الجزائر - 08- La guerre de libération

على جبهات الأعلام والدبلوماسية والإقتصاد..



على جبهات الأعلام والدبلوماسية والإقتصاد..
إلتحق الدكتور "أحمد فرنسيس" بالقاهرة في 20 أبريل 1956 رفقة فرحات عباس، للمشاركة في العمل لصالح القضية الجزائرية بالخارج تحت راية جبهة التحرير الوطني (*).

وشملت مشاركة الدكتور "فرنسيس" مختلف ميادين الدعوة للقضية: أعلام، دبلوماسية، قبل تولي الشؤون الإقتصادية في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية من 1958 إلى 1961.

وأثناء مروه بجنيف لم ينج من استدعاء مصالح الأمن التي اعتبرت لقاءه عابرا بأحد مقاهي المدينة "ندوة سياسية"، بناء على احتجاج السفارة الفرنسية! وكان اللقاء المذكور قد جمعه وعباس بالشيخين "أحمد توفيق المدني" و"العباس بن الشيخ الحسين" اللذين كانا في طريقهما إلى القاهرة أيضا بإسم جمعية العلماء.

ولحسن الحظ أن مساءلة الشرطة السويسرية، لم تتحول إلى طرده أو تسليمه إلى السلطات الفرنسية وفي 25 أبريل كان إلى جانب "فرحات عباس" عندما أعلن في مؤتمر صحفي بالقاهرة، عن حل حزب البيان والإلتحاق رسميا بجبهة التحرير الوطني.

وفي 26 يونيو الموالي، طار إلى بروكسل عاصمة -الحلف الأطلسي- رفقة عباس، بهدف عقد مؤتمر صحفي في هذا الفضاء الدولي الرحب، لإطلاع الرأي العام العالمي على ما يجري بالجزائر. لكن السلطات البلجيكية قامت بمنع المؤتمر، استجابة لطلب فرنسا. ولم تكتف بذلك، بل قامت فورا بطرد ممثلي جبهة التحرير.

وفي 20 يوليو نزل الثنائي "عباس"-"فرنسيس" بجزيرة بريوني، غداة القمة الثلاثية التي جمعت الرئيس اليوغسلافي "تيتو" بضيفين كبيرين: "المصر عبد الناصر" والهندي "نهرو". وقد التحق بهما هناك كل من الدكتور "الأمين الدباغين" و"امحمد يزيد"، ليقوم الأربعة بتسليم مذكرة حول القضية الجزائرية إلى الرؤساء الثلاثة.

عقب ذلك شارك "فرنسيس" رفقة "يزيد ببلغراد" في ثاني اتصال سري مع مبعوث من حكومة الإشتراكي "ڤي حولي"، هو السيد بياركومان الأمين العام المساعد "للفرع الفرنسي للأممية العمالية" (الحزب الاشتراكي لاحقا). كما حضر لقاء ثانيا بروما بعد نحو شهر...

وشهد شهر أوت 56 بالجزائر، انعقاد مؤتمر الصومام الذي اعتبر "فرنسيس" خلاله نائبا لعباس، بتعيينه عضوا إضافيا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية.

وقد حافظ على عضوية المجلس إلى غاية الإستقلال سنة 1962 بعد أن أصبح عضوا كاملا سنة 1957.

وفي 20 أكتوبر 56 حل بأنقرة رفقة الدكتور الأمين الدباغين، في إطار أول زيارة لتركيا، لكن الزيارة أربكها حادث اختطاف طائرة أربعة أعضاء، من الوفد الخارجي لجبهة التحرير في 22 من نفس الشهر ...

وحضر مع "عباس" جانبا عن أشغال أول جمعية عامة للأمم المتحدة، تدرس موضوع القضية الجزائرية... وقد أصدرت الجمعية أول لائحة حول الموضوع في 15 فبراير 1957، غداة إضراب الأيام الثمانية الشهير.

