الجزائر - A la une

عيد الاستقلال الفرنسي 14 جويلية بين الحلال والحرام.. والمكروه



عيد الاستقلال الفرنسي 14 جويلية بين الحلال والحرام.. والمكروه
قطعت تصريحات وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة الشك باليقين، عندما أكد مطلع الأسبوع الجاري مشاركة الجزائر رسميا في احتفالات فرنسا بعيد استقلالها، وبرر لعمامرة ذلك بكون المشاركة تأتي على خلفية حضور 80 بلدا تلك الاحتفالات التي ترمز لمشاركة أبناء هذه البلدان في تحرير فرنسا.فتوى رمضان لعمامرة لم تأخذها القوى المعارضة من هذه الزاوية، بل كانت لها خلفيات تاريخية مرتبطة باستعمار الأمس الذي يرفض وبرغم مرور نصف قرن على الاستقلال الاعتراف بجرائمه البشعة في حربه ضد الشعب الجزائري بصفة عامة.القوى المعارضة للمشاركة في احتفالية فرنسا بعيدها الوطني تأتي في وقت تعرف فيه الساحة السياسية حراكا "دستوريا" استثنائيا أعقب فوز الرئيس بوتفليقة بولاية ثانية، وما أعقب رئاسيات 17 أفريل 2014 من تكتل لكافة أحزاب المعارضة والشخصيات الوطنية التي تتقاسم نفس الرؤية السياسية تجاه ما يجري في البلاد.السلطة التي تعاملت بوتيرة متسارعة مع الحراك الذي قادته تنسيقية الانتقال الديمقراطي، أحكت مرة أخرى مفاتيح اللعبة السياسية بيدها مستغلة بعض الأحداث والعوامل التي صبت لصالحها، وفي مسألة المشاركة الجزائرية ضمن وفود الدول التي تستعرض قوات رمزية في احتفالية فرنسا بعيدها الوطني رجحت التصريحات العنصرية والاستفزازية لليمين الفرنسي المتطرف ضد الجزائر كفة السلطة لأن تأتي باب مشاركة باريس في احتفالات 14 جويلية من باب تتغلب فيه على الأصوات المنددة بتلك المشاركة، وفي النهاية فإن الأمر ليس سرا ولا صفقة، بل هو مصالح متبادلة تؤكد من خلالها الجزائر يقينها والتزامها بعلاقات وثيقة مع الطرف الجزائري مقابل دعم سياسي غير محدود من باريس للحكومة الجزائرية التي تتقاسم وإياها قضايا ورهانات أمنية في منطقة الساحل وشمال إفريقيا عموما والضفة الجنوبية من حوض البحر الأبيض المتوسط، مع الإشارة إلى أن باريس تمر بمرحلة برودة سياسية مع الجارة المغرب، وهي حالة أدت إلى "فرملة" تحركات "أمير المؤمنين" في دول الساحل وغرب إفريقيا.حسابات معقدة ومصالح متشابكة لا يمكن فصلها عن بعضها البعض تلك التي تتحكم في قرار مشاركة الجزائر لفرنسا احتفالاتها يوم 14 جويلية، لكن الرؤية الداخلية للقرار تختلف اختلافا جذريا عن حسابات محور باريس الجزائر، حيث المعارضة والقوى المدنية لازالت تطالب باعتراف فرنسي واضح بالجرائم الدموية التي ارتكبتها إبان الفترة الاستعمارية للجزائر، مثلما لازال مطلب الاعتذار والتعويض قائما للضحايا الذين يرفضون أي مساومة تحت أي مبرر كان.في النهاية، فإن ما يؤخذ على قرار الحكومة المشاركة هو طريقة الإعلان التي تمت من طرف واحد، ألا وهو الطرف الفرنسي في ظل صمت جزائري رسمي أثار توترا سياسيا في الداخل، بل واعتبره الكثير من المحللين عثرة ما كانت لتحدث لو تم الإعلان بكل شفافية وتزامن مع الإعلان الفرنسي، وبين فتوى التحريم التي ترفع المعارضة كتابها وفتاوى جواز المشاركة التي أعلنت عنها السلطة يبقى شبح الماضي يخيّم دائما وأبدا على كافة مراحل العلاقات الفرنسية الجزائر.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)