الجزائر - 01- Généralités

نبذة تاريخية عن الأرشيف



مقدمة
يعتبر الأرشيف ذاكرة الأمة و المادة الأولية للبحث العلمي و كتابة التاريخ، فهو يكتسي أهمية بالغة لدى الشعوب كونه يضم تاريخها و حاضرها و يمثل أساس مستقبلها، و يضمن للشعوب الحق في التعرف على تاريخها كما يضمن كذلك حقوق الأشخاص و الدول.
و من هذا المنطلق نطرح الإشكالية التالية: ما مفهوم الأرشيف؟ و كيف تطور عبر التاريخ؟ و في ما تمثلت أهميته؟
و للإجابة على الإشكالية المطروحة نقترح الخطة التالية:
المبحث الأول بعنوان مفهوم الأرشيف و أهميته، يندرج تحته ثلاثة مطالب الأول بعنوان مفهوم الأرشيف لغة و اصطلاحا و هنا ننظر لعدد من التعريفات التي أطلقها خبراء أو منظمات، و المطلب الثاني بعنوان مفهوم الوثيقة الأرشيفية، و المطلب الثالث بعنوان أهمية الأرشيف و الذي يحتوى على نقاط تبين أهمية الأرشيف من عدة نواحي.
المبحث الثاني بعنوان الأرشيف عبر العصور، و يندرج تحته ثلاثة مطالب الأول بعنوان الأرشيف في العصور القديمة، و الثاني الأرشيف في العصور الوسيط و الأخير بعنوان الأرشيف في العصور الحديثة.
و لدعم هذا الموضوع تم الاعتماد على مجموعة من المصادر و المراجع التي تخدم الموضوع نذكر منها: مدخل لدراسة الأرشيف لجمال الخولي، الأرشيف و الوثائق و المخطوطات لحسان حلاق و مقدمة في تاريخ الأرشيف ل السيد محمد إبراهيم و غيرها.





المبحث الأول: مفهوم الأرشيف و أهميته
المطلب 01: الأرشيف لغة و اصطلاحا
1. مفهوم الأرشيف لغة:
كلمة أرشيف هي كلمة مشتقة من الكلمة اليونانية أرخيونArkhion بمعنى مبنى الإدارة أو مقر و مكتب رئيس القضاة أو مجلس الشيوخ، و في المقاطعات الصغير كانت تطلق على مجلس المدينة.
في قاموس اكسفورد: تعني مكان الحفظ الوثائق العامة أو المستندات التاريخية.
في قاموس ويبستر: يعرف على أنه المكان الحكومي الأول الذي تحفظ فيه التقارير الرسمية و الوثائق و المستندات التاريخية.
الأرشيف هو المكان الذي جمعت فيه و حفظت في الوثائق طريقة مرتبة و في مجموعات .
2. مفهوم الأرشيف اصطلاحا:
هو الهيئة التي تتولى مهمة حفظ الوثائق و السجلات و القيود و المدونات المصورة منظمة إن كانت صادرة عن مؤسسة عامة أو سبه عامة، سواء كانت دائرة أعمال أو هيئة خاصة، و كذلك نقصد به حفظ ما يخص أنساب العائلات و الشخصيات البارزة التي تقد عند حفظها فائدة في توفير المصادر الولية و الأدلة و الشواهد على تاريخ البلاد و أصول شعبها .
المطلب 02: مفهوم الوثيقة الأرشيفية
بمقتضى قانون رقم 88-09 المؤرخ في 26 يناير من سنة 1988م: يمكن تعريف الوثيقة الأرشيفية أنها عبارة عن وثائق تتضمن أخبار مهما يكن تاريخها أو شكلها أو سندها المادي، أنتجها أو سلمها أي شخص طبيعيا كان أو معنويا أو أية هيئة أو مصلحة عمومية كانت آو خاصة أثناء ممارسة لنشاطها .