وتلا ذلك قيامه رفقة المحامي المناضل "عبد الرحمان كيوان" بجولتين استطلاعيتين، كانت لهما نتائج حسنة لفائدة القضية:

- الجولة الأولى شملت ثلاثة بلدان إسلامية، هي إيران، أفغانستان وتركيا.

كانت الجولة التي انطلقت من طهران في 22 مايو 1957، تهدف إلى تفعيل التضامن الإسلامي مع القضية الجزائرية، بعد تفعيل التضامن العربي، وكانت حلقة اتصال وفد جبهة التحرير هناك سفير السعودية التي فتح أمامه باب الإتصالات على مصراعيه:

الوزير الأول، وزير الخارجية، مفتي طهران الذي سبق أن عبر عن استيائه، من موقف فرنسا تجاه الإسلام في الجزائر.

واستقبل الوفد أيضا، من رئيسي مجلس الشيوخ ومجلس النواب.

وحظيت الزيارة باهتمام الصحافة الإيرانية، وتوجت ببلاغ صحفي عبر الثنائي فرنسيس - كيوان من خلاله عن " تقدير التضامن الإسلامي كحقيقة حية، يمكن أن تعزز الحريةو السلام في العالم".

وحظي الوفد بنفس الحفاوة بكابول، حيث استقبل من الوزير الأول ووزير الخارجية، وعقد في ختام زيارته لأفغانستان مؤتمرا صحفيا كشف عن اهتمام كبير من الصحافة المحلية بالقضية الجزائرية.

ورغم عضوية تركيا في الحلف الأطلسي الذي تعتبر فرنسا من ركائزه فقد استقبل الوفد بأنقرة من طرف رئيس مجلس النواب السيد "رفيق كورتان"، وهو من رفاق أتاتورك طيلة ساعتين؛ تعبيرا عن اهتمام ممثلي الشعب التركي بالقضية.

وأثار الوفد بالمناسبة موضوع اللاجئين الجزائريين، فتلقى من مسؤولي الهلال الأحمر التركي وعدا بالمساعدة..

الجولة الثانية شملت البلدان الإسكندانفية وألمانيا الاتحادية. وبدأت من مالسنكي في 21 يوليو 1957، حيث اصطدم الوفد بنشاط مضاد للسفارة الفرنسية التي استغلت العلاقات التجارية الواعدة بين البلدين، ما جعله يكتفي بلقاءات غير رسمية، لقاء مع الأمين العام للحزب الإجتماعي الديموقراطي (المعارض)، ولقاء ثاني مع ممثلي الحركة الطلابية.

وكان حظ فرنسيس ورفيقه أسعد بالسويد التي حل بعاصمتها في 27 من نفس الشهر، حيث وجد في استقباله بالمطار ممثلو الجالية الجزائرية والصحافة المحلية.

وقد استقبل بوزارة الخارجية من قبل رئيس قسم إفريقيا الذي لم يتوان في إصدار بلاغ صحفي حول الإستقبال ووجد الوفد في خدمته بستكوهولم صحفي متعاطف مع القضية، يسر له إجراء اتصالات هامة: استقبال من طرف رئيس العرب اللبرالي، ومسؤولي الصليب الأحمر الذين وعدوا برفع حجم المساعدات الموجهة للاجئين الجزائريين، ومساندة طلب الإعتراف بالهلال الأحمر الجزائري.

وتوجت الزيارة في 5 أوت الموالي بعقد مؤتمر صحفي ناجح، تلاه بث شريط مصور حول معاناة الشعب من الظاهرة الإستعمارية.

وعرف الوفد نفس الإهتمام بعاصمة النرويج -عضو الحلف الأطلسي- حيث وجد في استقباله بالمطار "لجنة الجزائر" فضلا عن الصحافة المحلية.

