الجزائر - A la une

نحو سياسة استثمارية أفضل



نحو سياسة استثمارية أفضل
ليس بسرّ أن كل دول العالم تسعى لتوسيع وتطوير مداخيلها عبر تنويع المصادر الممكنة، وتقليص الاعتماد على مصدر واحد رئيس. قد يكون هذا الكلام من البديهيات الاقتصادية المعروفة حتى يكاد يقترب من السذاجة، لكن هذه هي الحقيقة، وهناك تفاوت في أداء الدول في هذه المسألة، فمنها من تمكن من توسيع مصادر الدخل بشكل إيجابي وفعال ومؤثر، ومنها من لا يزال أسير المصدر الواحد للدخل.وفي السعودية وضعت الدولة أهدافا اقتصادية واضحة وصريحة في خططها المطروحة، وكان من أهم أهدافها توسيع المداخيل الاقتصادية بعيدا عن النفط، ووضعت العديد من السياسات. وأنشأت العديد من المؤسسات لتحقيق ذلك الأمر، ولعل من أهم هذه المؤسسات المعنية بذلك الأمر الحيوي والاستراتيجي الهيئة العامة للاستثمار، والتي كان الهدف الأساسي من وراء إنشائها هو إيجاد أرضية مرحبة آمنة للمستثمر، وذلك من أجل الاستثمار في السعودية في شتى المجالات التقليدية أو غير التقليدية، ولذلك كان الخبر المنشور في صحيفة ”الاقتصادية” مؤخرا بأن السعودية تسجل أدنى مستوى للاستثمار الأجنبي المباشر منذ عام 2008 مثارا للقلق الشديد والاستغراب الأشد.كان من المعروف أن الهيئة العامة للاستثمار ستكون الذراع التشريعية والقانونية المقدمة للخدمات والضامنة لسوية الإجراءات حتى تصل بالمستثمر إلى بر الأمان، وتمنحه الطمأنينة والثقة والأمان والجدارة المنشودة. لكن المتابع لتطور حال الاستثمار لا بد أن يصاب بصدمة، وأن تنتابه خيبة أمل في الأداء المتبع. فلماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد؟ وأصبح عدد الشركات ”المعلقة” بلا تجديد لإجراءات تصاريحها أو التي ألغيت تصاريحها يكاد يبلغ أعدادا هائلة، ويوازي تقريبا الشركات التي تمنح تصاريح جديدة.فالهيئة العامة للاستثمار ينبغي أن تتعامل مع المستثمر الدولي القادم للسعودية على أنه ”فرصة” يجب استثمارها، وتوفر له كل السبل لتطوير فرصته هنا وتمنحه التسهيلات اللازمة حتى يزيد من حجم استثماراته، ويضاعف فرص الاستفادة محليا منها سواء بتوظيف المواطنين، أو تشغيل الشركات المقدمة للخدمات في السعودية.. لكن الإجراءات المتبعة أدت لخروج العديد من الشركات إلى أسواق أخرى، كما أن الهيئة العامة للاستثمار كان عليها أن تنتهز فرصة التعامل مع موضوع الثورات العربية وتقدم يد العون لرؤوس الأموال الهاربة (سواء الوطنية منها أو العالمية) من تلك البلدان الملتهبة، لتأتي بها إلى السوق السعودية، مثلما فعلت دبي والدوحة ومسقط على سبيل المثال، لكن كان هناك روتين قاتل فوت الفرصة على حجم هائل من رؤوس الأموال والأفكار المهمة أن تأتي للسوق السعودية. في نظري هناك تعقيدات هائلة طرأت على أسلوب التعامل.هذا المناخ المنفر للاستثمار الأجنبي في أكثر أسواق المنطقة مسألة تحد، وتخنق أي فرص تنويع في مصادر الدخل المنشود بشكل عملي ومؤثر.الهيئة العامة للاستثمار وجدت لتيسير وتذليل عقبات الاستثمار، واستغلال فوائده لفتح وبناء جسور الثقة بين بلدان العالم.السوق السعودية التي تنتمي إلى اقتصاد عالمي مؤثر بحاجة لروح الإبداع والتميز والفكر الخلاق والإدارة المتحفزة. وما يحدث اليوم هو أبعد ما يكون عن كل ذلك.السعودية تستحق بجدارة أفضل من ذلك، فهي الاقتصاد الأكبر والأهم في الشرق الأوسط، ودولة عالمية مؤثرة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)