الجزائر - A la une

قبول 2217 تعديلا من أصل 5033 خلال العهدتين الأخيرتين البرلمانيون يطالبون بتعزيز حق المبادرة بالتشريع


قبول 2217 تعديلا من أصل 5033 خلال العهدتين الأخيرتين البرلمانيون يطالبون بتعزيز حق المبادرة بالتشريع
دعا برلمانيون ورجال قانون، أمس، إلى تعزيز الإطار القانوني الذي يكفل حق أعضاء البرلمان في المبادرة بالتشريع وتعديل مشاريع القوانين، في وقت اعتبر فيه وزير العلاقات بين الحكومة والبرلمان بأن هذا الحق مكفول قانونا، غير أن تطبيقه يتعارض مع عوامل تقنية مرتبطة بقلة الوسائل المتاحة أمام البرلمانيين والتي تسمح لهم ببناء وصياغة النصوص التشريعية، ونفس الرأي تبناه رئيس قسم التكوين والدراسات التشريعية بالمجلس الشعبي الوطني الذي كشف بأن البرلمان صادق على 2217 اقتراح تعديل من أصل 5033 اقتراحا تقدم به النواب خلال العهدتين التشريعيتين الخامسة والسادسة.فانطلاقا من الإشكالية التي عرضها السيناتور، الأمين شريط، في افتتاح اليوم الدراسي "العملية التشريعية ونظام التعديلات"، الذي نظمته بإقامة الميثاق بالجزائر، سعى البرلمانيون ورجال القانون وكذا ممثلو عدد من القطاعات والهيئات العمومية، إلى تبيان مواطن الخلل، والعوائق التي تعترض ترقية أداء البرلمان بغرفتيه بشكل عام، وتساءل السيناتور شريط في هذا الصدد "إن النقص المسجل في اقتراح النواب للقوانين، يجعل بالفعل البرلمان غرفة تسجيل فقط".
وأرجع وزير العلاقات بين الحكومة والبرلمان، السيد محمود خوذري، أسباب قلة المبادرات المقدمة من النواب باقتراح مشاريع قوانين، إلى نقص المعطيات التقنية الدقيقة والإمكانيات المادية لدى النواب، فضلا عن ارتباط هذه المشاريع في حالات كثيرة بالتزام الحكومة بتنفيذ البرنامج الرئاسي وتجسيده عبر نصوص قانونية، مؤكدا في المقابل بأن حق الاقتراح مكفول في القانون العضوي المحدد للعلاقات بين غرفتي البرلمان، الذي ينص على إمكانية أن يقدم 20 نائبا اقتراح مشروع نص تشريعي.
وأكد الوزير أن الجزائر حققت قفزة نوعية في العمل البرلماني والممارسة الديمقراطية، مشيرا إلى أن القانون يقر للنواب والحكومة حق تعديل القوانين، سواء على مستوى اللجان الدائمة أو في الجلسات العامة. ودعا بالمناسبة إلى العناية بالمهمة التشريعية من خلال إعداد برامج تأهيل للموارد البشرية وتحسين مستواها بشكل مستمر.
من جهته، اعتبر الأستاذ البرلماني، مسعود شيهوب، الذي سبق له أن ترأس لجنة الشؤون القانونية بالمجلس الشعبي الوطني، اعتماد أي دولة مبدأ الفصل بين السلطات، يجعل وبشكل آلي تعديل القوانين من مهام البرلمان، غير أنه أوضح في نفس السياق بأن اعتماد النظام الجزائري على خصائص النظامين الرئاسي والبرلماني، أسس لعلاقة تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في مجال التشريع، مشيرا إلى أن إشراك الحكومة في التعديلات، ينبع أيضا من كون الحكومة ملزمة بتقديم برنامج على البرنامج ليصادق عليه.
وتطرق الأستاذ شيهوب إلى الضوابط القانونية التي تقيد حق المبادرة بالتعديل، مشيرا إلى أن الدستور الجزائري تناول هذا المبدأ بشكل ضمني، حيث تجلى ذلك، حسبه، في المادتين 122 و123 منه، اللتين تحددان مجالات القوانين التي يحق للنواب التدخل فيها، "ويتعلق الأمر أساسا بالقوانين العضوية"، في حين تحفظ المادة 125 من الدستور حق تعديل القوانين الأخرى للسلطة التنظيمية ممثلة في رئيس الجمهورية، "وفي حال اقترح البرلمان مشروع قانون يدخل في المجال التنظيمي، يتدخل مجلس الدولة لفرض رقابته على الإجراء".
