الجزائر - A la une

هكذا تقوض "بلاك ووتر" وأخواتها النظام العالمي



هكذا تقوض
في عام 2008، تقدمت الممثلة والناشطة ميا فارو إلى شركة الأمن الخاصة بلاك ووتر وبعض منظمات حقوق الإنسان باقتراح: هل يمكن استئجار متعاقدين عسكريين من القطاع الخاص لإنهاء الإبادة الجماعية في إقليم دارفور السوداني؟ طُلِب من شون ماكفيت، الذي كان قد أنهى للتو عمله كمتعاقد عسكري بشركة داين كورب إنترناشونال، دراسة الأمر."كانت الخطة بسيطة"، هكذا كتب ماكفيت في "المرتزق المعاصر"، كتابه المثير للتفكير حول صعود الجيوش الخاصة. "سوف تنظم بلاك ووتر تدخلًا مسلحًا في دارفور وتقيم ما تسمى جزرًا إنسانية، وهي مخيمات لاجئين تحميها القوة النيرانية لشركة عسكرية خاصة للمدنيين الهاربين من ميليشيات الجنجويد القاتلة". تم إلغاء الخطة لاحقًا -فقد كانت غير مسبوقة وخطرة للغاية- لكن حقيقة أنها وصلت إلى تلك المرحلة دليل على أي مدى وصل انتشار استخدام المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص. كان من المستحيل تصور تلك الفكرة قبل عشر سنوات فقط من ذلك التاريخ.ما جعل الفكرة معقولة، بالطبع، هما حربا العراق وأفغانستان اللتان غيرتا قواعد اللعبة. فقد كانتا أول مرة تتعاقد فيها الولايات المتحدة مع ذلك الكم من المتعاقدين للقيام بكل ذلك القدر من القتال؛ حيث فاقت أعداد موظفي القطاع الخاص أحيانًا أعداد الأفراد ذوي الزي النظامي في كلا الحملتين. في المقابل، فقد مثَّل المتعاقدون في ذروة حرب فيتنام أقل من 20% من الوجود الأمريكي على الأرض. في أفغانستان والعراق، مكن المتعاقدون الحكومة الأمريكية من توسيع وجودها العسكري بسرعة وبثمنٍ بخس. لكنهم أدوا أيضًا إلى سلسلة من الفضائح، وقعت أسوؤها سمعة في عام 2007، عندما قتل متعاقدو بلاك ووتر 17 مدنيًا بساحة النسور في بغداد. في أبريل 2015، وبعد حوالي 8 سنوات من الواقعة، حكم قاض فيدرالي على أربعة من حراس بلاك ووتر السابقين بعقوبات طويلة في السجن.لكن ماكفيت يضع نصب عينيه مشكلة أكبر يشكلها المتعاقدون العسكريون من القطاع الخاص: الدمار الذي يسببونه للنظام العالمي. في الوقت الحالي، يكتب ماكفيت، فإن سوق القوة "يمثل سوقًا احتكارية؛ حيث يوجد مشترٍ مهيمن -وهو الولايات المتحدة- وعدة بائعين". لكن ذلك سيتغير بلا شك؛ خاصة لأن انسحاب الولايات المتحدة من العراق وأفغانستان قد زاد فقط من أهمية متعاقدي الأمن في هاتين البلدين. وبينما تدخل دولٌ أخرى -من بينها الصين ورسيا- لعبة التعاقد الخاص، فإن العالم سوف يشهد سوق قوة أكثر حرية.سوف تكون النتيجة، كما يتوقع ماكفيت، هي عودة العصور الوسطى، عندما كان المحاربون الخاصون هم من يقرر نتائج الصراعات وكانت الدول تقف على هامش السياسة العالمية. عالم "العصور الوسطى الجديدة" ذلك سوف يتميز ب"نظام عالمي متعدد الأقطاب من السلطات والتحالفات المتداخلة على نفس الرقعة من الأرض وتشكل الكيانات التي لا تمثل دولًا مركزه". لكنه ليس بالضرورة فوضويًا، يُطمئن ماكفيت القراء؛ حيث إن "النظام العالمي سوف يستمر في اضطراب مستدام يقوم باحتواء، بدلًا من حل، المشاكل".كيف يمكن للعالم تجنب استنساخ المشاكل الناجمة عن المقاتلين المستأجرين في العصور الوسطى؟ الإجابة، حسب ماكفيت، هي الاعتماد الأقل على المرتزقة الخالصين وتشجيع "المقاولين العسكريين". يبيع الأولون مهاراتهم لمن يدفع أكثر، بينما يُنشئ الآخرون جيوشًا بدلًا من قيادتها؛ وبالتالي يساهمون في الاستقرار. خلال حرب الثلاثين عامًا تضمن المقاولون العسكريون رموزًا مثل أرنست فون مانسفيلد، الذي أنشأ جيشًا لصالح البالتينات الانتخابية، وألبرشت فون فالنشتاين، الذي عرض خدماته على فرديناند الثاني إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة.لكن، في رسم استراتيجية للتعامل مع عالم من القوى المخصخصة، يسارع ماكفيت بالتخلي عن مبادئ مركزية الدول التي استفاد منها العالم للغاية منذ نهاية حرب الثلاثين عامًا. سوف تتطلب أكبر التحديات للأمن الأمريكي في الأعوام القادمة، من التغير المناخي إلى الإرهاب إلى الأمن الإلكتروني، تعاونًا أكثر ما بين الدول وليس أقل. ودعم الولايات المتحدة، سواء كان ضمنيًا أو غير ذلك، لسوق حرة للقوة سوف يفاقم فقط من تلك المشكلات.يقدم ماكفيت دراستي حالة متعمقتين للمتعاقدين المعاصرين: في ليبيريا، حيث لعبوا دور مقاولين عسكريين، وفي الصومال، حيث تصرفوا كمرتزقة. بعض قصصه لم تُرو من قبل على الإطلاق؛ الأمر الذي يجعل الكتاب قيمًا بشكل خاص. يتعلم القراء أنه بعد انتهاء الحرب الليبيرية الثانية عام 2003، أرادت وزارة الخارجية أن يكون الجيش الأمريكي جيشًا للبلاد؛ حيث إن الجيش القديم كان متورطًا في الصراع. لكن البنتاجون، المنشغل بالعراق وأفغانستان، رفض. لذا؛ فقد انحصر الخيار ما بين رؤية ليبيريا بدون أي جيش أو قيام الحكومة الأمريكية بالاستعانة بالقطاع الخاص كمصدر خارجي للقيام بالتدريب. عدم فعل شيء كان يعني الاعتراف بالهزيمة في ليبيريا؛ حيث ساعدت الولايات المتحدة في تقوية الجيش منذ إنشائها عام 1908.لذا؛ فقد اختارت وزارة الخارجية داين كورب لإعادة تأسيس القوات المسلحة الليبيرية. حسب ماكفيت، والذي كان المصمم الرئيس للبرنامج، فقد كان القرار هو "أول مرة خلال مئتي عام تستأجر فيها دولة ذات سيادة شركة مقاولات خاصة لتكوين القوات المسلحة لدولة أخرى ذات سيادة". وقد نجح البرنامج حتى الآن، حسب ماكفيت: حافظ جيش ليبيريا على السلام في الداخل، ظل مواليًا للحكومة، بل وأرسل قوات حفظ سلام إلى مالي عام 2013، بعد عشر سنوات من انتهاء الحرب الأهلية الليبيرية.يرى ماكفيت أن الفضل يعود إلى العديد من ابتكارات داين كورب في الوصول إلى تلك النتيجة، ومن بينها فحص مجندي الجيش الجدد للتأكد من أنهم لم يشاركوا في أي انتهاكات لحقوق الإنسان في الماضي، إضافة دروس التربية المدنية إلى التدريب الأساسي، والضغط على الحكومة الليبيرية لإصدار أمر تنفيذي بتسريح الجيش القديم، والذي أعطى مشروعية لعمل الشركة. بالنسبة لماكفيت، تعرض ليبيريا مثالًا لكيف يمكن للمقاولين العسكريين الذين يعملون في "سوق قوة يعتمد على وسيط" -تشكل فيه الحكومة والمتعاقدون شراكة عامة خاصة- أن يكونوا أداة قوية للاستقرار في عالم سيصبح قروسطيًا جديدًا دون ذلك.