الجزائر - A la une

مواطنون يدلون بشهادات زور مقابل "سندويتشات"



مواطنون يدلون بشهادات زور مقابل
يضطر المرء في العديد من الأحيان أثناء خوضه رحلة استخراج بعض وثائقه الإدارية إلى البحث عن شهود حسب ما يقتضيه القانون، غير أن الشهادة هي الأخرى مسّها الفساد أيضا وسوء النوايا، لتتحوّل في الآونة الأخيرة إلى مهنة للعديد من الشبان البطالين وحتى الكهول، والذين لا يتوانون عن إدلاء شهاداتهم لأشخاص لا يعرفونهم ولا يمتّون إليهم بأي صلة مقابل الحصول على بضعة دنانير.تعجّ المساحات المقابلة للبلديات وملحقاتها الإدارية بعشرات المواطنين من مختلف الأعمار منهم شبان بطالون، كهول، وحتى شيوخ، يتجمعون في مجالس للعب "الورق" و"الدومينو" أو التحدث في أمورهم الخاصة، في انتظار أن يقدم أي شخص لطلب مساعدتهم وشراء ضميرهم وشهادتهم مقابل 200 دج أو "ساندويتش". وهي الحادثة التي وقعت مع "ف. خ"، 19 سنة، طالب جامعي من حسين داي، كان بصدد استخراج ملف المنحة والذي يتوجب فيه إحضار شهادة عدم العمل الخاصة بوالدته وعليه أن يحضر معه شاهدين بذلك، ولأن الحي الذي يقطن فيه بعيد جدا عن مقر البلدية فكّر في الاستنجاد بشابين كانا موجودين في السوق البلدي، ووافقا على الشهادة شريطة أن يمنح كل واحد منهما مبلغ 200 دج، مضيفا أنهما لم يحاولا التأكد من صحة عمل والدته أو لا رغم إصراره عليهما بالتحدث إليها هاتفيا، لكنهما أكدا على المبلغ ليدخلا برفقته البلدية ويقدما بطاقات التعريف الخاصة بهما ويقبضا فيما بعد ثمن شهادتهما، مستطردا: "صحيح أن والدتي لا تعمل، لكن ما هالني أنها لو كانت عاملة، لما اكترث الشابان ولقدّما شهادة زور يؤثمان عليها". نفس المشهد تكرر مع أحد الطلبة الجامعيين أيضا، والذي يزاول دراسته في جامعة الجزائر 3، حيث صُدم وهو بصدد تحضير ملف المنحة الجامعية عند استخراجه لشهادة عدم العمل بضرورة جلب شاهد ثان لأنه كان برفقة صديقه، بحث مطولاً، غير أن معظم الشبان داخل الملحقة التابعة للبلدية رفضوا بحجة أنهم لا يعرفونه أو لا يحملون بطاقات التعريف الوطنية، وفي المقهى القريب من الملحقة عرض عليه أحد الشيوخ أن يدلي بشهادته بالمال وليس مجاناً، وعندما استغرب الأمر واعتقد أنه يمازحه رد الشيخ بشكل حازم بأنها الحقيقة قائلا: إذا رغبت في شهادتي فعليك دفع ثمن وجبة فطور "ساندويتش"، ليرضخ محدثنا لطلبه رغم أنه طالب لا حول له ولا قوة ولا يملك أي مصدر رزق. واعتبرت السيدة "عقيلة" أن ما يحدث حاليا ينذر بكارثة حقيقية، فقد غاب الوازع الديني والأخلاقي وأصبح الناس يفتّشون عن الربح فقط، فهي أرملة منذ 20 عاما وأمّ لطفلين، وفي كل سنة تكون بحاجة إلى شهادة من جيرانها يصرّحون فيها بأنها لم تتزوج حتى تستفيد من مرتب زوجها، وقد تمت الأمور على ذلك النحو لسنوات لم تواجه فيها أيّ مشكلة، غير أنها مؤخرا أي منذ حوالي 4 سنوات على حد قولها، أصبح الجميعُ يرفضون الشهادة معها وهو ما يضطرّها إلى الاستعانة بشبّان الحي ومنحهم مبلغ ألف دينار كي يدلوا بشهادتهم، أو اقتناء بعض الأغراض كالحليب والخبز لإحدى جاراتها حتى ترضى بمرافقتها. مواصلة: الناس لم يعد يهمّهم إن كنت متزوجة أم لا، بل ماذا سأدفع لهم مقابل شهادتهم فقط.ولا يقتصر شراء الشهادات على الوثائق الإدارية فقط، بل إن هناك مواطنين لا يتوانون عن الإدلاء بشهاداتهم زورا وبهتانا أمام الضبطية القضائية والمحاكم فقط في سبيل الحصول على الأموال، فهناك من يدلي بشهادته زورا طمعا في المال وآخرون لقاء وعود بالعمل والزواج بل وحتى من يفعل ذلك نكاية في أحد طرفي النزاع وانتقاما منه متناسيا أنه في حال ثبوت العكس فسيُتابع بالتصريح الكاذب.وحول الموضوع، أفاد الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية وإمام مسجد تيليملي، الشيخ "جلول حجيمي": أن هذا النوع من الشهادات يعدّ زورا وهو كبيرة من الكبائر لكونه يشهد بما لا يعرف ويجب وضع حدّ لهم، فعلى المؤمن أن يقول شهادة الحق لقوله تعالى: "ومن يكتمها فإنه آثمٌ قلبه".فلا يكتم شهادة الحق ولا يقول ما ليس له به علم، لقوله تعالى: "وما شهدنا إلا بما علمنا". فالواجب على المؤمن أن يتحرى الشهادة حتى في الوثائق الإدارية حتى لا يُلحق ضررا بالآخرين. واستطرد الشيخ "حجيمي" أن غياب الوازع الديني عند أغلبية الناس وحبّ المال جعل الشبان يقدمون على تصرفات تتنافى مع الدين الإسلامي، غافلين عن الإثم الكبير، مضيفا أن الأموال التي يجنونها سحت وحرام.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)