الجزائر

بقلم: صونيا خضر
هل صار علينا أن نغيّر رؤوسنا لنفهم هذا العالم الجديد ونهزم الخيبات المتلاحقة جراء الإنفجار المعرفيّ الذي يشهده
هذا الحاضر الرديء؟
كيف نحدّد اتجاهنا ووجهة سيرنا وكل الطرق صارت سريعةً حافلة بالمنحدرات خالية من الإشارات ومطبّات التنبيه لوجود أحلام صغيرة تركض في الشارع؟
وكيف بوسعنا أن نعتمد لوحة المفاتيح للتواصل وقد خلقنا للكلام؟
شحُب المعنى وبات قليلاً جداً وكثُرت هزائمنا نحن المنذورون لرغباتنا المستديمة للركض
نحن المعلّقون من ذنوبنا وندوبنا صار من السهل علينا الهروب وتعليق الخيبات على حبال من يجاورونا في السكن والهزيمة
الرجل يعلّق هزيمته على المرأة والمرأة بدورها تعلّقها على الرجل
الشعب يحمّلها إلى النظام والنظام يحمّلها إلى الشعب
وتدور طاحونة الوقت غير مبالية بما سيَسقط ممّن ومن سيُسقِط من
وهكذا تحولت القيّم إلى صفقات
الصفقة مباغَتة والمباغتة شطارة.. هكذا يقولون
ففيما الرجل يحاول تحقيق امرأتين (أو أكثر) في صفقة واحدة، كذلك المرأة تحاول تحقيق أقصى ما يمكن من نصف رجل(أو أقلّ)
فيما الشعب يحاول تحقيق كل ما ينقصه من “وطن" يحاول النظام استهلاك كل الشعب لتحقيق"الوطن" (الوطن قيمة نسبية صالحة للتضليل اللغويّ)
وفوق كل هذا نرى أن قيمة الكلمة أيضاً صارت صالحة لأن تكون صفقة، فعبارة واحدة تصلح لكل النساء، وامرأة واحدة تصلح لكل القصائد ولليلة واحدة (على الأكثر)
كما أن خطاب واحد يصلح لخلق ثورتين وسحق رئيسين ، ورئيس واحد يصلح لممارسة كل أساليب الطغيان لسحق مدينة
أما المصفقون، فمجّانيّون وكُثُر،
جاهزون لصكّ اللايكات والاندراج العبثي في صفوف المهرجّين والمنظّرين والمدّعين على اختلاف اقنعتهم ، حسب الوسيلة وليس الغاية
وتدور العجلة
عجلة الوقت لا تمنح الوقت الكافي للتأكد من جودة المنتج كما هو ضيق الوقت لا يمنح الفرص الكافية لانتظار منتج حقيقيّ أو قيمة حقيقيّة
معايير الجودة اختلفت في ظل الإنفتاح والإنكشاف والتعرّي ، ومعايير الملكيّة اختلفت أيضاً في ظلّ السهولة وتبعياتها من استحقاقات مؤجّلة، كما أن الفوضى التي يندرج تحتها كل ما تيسّر من إخفاقات وتنازلات وخيانات ودعارة لفظية واجتماعية وسياسية صارت سيّدة الموقف
هي أزمة جودة عالميّة آخذة بالإنحدار
جودة القيمة آخذة بالأنحدار
فلم يعد هناك من فرق بين صخب بحريّ وغناء موجع، كما لم يعد من فرق بين جسد ملوث بالخيانة وجسد يرتجف من شدّة البرد أو من شدّة الحب
وفوق هذا كلّه صرنا نتعّمد تلبيس كذباتنا الكبيرة بالأثواب البيضاء لنخدع أنفسنا ومن حولنا بما يسمى كذباً أبيضاً
ها هي الأرض تستمر في دورانها غير مكترثة بشيء فهي خلقت للدوران ولا وقت لديها للتوقف قليلاً على جوانب قيَمنا الشاحبة لتناول العصائر الباردة المخلوطة بمؤجل خالٍ من المعاني
وها نحن نواصل اللهاث
أين هو الخيط الفاصل بين الحياة والعبث؟
ومن سيقطعه؟
* شارك:
* Email
* Print


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)