الجزائر - A la une

مرتفعات إفرحونان .. هنا توقفت الحياة!



مرتفعات إفرحونان .. هنا توقفت الحياة!
في الوقت الذي يستبشر الجميع خيرا بتساقط الثلوج، ويتسارع الكثير لالتقاط الصور التذكارية وزيارة الأماكن المعروفة بتراكمها فيها، يعيش سكان المرتفعات تحت رحمة الوجه الآخر للثلوج ويصارعون للتعايش الظرفي مع الصعوبات التي ترافق تساقطها في كل مرة، ومعهم السلطات المطالبة بمجابهة غضب الطبيعة وتوفير سلامة وأمن المواطنين للحفاظ على أرواحهم.للوقوف على جانب مما يواجهه سكان المناطق المعروفة بتراكم الثلوج فيها والمسؤولية الموكلة إلى المصالح المكلفة بمهمّة الإبقاء على عصب الحياة في مستعمرات الثلوج، رافقت "الشروق اليومي" أول أمس إحدى دوريات الدرك الوطني التي تولت مهمة فتح الطرقات المسدودة منذ بداية العاصفة الثلجية، خصوصا تلك الرابطة بين ولاية تيزي وزو والولايات المجاورة لها. في طريقنا إلى افرحونان الواقعة على بعد 75كم أقصى شرق ولاية تيزي وزو، سلكنا الطريق الوطني رقم 15 عبر دوائر الأربعاء ناث إيراثن، عين الحمام وصولا إلى الوجهة التي كانت زيارتها مغامرة في ظروف مماثلة، حيث عجزت أول أمس الخلية المكلفة بمتابعة التقلبات الجوية والمشكلة من قوات الدرك الوطني والسلطات العمومية، في الإبقاء على الطريق مفتوحا، حيث لم تتوقف الثلوج عن التساقط الكثيف لأكثر من 48ساعة متواصلة، ما جعل طبقة جليدية تتشكل على طول الطريق وتجعل الحركة على مستواه خطرة، ولم يكن أمر الوصول إلى مرتفعات افرحونان بالهين، حيث استوت الأرض بما عليها ما أزّم وضعية السكان وصعب مهمّة فتح الطرقات.معالم الحياة كانت تختفي تدريجيا كلما اقتربنا من وجهتنا، في الأربعاء ناث إيراثن لم تتوقف الحركة بشكل كبير حيث بقي الحد الأدنى للخدمات قائما، إذ فتحت بعض المحلات التجارية أبوابها، وخرج السكان لقضاء حاجاتهم تحت قساوة الطقس، وكانت السيارات العالقة في الثلوج والمنحرفة عن مسارها تصادفنا على طول الطريق، وساهم رجال الدورية في مساعدة أصحابها وإعادة السيارات إلى مسارها في حين كان سمك الثلوج يزداد كلما اتجهنا نحو عين الحمام وافرحونان المتواجدة على ارتفاع 1400متر على سطح البحر. عين الحمام ...طرقات مغلقة وأخرى زلجة وعائلات تلتزم منازلهابدخولنا إلى إقليم دائرة عين الحمام، بدأت الحركة تنعدم، حيث تكدست الثلوج على سمك كبير وأغلقت واجهات المحلات ومداخل المؤسسات العمومية والقرى والمداشر، وأصبحت مهمة اكتساحها مستحيلة نظرا لتساقطها المتواصل، ما جعل العائلات تلتزم منازلها وخروجها يكون للضرورة فقط، وكأن المنطقة أخليت على عروشها وبقي البياض سيد الموقف، حيث كانت الثلوج تكسو كل شيء يقابلك، وانقطعت الحركة إلا من الدورية التي رافقناها، لتظهر بين الحين والآخر مرافقة لنا بمرور حذر لمركبة ما أو سير متعثر لمترجل اضطر لقطع كيلومترات لقضاء حاجاته. مرتفعات افرحونان ...حياة منعدمة وصمت تخترقه كاسحات الثلوج مع دخولنا إلى افرحونان، استوت الأرض بما عليها بفعل تكدس الثلوج، فلا طرقات واضحة، لا منازل ولا قرى تظهر وكأن المنطقة أصبحت كومة من الثلوج، اختفى السكان وانقطع السبيل إلى القرى والمداشر المتناثرة بين الجبال، حيث بلغت درجات الحرارة مستوياتها الدنيا وتجمدت المياه في الحنفيات، كما كسا الجليد أسقف وواجهات المنازل، حيث اختفت معالم الحياة هنا بشكل كلّي، وبقيت كاسحات الثلوج والعتاد الخاص بقوات الدرك الوطني وكذا البلديات يكسر حاجز الصمت المخيم على المنطقة، واستسلم الجميع أمام غضب الطبيعة لاشتداد العاصفة وتراكم الثلوج في أقل من نصف ساعة بعد إزاحتها، لتصبح الحركة ممنوعة على غير السيارات رباعية الدفع.وأفاد المكلف بالإعلام لدى المجموعة الولائية للدرك الوطني السيد"لحبيب دحو" بأن مصالحهم شكلت خلية كلفت بمتابعة التقلبات الجوية، خصوصا وأن 97بالمائة من شبكة طرقات الولاية تابعة لاختصاصهم الإقليمي، ما جعل دوريات مشابهة تجوب الطرقات المغلقة باستمرار لنجدة العالقين فيها، ومن جهته قائد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بعين الحمام "نجادي ريمي" أوضح بأن مصالحه بالتنسيق مع قوات الجيش لا توفر أدنى جهد لفتح الطرقات المسدودة بالمنطقة، رغم كثافة تساقط الثلوج والمخاطر التي يواجهونها في ظروف مماثلة، إلا أن دعم السكان وتظافر الجهود يدفعهم للصمود والقيام بواجبهم. المرض ممنوع والصحة تحتضر في فترة الثلوجتسببت العاصفة الثلجية التي تشهدها ولاية تيزي وزو منذ أكثر من أسبوع، في غلق كلي للمؤسسات التربوية وتلاه شلل تام في الخدمات العمومية، إلا الحد الأدنى منها كالصحية في مستشفى عين الحمام، إلا أن تباعد القرى وانتشارها بين الجبال، وكذا ضيق مسالكها التي يصعب على كاسحات الثلوج الولوج إليها، يجعل من مهمة الوصول بالمريض إلى معالجه شبه مستحيلة، كما يجعل من مالك سيارة رباعية الدفع جرعة أوكسيجين لدى القرويين العالقين في الثلوج، حيث أكد مواطنون من بعض القرى المتضررة في اتصال ب"الشروق" أن المرض يكون ممنوعا عليهم في فترات تساقط الثلوج، كما يرتفع الاعتماد على الأعشاب الطبية في معالجة الأمراض كالالتهابات ونزلات البرد، أما الحالات الخطيرة فتتولى القرية بأكملها مهمة تحويل المريض أو المقبلة على الولادة إلى العيادة، سواء بما توفر من مركبات أو حملا على الأكتاف والحمير، رغم الإجراءات والاحتياطات التي تتخذ في كل مرة، إلا أن الطبيعة تهزمهم، فنقص غاز البوتان، والمواد الاستهلاكية الأساسية وانقطاع الكهرباء، يمكن التغاضي عليه والتحضير بتوفير متطلباتها مسبقا، إلا أن الحالات المرضية الطارئة تضعهم في حرج كل موسم ثلج.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)