الجزائر - A la une

يوم في مكاتب بلدية عنابة!




يوم في مكاتب بلدية عنابة!
لم يكن يوما عاديا ذلك الذي قضيته أمس متنقلة بين مكاتب بلدية عنابة، والغرض تصحيح حرف ورد خطأ في وثيقة الميلاد أس12، هذه الوثيقة الأساس لاستخراج جواز السفر البيومتري أو البطاقة الوطنية، الإجراء الذي فرضته علينا إجراءات محاربة الإرهاب العالمية. فبعد رحلة عدة كيلومترات استمرت لأزيد من الساعتين بسبب الحركة الكثيفة وحالة الطرقات، استقبلتنا مدينة عنابة بطرق مغلقة بسبب سباق للدراجات.لم يسمح لنا بدخول مكاتب البلدية إلا بعد الوقوف لأزيد من ساعة تحت الشمس المحرقة، لابد من احترام الدور، فبعضهم جاء قبل فتح أبواب البلدية، زد على ذلك صراخ الحاجب واحتجاجات المواطنين ممن ملوا الركض بين مختلف المصالح، والسبب الحالة المدنية لآلاف السكان ممن كشفت وثيقة أس12 الفوضى التي تعاني منها الحالة المدنية للجزائريين الذين شوهت أسماؤهم إما بسبب ترجمة الأسماء، أو بسبب كتاب لا يحسنون القراءة جيء بهم دائما من أجل تسيير أزمة، أزمة نقص الإطارات والموظفين في بداية الاستقلال، وأزمة البطالة في السنوات الأخيرة، وغالبا ما يوجه إلى البلديات الشباب الفاشلون في التمدرس، فلا أحد يعير اهتماما لما يمكن أن يخلفه هذا الاستهتار في الأسماء والأنساب.بعد المرور بجملة من المكاتب والوقوف طويلا في الطوابير الطويلة، وصلت إلى من يمسك السجل الرسمي لوثيقة شهادة الميلاد، وبعد تحديد الخطأ، وجدت نفسي مجبرة مرة أخرى على المرور بطابور آخر تحت الشمس. ولم تنته المعاناة هنا، لأنه من أجل تصحيح حرف عليّ أن أستخرج ملفا كاملا، وثائق الأب والأم والجد و.. و.. و… وأخيرا ملء استمارة خصصتها البلدية من أجل تسهيل العملية على المواطنين. أعطني استمارة طلبت من حاجب يقف على الباب، فقال لي الاستمارة اخرجي اشتريها من الكشك المقابل للبلدية. طبعا الاستمارة في الكشك حاضرة مقابل 5 دينار، يستنسخها من استمارة البلدية الرسمية. هي طريقة أخرى إذا للتحايل على المواطنين. الكل يبتز المواطن الذي ينشف ريقه من كثرة ما يعانيه بين المكاتب، والكل يسرق حسب مستوى مسؤوليته، وحسب ما مكنته الظروف. المهم تمكنت من جمع حزمة من الوثائق، لكن الأبواب أغلقت، لأنه وقت الظهر والموظفون سيخرجون للغداء. ولحسن حظي أنني وجدت كاتبة من معارفي هناك، لم تتوان في مساعدتي، وإلا لكنت مجبرة على العودة في يوم آخر. ولم تنته المعاناة هنا، وإنما مجبرة على استخراج حكم من المحكمة لتصحيح حرف. ولا أدري كم ستستمر الرحلة؟تجربتي هذه يواجهها الآلاف من الجزائريين يوميا بين مكاتب الإدارة الجزائرية في كل المدن والقرى. معاناة لم يقلل منها لا الإعلام الآلي ولا إجراءات محاربة البيروقراطية التي تحاول في كل مرة الداخلية التخفيف منها، ولن تستطيع لأن الذهنيات لن يغيرها الإعلام الآلي، هذه البيروقراطية التي زرعتها فينا الإدارة التركية في العهد العثماني وزاد من تعقيدها الاستعمار الفرنسي والآن هي مزروعة في جينات الجزائريين، ويستغلها البعض لإلهاء الناس عن مشاكلهم الحقيقية.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)