الجزائر - A la une

كورونا تدفع جزائريين إلى تقسيم الميراث قبل الوفاة..!


كثرت، في الآونة الأخيرة، النزاعات القضائية حول الميراث، وأدت هذه الخلافات في بعض الأحيان، إلى جرائم قتل، الأمر ترك تخوفا ملحوظا عند الآباء الذين تقدمت بهم السن ولديهم تركة يطمع فيها الجميع، وتأتي المرأة في مقدمة ضحايا الميراث. هذا الأخير الذي تحرم منه، بحكم العادات والتقاليد أو ب"الحقرة" والسيطرة واستغلال ضعفها في مجتمع ذكوري.. كورونا الفيروس المستجد أعاد إلى الواجهة ظاهرة تقسيم التركة قبل الموت، رغم أن ذلك يتنافى مع الشرع، فخوف كبار السن من الموت بالوباء جعلهم يلجؤون إلى تأمين حياة بناتهم أو أحد أبنائهم بنقل بعض الأملاك إليهم، سواء ب"الهبة" أم بالبيع والشراء ولو ب10 دج!ويبدو أن فيروس "كوفيد-19″، سيعيد النظر في عدة قوانين تتعلق بالتعاملات الخاصة بالعقار، سواء مع البنوك أم الأشخاص، وإبرام الصفقات، وهذا ما أكده ل"الشروق"، الأستاذ منير مزعاش، رئيس الغرفة الوطنية للموثقين الجزائريين، حيث قال إن كورونا طرحت إشكالية "مرض الموت"، وهذا لم يحسم فيه من طرف الهيئات الصحية العالمية، خاصة أن الفيروس يختلف في تأثيراته الصحية والنفسية، ويتطور مع الوقت.. ففي حال تحديد أنه مرض الموت، يختلف الأمر في التعامل مع المصاب به، الذي يقوم بنقل أو كتابة أو إبرام عقود تتعلق بنقل الأملاك أو الأموال، أو منح هبة أو ترك وصية.
وكشف مزعاش أن مكاتب الموثقين تستقبل في الآونة الأخيرة، الكثير من الجزائريين، الذين يقومون بنقل ميراثهم إلى أحد الأبناء أو كتابة نصيب منه للبنات أو الزوجة، أو الابن الأضعف في العائلة، وهذا ضمانا لحياة هؤلاء، موضحا أن كثيرا ما تمنح الهبة وهي ثلث الميراث لأحد الأبناء أو الشخص المتكفل به، فيما يلجأ بعض أصحاب الأملاك والذين لهم تركة إلى بيع الميراث أو جزء منه، كطريقة للتحايل على قانون الميراث، حيث يكون مبلغ الشراء رمزيا.
وأكد الموثق منير مزعاش رفضه التام لتقسيم الميراث قبل الوفاة، حيث يتنافى هذا مع الشرع، وأوصي بترك الأمور تسير حسب ما جاء به الدين الإسلامي، معترفا بأن القضية تتعلق بالجانب الأخلاقي أكثر من الجانب القانوني، وهو ما أدى إلى زيادة النزاعات والاستيلاء من طرف أحد الأبناء على التركة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمرأة التي غالبا ما تستحي ولا تطالب بحقها في الميراث، وهو ما أدى ببعض الجزائريين إلى تقسيم وتوزيع تركتهم في حياتهم ولو بطرق ملتوية.
وفي السياق، قال المحامي إبراهيم بهلولي، أستاذ القانون بكلية الحقوق ببن عكنون، إن السنة الأخيرة شهدت إقبال الكثير من الجزائريين على تقسية تركتهم على الأبناء قبل وفاتهم، وإن فيروس كورونا ساهم أيضا في تعزيز هذه الخطوة، حيث أصبحت لدى بعض الآباء ثقافة منح هبة لأحد أبنائهم، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالبنت، كما يقوم حسبه، أصحاب الأملاك والعقارات، بتسجيل نصيب منها أو كلها على أبنائهم، خاصة الذين لديهم فقط بنات.
جدل حول شرعية نقل المصاب بكورونا لأملاكه إلى الغير
ويرى المحامي بهلولي أن كورونا مجرد فيروس ولا يصنف في قائمة أمراض الموت التي تسقط تصرفات المصاب بها، لكن تطورها واختلاف تأثيرها صحيا ونفسيا وعقليا قد يخضع لاجتهاد طبي ولخبير، حيث يمكن أن يكون الشخص الذي يقوم بتقسيم ملكيته، أو بيع جزء منها، أو منح هبة، أو إبرام صفقات، تحت تأثير حالة متدهورة نفسيا وصحيا، مما يجعل كل تصرف قام به باطلا.
وهذا قد يزيد، حسب، بهلولي، من النزاعات في المحاكم مستقبلا، حيث تصبح الشهادة الطبية معقدة وتحتاج إلى اجتهاد، في حال لجوء بعض المتنازعين، أو الورثة إلى القضاء، حيث قال ذات المحامي: "إن كورونا ستحمل معها الكثير من التناقضات، وستضطر إلى إعادة النظر في الكثير من القوانين المتعلقة بالتعاملات، والتصرفات تتعلق بنقل الملكية سواء حقوق عقارية أم نقل أموال أم سيولة حسابات بنكية".
وحمل بهلولي المسؤولية للموثق، حيث أوضح أن المصاب بكورونا قد لا يتأثر بها ظاهريا ولا فكريا، ولكن آخرين تظهر عليهم الأعراض ويبدون للعيان في حالة صحية متدهورة، وهذا ما يجعل الموثق يرفض التعامل معه.
حجيمي: كورونا أشبه بالموت.. لا تستغلوا كبار السن للاستيلاء على الميراث
في السياق، أكد الشيخ جلول حجيمي، الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة، أن الشريعة الإسلامية تحرم توزيع الميراث قبل الوفاة، وهذا قد يحرم أصحاب الحقوق منه، مشيرا إلى أن فيروس "كوفيد 19″، أشبه بالموت بالنظر إلى حالة الرعب منه، ما يؤثر على الحالة النفسية والعقل ناهيك عن الجسم، وكل من يستغل كبار السن لجرهم إلى كتابة جزء أو كل الميراث باسمه، فإن ذلك باطل دينيا وقانونيا.
وأوضح حجيمي أن بعض الفقهاء أجازوا توزيع الميراث قبل الوفاة بعد تزايد قضايا القتل والعداوة والنزاعات في المحاكم بسبب التركة، ولكن نصح بترك الأمور تسير حسب ما أوصى به الله، وتجاوز الطرق الاحتيالية.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)