وتمكن الوفد خلال الزيارة من عقد جلسة عمل مطولة بوزارة الخارجية في 9 من نفس الشهر، وحظي باستقبال أمين عام الحزب الإجتماعي الديموقراطي. كما اجتمع بمدير الصحة العمومية ومسؤولي الصليب الأحمر، في إطار المساعدات بالأدوية وغيرها.

وحظي الوفد بعاصمة الدانمارك التي حل بها في 16 سبتمبر بنفس الاهتمام تقريبا، من الأوساط الرسمية والسياسية والنقابية.

وكان الوفد يسلم هذه الأوساط في كل البلدان التي زارها، مذكرة حول القضية الجزائرية.

غير أن الوفد رجع خائبا من ألمانيا الإتحادية الرسمية، التي كانت حريصة يومئذ على عدم إزعاج حليفتها فرنسا بأي حركة منها.

ولاحظ الوفد بالمناسبة، أنها كانت بمثابة قاعدة للحركة المصالية المناوئة.

(*) طالع الحلقة الأولى في " الفجر" عدد الأربعاء الماضي (12 سبتمبر).



فرنسيس في المالية:

علينا أن نعمل أكثر... وننفق أقل"!

نشط الدكتور "أحمد فرنسيس" في حقل الإعلام الخارجي بالقاهرة أولا، حيث كان يرف مع المحامي عبد الرحمان كيوان على حصة اذاعية بالفرنسية..

وعند إسناد مهمة الإعلام الخارجي والعلاقات مع الصحافة الدولية إلى فرحات عباس، غداة تعيينه في لجنة التنسيق والتنفيذ الثانية في أوت 1957. - واصل فرنسيس معه رفقة ثالثهما: المحامي الكبير "أحمد بومنجل"... وفي 19 سبتمبر شكلت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، فآلت حقيبة الإقتصاء والحالية للدكتور "أحمد فرنسيس" الذي كان بمثابة الخبير المالي لحزب البيان سابقا، بعد انشغاله بهذا الشأن فترة طويلة في رحاب المجلس الجزائري (1948-1955).

وكان من مساعديه في هذه الوزارة الهامة عباس التركي، محفوظ عوفي وبن عبد المومن ...إلخ.

وبهذه الصفة كان في مقدمة وفود الحكومة المؤقتة، في تطوافها عبر العالم طلبا للمساعدات المالية... ويقول فرحات عباس عن ساعده الأيمن أنه "كان صارما وبخيلا في إنفاق المال العام"!

هذه المهمة واصلها أيضا في أول حكومة يشكلها الرئيس "أحمد بن بلة" غداة الإستقلال، حيث كان عليه أن يؤسس المنظومة المصرفية والمالية من نقطة الصفر تقريبا.

للتذكير أن الحكومة الفرنسية سارعت بالفصل بين الخزينتين الفرنسية والجزائرية، ما يعني تحميل المسؤولية مبكرا للحكومة الوليدة، في حقل دقيق يحتاج إلى خبرات محنكة.

ومع ذلك استطاع أن يواجه الموقف بحكمة، فأشرف على أعداد أول ميزانية للجزائر المستقلة، وتم إقرارها من طرف المجلس التأسيسي، وصدرت فعلا في الأجل المحدد: 31 ديسمبر 1962.

كما أشرف على أول قانون مالية تكميلي في 12 أبريل 1963.

وكان قبل ذلك قد سهر على وضع أسس المنظومة المالية والمصرفية بـ:

1 - إنشاء البنك المركزي بموجب قانون 13 ديسمبر 1962، مع تعين أول محافظ له في شخص الخبير المالي الصغير مصطفاي، وأول مدير عام كذلك في شخص بوعسرية بالغولة.

2 - تعيين مصطفى عبد الرحيم على رأس المفتشية العامة للمالية في 23 يناير 1963.

3 - تعيين يوسف الحاج حمو مديرا للخزينة والقرض، وذلك في منتصف فبراير الموالي.

