الجزائر - A la une


نعم... لنستهلك جزائري!
ضحكت وأنا أقرأ شعار الحملة التي تقودها وزارة التجارة هذه الأيام “لنستهلك جزائري”، تابعت حملة مشابهة قام بها الاعلام الفرنسي سنوات التسعينيات لتشجيع المستهلك الفرنسي في إطار السوق الأوربية على تفضيله المنتوج الفرنسي. وخرجت شخصيات سينمائية ووجوه ثقافية تتصدر الحملة لإقناع الفرنسيين على استهلاك منتوج بلادهم، لأن هذا معناه حماية مناصب العمل الفرنسية في المعامل والمزارع.لكن ماذا عن منتوجنا الذي يريد عمارة بن يونس التشجيع على استهلاكه، هل وضع قائمة للمنتوجات الجزائرية الكاسدة والتي تخضع للمنافسة ليشجع على استهلاكها؟ وهل تركت الحاويات التي تنقل إلينا يوميا عبر الموانئ مزابل صناعات الشعوب الأخري لنستهلكه؟ليملينا عمارة بن يونس وحدة وحدة، ويذكر لنا مثلا في صناعة مواد التجميل والنظافة ماذا بقي من ماركات لم تغلق أبوابها ولا أتحدث عن مصانع الألبسة والأحذية والصناعات الجلدية التي كانت تنافس الصناعات الأوروبية ثم أغلقت أو بيعت بالدينار الرمزي في إطار حملة تصفية الاقتصاد الوطني والصناعات الوطنية، لتترك السوق مفتوحة أمام أرباب الحاويات وأثرياء الأزمة ممن استغلوا غرق الجزائر في الإرهاب، ليزيدوها إرهابا أخطر وهو إمتصاص دم الجزائريين وتفتيت المصانع في إطار الخوصصة المشؤومة.السنة الماضية افتتح مصنع رونو بوهران على أنقاض مصنع للرافعات من إنجاز زمن التحديات والرجال.والأمر من ذلك أن وزارة الصناعة ذهبت إلى حد العمل على شراء الرافعات التي لا يقل ثمنها عن المليار سنتيم، بأبخس الأثمان وتبيعها لمصنع رونو بأسعار مماثلة لتستعمل في صناعة السيارات التي لهثت الجزائر وراء فرنسا لتقبل بمنح “دولة الإنجازات” مصنعا يحفظ ماء الوجه، لنتباهى به أمام المتشدقين الناكرين لإنجازات المرحلة!هل يعرف عمارة بن يونس، المدافع الشرس عن العهدة الرابعة وقاد حربا من أجلها في فرنسا وتلقى الشتائم والسباب وهو يطأطئ رأسه خجلا؟ هل يعلم أن الفلاحة هي الأخرى تواجه نفس المصير الخبيث الذي واجهته الصناعة منذ التسعينيان والمنتوجات الفلاحية هي الأخرى تعاني من منافسة منتوجات الحاويات التي يطرحها السماسرة في السوق بأسعار تنافس المنتوجات المحلية. وبعد بضعة سنوات ينتهي الأمر بالفلاح للتخلي عن الإنتاج الذي يكلفه غاليا ولا يصمد منتوجه أمام البضائع المستوردة، ومن بعدها يخلو السوق إلى أصحاب الحاويات ويرفعون الأسعار كيفما شاءوا في غياب مؤسسات الدولة والرقابة وفي غياب الضمير وفي غياب الرجال؟هيا! ليقل لنا عمارة ما هي المنتوجات الجزائرية التي يشجعنا على استهلاكها حفاظا على الصناعات وعلى مناصب عمل أبنائنا؟ ونحن سنتسابق على اقتنائها بعد أن يقنع الجزائريين بأنها أحسن من المستوردة وهو قادر على الاقناع، ألم يكن أحد أعمدة دعاة العهدة الرابعة ونجح في المهمة؟!فكرة تليق بالشعوب التي ما زال في صدرها شيئا من الوطنية، شعوبا لا يحكمها المتآمرون على مصيرها، الساهرين على تدمير إنجازاتها مثلما حدث مع الجزائر.حتى البصل النتن صرنا نستورده من مصر، ولا أتحدث عن القمح والحليب وعن حاويات الصين التي كسرت الصناعات النسيجية.في انتظار أن تنجح حملة بن يونس ولا تعرف مصير قرار تحرير بيع الخمور، يقول لنا الناطق باسم الدولة في غياب أولي أمر الدولة من الساحة السياسية أن 45 سفيرا ينتظر على الأبواب، لا أدري أبواب مقر منتدى رجال الأعمال أو وزارة الخارجية لكي يستقبلهم.وللأمانة بقي وحده علي حداد الذي يعطي نشاطه انطباعا أن البلاد لم تدخل بعد مرحلة الموت الإكلينيكي، ووحده تملأ صورته وسائل الإعلام!!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)