الجزائر - A la une


قسنطينة
لا تزال أجواء الحزن تخيم على منزل عائلة "بلخرشوش" بالوحدة الجوارية رقم 01 بالمدينة الجيدة علي منجلي بقسنطينة، ولا يزال كل فرد من عائلة الضحية "فادي بلخرشوش"، من مواليد شهر أكتوبر 1999، أقاربه وجيرانه، يتذكرونه بكل خير، فهو الجار الابن المطيع، والجار الذي لا يتأخر في مساعدة جيرانه رغم صغر سنه، كان طيبا وكريما أيضا، وقد تنقلت الشروق اليومي إلى منزل الضحية، لتستقبلتنا الوالدة ودموعها منهمرة، فهي لم تصدق ما حدث لفلذة كبدها الذي لم تره منذ 15 يوما بحكم أنها كانت عند جدته.وروت لنا الوالدة ما حدث لابنها يوم الإثنين الماضي على إثر الأمطار الطوفانية التي شهدتها المنطقة بكل مرارة، قائلة: "إن فراق ابني ترك بقلبي جرحا كبيرا لن يملؤه سوى صبري وإيماني بالله وبالقدر المحتوم، ففادي حبه كبير بقلبي لأنه كان حنونا علي، ترك مقاعد الدراسة في السنة الرابعة ابتدائي رغما عنه، والسبب هي المعاملة السيئة التي كان يتلقاها من أستاذة مادة اللغة العربية بالمدرسة المتواجدة بإحدى قرى بلدية أولاد رحمون، ولن أسامحها أبدا لأنها ضيعت مستقبله، وجعلته يكره المدرسة، وبعد سنوات حاول الالتحاق بمركز للتكوين المهني وأيضا حاول التسجيل بالمراسلة، لكنه لم يتسن له ذلك، وحز في نفسه كثيرا ما حدث له"، حيث قال لوالدته حينها: "سأعمل جاهدا لجمع المال لألتحق بمدرسة خاصة وأتابع دراستي"، ومنذ صغره حاول الاعتماد على نفسه، حيث عمل بعدها بمخبزة ليتعلم تحضير الفطائر الهلالية، وكان جد سعيدا لأنه يتقاضى أجرا، كان ينهض على الرابعة صباحا ليتوجه إلى المخبزة " قال لي لازم يا ماما نتعلم صنعة باش ناكل الخبز"، كانت أمنيته الوحيدة هي أن يصبح تاجرا كبيرا وصاحب محل. ويوم الأحد لما عدت إلى البيت اشترى لي فادي "علبة مثلجات" وكان جد سعيد بعودتي، وقبلها منحني في عيد الفطر الفارط مبلغا وقال لي "اشري قندورة باش تعيدي بيها يا ماما"، كان لا يفارقني أبدا حتى في النوم، ويوم الحادث المروع ذهبت أنا عند الطبيبة في الصباح وتركته نائما، وعند عودتي طلبت منه الذهاب إلى العمل فرفض قائلا لي: "راني تعبان بزاف اليوم"، وحوالي الساعة الثالثة مساء حضر صاحب المحل إلى البيت ليأخذه معه، وهناك لم يجد حجة وذهب معه، ولما سقطت الأمطار بقوة حسبما روي لي تجمعت بالبالوعات حتى صار السير صعبا بالحي، ليتدخل فادي ويحاول صرفها ونزع ما تجمع بالبالوعة، وحتما تبللت ثيابه كلها لغزارة المطر، ولما اشتدت العاصفة، خرج ليُدخل الفرن الذي كان خارج المحل، وهناك حدث ما لم يكن في الحسبان، إذ تعرض لصعقة كهربائية، أردته قتيلا، وبائت محاولة إنقاذه من طرف طبيب الحماية المدنية بالفشل، ليلفظ أنفاسه الأخيرة.وقد حاولنا التحدث إلى والد الضحية لكن تعذر علينا ذلك لحالته النفسية، فهو لم يصدق لحد الساعة أن "فادي" فارق الحياة. والحال أيضا كان حال إخوة فادي: أكبرهم نضال، جاسم، سامي، وشقيقته الوحيدة هديل الذين وجدناهم في حالة صدمة كبيرة أيضا.للعلم، فإن جنازة الطفل فادي شيعت إلى المقبرة في جو مهيب بمقبرة زواغي سليمان ظهر الثلاثاء.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)