الجزائر - A la une

عطاء ثري، إبداع فنّي ورصيد أخلاقي


عطاء ثري، إبداع فنّي ورصيد أخلاقي
«راح الغالي راح” و300 أغنية في الأرشيفووري يوم الخميس عميد الأغنية الشّعبية الحاج بوجمعة العنقيس الثّرى بمقبرة القطار عن عمر يناهز ال 88 سنة، بحضور عدد كبير من محبّيه وعشّاق هذا المطرب، الذي أفنى عمره في مداعبة آلة “المندول” منذ أن كان شابا يافعا متأثّرا بقامات أداء هذا النّوع، منهم الحاج محمد العنقى والحاج مريزق الذي اشتقّ منه اسم تصغير “العنقيس”، وفي المعنى العربي “العنقاء” هو الطّير الذي نسمع عنه لا نراه.ومنذ السّاعة منتصف النّهار، كان جموعا من المواطنين ينتظرون وصول الجثمان عقب صلاة الجنازة لحضور مراسم الدّفن، وجوه فنية كثيرة جاءت لتقدّم واجب العزاء لأفراد العائلة، منهم نجلاه مختار وحكيم والأبناء الآخرين، الذين تحلّوا بالصّبر الجميل رغم المصاب الجلل، متلقّين كل صور التّضامن والتّقدير في ظرف كهذا.وبدا الحزن واضحا على محيا الكثير من الحاضرين عند مدخل المقبرة، خاصة الأشخاص الذين تابعوا مسيرة هذا الرجل منذ أن دخل هذا العالم، وأغلبهم من كبار السن.وقد أخبرنا السيد محمد سيد الناس أحد المقرّبين من المرحوم، أنّ بوجمعة العنقيس توفي يوم الأربعاء على الساعة التاسعة والنصف ليلا، بعد أن اشتدّ به الألم ولم يعد بمقدوره التنفس. في هذه الأثناء نقل على جناح السّرعة إلى مستشفى “عين النعجة” لينتقل إلى رحمة الله، وعمل كل ما في وسعه لقراءة ما تيسّر من القرآن الكريم وهو في تلك الحالة. وأضاف سيد الناس أنّ المرحوم تدهورت صحّته منذ حوالي 3 أيام، مشيرا في سياق حديثه أنّه كان شديد الارتباط بأبنائه والعكس صحيح، بدليل أنّ ابنه مختار ظلّ بجانبه إلى غاية وفاته.أما مهدي طماش مطرب شعبي، فقال أنّ بوجمعة العنقيس كان شخصية بسيطة، يحبّ النّاس وخاصة الشباب، حرص على فرض احترامه في الوسط الفنّي. بالتّوازي مع ذلك أوضح لنا طماش أنّ الفقيد بوجمعة كان يعمل وفق ثنائية، يغنّي القصيد في المناسبات العائلية ويبدع في الأغنية القصيرة، وهذا حسب طماش لدواع “تجارية”.ووجّه المطرب محمد العماري تعازيه الخالصة لعائلة الفقيد، متضرّعا إلى الله أن يلهمهم الصّبر والسلوان، مذكّرا بالأحداث الفنية التي عاشها برفقة المرحوم بوجمعة العنقيس وقروابي وغيرهم.في حين طاف بنا الباحث في التّراث الأستاذ بن دعماش في أروقة المسيرة الفنية للعنقيس، وإبداعاته في رائعة “شيلة لعياني”، وانتقاله إلى آفاق رحبة وواسعة في الأغنية الشّعبية، من التّعامل مع لحبيب حشلاف إلى التألق مع محبوب باتي والباجي في الأغاني الخفيفة أو ما يسمى ب “لاشونسونات”.ويعترف بن دعماش بالحضور العفوي لبوجمعة العنقيس في كل مهرجانات الشّعبي، ليقدّم تلك الإضافة للجنة التّحكيم.وكل الشّهادات التي أدلى بها الحضور والتي استمعنا إليها بمقبرة القطار، تصبّ في قناة التّقدير الذي يحظى به هذا الرجل في الوسط الفني، والمواقف المسجّلة في حياته، فهو إنسان سخيّ سخاء حاتم الطّائي، يعمل كل ما في وسعه لمساعدة من يطلب منه ذلك. أحد أصدقائه في مرحلة الرّيعان، كشف لنا أنّه عندما كان يشتغل كمفتش في مصلحة السكن بالعاصمة، لا يصرّح بالبيوت الشّاغرة التي كانت ملجأ للفدائيّين آنذاك.ونشير إلى أنّ الفقيد من مواليد 17 جوان 1927 بالقصبة، اشتهر خلال ال 60 و ال 70 بأغان ما يزال صداها يتردّد حتى الآن، منها “راح الغالي راح”، “عيشي انتِ”، “أمان أمان على الزمان”، “أنت ناوية ترميني في بير”«بحر الطوفان”، أي حوالي 300 أغنية في حقيبة المرحوم، وقال لنا محمد ڤربة منشّط حصص إذاعية، أنّ ما غنّاه العنقيس هو تواصل في مسيرة الإنسان منذ إدراكه لواقعه إلى غاية المرحلة المتقدّمة من سنّه، وقد توقّف العنقيس عن الغناء خلال مرحلة التّسعينات. ونشير إلى أنّ إلقاء النّظرة الأخيرة على الفقيد، والتي كانت مقرّرة أول أمس الخميس بقصر الثّقافة، ألغيت احتراما لرغبة عائلته.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)