وفي 20 يوليو 1963، أدلى وزير المالية بحديث لأسبوعية "أطلس الجزائر" قال فيه: "علينا أن نعمل أكثر، وننفق أقل"! تأكدا على مبدأ الصرامة، في بداية مشروع بناء جزائر الحرية والرخاء.

وفي نهاية نفس الشهر غادر وزير المالية الجزائر، في اتجاه جنيف "لأسباب صحية" (1) وكان "مرضا دبلوماسيا" بالدرجة الأولى، سببه أن "المكتب السياسي" بقيادة الرئيس أحمد بن بلة، بادر بإعداد مشروع دستور على مقاس هذا الأخير! متجاوزا بذلك المجلس التأسيسي الذي انتخب قبل نحو سنة، لإعداد مثل هذا المشروع بصفة أساسية.

وما لبث أن كان هذا التجاوز أول الخطيئة الأصلية! سببا في استقالة رئيس المجلس فرحات عباس، وما تبع ذلك من طلاق بائن بين قدماء حزب البيان ونظام الحكم.

(1) توفي الدكتور "فرنسيس" بجنيف ليلة 31 أوت 1968، ودفن بغيلزان في مقبرة الولي عبد القادر حيث أم الشيخ محمد خير الدين صلاة الجنازة، وكان في طليعة مودعيه إلى مثواه الأخير رفيقه فرحات عباس، وبعض زملائه في الحكومة المؤقتة أمثال "سعد دحلب" "أمحمد يزيد" و"الأمين خان"، فضلا عن الشيخين الطيب المهاجي والمهدي بوعبدلي..

عناصر أساسية في ملف المفاوضات

"دوغول.. أخطر خصومنا"

قبيل مفاوضات إيفيان الأولى (20 مايو - 13 يونيو 1961)، كلّف الدكتور "أحمد فرنسيس" وزير المالية بتقديم عرض حول آفاق المفاوضات الجزائرية الفرنسية إلى السلطات اليوغسلافية في بلغراد، تلبية لطلب من الرئيس تيتو. وقد ارتأينا أن نقتطف من هذا العرض النقاط التالية:

1 - المبدأ العام للتفاوض: عدم الفصل بين القضايا العسكرية والسياسية.

2 - دوغول أخطر الخصوم: دوغول أخطر رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا على فرنسا، فقد جاء إلى الحكم محاطا بهالة سوداء بفرنسا أو على الساحة الدولية، وسلك أسلوبا جديدا في العمل السياسي بهروبه للخارج.

وقد صعبت مهارته من مهمتنا كثيرا، لدى الرأي العام الدولي خاصة... فتصريحه حول تقرير المصير (19 / 9 / 59) جعل العديد من أصدقاء الجزائر المكافحة ينصحوننا بالسفر إلى باريس، اعتقادا بأن المشكلة الجزائرية سويت عمليا، وعندما نطرح مسألة الضمانات، يردون بأن حركية التفاوض ستؤدي بالضرورة إلى وضع المشكلة في اطارها السليم: الإطار السياسي.

3 - الذهاب إلى "مولان" لماذا؟

ذهبنا إلى مولان (أواخر يونيو 60) بهدف إسقاط خرافة أن الرئيس دوغول يعني السلم، فهو لم يكن حينئذ يرغب في التفاوض، بل كان ينتظر -عبثا!- استسلام جيش التحرير بدون شروط!

4 - الإشراف الدولي على استفتاء تقرير المصير:

كان هذا المطلب (منذ 1959) مجرد مناورة من جانبنا، لأدراكنا أن تدويل القضية الجزائرية كان مثار انزعاج كبير للرئيس دوغول، وكانت هذه المناورة تستهدف من جهة تفجير التناقضات القائمة وسط أصدقاء فرنسا، وإجبار البلدان الإفريقية من جهة ثانية على كشف نواياها، قبيل انظمامها إلى هيئة الأمم المتحدة، تحسبا لإحتمال توظيف فرنسا لها في مناوراتها داخل أروقة هذه الهيئة.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)