الجزائر - Revue de Presse


 لم يكن عبد الإله بن كيران ليخسر لو أكمل واجب العزاء، وبقي في مقبرة العالية إلى غاية نهاية مراسم تشييع جنازة الرئيس الراحل أحمد بن بلة. وله كل الوقت بعدها في أن يمارس السياسة ويلوم السلطات الجزائرية التي ''أخفت'' عليه حضور الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز الجنازة. وكان يستطيع بعدها أن يندد بتوريطه فيما يغضب ملكه. ويعرف بن كيران وملكه، حضر الجنازة أو لم يحضرها، أن فقيد الجزائر سيدفن في مربع الشهداء كما يليق بمقامه. ولم يكن الجزائريون، لأنهم هم الذين فقدوا رئيسهم الأول، لينتبهوا لحضوره، لكن بعد الذي فعله انتبه كل الناس أنه ينقصه كثيرا مما يدعو إليه هو ذاته.
من المفروض أن عبد الإله بن كيران يمثل توجها سياسيا مبنيا على الدين الإسلامي، ولا شك أنه لا يجهل أنه لا يليق ''التفرد'' بسلوك مثل الذي سلكه في مقبرة العالية، دينيا وأخلاقيا. ومع ذلك، فعلها وانسحب من الجنازة في الوقت الذي كان يدعو فيه الخطيب بالرحمة والمغفرة على الفقيد. وأكثر من ذلك، لو انسحب في صمت، لما أثار انتباه الناس، لأن المقام لم يكن للبروز أو النجومية، إنها مقبرة.
لقد انفرد ممثل الملك المغربي، بسلوك لا يمكن أن يفتخر به مهما كان مبرره. لقد انسحب من جنازة، وهو يعلم أن الجزائريين مثل المغاربة، في تقاليدهم لا يطردون الناس الذين يقصدونهم للفرح معهم أو لمواساتهم في فقدان ذويهم. إلا إذا كان ''المخزن'' يعتقد أنه من حقه أن يقيم للجزائر قوائم الأشخاص الذين يحق لها أن تستقبل عزاءهم، والذين يجب أن يعبّروا لها عن مواساتهم في من فقدت. فذلك أمر آخر.
وبعد كل هذا، يطلبون من الجزائر أن تفتح حدودها الغربية ليقاسموها ''بالتقسيط'' أو أكثر خيراتها. ولا يحركون ساكنا لتوقيف تدفق مخدراتهم، عليها. وقبلها يعرف المغاربة ذاتهم أن الذي أوفده ''ملكهم'' لمواساة الجزائريين في فقدان ''رئيسهم'' لا يستطيع أن يؤدي أكثر من الدور الذي أنيط له ولمن قبله في المنصب الذي هو فيه عندهم.
لا يعي عبد الإله بن كيران، الذي حظي قبل هذا باستقبال يليق بمقامه في الجزائر، كم سقط في أعين الجزائريين الذين مهما كانت مواقفهم من الراحل أحمد بن بلة عندما كان حيا، لكن تربيتهم وأخلاقهم على اختلافهم لا تسمح لهم بأن يفسدوا لحظات من المفروض أن تكون خالصة لله. أما وقد فعل، فإنه بيّن لهم أن ''المخزن'' وممثليه الجدد حتى ولو كانوا من أتباع بن كيران لن يتغير.



lahcenebr@yahoo.fr
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)