
شرَّع الإسلام الطَّهارة وجعلها استهلالاً واستباحةً للعديد من العبادات، مثل: الصَّلاة، ، وقراءة القرآن، وقد بيَّن الإسلام كيفيَّة الطّهارة، ودواعي وجوبها، واستحبابها، وشروطها، ونواقضها، كما ميَّز جوانب الطَّهارة للذّكر والأُنثى، وحفِظ خصوصيّة كلٍّ منهما في شتّى الظّروف والأحوال، والطّهارة هي تعميم الماء والاغتسال به لإزالة الحدثَيْن أحدِهما أو كليهما، لتشمل سائر الجسد أو أعضاءَ مَخصوصةً بصفٍة مَخصوصَة، لِرفع أحد الحدثَين، والقيام بالعبادات الموقوفة عليها.
يُعرَّف لغةً بأنَّه تعميم غَسل الجسَد بِأكملِه، وهو المصْدر منْ غسَل الشّيء، يَغسِلْه غَسْلاً أوغُسْلاً، مأخوذَة من الفعل اغْتَسَلَ يغْتسِل اغتِسالَاً وغُسْلاً، ويُقال: الغُسُل (بضمِّ الغَين) للأمر اللازِم والواجِب، أمّا اصطِلاحَاً فهُو تعبُّد الله بِغسل الماء الطَّاهر وتعميمه على كامِل الجَسَد على صِفَة مخْصُوصَة.
المُسلِمُ بطبيعتِهِ طاهرٌ نقيٌّ من النَّجاسةِ، وطهارتُهُ حالٌ دائمةٌ لا تنقضُها النَّجاسةُ إن أصابت بدنَهُ أو ثوبَه أو غير ذلك، وإنَّما تُشترَطُ لاستهلالِ العباداتِ واستباحتِها سَلامةُ البَدنِ والثَّوبِ والمكانِ من أيِّ نجاسةٍ مادِّيَّةٍ تُصيبُه، فإن كانَ جُنُباً فهوَ طاهرٌ لا يقدِر إتيانَ بعض العباداتِ الموقوفةِ إلا بالاستحلالِ من الجنابةِ ، ويكون ذلكَ أيضاً للمرأةِ في حيضِها ونفاسِها، فهي بذاتِها طاهرةٌ أصابتها نجاسةٌ وعليها تَطهيرُها، ولا تنجُسُ بالذي أصابها، ومن موجِباتِ الغُسلِ للمرأةِ:
لا بُدَّ لكلّ عَملٍ أُريدَ به وَجهَ الله مِن في القلب؛ فتنوي المرأة نيَّة الغُسل والطّهارة، ثمَّ تُسمِّي وتبدأ بغسل فرجها، ثمّ تتوضَّأ وتفيض الماء على رأسها ثلاث مرّاتٍ على أن يصل الماء إلى جذور الشّعر، ثمّ تسكُب الماء على سائر بدنها بدءاً بالشّقّ الأيمن ومنه إلى الشقّ الأيسر، مع مُراعاة وُصول الماء إلى ما يَتوارى من الجسد، مثل: السُّرة، والإبط، وخلف الأذن.
وقد ذُكِر في غُسل المرأة التي ضَفرت شَعرها ضَفراً قويّاً يَمنعُ الماءَ من الوُصولِ إلى فَروة الرّأس أنّه كان عَليها أن تحلّه، أمّا إن كانت قد ضَفرته ضفراً رقيقاً لا يَمنع المَاء من الوُصول إلى فروة الرّأس فلا بَأس أن تُكمل اغتِسالها دون أن تَحلّه، وكان هذا في ؛ لتخفيفِ العِبء عن المرأة لكثرة تكرار هذا الغسل، وأمَّا في غُسل الحيض فَيجب على المرأة أن تُرخيَ شعرها بأكملِه استشهاداً بالحديث الشّريف: (عن عائشةَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال لها وكانت حائضاً: انقُضي شعرَكِ، واغتسِلي)؛ فغُسل الحيض مرّة في الشّهر، وليست فيه مَشقّة.
خُصَّتِ المرأةُ بعنايةٍ إسلاميَّةٍ مُميَّزةٍ تتناسبُ مع تركيبتها البَدنيَّةِ وبِنائها التَكوينيّ، فكانت لها رعايةٌ شرعيَّةٌ خاصَّةٌ تُلبِّي احتياجاتِها وتُحافظُ على استقرارِها النَفسيِّ والبَدنيّ؛ ومن ضُروبِ هذه الرِّعايةِ خُصوصيَّةُ أحكامِ الطَّهارَةِ المُتعلِّقةِ بطبيعةِ جَسدِ الأنثى، وما تتعرَّض له من تغيُّراتٍ مُتعدِّدةٍِ ومُتعاقبة بدءاً من البُلوغ والحيضِ، مروراً ، ومن تَناسُبِ الأحكامِ مع واقعِ الحالِ ما كانَ من أحكامِ الحيضِ والنّفاس، وتحريم إتيانِ المرأةِ أثناءهما، وإسقاط الفَرائض عنها مِن صلاةٍ وصِيامٍ حتّى تتحلَّلَ منهما؛ فهي غيرُ مُطالَبةٍ بالتطهُّر والقيام بهذه العباداتِ ما لم تتجاوز هذه المراحل، فإن طَهُرت قَضَت ما فاتَها من صِيامٍ دونَ الصَّلاة؛ وذلك للحديث الشّريف: (سَألتُ عائشةَ فقلتُ: ما بالُ الحائضِ تقضي الصّومَ ولا تقضي الصّلاةَ؟ فقالت: أحروريّةٌ أنت؟ قلتُ: لستُ بحروريّةٍ ولكنّي أسألُ، قالت: كان يُصيبُنا ذلك فنُؤمَرُ بقضاءِ الصّومِ، ولا نُؤمَرُ بقضاءِ الصّلاةِ).
وأمَّا مَسأَلةُ فهي مَوضع خِلاف؛ حيثُ حرَّمها الشَّافعيّة والمَالكيّة، وأجازَها الحَنابلة والحَنفيّة، أمّا الطُّهر منهما فيكون بانقطاع الدّم أو ظُهورعَلامة الطُّهر؛ لِما جاء في الحديث: (أنَّ النِّساءَ كنَّ يبعثنَ إليها بالدَّرجةِ فيها الكرُسُفُ فيه الصُّفرةُ من دمِ الحيضِ، فتقولُ: لا تَعجلْنَ حتَّى ترَيْنَ القََصَّةَ البيضاءَ، تريدُ بذلك الطُّهرَ من الحيضِ)، أمّا الاستحاضة فهي دمٌ يخرج من المرأة في غير وقتِ الحَيض والنّفاس وهيئتهما، ولا يُوجِب تَرك العبادات للمرأة على أن تتطهّر وتتوضّأ لكلّ صلاة.
مضاف من طرف : mawdoo3
صاحب المقال : كريم أحمد
المصدر : www.mawdoo3.com