همس الكلام


لا شك أن الظروف الثقافية الصعبة التي يمر بها واقعنا الثقافي تضع على عاتقنا مسؤولية مضاعفة الجهود، لأنها تجعل المبدع مسؤولاً عن مجموعة من الوظائف الثقافية التي ما كان عليه أن يهتم بها في واقع ثقافي صحي .
إن الإبداع في المنجز الثقافي المعاصر بكل أشكاله لا يروي ظمأ القراء على الرغم من أننا في مرحلة انتقالات و تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية تستوجب أيضا انتقالات فكرية عامة. ولأن المجتمع الجزائري و العربي الآن أصبح أكثر تعقيداً وتشابكاً فقد دخلت معادلة الكتاب و الجمهور أطراف أخرى وأصبح لها ثقلها.
إن الثقافة لا تهب إلا بقدر ما تأخذ من العلم والمعرفة، لذلك يجب أن نساهم في صناعة المعرفة كي يكون ذلك سندا يُعضِّد طرحنا الثقافي أمام الآخر،فالمعرفة في شقها الإنساني تكاد تفقد الحيادية، لذلك ليس من المعقول أن نزعم أننا أصحاب ثقافة خاصة متميزة لكننا لا ننتج، ولا نمتلك معرفة هي وليدة عبقريتنا، فحتى النظريات السائدة في الفكر العربي المعاصر، تكاد تكون في معظمها مجرد أصداء للمعارك الفكرية التي تعرفها ساحة الآخر . كما أن المهمة النقدية التي تؤمن بأن الدور الثقافي لا يتحقق إلا إذا ما سار يدا بيد مع التقييم والتقويم حيث تصبح القيمة المعيارية بل والقيمة الأخلاقية أو الفكرية، إحدى ضرورات الرؤية الدلالية في التحليل النهائي عند هذا الناقد، فالكتابة عنده لا بد أن تنطوي على رؤية ولا بد أن يكون للكاتب موقفاً واعياً صارماً من كل ما يدور في واقعه و عليه، أن يحاسب نفسه، فذلك، هو السبيل لاستقامة الحركة الثقافية وتخلصها من عناصر الزيف والتدليس.إن النقد في الفعل الثقافي وفي وضعه الراهن، تسوده حالة من الوهن قلما عرفته الحياة الثقافية من قبل، على بساطة منجزها. 
وهذا ما يؤكد على أن فعلنا الإبداعي النقدي مازال في مرحلة التجريب. ودلالة هذه الحالة السائدة في نقدنا الثقافي الراهن، هي في رأيي انعكاساً لما نشهده ونتأثر به من اضطراب عام في المناخ العربي والدولي الذي نعيش فيه كجزء منه.
والشيء الأكيد ،أن الجزائر تعيش هذا الأيام في أم الحواضر قسنطينة حراك ثقافي سيستمر سنة كاملة نتمني ان تعطي ثمارها للثقافة العربية بصفة عامة .وفي الأخير إن بناء الفعل الثقافي المستقل المحاور له شروطه التي يجب التزامها حتى يكون فاعلا ومؤثرا ومشرفا ،وفضاء النادي مفتوح للحوار و الحوار الأخر .