كما يعرفها دافيد إيردال: أنها كل مكتوب أو محرر يزودنا بدليل أو معلومات حول أي موضوع مثل المسكوكات، شواهد القبور و الأفلام و الرسومات الملونة و الخرائط و المراسلات و عقود الملكية .
المطلب 03: أهمية الأرشيف
 حفظ ما يخص تاريخ أنساب العائلات و الشخصيات البارزة التي تقدم عند حفظها فائدة في توفير المصادر الأولية و أدلة و شواهد على تاريخ بلاد و أصول شعبها .
 يمثل الأرشيف العنصر الأساسي لذاكرة الشعوب و الأفراد و الأمم، كما يمثل ماضي و حاضر الأمة، و يستشرف أفاق المستقبل، و بواسطته يمكن الحفاظ التراث القومي الوطني، و أيضا على الحقوق الوطنية و القومية، فهو يمثل عاملا أساسيا في كيان الدول و الحفاظ على حقوقها المشروعة فإذا ضاعت الأصول ضاع التاريخ.
 صيانة الوثائق و الانتفاع منها و الحفاظ و العناية على التراث المكتوب السمعي و البصري للتعريف به.
 الهدف من الأرشيف بشكل عام هو حفظ المستندات التي تعكس التراث الشامل للمجتمع في مختلف وجوهه السياسية، العسكرية، الاجتماعية، الاقتصادية، التربوية و الثقافية، بحيث تكون تعبيرا أصيلا و صادقا لمختلف نشاطات المجتمع و الدول بل و نشاط الأفراد و الجماعات .







المبحث الثاني: الأرشيف عبر العصور
المطلب 01: الأرشيف في العصور القديمة
1. الأرشيف في مصر و العراق:
مصر: نجد أن كتب الموتى هي أقدم المدونات البردية حيث وصتنا نسخ منها ترجع إلى الأسرة 18 التي حكمت بين سنتي 1580-1320 ق.م، كما وجدت لدى المصريين القدامى مدونات قانونية و رسمية و وجدت لديهم مصطلحات دقيقة لتسمية هذه المدونات مثل كلمة( سش) للدلالة على الوثيقة المكتوبة و (مزات) بمعنى التسجيلات.
العراق: ابن بلاد مابين النهريين كانت الموطن الأول للكتابة و التدوين، و قد دون العراقيون معارفهم و علومهم على الطين و الأحجار و قد كانت المدونات القانونية التي وضعها حمورابي، و رقيمات الطين و الجلود تعد نماذج للوثائق الأرشيفية .
2. في العهد الإغريقي:
ليس هناك دليل على وجود أرشيقات عند الإغريق القدماء فكلمة (بيليوتيكا) الإغريقية التي تقابلها اللفظة اللاتينية (بيليوتيكا) كانت عبارة عن مستودعات لحفظ الممتلكات و المواد التي نسميها اليوم المواد الأرشيفية، كما تم توحيد جميع المخازن السجلات الأثينية و حصرها في مكان واحد في المعبد المخصص لعبادة أم الآلهة الذي يعرف (بالميترون).
كانت القوانين تحفظ في (الميترون) و القرارات و المراسيم و التقارير الخاصة بالاجتماعات تحفظ في مجلس الشيوخ و مجلس العموم، و قرارات المحاكم الجنائية و القيود المالية و نسخ القرارات التي تأخذ من الهيئة القضائية العليا للدولة، أما الوثائق ذات الصفة الشخصية كانت تحفظ في مكان خاص لها .



