الجزائر - A la une

ما الذي دفع بهن إلى قوارب الموت؟!


ما الذي دفع بهن إلى قوارب الموت؟!
من قال إن المرأة الجزائرية في حاجة إلى محرم فقد كذب، والدليل المغامرة التي أقدمت عليها مجموعة من النساء الأسبوع الماضي، ركبن البحر من شواطئ عنابة في مغامرة فريدة قلما يقدر عليها الرجال، حيث انطلقن من سواحل عنابة متجهات إلى سردينيا، غامرن بحياتهن لأيام وليال، إلى أن وصلن إلى مقصدهن، هربا من وضع اجتماعي مزر، أفقدهن الأمل في إيجاد حل لمآسيهن الاجتماعية، وبعد أن ضاق الأفق في وجوههن.بعد حكاية التلميذة النجيبة خولة التي رفضت أن تسافر بدون والدها إلى الخارج، لأنها هكذا علموها في دروس التربية الإسلامية، أن المرأة لا تسافر من غير محرم، وهو الموقف الذي أسال الكثير من الحبر، وانقسم حوله الرأي العام بين مؤيد بسبب توجه ديني محض، ومعارض لأن هذه المسكينة رغم تفوقها في الدراسة إلا أنها لن تضيف شيئا للنساء ما دامت تربط مصيرها بالرجل وبمعتقدات بالية لا علاقة للدين بها، جاءت أخبار الحراڤات لتعطي صورة أخرى عن المرأة الجزائرية، ورغم أن الصورة مأساوية وقاتمة، فبمجرد أن نتصور المسكينات وما واجهنه من أهوال، نبكي دما، فهل لهذا الحد هانت المرأة الجزائرية على بلادها، وإلى هذا الحد صار الأفق أسود في عينيها؟وماذا لو أعطيت تلك الفارات من الفقر فرصا لإثبات قدراتهن وأسندت لهن استثمارات أو مناصب شغل، وهن بهذه الإرادة الفولاذية، فماذا كان سيخرج منهن؟فالتي ركبت أهوال البحر ليست امرأة عادية، والجزائرية لم تكن أبدا امرأة عادية، وثلة المجاهدات اللواتي رفعن اسم المرأة عاليا بشهادتهن في ميدان الشرف، والأخريات اللواتي نجون من الموت وساهمن في بناء جزائر الاستقلال لم تكن أبدا نساء عاديات، وأغلبهن لم يستشرن أهلهن لما صعدن إلى الجبل والتحقن بصفوف الثوار، لم تكن حاملات النار اللواتي كتبن صفحة مضيئة في تاريخ الثورة، في حاجة إلى موافقة الوالد أو الأخ، وأغلب أوليائهن تلقين خبر سقوطهن في ميدان الشرف أو سجنهن من الإعلام.قصة الحراڤت اللواتي خسرتهن الجزائر مثلما تخسر كل سنة خريجات الجامعات والباحثات ومن يحملن مشروعا حضاريا لم يجدن الأرضية هنا لتحقيقه، هي قصص مملوءة بالعبر، وعلى السلطة الجزائرية أن تستخلص منها الدروس والعبر، لأنه ليس من السهل أن تلقي النساء بأنفسهن إلى الهلاك، والمعروف عن المرأة الجزائرية أنها صبورة ومقاومة، وقد واجهت غول الإرهاب بكل شجاعة، فهل وصل بها القنوط إلى هذه الدرجة؟الخوف أن تتكرر تجربة حراڤات عنابة مرات ومرات، والسلطة واقفة تتفرج على هذا النزيف مكتوفة الأيدي. وعلى من يهمه الأمر طرح السؤال: ما الذي دفع بهن إلى حافة اليأس؟!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)