الجزائر - A la une

مدن الجزائر تحتفل ب«شهر التراث» ومعالم في انتظار رد الاعتبار : ذاكرة الجزائريين تباع في المزادات العلنية ومواقع تاريخية عرضة للنهب


مدن الجزائر تحتفل ب«شهر التراث» ومعالم في انتظار رد الاعتبار : ذاكرة الجزائريين تباع في المزادات العلنية ومواقع تاريخية عرضة للنهب
أصحاب «الشكارة» يهدمون حصنا تاريخيا في عنابة لإقامة فندق
لاتزال الاحتفالات ب«شهر التراث الثقافي» في الجزائر، وفق نظر العديد من المتتبعين، بعيدة عما هو مأمول في حماية إرث حضاري بقي عرضة لعمليات السطو والتخريب أو حتى التهريب نحو بلدان أوروبية وأمريكية، ليعرض هناك في مزادات علنية على أنه «مقتنيات سياحية». ورغم أن وزارة الثقافة تؤكد في كل مرة أنها تبذل مجهودات «جبارة» لحماية التراث الجزائري بكل مكوناته، من مواقع تاريخية وأثرية، وحرف تقليدية وغيرها، بقيت الاحتفالات ب«شهر التراث» التي تقام ابتداء من ال 18 أفريل إلى غاية ال 18 ماي من كل سنة، مقتصرة على تنظيم معارض عادية تقدم فيها المنحوتات والزرابي والجرار الطينية وحتى الملابس التقليدية والطوابع البريدية، بينما يعتقد متتبعون أن «حماية التراث» أبعد وأعمق من هذا. وضمن هذا الإطار، قال الشاعر الشعبي توفيق ومان في حديث ل«البلاد» إن الاحتفالات ب«شهر التراث» التي أطلقتها وزارة الثقافة تعد مكسبا وبادرة خير، لكن لا يجب أن تكون مقتصرة على شهر واحد فقط. وقال إن الاحتفال يجب أن يأخذ في الحسبان بذل جهود إضافية لحماية الذاكرة الجزائرية التي صارت تعرض في المزادات العلنية بأوروبا والولايات المتحدة، موضحا «نسمع يوميا عن عمليات التهريب والاستنزاف لخيرات الجزائر من التحف النادرة.. لابد من سلطة ضبط قوية كي تحمي تراثنا وممتلكات وتاريخ الشعب الجزائري من السطو والنهب.. صحيح أن وزارة الثقافة عملت الواجب، لكن هذا يظل غير كاف.. لابد من تكاتف كل الجهود لحماية هوية الشعب الجزائري الذي تريد بعض الأطراف سلخه من الهوية التي نعتز ونفخر بها».
في السياق ذاته، قال ومان إن هناك من وصفهم ب«الخيرين» في الجزائر ممن يساهمون في الحفاظ على التراث الوطني، وذكر هنا الأستاذ سليم بشة الذي قام مؤخرا بالتبرع لوزارة الثقافة مع بعض المهتمين بلوحات ومجسمات نادرة تعود للزمن الغابر الجزائري. وتمثل تلك الهبات فترة تاريخية هامة، لتبقى الوزارة، وفق المتحدث، هي من تكمل حفظ هذه الثروة التي لا تقدر، وذلك من خلال الاعتناء بها وعرضها في الأماكن المناسبة «أمنيتي من كل جزائري لديه ولو قطعة مهما كان حجمها أو قيمتها، أن يرسلها إلى وزارة الثقافة كي تحفظ في مكان تتطلع فيه الأجيال عليها».
من ناحية أخرى، تعاني العديد من المواقع الأثرية في ولايات كثيرة حالة من التهميش أو حتى الإقصاء، ما جعلها عرضة للتخريب، فيما تحول بعضها إلى أوكار ل«المنحرفين» و«العشاق». أما البقية الباقية، فوقعت ضحية أمام «نفوذ» البعض، مثلما حصل لأحد المعالم الأثرية في مدينة عنابة، حيث أوضحت مصادر ل«البلاد» أن من يوصفون ب«أصحاب الشكارة»، أي الأثرياء وفق التعبير الجزائري، خططوا لإقامة فندق من ثلاثة طوابق مكان أحد أبرز وأهم المواقع التاريخية في المدينة القديمة «بلاز دارم»، وهو حصن قديم كان يستخدم لحراسة المدينة وبه العديد من المدافع الأثرية.
وقالت المصادر ذاتها إن رجل أعمال، شرع في هدم جزء من الحصن فتصدى له سكان المنطقة. ولا يتعلق الأمر هنا بمدينة عنابة حصرا، فالمثال يعد حالة فقط تعكس واقع الكثير من المواقع التاريخية في العديد من مناطق البلاد ينظر إليها على أنها «حجارة ميتة» و«غير منتجة» وفق تعبير وزير جزائري سابق رد على وزيرة الثقافة أمام نواب «البرلمان» قائلا «لست مستعدا لتمويل حجارة ميتة».


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)