في المقابل، فإن استخدام المتعاقدين في دولة الصومال الفاشلة يوفر مثالًا دراميًا للقروسطية الجديدة. بعد أن سحبت الأمم المتحدة جميع قوات حفظ السلام من البلاد عام 1995، أصبحت السياسة محلية بشدة. استقدم إقليما صوماليلاند وبونتلاند شبه ذاتيي الحكم بالصومال شركات أمن خاصة للمساعدة في محاربة القرصنة على شواطئهما، كما فعلت حكومة الصومال المركزية الضعيفة. (حسب ماكفيت، بدأت واحدة من تلك الشركات على الأقل، وهي شركة ساراسن إنترناشونال، في شحن معدات عسكرية على طائرات شحن إلى الصومال، في انتهاك لحظر الأسلحة). دخلت الولايات المتحدة المعمعة أيضًا، كما يشرح ماكفيت؛ فقد استأجرت وزارة الخارجية داين كورب لتدريب وتسليح ونشر جنود قوات حفظ السلام من أوغندا وبوروندي و"مولت بشكل غير مباشر" شركة بانكروفت جلوبال ديفيلوبمنت لتدريب القوات الإفريقية على محاربة حركة الشباب الإسلامية الإرهابية، كل ذلك بدون ترك تواجد أمريكي واضح.في الصومال كانت المشكلة هي أنه لا توجد دولة حقيقية، لذا فلم يكن بمقدور الولايات المتحدة والدول الأخرى تشكيل جيش وطني شرعي، كما فعلوا في ليبيريا. الشيء المحير هو أن ماكفيت أدان وأشاد بالسياسة الأمريكية في الصومال في نفس الوقت. من ناحية هو يكتب أن "سوق المرتزقة الصومالي الحر ساهم في عدم الاستقرار بدلًا من إنهائه". ومن ناحية أخرى هو يجد "اضطرابًا مستدامًا" في البلاد يمكن أن يحمل رؤى لجلب الاستقرار للبلدان الفاشلة الأخرى. لكن بالتأكيد فإن ضحايا هجوم حركة الشباب في أبريل 2015 الدامي على جامعة في كينيا المجاورة لن يجدوا أي شيء مستدام بشأن الاضطراب في الصومال.بفحص العالم، يرى ماكفيت نظامًا قروسطيًا جديدًا ناشئًا يجب توجيهه في الاتجاه الصحيح. من المرجح أن يشجع نهج عدم التدخل في الصناعة العسكرية الخاصة إلى أسوأ نتيجة: سوق قوة حرة، مشابهة للوضع في الصومال أو الارتزاق المفترس في إيطاليا العصور الوسطى، والذي دفع ميكيافيللي إلى مناشدة الأمير الاعتماد على جيشه الخاص دائمًا. سوق قوة غير معتمد على وسيط هو وصفة لصراع لا ينتهي؛ نظرًا لأن الحرب تدفع. "المزيد من الحرب يعني المزيد من المرتزقة؛ مما يعطي الجيوش الخاصة المزيد من الموارد للاستمرار في تجارتها، مما يشجع على المزيد من الحرب"، يكتب ماكفيت.لؤي. ب/ وكالاتShare 0a href="http://twitter.com/share'text=هكذا تقوض "بلاك ووتر" وأخواتها النظام العالمي&url=http://www.elayem.com/'p=7868" onclick="window.open(this.href, 'Post this On twitter', 'menubar=no,toolbar=no,resizable=no,scrollbars=no,width=600,height=455');"Tweet 0Share 0a href="#" onclick="javascript:window.open('http://www.linkedin.com/shareArticle'mini=true&url=http://www.elayem.com/'p=7868&title=هكذا تقوض "بلاك ووتر" وأخواتها النظام العالمي&source=http://www.elayem.com', , 'menubar=no,toolbar=no,resizable=no,scrollbars=no,height=455,width=600');return false;"Share 0a href="http://pinterest.com/pin/create/bookmarklet/'media=http://www.elayem.com/wp-content/uploads/2015/07/JP-BLACKWATER-videoSixteenByNine1050-1024x576.jpg& url=http://www.elayem.com/'p=7868& is_video=false&description=هكذا تقوض "بلاك ووتر" وأخواتها النظام العالمي" onclick="javascript:window.open(this.href, '_blank', 'menubar=no,toolbar=no,resizable=no,scrollbars=no,height=455,width=600');return false;"Share 0


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)