الجزائر - A la une


لسنا مجتمعا منغلقا ..
قال الباحث في التاريخ وعلم الاجتماع، الدكتور عبد المجيد مرداسي إنّ مظاهر الثقافة والعلم اختفت في قسنطينة، فلا يشعر زائرها أن بها أربع جامعات، كما لم تعد تحتضن النوادي الثقافية والفكرية، علاوة على اضمحلال عدد المكتبات بها بعد الاستقلال. قال السيد عبد المجيد مرداسي في حديثه ل"المساء"، إنه لا توجد دلائل اليوم لإثبات أن قسنطينة لا تزال مدينة العلم والثقافة، متسائلا "أين هي النوادي الفكرية والعلمية والثقافية التي غزت قسنطينة في الماضي؟"، ليضيف أن قسنطينة شكلت جزءا مهما من الحركة الوطنية وكذا حركة الإصلاح في فترة الاحتلال الفرنسي، وتشهد اليوم تقهقرا فكريا وثقافيا رهيبا، مؤكدا بالمقابل، أن قسنطينة كانت في الثلاثينات من القرن الماضي، مركز إشعاع مسرحي، تضم العديد من الجمعيات المسرحية مثل جمعية "ألف ليلة وليلة" وكذا مؤلفين ومسرحيين أكفاء مثل أحمد رضا حوحو والشيخ زواوي ومحمد الصغير حاج إسماعيل.مركز إشعاع ثقافي وتربويوعاد المتحدث إلى فترة الثلاثينات وبالضبط حينما احتفلت السلطات الاستعمارية بمرور مائة سنة على احتلالها للجزائر، حيث كان المجتمع القسنطيني برمته منضويا تحت راية الجمعيات فلا توجد أي عائلة خارج الحركة الجمعوية، وهو ما يمثل تجنيدا ثقافيا للمجتمع. بالمقابل، كشف المتحدث أن كل التيارات الوطنية كانت ممثلة في قسنطينة، وأضاف أن قسنطينة كانت أيضا مركزا للإشعاع الثقافي والتربوي، حيث أسس العلامة عبد الحميد بن باديس، جمعية "التربية والتعليم" ومن ثم جمعية "العلماء المسلمين"، كما أسس أيضا معهدا لمواصلة الدراسة.قسنطينة... وُلدت عاصمةوقال السيد مرداسي إن قسنطينة احتضنت القيّم الديمقراطية في عز الاستعمار، مقدما مثالا بحفل تكريم الشيخ ابن باديس إثر، انتهائه من نسخ المصحف الشريف، حيث ذكرت تقارير الشرطة آنذاك أن ممثل الحزب الشيوعي كان جالسا بجوار العلامة ابن باديس، أي أن احترام الرأي الآخر كان سائدا بين أبناء قسنطينة. لينتقل المحدث إلى قضية ضم قسنطينة ل12 بلدية لا غير في حين أن مدنا أخرى تضم عددا أكبر من البلديات، ليؤكد أن الأمر مقصود وأن هناك إرادة لتكسيرها. ليضيف بأن هناك "أربع قسنطينة وليست واحدة". أشار السيد مرداسي إلى أن قسنطينة وٌلدت عاصمة، حيث أنها شهدت ومنذ الأزل، حركة هجرة داخلية، فقد كانت عاصمة في الفترة النوميدية وكانت تسمى "سيرتا" وتمتد من ليبيا إلى غاية المغرب الأقصى، وكانت تحكم في تونس، موضحا أنه بحكم وظيفتها العسكرية والاقتصادية، تقوم "بفبركة القسنطينيين" أي أنها تطبق سياسة الإدماج. وقدم المتحدث مثالا عن دراسة أجرتها مؤسسة للتخطيط سنة 1976، أثبتت أن 12 بالمائة من القسنطينيين من مواليد قسنطينة أبا عن جد. كما وصل عدد القسنطينيين المسلمين ليلة اندلاع الثورة، 80 ألف ليصعد إلى 125 ألف بعد الاستقلال. كما أكد مرداسي أن حركة الهجرة ليست بجديدة على قسنطينة التي نزح إليها أمازيغ الصومام، برج بوعريريج، تبسة، الأوراس، سوق الأهراس، ليقدم مثالا ثانيا عن أنصار فريق شباب قسنطينة لكرة القدم الذين يقولون إنهم أبناء سيدي راشد، أما أنصار فريق مولودية قسنطينة فيقولون إنهم أبناء بن باديس.القسنطيني ليس محافظانفى السيد مرداسي الكليشيهات التي تلصق بأبناء قسنطينة كونهم محافظين وغير اجتماعيين، قائلا: "هذا الاعتقاد خاطئ مائة بالمائة، فحينما كانت قسنطينة منبرا للثقافة، كان سكانها يحبون المرح والاستمتاع بالطرب، حيث كان بعض المطربين يقدمون أغانيهم في الفنادق خاصة في منطقة باب الجابية بقلب المدينة القديمة، وكان الجمهور يرتادها ليس بغرض "الالتقاء بالنساء" بل للاستمتاع بهؤلاء المطربين الذين كانوا يجنون من غنائهم في هذه الفضاءات أكثر بكثير مما يكسبونه في أماكن أخرى". أما عن حب القسنطينيين للأكل الطيب، فقال مرداسي إن قسنطينة معروفة بأكلاتها التقليدية التي خرجت من أسوراها بعد الاستقلال مثل الجاري أو ما يسمى في العاصمة بالشوربة، ليستطرد أنه لا يمكن لقسنطينة أن تكون مدينة منغلقة على نفسها وهي التي كانت دائما عاصمة تستقطب الجميع، كما أن ابنها العلامة ابن باديس هو أول من فتح أبواب المدرسة للفتيات.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)