت على شوفة لحباب *** ظهري من تسقامتو ولّى حاني
نعيا بين حيوط راقد لا تقلاب *** هذا أول لاخرة يا تشطاني
يقول الشاعر العجال دودو نقلا عن حفيده الشاعر علي بن عبد القادر دودو ( 1920 / 2019م) رحمهما الله:
لالي مهري دون دودو يا بكير *** قلت نخير تارقي ليا هاتو
انشد عليه الحوية ونوقّيه *** يفرفر بيا كي الطير بريشاتو
واندهم ناس المقيّد ما نخطيه *** قبل اللا دارو فطورو خوداتو
إضاءة على بعض المفردات الواردة في النماذج الشعرية أعلاه:
كحيلة: قطيع من الإبل؛ تحنان المخلول: بكاء المخلول؛ مخطاف: اسم منطقة؛ ارفادو: مرتفعاته؛ نقنصو: نقتنص؛ جلبات: جمع جلبة بمعنى مجموعة؛ غزول: غزلان.
أعضاد: أعضاء؛ القانس: بمعنى المستترة؛ برڨ ان ريّش: لاح البرق؛ دحمس: شديد الظلمة؛ بالاك: ليكن في بالك؛ تقدى: من غدا يغدو، أو بكّر وسار غدوة؛ تحوّس: تتجوّل؛ عش: مكان؛ العلجة: كناية عن المرأة المعنية، والعلجة تعني شدّة البياض، وهنالك من يطلق اللفظ على المرأة الغربية البيضاء (الرومية كما يقال بالعامية) لبياضها.
جمام: في ذروة القوّة؛ يطّهلل: يتفاخر؛ الكفل أو الڨفل: مؤخّرة الحصان؛ آوخذي: كلمة للتحسّر؛ لحقو: لحقه؛ المشحاط: السوط؛ شعرانو: الشعرانة هي حشرة شبيهة بالذباب؛ المقاتر: الأماكن الداخلية الضيّقة والمظلمة التي إذا هوجم فيها الحيّ قضى.
يا شيبي: كلمة للتحسّر؛ مهزول مكمّد: كناية عن ضعف الجسد؛ ريت: رأيت، أي تراءى لي.
رديف: برنوس، والرديف ما يكون رديفا للّباس؛ قسّوم: اسم الشاعر بلقاسم؛ علال: اسم علم ويعني: علي؛ لخلى طبّة: بمعنى ما عدا قطعة؛ الهرس: البرنوس القديم المهترئ؛ بالذمة: قصدا؛ دبّرلو: فكّر فيه؛ الخيراني: اسم علم؛ سخافو: المحتاج إليه؛ عزري: صغير ذكر الإبل؛ ينطح: يناطح أي ينازل؛ القارح مهماه: هنا كناية عن الجمل القويّ الذي من شدّة غيظه يصدر أصواتا غير مفهومة؛ المجرودة: النجع؛ زبدو: لعابه.
العرش: المقصود هنا هو عرش أولاد أم الإخوة (ملخوة)؛ الفيض: بلدية الفيض؛ يجناو: بمعنى يهجرون، بيتة: مفردها بيت، وهي مجموعة الخيم؛ البطّام: مجموعة من شجر البطم؛ المركز: المكان؛ يفلاو: يرعون؛ علفة: العلفة هنا هي مجموعة الفرسان (القوم)؛ حومات: جمع حومة وهي من أنواع الهودج؛ تميّد: بمعنى ليست مستقرّة على حال، تشبه تقلّب من يداعب النوم أجفانه؛ زقددح: قوس قزح.
تخصل: الخصلة خلق في الإنسان: فضيلة أو رذيلة (تخصل بالعامية نعني به لو تتفضّل عليّ)؛ علام: علم؛ القوزايا: الغزاة؛ السلوقي: إسم مكان؛ الفيجل: إسم مكان؛ الدّحي: البسيطة.
جمام: ذروة القوّة والشدّة؛ مواسح كيفاني: أعالي الجبال؛ ناباني: أنبأني؛ لخلى: بمعنى كأنها، وهذه الكلمة تشرح حسب سياقها في الجملة؛ مشهاب: نور؛ نشبح: بمعنى أنظر؛ داني: قريب؛ عدزت: عجزت؛ حاني: محني؛ يا تشطاني: كلمة للتحسّر.
لالي: ليت لي؛ مهري: جمل (مدرّب) سريع؛ دودو: لقب العائلة؛ تارقي: نسبة إلى التوارق؛ الحوية: مثل السرج وهو كساء يوضع فوق ظهر الجمل بغرض الركوب؛ المؤونة؛ اندهم: أمرّ؛ المقيّد: اسم منطقة؛ خوداتو: نساؤه الجميلات.
ختاما، يبقى هنالك دوما إشكال في مسألة ضبط التسمية، ولذلك فإن أيّ شعر بلسان غير رسميّ نسمّيه، أو يسمّونه: شعرا شعبيا. على أننا نقول مجدّدا إن سمة الشعبية لا تخصّ اللغة وحدها، مثلما هي سمة الرسمية لا تخصّ اللغة الرسمية وحدها. الشعر الشعبيّ كما درج على الأفهام. هو ما قيل بلغة الشعب، ما عبّر عن كينونة الإنسان الشعبيّ البسيط، وكان أكثر قربا منه والتصاقا به، ما خاطب فيه الوجدان واستقرأه واستنطقه. صحيحة هذه النقط، لكنها نقط فضفاضة، إذ إنها تشمل الشعر الرسميّ أيضا. لقد درجت هذه التسمية حتى أصبحنا نقول: فلان شاعر شعبيّ. الأنكى أننا لا نقول: فلان شاعر رسميّ. إذن لم لا نكتفي بالقول: فلان شاعر؟ وكان الأرجح أن نقول عن الذي ينظم الملحون: فلان شاعر، وعن الآخر: فلان شاعر رسميّ. لكن هل يحتاج الشعر إلى تنعيت أو تأكيد؟ أليس الشعر شعرا بالأخير؟ فسمة الشعبية هنا وردت فقط للتمييز وليست فيصلية، وكان من الممكن تسميته: الشعر الأناسيّ، أو الناسيّ! لذلك، ورفعا للّبس، وما يكتنف التسمية من غموض، فإنه لقمين أن يسمّى بالشّعر وحده، وإذا أردنا أن نفصّل نقول: الشعر الملحون، كتسمية شاملة للشعبيّ منه والبدويّ.
المصادر الشفوية: رواية الأشعار القديمة مشار إليها في المتن، أما الحديثة منقولة عن أصحابها.
هوامش الدراسة:
1 عبد الرحمن بن خلدون، مقدّمة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ص:566.
2 عاتكة الخزرجي، ديوان العباس بن الأحنف، القاهرة مطبعة دار الكتب المصرية، 1373ه، 1954م، ص: 29
3 أبو فرج الأصفهاني، الأغاني، ج 1 ص:12
4 يسري عبد الغني، ديوان قيس بن الملوّح، رواية أبي بكر الوالي، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، ص:124
5 المصدر السابق، ص:125
6 أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي، العقد الفريد، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، ج 5، ص: 330
7 أحمد تيمور باشا، الحب والجمال عند العرب، دار الكتاب العربي، 1982، ص 149
8 عبد الرحمن بن خلدون، مقدّمة، ص:629
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)