عمر بن عبد المحسن الوجهاني الصواف

الشيخ الفقيه العالم العابد المنقطع المتبل الزاهد الولي أبو علي عمر، نشأ على الهدى و الرشاد و العمل على التخصيص و جميل الاعتقاد.
قرأ ببجاية على أكابر مشايخها، ثم ارتحل إلى المشرق في عشر الستين و ست مئة (660)، وحج بيت الله الحرام،و لقي أفاضل، وانقطع و تعبد و تبتل مع اشتغال دائم و فكر متصل ملازم، وظهر أمره بالديار المصرية ظهور كليا، ورغب إليه الملوك أن يزوره أو يزورهم فمتنع من ذلك، ولم يتمسك بشيء من الدنيا لا يمال و لا بجاهن وكان يرغب في الفتيا فإذا أفتى ترجح قوله على كل قول، وحق له ذلك.
و لقد أخبرني بعض الطلبة الذين توجهوا إلى المشرق برسم الحج أنه قال: رخجت معه من الديار المصرية في الركب المصري، وهو متوجه نحو الحج، فبلغته قال: لا تبرك به، فلم يزد في سفره على حاله في البلد شيئا. قال: خرج بقميص و عمامة و مئزر و عكاز و ركوة ماشيا على قدمه، وخيار الأمراء يرغبون أن يحملوه على رؤوسهم فضلا عن أن يحملوه على المحامل، و هو يمتنع من ذلك، فكان إذ نزل الركب ركز عكازة و انتقل تحت مئزره، وأخبرني أنه قال إذا اشتد مشي الركب و أحوه في الشير و استدوا قال: كنت أراه لا يزيد على نقل قدميه على الثاني شيئا و أنا أكد وراءه جريا فلا أدركه إلا يتعب و مشقة و نصب، وظهرت من كراماته في حرم الله الشريف عجائب و وقف له عمها على غرائب. قال المخبر: و ما كنت أعلم له و جها لمعيشته في الركب و لا كيف تناولها.
توفي رحمه الله في عشر التسعين و ست مئة (690).