الجزائر - A la une


همس الكلام
القراءة ... بلسم لجراحنا ،تخرج الإنسان من إطار المعلومات المتشظية،إلى إطار المعرفة،فعقولنا ملئ بأكوام من المعلومات نتلقاها من حياتنا اليومية،ومن التلفاز،والإنترنت،والصحافة،وهنا وهناك،لكن القراءة تساهم في سبك هذه المعلومات في إطارات منهجية،وتساعدنا على جمع هذه الأفكار المتناثرة،وضمها في "ملفات"،ومن ثم في "مجلدات" وإذا استخدمنا المجاز الحاسوبي فالقراءة توسع أفقنا،لأنها تعيرنا عقول أشخاص آخرين،وتجاربهم،ونظرتهم في الحياة.وكثيرا ما نستفيد ممن يخالفونا في الرأي،لا من يسبحون معنا في الموجه نفسها،ألم يقولوا في السفر سبع فوائد؟ ما قالوا هذا إلا لأن المسافر يخالط بيئة وأناس وأفكار تختلف عنه،فتثريه .القراءة تبلسم جراحنا،خاصة في الأدب "المحترم"فإنها تمنح الإنسان مرونة نفسية ،إذ تجعله مهيئا بمخزون نفسي للتعامل مع مواقف لم تمر معه في حياته،لكنها مرت معه قرائيا ،فالقارئ إنسان واثق، لأنه أفكاره مرتبة،وهو بالتالي أقدر على النقاش السليم بناء على علو الحجة وعلى علو الصوت. تساعدنا ايضا على اتخاذ القرار الصحيح،لأننا نملك المعرفة المناسبة،في الوقت المناسب. إنها تعطينا القدرة على اتخاذ القرار المناسب بالتكلفة المناسبة. وكم من قرار كلفنا كثيرا بسبب ضيق أفقنا أو قلة معرفتنا .عندما تقرأ فأنت المخرج،أنت تتخيل أشكال الشخصيات ونبراتها وألوان الأثاث وزاوية التصوير،وهذا تمرين عقلي مهم حتى في حياتك اليومية.علينا أن نعرف أننا نقرأ أما كي نستفيد أو نستمتع أو كليهما معا. علينا أن نتخلص من شبح القراءة المدرسية؛قراءة الكتاب سطرا،سطرا،كلمة،كلمة وحفظ كل ما جاء فيه لأننا لا نعلم ماذا يأتي في الامتحان. وأعتقد أن هذا الإحساس المزعج هو ما يبعد الكثيرين عن القراءة ويجعلهم يكرهون الكتب لا شعوريا،لا بأس ألا تقرأ أجزاء في الكتاب لا تراها مهمة،لا بأس ألا تقرأ من كتاب ما إلا فصلا واحدا،إذا كان هذا فعلا ما يهمك وما يفيدك.البعض يريد أن يقرأ فقط ما يحلو له وما يتوافق مع أفكاره،فإذا وجد كل كتاب يشتريه يتصادم مع "منطقة الراحة الفكرية" التي لديه،يبدأ شيئا فشيئا يرى أن القراءة شيء سخيف ومضيعة للوقت. علينا أن نفهم أنه لا بأس أن نختلف مع الكاتب،بل هذا تمرين عقلي جيد. من يقرأ فقط كي يسمع الكاتب يصفق له ويمجد أفكاره ويخبره أنه كان على حق من البداية،عليه ألا يجشم نفسه عناء القراءة. إن صناعة الارتباطات الشرطية بين القراءة وبين حوادث مفرحة،تجعل القراءة كامنة في لا شعور ومن الصعب زحزحتها.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)