الجزائر - A la une

موت الزوج يرغمهما على بيع الأعشاب العطرية و النباتات البرية على الأرصفة


موت الزوج يرغمهما على بيع الأعشاب العطرية و النباتات البرية على الأرصفة
أرملتان تتحديان الظروف و المرض من أجل إعالة أبنائهما الأيتامأرملتان في العقد الخامس من العمر، اقتحمتا مجال بيع الأعشاب العطرية و النباتات البرية و الزهور، بعد أن أثقلت كاهلهما المسؤولية بعد رحيل زوجيهما، فافترشتا الرصيف لعرض سلعتيهما لسد حاجيات أبنائهما بثمنها، إنهما تتحديان الصعاب و تكافحان من أجل الكسب الحلال و العيش الكريم و تدريس أبنائهما، النصر التقت بهما ففتحا قلبيهما للقراء و تحدثتا عن الأسباب الحقيقية وراء ولوج مهنة كانت حكرا على الرجال.توجهنا إلى محيط سوق بطو عند مدخل نهج بن مليك ، فالتقينا بالسيدة الأولى التي تحفظت عن نشر اسمها و حليمة، و قد بدت على وجهيهما الشاحبين علامات الإرهاق و المرض و التعاسة و الشيخوخة المبكرة، و بدت أيديهما متشققة و جافة، لكنهما كانتا تتعاملان بلطف مع الزبائن و تقدمان لهم نصائح حول طريقة استعمال كل عشبة و فوائدها الصحية، و كانتا تحظيان باحترام الباعة الرجال الذين يشتركان معهما في مكان العرض و البيع.أطعم أبنائي من عرق جبيني و لا أمد يدي لأحدإنهما تفترشان صناديق الخضر المغطاة بغطاء بلاستيكي، و تضعان فوقها مختلف أنواع الأعشاب العطرية و النباتات البرية، غير أنهما تختلفان في أسلوب الترويج لسلعتيهما، فحليمة تفضل الجلوس في وضعية القرفصاء مع التزام الصمت، فيما تبدو «بائعة النباتات «التي رفضت أن تخبرنا بسنها و اسمها، ، في غاية النشاط و الحيوية، غير أن اعوجاج ظهرها يوضح مدى معاناتها ، و تستعمل عبارات الترحيب بزبوناتها على غرار «مرحبا أخواتي» .السيدة القاطنة بضواحي مدينة قسنطينة، قالت للنصر بأنها بدأت العمل بهذا المجال منذ أكثر من 20 سنة، بعد أن فارق زوجها الحياة في حادث مرور و عمره 40 عاما، تاركا سبعة أبناء أيتام أصغرهم كان آنذاك في الثالثة من عمره، و لم يكن لديها مصدر رزق تُعيل به أفراد أسرتها، ما جعلها تخرج إلى الشارع للبحث عن عمل. و أضافت بأنها فضلت أن تمارس مهنة زوجها الذي كان ولوعا بخدمة الأرض و زرعها، موضحة بأنها هي الأخرى تعشق الفلاحة و الزراعة و الاهتمام بالنباتات، فتخصصت في بيع الأعشاب العطرية، حيث كانت في البداية تعمل في سوق بومزو بوسط المدينة، و قد كانت آنذاك تخرج من البيت بعد آذان الفجر، لتقتني السلع من بائعي الجملة، لتلتحق بعدها بمكان البيع لتبدأ يومها. و قالت بأنها عانت كثيرا و ظهرها اعوج، بسبب تعدد مسؤولياتها بين أشغال البيت و عملها خارجه و كذا حمل الأكياس الثقيلة على ظهرها، ما جعلها تذوق مرارة الحياة من أجل التكفل باحتياجات أبنائها و تعليمهم، مؤكدة « أتوقع أن ينفرج وضعي و تتحسن حالتي الاجتماعية بعد إنهاء أبنائي دراستهم الجامعية»، مشيرة إلى أن مصاريفهم و حاجياتهم زادت عندما كبروا، و لا تزال لحد الساعة تعمل من أجلهم، إذ لم يتمكنوا من الظفر بمنصب شغل، و بينت بأن ثلاثة من أبنائها تزوجوا و أصبحوا مستقلين عنها و يتكفلون بأسرهم الصغيرة بدخلهم محدود، فيما توقف مؤخرا أحد أبنائها عن الدراسة في السنة الأولى ثانوي، بعد أن تم تحويله لتخصص لا يرغب في دراسته. المرأة الحديدية التي تحدثنا إليها شعارها في الحياة «كسب الحلال و عدم مد يدها لطلب الصدقة»، قائلة «أريد أن أطعم أبنائي من عرق جبيني و لا أمد يدي للناس .. حتى لا أذل نفسي»، و أضافت بأن حبها للفلاحة، جعلها تختار هذا المجال بالضبط، معربة عن حسرتها لغزو الإسمنت و المباني للأراضي الزراعية بقسنطينة. محدثتنا أردفت بأنها عندما ترى البنايات تكتسح الاخضرار تتأثر نفسيتها كثيرا، فقد كانت تملك قطعة أرضية وقت سابق و حاولت في عديد المرات أن تحصل على دعم فلاحي غير أن كل محاولاتها باءت بالفشل، مشيرة إلى أنها كانت تقطن في منطقة فلاحية، و لها دراية واسعة بأمور الفلاحة، حيث تبيع مختلف النباتات البرية و الأعشاب العطرية على طاولتها على غرار « الزبوش» الذي تنصح الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم بتناوله،، و «بوبرايس» و كذا «السكوم» الذي قالت بأن قطفه صعب جدا لأنه مليء بالشوك، بالإضافة إلى نبتة «وردالة» و «سمومة» و «بوشناف» و «الخبايز»، مؤكدة بأن هذه النباتات مفيدة للصحة، إذا تم طهيها مع «السلق» أي السبانخ ، و كذا الصبار الذي يستعمل لتلطيف البشرة و كذا للشعر .السيدة حليمة، القاطنة بحي الصنوبر «الشالي» و 55 عاما من عمرها قالت لنا بأن الظروف القاهرة هي دفعتها للعمل، بالرغم من معاناتها من مرض مزمن و هو ارتفاع ضغط الدم، حيث توفي زوجها و هو في مقتبل العمر، و ترك لها أربعة أبناء، ما جعلها تقتحم مجال بيع الأعشاب العطرية القصبر «الدبشة» و البقدونس «المعندوس» و الكرافس، حيث تستيقظ عند آذان الفجر و تخرج من بيتها في حدود الخامسة و النصف صباحا، لتلتحق يوميا بمكان عملها مشيا على الأقدام، ما عدا يوم الجمعة، و تفضل أن تنهي عملها في حدود الثانية بعد الزوال، لأنها لا تستطيع أن تقاوم التعب بحكم اصابتها بمرض مزمن، مضيفة بأن حالتها الاجتماعية تحسنت بعد أن تخرجت ابنتها الكبرى و أصبحت أستاذة بالجامعة، ما جعلها تتوقف لفترة عن العمل، لكن شاء القدر أن تخطف المنية ابنتها الأستاذة في حادث مرور هي وزوجها منذ أكثر من ثلاث سنوات، ما جعلها تضطر للعودة إلى عملها السابق، من أجل التكفل بابنيها التوأمين و ابنتها الجامعية، و كذا أبناء ابنتها المتوفاة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)