3. الأرشيف في العصر الروماني:
كانت الوثائق و السجلات تحفظ في القصر الملكي و في قصور القناصل و النبلاء حتى القرن 5 ق.م ثم تم نقل ها إلى مباني عامة و ذلك لدواعي أمنية و لعل أولى الوحدات الأرشيفية الرومانية المنظمة هو الأرشيف الذي أسسه الزعيم السياسي "فاليريوس بوبليكولا" عام 509 ق.م في موضع يعرف (بالإيراريوم) أو الخزنة في معبد الإله (ساتيرون) و حفظت فيه القوانين و المراسيم و قرارات مجلس الشيوخ و مجلس الأعيان، و كل الوثائق المالية و السجلات، أما الوثائق السياسية التي تنظم علاقة روما بالدول الخارجية فقد حفظت بمبنى (الكابيتول).
كما أنشأ في الإمبراطورية الرومانية دار الوثائق القيصرية (التابولاريوم) لتصبح أول أرشيف وطني في التاريخ، و قد وجدت إلى جانب هذه الدار مؤسسات محلية سمية بالأرشيفات البلدية، كما أنشأ في كل معسكر روماني أرشيف عسكري و كذلك المؤسسات الدينية .
المطلب 02: الأرشيف في العصور الوسطى
تعددت في العصور الوسطى و تنوعت الامتيازات و ساد الإقطاع فكان لكل ناحية ذات سلطان أرشيف خاص بها الذي يشير إلى ما تملكه من حقوق و امتيازات، و كان هذا النوع من الأرشيف منفصلا عن الأرشيف الذي يملكه الملك نفسه، و لعل أهم ما ورثته أوربا من تلك عبر العصور الوسطى هي الوثائق الكنسية، إذ كانت الكنائس في تلك الفترة بعيد ة عن تقلبات الحروب و بمأمن من السلب و النهب.
وقد كان لملوك أوربا نوعان من الأرشيف: كانت موجودة منذ القرن 12م
الأرشيف الثابت: يتكون من مجموعة وثائق تحتفظ به في قصر الملك أو في مكان سري ولا يسمح بإخراج أي وثيقة منه إلا بأمر من الملك شخصيا.
الأرشيف المتنقل: هو جزء من وثائق المملكة لا يستغني الملك عن وجوده معه دائما حتى أثناء الحروب و الرحلات، و كان هذا الأرشيف عرضة لأخطار التدمير أو السرقة .

المطلب 03: الأرشيف في العصور الحديثة (الأرشيف العثماني)
لم تهتم الدولة العثمانية في البداية سوى بإصدار الفرمانات السلطانية الخاصة بتعين الأمراء و الولاة و منح الباشاوية أو الإمارة، و كانت مختلف الرسائل و الفرمانات لا تحفظ في أرشيف منظم خاص بالدولة، و نتيجة لعقد المعاهدات مع الدول الأجنبية نشأت في الأستانة خزانة لحفظ هذه الوثائق السياسية و الإدارية.
تركت الدولة العثمانية مابين القرن 16 و أوائل القرن 20م تراثا هاما من الأرشيف يضم ملايين من الوثائق و المراسلات و القرارات، كما تركت عشرات الآلاف من المخطوطات العثمانية التي بحثت في موضوعات سياسية و اقتصادية و اجتماعية.....و سواها من الموضوعات و سهلت للباحثين كتابة التاريخ العثماني .













الخاتمة
و مما سبق طرحه نستنتج:
أن هناك علاقة وطيدة و متكاملة بين الأرشيف و التاريخ فإذا كانت الأحداث هي من تصنع الأرشيف، فالأرشيف بدوره يعيد تشكيلها و يقيم صناعة التاريخ من خلال توثيقها و حفظها. كما يعد المادة الأصلية و الخام للباحثين خاصة في مجال تخصص تاريخ.















قائمة المصادر و المراجع
1. الآلوسي سالم عبود ، محمد محجوب مالك، الأرشيف تاريخه أصنافه و إدارته، ط1، دار الحرية، بغداد، 1979م.
2. بلواز جمال ، النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بتسيير الأرشيف الوطني الجزائري، المديرية العامة للأرشيف الوطني.
3. حلاق حسان ، الأرشيف و الوثائق و المخطوطات، ط1، دار النهضة العربية، بيروت، 2003م.
4. الخولي جمال ، مدخل لدراسة الأرشيف، (د.ط)، دار الثقافة العلمية، الإسكندرية، (د.س).
5. السيد جمال إبراهيم ، مقدمة في تاريخ الأرشيف و وحداته، (د.ط)، دار الثقافة، القاهرة، 1987م.

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)