الجزائر - A la une

ولاية الطارف جنة في الأرض .. مزايا هائلة تبحث عن طريقها



تستحق ولاية الطارف الواقعة بأقصى شمال شرق البلاد والمجاورة ل"عنابة" الحاضرة الكبرى التي كانت تابعة لها لغاية جانفي 1984 تسميتها "ولاية خضراء" وهي المشهورة بطبيعتها المعطاء ومناطقها الرطبة وبيئتها السخية. فهذه الولاية التي تعيش اليوم على وقع تحولات حيوية تسمح لها بتحقيق تأهيل في مستوى تطلعات واحتياجات سكانها البالغ عددهم نحو نصف مليون نسمة تتربع على مساحة قدرها 2891.75 كلم مربع من بينها 166 ألف هكتار من الغابات أي ما يعادل 65 بالمائة من المساحة الإجمالية التي تتوزع إقليميا على 7 دوائر بمجموع 24 بلدية من بينها 8 حدودية مع تونس (100 كلم).
وتتوفر الطارف التي يحدها من الشرق تونس ومن الشمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبا ولايات قالمة وسوق أهراس ومن الغرب عنابة على 4 محاور مواصلات هي الطريقين الوطنيين 44 و 84 "أ" والرابطين بين عنابة- الطارف وتونس من جهة وكذا لطريقين الوطنيين 82 و 16 اللذين يضمنان سيولة الحركة مع ولاية سوق أهراس إلى جانب 88 كلم من الطريق السيار شرق-غرب وهي في طور الإنهاء.
ويعد الموقع الجغرافي الاستثنائي للطارف وكذا طقسها المتوسطي الماطر والذي يتسم بتساقط سنوي قدره 1200 ملم وبالأخص جبل غورة الساحر والواقع ببلدية بوقوس على ارتفاع 1.200 متر مزايا عديدة لهذا الكيان الإداري الطموح لاستغلال تدارك التخلف المتراكم مقارنة بباقي جهات الوطن فضلا عن التجسيد الحقيقي للجهد المتواصل للتنمية المحلية. ولا تتطلب الطارف وهي التي حباها الله بمزايا طبيعية كثيرة سوى الإرادة الحسنة وجهد الرجال من أجل تحويل هذه المزايا إلى ثراء دائم. ولطالما جلبت الظروف المناخية الحسنة لهذه المنطقة الإنسان للتواجد بها و ترك آثاره منذ فجر التاريخ.
جنة في الأرض...
ومن البديهي أن تكون هذه الثروات الطبيعية السخية للأرض الخصبة والأمطار الكثيرة إلى جانب رواق من الكثبان الرملية ونباتات وحيوانات متنوعة شروط ملائمة من أجل تطوير تربية الأبقار خاصة فضلا عن موارد صيدية وغابية معتبرة ومواقع طبيعية نادرة ومزايا سياحية مختلفة وثمينة تزخر بها المنطقة وتحتاج أن تستغل بصفة عقلانية.
ويتعين القول هنا أن الطارف "جنة في الأرض" تعد الكثير من المعالم التاريخية التي تمثل بصمات حية وغير قابلة للمحو عن مرور مختلف الحضارات والحقب التاريخية. ومن بين هذه الشواهد الحية للتاريخ يمكن ذكر تلك المصاطب التجارية الواقعة في ضفاف البحر بالقالة القديمة مثلما هو شأن قلعة فرنسا والتي تعود للعام 1560 ميلادية فضلا عن مرفأ مسيدة القديم بالقالة وقصر لالة فاطمة وقصر الدجاج وقصر بئر الكرمة الذي يعود للحقبة الرومانية إلى جانب الدولمانات ومعاصر الزيتون بجبل غورة. وإلى ذلك يمكن أيضا ذكر قصر علي باي الذي شيد في المرحلة العثمانية وخطي شال وموريس المكهربين واللذين يعودان للفترة الاستعمارية الفرنسية الأليمة .
البحر ومحيطه الأخضر ....
