الجزائر - A la une

مليكة بودالية القاصة والعضو السابق في "لجنة بن زاغو" ل"الجمهورية"



مليكة بودالية القاصة والعضو السابق في
"الاكتساب" أحسن طريقة لتعليم الأطفال وإبعاد المدرسة عن الصراعات السياسية أولى الأولوياتلا تزال جهود إصلاح المنظومة التربوية في الجزائر على قدم وساق، إذ وبالرغم من الورشات والمحاولات واللجان التي تم تشكيلها لحل مشاكل هذا القطاع، إلا أن الأمور للأسف بقيت مجرد حبر على ورق، والكثير من المراقبين والمختصين لا زالوا ينتظرون صياغة مقترحات، من شأنها الدفع بهذا القطاع الاستيراتيجي الحساس إلى الأمام.وفي خضم هذه الجهود والمبادرات التي تسعى إلى تقديم مقترحات وأفكار كفيلة بإخراج المنظومة التربوية من عنق الزجاجة، يذكر الجميع قيام وزارة التربية بتنصيب لجنة اقتراح حملت اسم "لجنة بن زاغو"، مهمتها تقديم حلول مستعجلة تكون عبارة عن خارطة طريق مستقبلية تسمح في الأخير لقطاع التربية، باللحاق بركب الدول المتقدمة في المجال التربوي، ومن بين الأعضاء الفاعلين الذين اشتغلوا في هذه اللجنة، واطلعوا على جميع كواليس اجتماعاتها ومداولاتها نذكر السيدة مليكة بودالية الكاتبة والمتخصصة في ما يسمى "الاكتساب"، حيث وفي لقاء جمعنا بها أمس بمقر "الجمهورية"، حاولنا في اللقاء الشيق الذي دام قرابة الساعة، معرفة جديدها الأدبي، تقييمها لعمل المنظومة التربوية في الجزائر، أسباب فشل جميع الجهود واللجان التي نصبت من قبل الوزارة، وما هي أهم الحلول لإصلاح هذا الخلل و"العجلة المثقوبة" التي بسببها تعطلت "سيارة قطاع التربية" في بلدنا.الاهتمام بالكفاءة الأساسيةومن بين المقترحات التي تقدمت بها السيدة بودالية لإصلاح ما يمكن إصلاحه من خلل أصاب جسد هذه المنظومة الهامة، "ضرورة الاهتمام بما سمته الكفاءة الأساسية بالموازة طبعا مع كفاءة المواد"، حيث وبعد صدور قانون التوجيه المدرسي لسنة 2008، طالب المشرع بضرورة مراعاة مقاربة الكفاءة من خلال عاملين اثنين هما الكفاءة "الأساسية" و"المواد"، حيث وحسب تصريح محدثتنا فإن الوزارة اهتمت أكثر بالهام (المواد) وتجاهلت الأهم (الأساسية) وهو ما وصفته بالأمر الخطير، وتكمن الخطورة هنا في كون أن الكفاءة الأساسية هي المنصة الحقيقية للسمو بأي منظومة تربوية في العالم، بمعنى آخر أن كل ما ليس مدرسي ولا تعليمي هو ما يضمن النجاح المدرسي في الأخير، وهذا من خلال تزويد الطفل برصيد هام من المدارك الثقافية الأساسية قبل ولوجه عالم الدراسة، عن طريق حساتي السماع واللمس... مشددة على أن هذا المعيار ليس وليد اليوم، بل هو قديم واشتغلت به الأمم العربية به منذ قرون خلت، حيث أن تطور الحضارة العربية ورقيّها، اقترن بالكفاءة الأساسية، التي تعني في مفهومها المبسط، ضرورة تلقين الطفل جوهر الحضارة قبل الدخول إلى المدرسة، وبضماننا التقديم الحضاري نكون قد كسبنا نصف الرهان، لينطلق بعدها الجهد التعليمي في مرحلة لاحقة، إذ يجب علينا هاهنا تحفيظ الطفل أمهات الشعر على غرار قصائد "الشنفرى"، "الأخطل" والفرزدق وجميع كبار الشعراء من أصحاب المعلقات المعروفين في موروثنا الحضاري الغزير، مع العمل على إدخال برامج تعنى بالثقافة الشعبية داخل المدرسة حتى يتوسع ذهن وفكر الطفل، ما يؤدي في الأخير إلى تزويده بمختلف القيم التربوية والإنسانية، التي تساهم في صقله وتنشئته منذ نعومة أظافره. إخراج