الجزائر - A la une


طيفك في كل مكان
تحل اليوم الذكرى 19 لرحيل عمر أورتيلان، رئيس التحرير الأسبق لجريدة "الخبر"، الذي اغتالته أيادي الغدر يوم 03 أكتوبر 1995 بالقرب من دار الصحافة بساحة أول ماي بالعاصمة.كم هو صعب أن أكتب عنك يا عمر؟ وكم هو مؤلم فراقك، تمر السنوات وذكراك لا تفارقنا، ليس لأننا لا ننسى ولكن لأن طيبتك وشهامتك وتواضعك جعل نسيانك مستحيل.عمر أخي البكر، لم أكن أتجاوز آنذاك سن ال13 سنة عندما خطفك الموت عنا، لكن بالرغم من صغر سني فإني أحتفظ بذكراك أنت الأخ الطيب الحنون، الإنسان المسؤول المتواضع، عمر فخر العائلة، الأصحاب والزملاء.طيفك لا يزال في كل ركن من أركان بيتك العائلي. صورك معلقة على كل جدران المنزل. حتى كتبك لا تزال على أدراج خزانتك مثلما تركتها. كتّابك المفضلون، كتب جبران خليل جبران إلى محمود درويش وابن خلدون وطه حسين لا تزال شاهدة على مشوارك النبيل. مشوارك الذي كان قصيرا، ولكن حافلا بالإنجازات. آخرها مساهمتك في ميلاد أول جريدة جزائرية مستقلة هي “الخبر”، التي لا تزال شاهدة على نضالك من أجل وجودها. ما أتذكره دائما فيك أنك كنت قليل الحديث وكثير التفكير. كنت تعشق العمل لحد الجنون، حتى زياراتك للبيت العائلي كانت قصيرة. إطلالتك الخفيفة علينا كانت بمثابة حدث كبير، حيث كان الجميع يستحسن قدومك، كل أفراد العائلة كبيرهم وصغيرهم، أبناء الحي والجيران، وزملاء الدراسة، فالجميع كان يغتنم فرصة مجيئك.آخر مرة رأيتك فيها، وأنت على قيد الحياة كانت شهر أوت 1995 ببيتك المتواضع ببلكور.. يومها أدركت مدى انشغالك، وكبر المسؤولية التي كانت ملقاة على عاتقك، فقد عشت معك يومين كان الوقت الكبير تقضيه في العمل، تدخل للبيت متأخرا، وتخرج باكرا، رغم قيامك بمجهود كبير لتتفرغ لنا. لم أكن أعرف أنها المرة الأخيرة التي نلتقي فيها، فكل شيء كان عاديا بالرغم من أن أوضاع البلاد لم تكن عادية في تلك السنوات. أحسست بقلقك وكثرة انهماكك وحتى توترك، لكن لم أكن أعرف أنه بينك وبين الموت أيام معدودة فقط.شاء القدر أن ترحل عنا وأنت في ريعان شبابك، لكن تأكد أنك تركت بذرة صالحة.. حمزة، عنقود العائلة الذي أهنئك بمناسبة حصوله على شهادة البكالوريا. حمزة الذي تركته وهو ابن ال14 شهرا أصبح الآن راشدا، طيب القلب مثلك، والحمد للّه. فنم قرير العين وتأكد أنك تركت بصماتك التي لم تستطع كل هذه السنوات أن تمحوها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)