الجزائر - A la une

لماذا لا يطلق العرب مشروع مارشال عربي؟!



لماذا لا يطلق العرب مشروع مارشال عربي؟!
قال الملك سلمان بن عبد العزيز، أمس، أن أبواب المملكة مفتوحة أمام كل الأطراف السياسية اليمنية الراغبة في الحوار تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي.تصريح عاقل لولا أنه جاء متأخرا “بمعركة” مثلما يقول المثل. وكان على الملك أن يجمع الإخوة الفرقاء في اليمن حول طاولة الحوار قبل أن تدك طائراته اليمن وتقتل العشرات من الأبرياء في حرب محاصرة بتعتيم إعلامي غير مسبوق. كان بإمكان المملكة بمل تملكه من وزن وتأثير في اليمن أن تبادر بالحل السلمي قبل أن تجمع القوى العربية ضد الحوثيين الذين كانوا موالين لها في الماضي. ولكن للملكة مخطط آخر، مخطط لم تظهر قمة شرم الشيخ إلا الجزء الظاهر منه من جبل الجليد. فالضربة التي وجهتها لخصومها في اليمن توحي بما هو آت، وسيكون هدفها المقبل سوريا التي رغم تحريض المملكة وغريمتها قطر وتمويل المعارضة والإرهاب هناك لإسقاط الأسد، بدأت الكفة فيها تميل لجهة الحل السلمي مثلما صرح بذلك وزير الخارجية الأمريكي الذي قال إنه لابد من الجلوس إلى الأسد من أجل حل الأزمة السورية، وهو نفس الرأي الذي انتهى إليه الاتحاد الأوروبي، وفرنسا التي أوفدت منذ أيام وفدا برلمانيا إلى الأسد.المملكة جربت في اليمن مدى قوتها ومدى إمكانياتها في حشد العرب خلف قرارها، ويبدو أنها نجحت ولو مؤقتا للعب دور جديد في المنطقة.وها هي تعلن عن إنشاء (ناتو) عربي، ستعتمده مستقبلا ليس لدعم الشرعية مثلما ادعت في اليمن، بل لضرب كل من تسوغ له نفسه الخروج عن بيت طاعة الملك والمملكة. وستطول قائمة الضربات التي ستوجهها المملكة لاحقا للعرب الذين لم يفهموا بعد الدرس وما زالوا يخرجون في كل مرة ضد الصديق الأمريكي وضد إسرائيل. فلم تعد المملكة ترغب في الاستمرار في إخفاء صداقتها مع حليفها الحالي ضد إيران وسوريا وحزب الله، إسرائيل، وسيكون حزب الله من بين أهدافها المقبلة. ألم تؤلب ضده الرأي العام وحشدت ضده ترسانتها الإعلامية في صائفة 2006 عندما تجرأ وانتصر على إسرائيل؟مهم أن يتفق العرب ويؤسسون قوة إقليمية وعسكرية موحدة، لكن ليس لتوجه هذه القوة سلاحها إلى صدور الشعوب العربية مثلما فعلت وتفعل هذه الأيام في اليمن.الإيجابي في قمة شرم الشيخ على ما يخفيه هذا الاتفاق من تهديد للمنطقة، أن العرب تمكنوا لأول مرة من شبه توحيد مواقفهم، لكن ألم يكن الأفضل أن يبدأوا قبل الوحدة العسكرية، بوحدة اقتصادية وسياسية، كأن تطلق البلدان الغنية في الخليج ما يشبه مشروع “مارشال” عربي، مثلما فعلت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية عندما ساهمت في إعادة بناء أوروبا التي خربتها الحرب النازية، وها هي تكسبها اليوم حليفا إلى الأبد.الوحدة العربية كانت دائما مطلب الشعوب، لكن لم يكن حلمها أبدا أن تكون قوة عسكرية تؤدب العرب المعارضين للمملكة والمسلمين المنافسين لها على المرجعية الدينية والزعامة الإقليمية. ألا تستحق شعوب المنطقة مشروعا ينتشلها من الفقر والجهل الذي تغرق فيه؟ مشروع يعطي كل دولة من دولها المكانة الاقتصادية التي تستحقها شعوبها، والمكانة السياسية والحجم الحقيقي لكل بلد من بلدانها. هكذا فقط يمكنها أن تسحب البساط من تحت أقدام المتشددين الذين يغذي الفقر والجهل والظلم صفوفهم. وهكذا تصبح دويلة قطر في مأمن من أطماع السعودية وليبيا بعد معالجة أزمتها في مأمن من العدوان المصري، ولن يكون للهلال الشيعي الذي تدعي السعودية أنه صار تهديدا للمنطقة أي تأثير، عندما تختفي الأسباب التي قد تستغلها إيران للتدخل لحماية الأقليات الشيعية، لأنه في هذا المشروع السياسي، ستكون هناك مكانة واهتمام بكل الطوائف ويكفل حريتها وحقوقها ويحميها من عدوان الطوائف الأخرى.المنطقة ليست بحاجة إلى هذه القوة العسكرية بقدر ما هي في حجة إلى حلول مصيرية أمام ما يهدد المنطقة من مخاطر داعش والقاعدة وكل أشكال الإرهاب التي هي أخطر بكثير من المد الشيعي الذي تدعي بلدان الخليج أنه يهددها. فالقمة لم تدن لا داعش ولا القاعدة، كما لم تدن إسرائيل التي لم تعد عدو العرب الأول تاركة المكان لإيران، بينما أكدت - القمة - على الحلول السلمية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فالقوة العسكرية ستتحول إلى وبال وشر على المنطقة إذا ما استمر الجهل والفساد والأنظمة الفاسدة، بما فيها بعض أنظمة الخليج، والتحدي يجب أن يكون تحديا عربيا لمواجهة قوى أخرى، وإيران يجب أن تكون شريكا في هذه الاستراتيجية مثلما أعلن عنه أمير قطر الذي قال إن إيران هي بلد مسلم لابد من التعامل معها بالحوار والطرق السلمية، فعدو العرب والمسلمين ليس الذين أشارت إليهم قمة شرم الشيخ ولا الذين تقود المملكة حربا ضدهم هذه الأيام؟!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)