وحظيت الطارف بقدرات طبيعية موزعة بين محورين أساسيين يمثل كل منهما خصائص جغرافية مورفولوجية ذات خصوصية وهي تتمثل في حيز الساحل شمالا والذي يختزن مناظر متنوعة و امتدادات من المستنقعات إلى جانب غابات جميلة من الفلين والصنوبر وأشجار البلوط.
وفي المنطقة القارية جنوبا توجد 57 بالمائة من المساحة العامة للولاية وهي المتسمة بتضاريس وعرة تضم جهات هشة وناقصة تجهيز منها المنطقة الحدودية والمنطقة الخلفية للقالة وبوحجار. وبغض النظر عن طابعها المتجه خاصة نحو السياحة والفلاحة فإن هذه الولاية "الخضراء" تتوفر على ساحل جذاب بطول 90 كلم و 25 شاطئا وجداول جميلة منها 15 شاطئا مسموح السباحة فيه.
ومن جهة أخرى، تختزل الحظيرة الوطنية للقالة ذات سلسلة من المنحدرات من أصناف مختلفة مكونة من تضاريس جبلية موشحة بشبكة هيدروغرافية مكونة خاصة من مناطق رطبة.
ثلث نباتات الجزائر...
ويعد مركب المناطق الرطبة التابعة للحظيرة الوطنية للقالة الوحيد في البحر الأبيض المتوسط الذي يضم فسيفساء من البنايات المائية (نظام بيئي خاص مستنقعات و مواقع أخرى) وهي مسجلة ضمن قائمة "رامسار" المتعلقة بالمناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية بالنظر لقيمتها البيئية و الطبيعية.
وقد تم إنشاء هذا الفضاء الموجه للحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية سنة 1983 على مساحة تتجاوز 80 ألف هكتار تحتضن ثلث الثروة النباتية للجزائر. ولذلك جرى تصنيف هذا التراث سنة 1990 من طرف منظمة اليونسكو بوصفها معالم طبيعية ثقافية دولية ومحيط حيوي.
وقد جعل تنوع النبات والغابات والأحراش والمناطق الرطبة والطرق والمنحدرات من الحظيرة الوطنية للقالة ملجأ مثاليا لثروة حيوانية معتبرة ممثلة في 267 نوع من 56 من الفقاريات و 211 من غير الفقاريات. ويتميز هذا الموقع الجدير بالبحث العلمي والثقافي والترفيهي خاصة ب38 نوعا من الثدييات من بينها أصنافا نادرة كما أنها تحتضن ثلث مجموع نباتات الجزائر.
وتتوفر ولاية الطارف على 7 من بين 26 منطقة رطبة جزائرية ذات أهمية دولية وهي مشكلة من مستنقعات وبحيرات ذات جمال أخاذ وأهمية بيئية أكيدة. وتوفر المنطقة ملجأ لآلاف الطيور المهاجرة منها "ايريماتور" برأس أبيض والوز والبط ودجاج الماء وغيرها من الطيور.
وتتميز السياحة أحد عوامل التنمية الاقتصادية بهذه الولاية من جهة أخرى بتوفر 6 مصادر حموية مستغلة بطريقة تقليدية بدائية. وتستحق هذه "الحمامات " اهتماما خاصا في ميدان الاستثمار بما سيجعلها أكثر استقطابا ومردودية كما تظل الصناعة التقليدية رغم جانبها السياحي في مؤخرة النشاطات بهذه المنطقة الثرية بموادها الأولية ومنها المرجان.
ومع الأسف فإن مواقع "مرسي الخراز" و" تونوزا" و"القالة القديمة" تعج وتتميز بوفرة الشعاب المرجانية والتي تستغل من طرف مضاربين وباحثين عن الربح الصافي. وإذا كانت أغلبية بلديات الولاية لا تتوفر على منشآت الإيواء في مقدورها مواجهة إقبال المصطافين فإن مدينة القالة تتميز وحدها بوفرة نوعية من التجهيزات والمرافق الفندقية وكذا مخيمات صيفية ما يمنحها دورا رائدا في تنمية هذا القطاع..


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)