المدرسة من حلبة السياسةواستغربت ضيفة "الجمهورية" في السياق ذاته من عدم الاهتمام أكثر بجهابذة الشعر والفلسفة والأدب المعروفين عندنا، على غرار "الجاحظ"، "ابن المقفع" وكتاب آخرين، داعية في نفس السياق إلى إخراج المدرسة الجزائرية من براثن الصراعات السياسية، وعدم جعلها رهينة لهذه المزايدات والتجاذبات التي كثيرا ما تؤثر في مسار التعليمي والبيداغوجي للطفل، معترفة في السياق ذاته أن مستقبل المنظومة التربوية عندنا غامض ولا يزال يحتاج إلى المزيد من الوقت لمعالجة جميع اختلالاته، فالإصلاحات التي لا تكون وفق منهجية علمية ولا تحمل نظرة استشرافية موضوعة على أسس مضبوطة ومتينة، سيكون مآلها الفشل والخاسر الوحيد هنا هو التلميذ، الذي بات اليوم رهينة برامج مدرسية معقدة وصعبة، متسائلة عن سبب تراجع مستوى التلاميذ والطلبة اليوم، ولماذا لم نعد نكوّن نخبة مثقفة كتلك التي تشكلت لدينا في سنوات السبعينات تتقن العربية والفرنسية عن ظهر قلب وتملك ثقافة عامة غزيرة ومتنوعة، ولماذا لا نعود إلى مناهجنا التربوية السابقة لاسيما كتاتيب حفظ القرآن التي خرّجت الكثير من الشباب المتمرس والمتفوق، فسياسة الحزب الواحد سنوات السبيعنات والثمانينات حسبها ساهمت بقسط كبير في تراجع وتهلل المدرسة الجزائرية، وبقيت رهينة لبعض صناع القرار الذين لم يكونوا للأسف مستقلين كلية في قراراتهم، منتقدة سياسة تقسيم النخب في الجزائر وتجزئتها إلى أجنحة وتيارات لا يخدم إلا أطراف أجنبية مغرضة.قصص تنتظر القراءوعن رؤيتها بخصوص طريقة تلقين الطفل وتلمذته، رأت محدثتنا أن أحسن وسيلة لتكوين هذه البراعم، هي الاكتساب من المهد إلى سن الثامنة من العمر، حيث لا نرغمه على القراءة ونحبب إليه السماع والرغبة في التفكير والاكتشاف، ولا نقيده بكتب التلوين حتى لا نقتل فيه روح الإبداع، لتعرج بعدها إلى إنتاجاتها الأدبية الغزيرة التي فاقت ال50 قصة منها 16 نشرت في فرنسا (2 من قبل داري نشر و14 مدرسة فرنسية)، موضحة أن الكثير من كتبها نقلت من العربية إلى لغة موليير، وأنه مع بداية القرن ال21 أصبحت العناوين القصصية، تفرض في جميع المدن الأوروبية، باعتبار أن القصة تسهل الدخول بعدها إلى مرحلة القراءة، مشيرة إلى أنها تفضل الكتابة بلغة مباشرة، جميلة وفيها أحيانا أسلوب "التكرار الهادف" مع مراعاة المنطق حتى نحبب للطفل القراءة ونغرس فيه حب السماع والمشاهدة والمطالعة والاكتشاف، بل وتعلم الكثير من المفردات والكلمات، ما يمكنه في النهاية وفي ظرف وجيز من تشكيل قاموس لغوي غني جدا ومتنوع، غير أنها لم تستسغ عدم قيام الكثير من بلديات وطن وحتى الوزارة الوصية (عدا وزارة الثقافة) بشراء قصصها التي تتوافق مع المناهج البيداغوجية، بالرغم من أنها تتناسب مع المقرر المدرسي في بلدنا، مؤكدة أن الكثير من المؤسسات التربوية الفرنسية، قامت باقتنائها لتلامذتها ووجدت فيه العديد من الفوائد والأمور الإيجابية على غرار "اسمها أديبة"، آه لو كان لي حمار"، "يقول: لا ! لا ! لا !"...إلخ... التي من شأنها أن تكسب الأطفال المزيد من المعارف والمدارك العلمية وحتى اللغوية. فهل ينتهي مسلسل إصلاح النظومة التربية في بلدنا أم أنه سيبقى هكذا يتخبط في جملة من المشاكل التي تؤثر فيه وترهن مستقبل ومستقبل أبنائنا التلاميذ ؟
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)