أما القيد الثاني، حسب المتحدث، فيتمثل في اشتراط القانون العضوي 99/02 المنظم لعمل البرلمان والعلاقات بين الغرفتين، لضرورة توفر نصاب 20 نائبا لتقديم الاقتراح، بينما يكمن القيد الثالث برأيه في حصر المبادرة بالتشريع في المجلس الشعبي الوطني دون مجلس الأمة، "ويرتبط القيد الرابع بالمادة 121 من الدستور، التي تجيز المبادرة بالتشريعات التي تترتب عنها تكاليف مالية، حتى لا تضر بالميزانية العامة للدولة المحددة في القوانين السنوية المرتبطة بميزانية للدولة".
وانتقل الأستاذ شيهوب بعد ذلك إلى المستوى العملي للموضوع المطروح، مشيرا إلى أن المادة 123 من الدستور تتحدث عن نوعين من المجالات التي يمكن فيها للنواب المبادرة، تتعلقان بمجال المبادئ العامة، وتفاصيل بعض القوانين التي تدخل في خانة ما يعرف ب«القانون الإطار"، بينما ينظم الجانب الإجرائي للمبادرة حق النائب في مناقشة وتعديل المشاريع، حيث تفرض في إطاره المادة 61 من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني رقابة مكتب المجلس على التعديلات وتمنع التعديل الذي يخل بانسجام القانون ككل.
وفي حين ذكر بأنه على عكس فرنسا فإن في الجزائر لا يوجد نص قانوني صريح يسمح للمجلس الدستوري بالتدخل لمعاينة دستورية التعديلات، اعتبر الأستاذ شيهوب بأن الوقت قد حان لتعديل النظام الداخلي لعمل البرلمان، بالشكل الذي يسمح بتحسين وترقية أداء النائب في مجال التشريع.
بدوره، قدم الدكتور علاوة العايب من كلية الحقوق لجامعة الجزائر 1 والأمين العام الأسبق لمجلس الأمة، دراسة مقارنة حول دور الغرف البرلمانية الثانية في العالم، مبرزا مهام وصلاحيات هذه الغرف في كل دولة حسب طبيعة النظام، والتفاوت المسجل في المهام التشريعية بين الغرفة الأولى والغرفة الثانية في كل دول من هذه الدول.
وبالمناسبة، عرض الدكتور بوعلام طاطاح رئيس قسم التكوين والدراسات التشريعية في المجلس الشعبي الوطني، دراسة أجراها حول التعديلات التي أدرجت على مشاريع القوانين التي درسها البرلمان خلال الفترتين التشريعيتين الخامسة والسادسة والتي امتدت من سنة 2002 إلى 2012، مشيرا في هذا الإطار إلى أنه من أصل 5033 اقتراح تعديل نص قانوني، تم قبول 2217 اقتراحا تمت المصادقة عليه، 70 بالمائة منها ترتبط بالحياة الاجتماعية للموطن.
وعلى نقيض الآراء التي ركزت على القيود القانونية التي تعترض حق البرلمانيين في المبادرة بالتشريع والتعديل، اعتبر الدكتور طاطاح الأرقام التي قام بجمعها خلال العهدتين المذكورتين، -والتي يبين مضمونها بأن النواب قاموا في المعدل بإجراء 52 تعديلا على كل 100 مادة، وتم التصويت على 23 تعديلا منها- تؤكد بأن حق التعديل مكفول ومطبق بشكل مشرف في البرلمان الجزائري، وذلك بالمقارنة مع الدول التي تقترب تجربتها من تجربة الجزائر، وأبرز في نفس السياق نوعية هذه التعديلات، التي تدخل في مجملها، حسبه، في إطار دعم الحقوق الاجتماعية للمواطن والدفاع عن مبادئ الأمة ومكاسب الشعب وكذا حماية مؤسسات الدولة، مؤكدا أهمية الجهود التي تبذلها الدولة على الصعيد الاجتماعي والتي تتجلى في تخصيص ما بين 13 إلى 14 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للتحويلات الاجتماعية.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)