الجزائر - A la une

لا أعتبر نفسي معاقا وكل العائلة يعاملونني كشخص عادي



الكثير من الأصحاء معاقون والكرسي المتحرك لا يوقف الحياةأنت تراه لأول يخال اليك ان هذا الجالس على كرسيه المتحرك يكابد ايامه، ويلعن مطلعها الى مغربها، وهو يطلق لحيته قليلا، تشعر انه يحمل هما اكبر منه، ولكن ما ان تقترب نحوه يفاجئك بابتسامة عريضة وقهقهة مميزة لا يتوقف عن بعثها، حتى تبادره بالسؤال عن احواله وحياته، سليم حملته صدفة المكان الى مدينة بوسماعيل بولاية تيبازة، هاته المدينة الساحلية التي لها مكانة خاصة في قلبه، يذكرها دوما، في جلساته وحكاياته التي لا تنتهي، أما عشقه للبحر وقعدات الكورنيش فلا حديث يعلو شأنه في حضورهما، كيف لا ومكانه وسط الكورنيش يعرفه كل سكان المدينة، حتى ان اصحاب المواقف خصصوا له ممرات تمكنه من اجتياز الأرصفة الكبيرة.
تملكه البحر والكورنيش وعشقه للحضنة لا ينتهي بالتقادم
يلقبه الاصدقاء وزملاءه بالجامعة «بالجنرال» لان طلباته اوامر، تطبق جملة وتفصيلا. بوذراع سليم من مواليد 9 مارس 1982 بحسين داي، لكن اصوله من الحضنة وجبال المعاضيد بالمسيلة، وهو الانتماء الذي يحتل مكانة خاصة في قلبه، ففي كل مرة التقية عبر مدرجات الجامعة أحاول تحريك هذا الحنين في داخله، فأدرك من تجاعيد وجهه الذي يخفي خواطره، بانه يحتكم الى لغة قلبه ويمنع دموع عينيه من العبور امام الاخرين، لانه يحب هذه التلال والجبال التي يقول عنها: انها تحتل منه الجزء الاكبر من ذاكرته لانها ارض اجداده وعشيرته.
تحدى الإعاقة ورحلة الدراسة تحمله بشكل دائم الى الجامعة
عكس الكثير من الاصحاء الذين يتغيبون عن العمل او في الجامعة لم تمنعه الاعاقة من مواصلة دراسته الجامعية فتحصل على شهادة ليسانس علاقات دولية سنة 2008 وشهادة الدراسات العليا ما بعد التدرج المتخصص، «تخصص استراتيجية سنة 2011 ثم ماستر2 دراسات سياسية مقارنة 2017 وهو على مقربة من ايداع مذكرة تخرجه برتبة باحث في السياسة المقارنة، لكن حلمه اكبر بكثير حين اوعز لنا انه يريد المشاركة في مسابقة الدكتوراه العام المقبل، الى جانب ذلك فهو يشتغل موظفا في بلدية بواسماعيل حيث عمل بمصلحة التنظيم والشؤون العامة 2008 -2010 ثم كمتصرف اداري بمصلحة العلاقات الخارجية والاتصال بالمركز الوطني للبحث والتنمية في الصيد البحري وتربية المائيات 2010 الى يومنا هذا ومتصرف مرسم منذ 14 مارس 2012 الى يومنا هذا.
أهوى الموسيقى والفنون القتالية غايتي الرؤوم
يقضي سليم يومه على شرفات الكورنيش بعد عمله اليومي، لينتهي به المساء على تلاطم امواج البحر ومحاكاة تلك الصخور الكبيرة المشكلة في لوحة ربانية، تشد الانتباه اليها، كأنها تروي هي الاخرى تفاصليها بلغة لا يجيد فهمها الا متمرس، يملك ناصية العزلة والوحدة
من العمل او كما يحلو له قوله «الخدمة»الى الدار وعندما تكون الدراسة يذهب الجامعة كما انه متطوع مع رياضة الفنون القتالية كمكلف بالاعلام والاتصال وهي المهنة التي ربما لا يتفنن فيها الاصحاء، اضافة الى الرياضة فهو مولع بالعزف على الالات الموسيقية خاصة الة الموندولين وعشقه لها منذ السن 14 سنة، فهي راحته حين تداعب انامله تلك الاوتار فتحمله الى اهازيج موسيقية رائعة
يقول سليم: «درست عادي في الابتدائية والاكمالية والثانوية لأنني لم اعتبر نفسي يوما معاقا وكل العائلة يعاملونني كشخص عادي لا أؤمن بالمشاكل لان الانسان العادي يتلقاها ولكن المشكل الوحيد هو نظرة المجتمع لهاته الفئة، يواصل سليم حديثه لجريدة «الشعب» التي يقول انها الوسيلة الاعلامية الاولى، التي فتح قلبه لها واحتضنته بهذا الحوار: « كما لا اخفيك عليك سرا بان عدم وجود طاكسي في الاماكن العمومية سواء في مصلحة البريد، أو بالحافلة وخاصة عند التنقل الى العاصمة او الى مناطق اخرى بالولاية، فهناك من لا يتفهم ويرد عليك بعبارة «ماجيش في لامال اسمحلي» وهنا يقصد « الكرسي المتحرك « ولكنني دائما اصر على الركوب».
وفي الكثير من المرات يستعين بأعوان محطة نقل الحافلات او رجال الشرطة للتوجه الى مكان معين وهذه معاناة اخرى من العديد من المشاكل التي يتخبط فيها ذوو الاحتياجات الخاصة، قبل انهاء حديثنا مع سليم لاحظنا أنه اشهر من نار على علم، فلا يمر استاذ ولا طالب إلا وألقى السلام عليه، مع مناداته باسمه، الجميع بجامعة الجزائر3 يعرفونه اشد المعرفة، اعوانا وادارة وطلبة، ويقدمون له يد المساعدة، خاصة اصدقاء دفعته سياسة مقارنة، كلهم مجندون في خدمته امثال، سهير، سيدي علي، زهير، كمال، فتحي، وغيرهم...
الحلم - الحقيقة... وحكاية سليم أكبر الأمنيات أيها الأصحاء
يقول سليم انه ومنذ كان عمره حوالي سنتين وربما اقل لا يتذكر جيدا اصيب بهذه الاعاقة الحركية في أطرافه السفلية فمنعته عن الحركة، ولكنه متفائل بالخير كما يقول وهو صديق الفرح الاتي مع الايام، وسعيد بما حققه في حياته ويسعى الى النجاح نحو الاحسن، موجها نداء الى الجهات الوصية لكي ترعى هذه الفئة اكبر، خاصة من يقطنون في الجزائر العميقة، فهم في حاجة الى اهتمام ورعاية، متمنيا ان تمنح الفرصة لهاته الشريحة من اجل المساهمة في تحقيق التنمية ولا يقتصر تدخل الدولة بتوفير الحماية لهاته الشريحة فقط.
مع الدعوة الى تخصيص اماكن خاصة لهذه الفئة في الاماكن العمومية، متمنيا لكل معاق ان يدرس ويرتقي بعلمه ليكون الاداة التي تساعده في المستقبل من اجل العيش الكريم.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)